يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الجمعة، 24 يونيو 2016

الفصل الأخير، من قصة كراون دايسي .. وكريستل.

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in خاطرة  8:27 م

الفصل الأخير من كراون دايسي، وكريسْتِّل ....

خواطر

 كراون دايسي، وكريسْتِّل ،
الفصل الثاني والعشرون، والأخير .... 




كانت إدارة جامعة السوربون، قد حضّرت له برنامجا ً كاملا، متكاملا ً لمدة ثلاثة ايام، تسبق مناقشة أُطروحة كريسْتِّل. 
 كان يرافقه في هذه الأنشطة، الصديق الجديد المُستجّد، عميد كلية العلوم الانسانية، حيث نشأت بينهما علاقة متينة، وقد اظهر له كل الاحترام، لمّا عرف ان اصوله، وجذوره، لبنانية. 
وفي احد اللقاءات، تساءل عميد الكلية وقال، انه امر ٌ عجيب، وغريب ٌ.... أيها اللبنانيون، في بلاد الاغتراب تتسلقون سلالم المجد، والشهرة، والصيت الحسن، اما في الوطن، فانكم تتّخبطون، وترجعون الى كهوف التاريخ المهجورة،
واسترسل بالحديث، وقال له :
هل تعلم ان الطالبة كريسْتِّل  .....، لديها جذور لبنانية، مثلك ؟
قال له، وكيف ؟
اجابه، ان والدتها لبنانية، 
وقد تزوجت من أستاذها جاك .....، 
وأنجبت منه كريسْتِّل.  
سأله، 
ما اسمها، واسم عائلتها. 
قال له، ان إسمها، الحالي ايضا ً كريسْتِّل، لانه عندما تزوجّت قامت بتغيير إسمها من نضال، الى كريسْتِّل . 
لم يتمالك نفسه، وبدأ يشعر بصداع شديد، وألم حاد في أنحاء جسمه، وطلب ان يستريح، ولمّا إسترجع أدراكه، طلب من العميد، ان يُكمل حديثه.   
قال له العميد، اوّد ان أبلغك ايضا ً، ان الدكتورة كريسْتِّل  طلبت مني ان ادعوك، الى حفل عشاء في دارتها، عشية يوم مناقشة الاطروحة. 
قال له بغضب ظاهر، عجيب امركم أنتم في فرنسا، تُخلطون الصداقة مع العمل، كيف تطلق عليها لقب دكتورة، وهي لم تُناقش أطروحتها بعد. 
ضحك العميد، ضحكة فرنسية عالية، صدحت بإرجاء أروقة الجامعة. 
انها الدكتورة كريسْتِّل ، والدتها، هي التي ستقيم هذا الحفل، وقد دعَّت اليه  نُخبة من رجال القانون، كالمحامين، والقضاة، وزملاء زوجها من اساتذة السوربون، لانها قررت التوقف عن المرافعات القانونية، امام المحاكم الدولية، والوطنية، والتفرغ كلية ً للتأليف والكتابة، والانخراط بالهيئات الدولية للإغاثة، بعد ان شاهدت الخراب، والدمار، والقتل، والتهجير، والسبي في بلاد العرب.
وقع هذا الخبر عليه كالصاعقة، لانه منذ ثلاثة ايام، بعد ان استلم هذه الهدية :
وهو يُسارع، في ان يلتقي بها،
وهو يُصارع، في عواطفه، وأشجانه،
نظر الى العميد وقال له، يبدو انك صديقها، اجابه أني صديق، ورفيق زوجها، الذي توفي منذ عشر سنوات، وزوجتي محامية، تعمل في مكتبها. 
قال له، منذ شهر دعتنا الى لبنان، انا وزوجتي وابنتها كريسْتِّل، لحضور حفل تسليم، منزل سائقها، الى جمعية مدنية تُعنى بالزهور البرية، لان لديها شغف خاص بزهرة لبنانية برية اسمها، كراون دايسي. 
سأله، ما علاقة سائقها، بها حتى تهّب منزله الى هذه الجمعية. 
أجابه، حسب ما أخبرتني زوجتي، ان سائقها لما عجز، طلب ان يعود الى وطنه، ولم يكن له من مُعيل، قامت واشترت له أرضا ً واقامت عليها، منزلا ً صغيرا ً من حسابها الخاص، وبقيت تُعيله، حتى مماته، وإستمرت في طقس ٍ إعتادت عليه، وهو زيارة قبره، كل سنه في تلك القرية النائية. 
سأله، 
ما اسم هذه القرية ؟
قال، له سأعود الى جهاز الخليوي، لأَنِّي لا اتذّكر الاسم، ولكني قُمْت  بتصوير لافته على مدخل القرية، تظهر فيها اسم القرية، وعلوّها عن سطح البحر. 
كانت الضربة القاضية، التي هزّت كيانه :
انها، قريته، 
انها، قرية الآباء والاجداد. 
وتابع العميد، وكله شغف بتقليب صور هاتفه، 
ويقول :
أُنظُّر، أُنظُّر ... كيف زرعت حديقة منزل سائقها كلها، بزهرة كراون دايسي، وكيف طلبت من الجمعية، ان تهتم بالأزهار البرية، خاصة كراون دايسي، وأنها تزوّد الجمعية، وتدعمها بالاموال، منها ومن تبرعات  أصحابها. 
قال له، انها امرأة رائعة، 
وصلت الى اعلى مراتب الشهرة، وكانت وما زالت تُعتبر من اهم محامي المحاكم الدولية، ليس في فرنسا فحسب، بل في العالم. 
ولكن كان ينقصها شيئ واحد، كما تقول ابنتها. 
اجابه ما هو الشيئ الواحد ؟
اجابه،
وصلة واحدة، 
من شعار إتخذته طيلة حياتها،
وصل، ما إنقطع،
ولن ينقطع .....
توقفت انفاسه، وفاق من غيبوبة، دامت ٤٠ سنة. 
عندما ،،، سأله، هل قبلت الدعوة ؟
 بعد مناقشة الاطروحة، أمر عليك بالفندق، مع زوجتي.

