في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
عقليتين، مُتباعدتين، في الحزب الجمهوري،
وتوجُّه، مُخيف ...
وتوَّجس، لدى الناخب فيما يجري.
هذا المقال، نظرة من مُراقب.
وليس رأيا ً شخصيا ً ....
دونالد ترامب، قد يكون، او يُصبح المرشح عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
هو، رجل أعمال، وشخصية مجتمع، وملياردير
يتمّيز نمط حياته، بالإسراف، والصراحة المتناهية في الحديث، جعلته من المشاهير، في الولايات المتحدة.
دونالد ترامب، يتطّلع الى ان، يُحافظ على قوّة أميركا، ويزيدها، عُدَّة، وعتادا ً، والى ان يكون جيش الولايات المتحدة، أقوى قوة ضاربة على وجه هذه البسيطة، لم يسبق ان شهدها العالم القديم، والحاضر، وبالمستقبل.
وقد صرّٓح على انه، سيُبقيها أغنى دولة على وجه الارض، وان يخلِّق الوظائف، وان يٌنمّي الطبقة الوسطى في أميركا، عن طريق تخفيص الضرائب، وان يُخفّض الضرائب عن طبقة الأغنياء، حتى يعودوا هم، ومصانعهم، وشركاتهم الى اميركا، بدلا ً من تأسيس مصانع، في الدول الفقيرة، طلبا ً للرخص، وتوفيرا ً للاموال، وتهرّبا ً من الضرائب.
والاميركي، خلاف سكان العالم، يعيش على الديموقراطية، ويموت عليها ايضا ً، لانه كل سنتين، توجد انتخابات على مستوى الولاية، والاتحاد ايضا ً، وقد اثبتت له الأيام، ان رونالد ريغان الممثل السينمائي، أفلح في قيادة اميركا، وبعهده، إمتلكت اميركا، أضخم، وأعظم ترسانة حربية في الكون، وكان بنظرهم من أقوى الرؤساء في القرن الماضي، وانه، لا ضير عندهم، ان يكون دونالد ترامب، رئيسا ً للبلاد.
إن ّ دونالد ترامب، ثري، ورجل اعمال ناجح جدا ً، وقوي، سليط اللسان، وجريئ، وقد وعد الشعب، بان اميركا في عهده هي التي ستأخذ دور :
Bullying other countries.
اي تُضايق، وتتعّمد في أيجاد طرق لإستفزاز الدول الاخرى، بدلا ً من ان تكون الولايات المتحدة، هي الدولة ألمُستفّزة، وهذا أمر ٌ يُثلج صدور الشعب الأميركي، التوّاق دوما ً الى خوض المغامرات، حتى الخطيرة.
في وقتنا الحاضر، يملئ دونالد ترامب الأخبار، ويعلو إسمه في الاستفتاءات، ولا يسلم من لسانه، اي مرشح للرئاسة، سواء كان من حزبه، او من الحزب الديموقراطي المنافس،
دائما ً وأبدا ً يستعمل السخرية المُفرطة في الانتقاد، وتُظهر الاستطلاعات، انه كلما كان انتقاده لاذعا ً او مُثيرا ً او مُهينا ً، كلما إزدادت شعبيته، وقد إعتّبر بعض المراقبين ان الإستفزاز، والاهانة، التي يعتمدها ترامب، هي تنفيس للاحتقان، والتملّمُل من الوضع الحاضر.
هناك عدة موضوعات طرحها ترامب أمام الشعب الأميركي،
وتُثير الجدّل، لانها النزعة الجديدة التي يبدو ان الشعب الأميركي، يستسيغها.
اهمها :
في الهجرة، الى اميركا، والحائط الذي ينوي بناؤه، مع حدود المكسيك، وقد نجح في تسويق فكرته، ولا داعي للبحث فيها.
في أعادة قوة اميركا، العسكرية والمادية، ايضا ً نجح في تسويقها، وكل المرشحين يؤيدون هذا التوجه.
أما المسألة الأكثر جدلا ً، وغرابة ً هي خِطّته في عدم إعطاء سِمّة دخول، للمسلمين، بصورة مؤقتة حتى تنجلّي الحروب الاسلامية، الاسلامية في بلاد العرب.
وهذا ينسحب ايضا ً الى وقف الهجرة السورية، من المسلمين الى اميركا.
بالاضافة الى إخضاع بعض الجوامع المنتشرة في البلاد الى المراقبة، أُسْوَة بما معمول، ومُطبَّق في كل الدول العربية الاسلامية.
كان، المراقبون السياسيون يتوقَّعون ان تنخفض شعبية ترامب لهذه التصريحات المثيرة للجدّل، والمفاجئة الكبرى ان الاستطلاعات أظهرت تفوّقه على غيره من المرشحين، بعد إدلائه بموضوع هجرة المسلمين.
هذه العقلية الجديدة، وهذه التصريحات المفاجئة، والنهج التعبوي، وبأعلى الأصوات، بدأت تطغى على جو الانتخابات الرئاسية بقوة، وبحزم، وقد ظهرت علانية بعد ان كانت في الخفاء.