دخل الى غرفته في الفندق، وهو مهمومٌ، حزينٌ، مقهورٌ،
وسأل نفسه، 
هل، وجود كريستل في حياته، بعد أربعين عاما ً ... 
هو، نعمة ٌ ...
أم 
هو، نقمة ٌ ...
وبينما هو في صراعٍ، متمادٍ، متهاوٍ ...
وإذ بصوت الهاتف، يقضُّ، كيانه. 
كان الصوت المقابل إمرأة، أجابها فورا ً .... كريسْتِّل ؟
أجابت، نعم، 
مستر واو ...
لم تتمالك نفسها، وعادت الى سجيّتها، والى سابق عهدها، في سيل جارف من الأسئلة : مثل،
أين، وكيف، وماذا، وإذا، ووووووو
أجابها، كما كان يُجيب في الماضي. 
أي سؤال، أُجيبك ؟؟؟
بكّت كريستل،
وبكى هو،
قال لها، اراك غدا ً الساعة الثالثة،
أجابت، لن تراني، 
لأَنِّي ما زلت أتذّكر لما، دخلت قاعة المحاضرات، في الجامعة، منذ اكثر من أربعين عاما ً، وكنت مُتخّفيا ًعني، وانا قلِقة عليك، وبقيت طيلة المحاضرة، أشيح بنظري، يُمنة ً ويُسرة ً، وخلفي، وأمامي، ابحث عنك، ولمّا ألتقينا قلت لي لا تسأليني عن المحاضرة، بل إسأليني كم مرة نظرت الى الخلف، وكم مرة وقع قلمك.... 
انا اليوم، سأستعيد ثأري. 
تغير الجو، من البكاء، الى الضحك،
قال، أين ستجلسين إذن ؟؟
قالت له، عليك بالبحث. 
قالت له، هل وصلتك دعوتي ؟
أجابها، نعم
وان صديقك اخبرني، كل شيئ ،،،
وعادت تسأله، 
هل أخبرك هذا، ذاك، تلك، 
أجابها، نعم 
ولكنه لم يخبرني بأمر واحد. 
قالت، ما هو ؟
قال :
هل ما زلت تُحبيني ؟
إجابته، طبعا ً، أكيد، ومؤكد، ونعم، وأكثر، وأقوى، 
سألها :
هل وجدت، وصلة، 
وصل ... 
ما إنقطع ،،، 
ولن ينقطع. 
نعم، وجدتها ،،، 
معك. 
وسألها، 
وبقي يسألها، 
وتسأله
الى ان قال لها،
هل الاسطورة، أصبحت قصة حقيقية ؟
قالت، نعم. 
إذن، كيف ستبدأ الان، القصة الحقيقية ؟
بيني، وبينك ؟
قالت، له ،،،
لا ادري، 
لا ادري
لا ادري

انتهت،
 قصة، كروان دايسي، وكريستل.  
وبدأت،
قصة، لا ادري، لا ادري. 



 قصة، من قصص :
كراون دايسي، وكريسْتِّل .


أعداد 
فيصل المصري. 
اورلاندو / فلوريدا
٦ شباط ٢٠١٦
  
   
 

0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9