وإذا رجعنا الى تاريخ الشعب الأميركي، منذ ان بدأت جحافل الهجرة، الى العالم الجديد، وتحديدا ً اميركا، هربا ً من التعصُّب، والملاحقات القانونية، والدينية في أوروبا، بالقرن السادس عشر وما بعده، والبحث عن ملاذ آمن في اميركا، كان هذا هو الهاجس الذي ما زال عالقا ً في الاذهان، وقد عرف ترامب كيف يُعزِّزه، ويستغِّله بالتصريحات التي، تُحرّك المشاعر الدينية، والتي هي أصلا ً مُتجذرّة في العقول، ضد الكاثوليكية المسيحية.
هذا الامر المُتأصل في الذهنية، والثقافة في عدم قبول، عقيدة الاخر، ولو كان من ذات الدين، تجعله فضفاضا ً وقابلا ً للإثارة ومقبولا ً ضد الدين الاسلامي تحديدا ً.
وقد إستند ترامب في تصريحه ضد المسلمين القادمين، الى الامر الرئاسي، الذي وقعه الرئيس الأميركي عُقب الهجوم الياباني على بيرل هاربر بالحرب العالمية الثانية، حيث تم إجلاء الجالية اليابانية الأميركية، الى معسكرات يشرف عليها الجيش الأميركي، لان الأمن القومي في خطر، وهذا ما حاول ترامب تسويقه، بالنسبة للمسلمين القادمين، مبعدا ً تطبيق مبدأ حرية الدين في الدستور الأميركي، في حال ان الأمن القومي في خطر.
اما فيما يتعلق بالعقلية الأميركية في الحروب، وحُبهم للمغامرات العسكرية، فانهم ما إن وطئت ارجلهم العالم الجديد، والحروب على قدم وساق، ضد الهنود الحُمّر، وبريطانيا العظمى، والمكسيك، وإسبانيا، مرورا ً بالحربين العالميتين، وما رافقها من حروب كوريا، وفيتنام، وأخيرا ً وليس أخرا ً حرب الخليج، والحرب الدائرة اليوم في سوريا والعراق.
بالخلاصة :
هذا يُظهر بوضوح، ان التوجه الجديد في هذه الانتخابات ستلقي الناخب الأميركي في إشكالات، عديدة، لانها تنفض الغبار عن بقايا أسباب الهجرة الى اميركا، اهمها التعصب الديني، وثانيها ميلهم للحروب، الذي تجّلى عشية دخول اميركا الحرب العالمية الثانية، عندما وقف الجنرال الأميركي الاسطورة جورج باطون، مخاطبا ً جيشه قبل إجتياحه بأسطوله سواحل المغرب في شمال افريقيا، حيث ذكرّهم بان اجدادهم، لم يكرهوا الحروب، بل الحروب، كانت تكرههم، وأريد منكم ان تُحِّبوا الحروب، وقد فعل هذا الخطاب فِعله حيث سقطت شمال افريقيا كلها، بقبضة باطون.
أني على يقين، ان الجوقة العربية الموجودة بالخارج، ستدلي بدلوها، وتكيل بالمرشح دونالد ترامب، بانه يكره العرب، والمسلمين، وتتهمه باقسى النعوتات، ولكني على يقين ايضا ً بان هذا الصراخ سوف لا ينتج شيئا ً مثله، مثل أعتراضه على المكسيكيين الذين يدخلون خلسة ً وتهريبا ً، والذي لم يلق، أعتراضا ً حتى من الأميركيين ذوي الأصول المكسيكية.
لتاريخه، لم نسمع من الجالية الاسلامية الأميركية، اي إعتراض على سياسة اميركا في محاربة التطرّف الاسلامي، وعدم السماح لهم بالدخول الى اميركا، لأنهم بالحقيقة قد يكونوا هم من المهاجرين الى اميركا، هربا ً من التطرّف والتعصب، الاسلامي ايضا ً....
اما فيما يتعلق، بقول ترامب بانه في حال إنتخابه رئيسا ً للولايات المتحدة الأميركية، سيُخضع الجوامع للمراقبة، فانه لم يأتِ بأي أمر مُستهجن، لان البلاد العربية الاسلامية دون إستثناء، تُخضِع، وتراقب، الجوامع، وتوافق على تعيين الأئمة، وتفصل من يخالف سياسة الدولة، وتقفل بعض الجوامع، وهناك شواهد كثيرة، يعرفها ترامب المُحاط برؤوس حامية جدا ً ....
...
وأخيرا ً،،،،
للتذكير، ان المؤسسة التي تتولى مسؤوليات الحزب الجمهوري، تؤيد خِفية جيب بوش، ابن العائلة، التي أنجبت رئيسين للولايات المتحدة، بوش الابُّ، وبوش الابِّن، والناخب الأميركي العادي، التوّاق للتغيير لم تنجح معه، على ما يبدو فكرة السلالة العائلية.
فيصل المصري
أورلاندو / فلوريدا
١١ شباط ٢٠١٦
0 comments: