تعيش الولايات المتحدة الأميركية هذه الأيام، تحت وطأة، أطلالة الربيع العربي، بكل هُمومِه، وشُجونه.
ثلاث عواصف مُدمِّرة، تضرب البلاد اليوم :
-/ عاصفة الطبيعة، التي ضربّت ولايات الشمال.
-/ عاصفة، جوائز الأوسكار وصحوّة، الأميريكيين ذوي الأصول الافريقية.
-/ والعاصفة، الهوجاء، المُدمرِّة، التي زلزلّت أركان الحزب الجمهوري، بعد بزوغ فجر المرشح، دونالد ترامب في السباق الى البيت الأبيض.
لن أتكلم، ألا بالعاصفة الثالثة التي تجتاح البلاد كل يوم، وعلى مدار الساعة.
نظرة تاريخية، في الحزب الجمهوري الأميركي.
حتى حزيران ٢٠١٥ تاريخ دخول دونالد ترامب السباق الرئاسي، كانت إدارة الحزب الجمهوري تعتقد ان أغلبية المحازبين، يطيعون، ويأتمرون، وَيُلبّون، رغبات إدارة الحزب وتوجهاته، في تسمية المرشح للرئاسة، كما كان يحصل في الانتخابات، بالسابق.
وهذا التوجه، والطريقة في فرض المرشحين على المحازبين، ينسحب ايضا ً في الحزب الديموقراطي، وقد نجحّت إدارة هذا الحزب في فرض وزيرة الخارجية في عهد الرئيس أوباما، السيدة هيلاري كلينتون، لتكون المرشحة في السباق للبيت الأبيض. ( ولي عودة لاحقا ً في هذا الموضوع.)
يتبين من هذه المقدمة التاريخية، ان كِلا إدارة الحزبين، تسلك ذات الطريق في التهميش، بدليل ان شريحة كبيرة من الناخبين الأميركيين لم تكن تدلي بصوتها في الانتخابات الرئاسية، بالسابق.
ولكن، يبدو ان المزاج الأميركي، عشية بِدء السباق المحموم للبيت الابيض، بدأ مُتعكّرا ً، مُنزعِجا ً، بما يجري حوله، فبدأ يلفحه هواء ٌ ثقيل، وحار ٌ، مُتأثرا ً بالاثقال الاقتصادية، ومُنهكا ً بالاحمال الضرائبية، حيث علّت صيحات من المحاربين القُدامى الذين خدموا في الجيش، لأنهم لا يُلاقوا تقديرا ً او خدمات طبية، لأوضاعهم الصحية، المنهارة، فضلا ً، عن التملمّل من تَردٍّي الأوضاع الاقتصادية، والبطالة بسبب إرتفاع الدين العام، وهروب الشركات العملاقة الأميركية الى خارج البلاد هربا ً من الضرائب، والى غيرها من الأسباب المهمة المتعلقة بتطبيق مبدأ سيادة القانون على الجميع، من دون تفرقة عنصرية، في الدين او اللون. بالاضافة الى المسألة الشائكة وهي الهجرة، وما رافقها من إعلان الطرق، والوسائل، لوقف المّد غير الشرعي، إلحاقا ً بوقف مؤقت، لسمّات دخول، مسلمي سوريا، والعراق لأسباب أمنية لدرء مخاطر الإرهاب المُنظّم.
هذا، هو نبض الشارع الأميركي، في هذه الأيام.
وهذه، هي الموجة التي تعصف في البلاد.
من، تلقّف هذا النبض ....
ومن، ركِب هذه الامواج ....
أنه دون شك، دونالد ترامب، ذلك الداهية، والعبقري في دنيا المال، والعمران، وتكديس الثروات.
هزئت منه إدارة الحزب الجمهوري، وظَنُّوا انه يُغني، موالا ً لن يسمعه أحد.
علا غِناء دونالد ترامب، وإجتاحت شعاراته بالأوساط، الحزبية الشعبية، كالنار التي أندلعّت بالهشيم، فإحترق الأخضر واليابس.
ومع ذلك، لم تنتبه إدارة الحزب الجمهوري، للنار التي قد تقضي على هيبة الحزب، والصورة في الاذهان، لرجالات هرِمّت افكارهم، وغابوا عن السمع الحزبي، خاصة لانه من اليوم الاول للسباق بدا واضحا ً ان أعمدة إدارة الحزب آلت الى الأميركي، ذوي الأصول ( لاتينو ) اي المتكلمين الاسبانية من المكسيك، وكوبا، واميركا الجنوبية.
بدا واضحا ً انهم يريدون جيب بوش، سليل العائلة من أب ٍ، وأخ ٍ، رئيس وزوجة، من أصول مكسيكية.
خرج جيب بوش بالضربة القاضية، من دونالد ترامب.
توالت انتصارات ترامب في معاقل آلِ بوش، والملتزمين، بالمسيحية ( إيفانجليكل )، في الانتخابات التمهيدية، في ثلاث ولايات، حيث أنتصر إنتصارا ً كاسحا ً في، إثنتين.
لما هل ّ قدوم السوبر تيوزداي، نهار أمس، كان أركان الحزب الجمهوري في ضِياع تام ٍ، وكلّي.
أُعطيت الأوامر، من إدارة الحزب، الى كل منافسي ترامب، من المرشحين، والصحافة، والتليفزيون، والشيوخ، والنواب، وحكّام الولايات، من الحزب، بإعلان حرب شعواء، تُستعمل فيها شتى انواع الأسلحة من الشتائم، والقذف، والتحقير من اجل القضاء على سمعة، ترامب.
كانت الحرب الكلامية، ضد ترامب لم يسبق ان شهدها التاريخ الأميركي في السباق الى البيت الابيض، وقد بادلهم، المثل.
التعابير المستعملة، فيها من التحقير، والاهانة، والتشهير، ما لم يسمعه الأميركيون، طيلة حياتهم، وكانت الاستطلاعات تُظهر بوضوح بقدر ما يكيلوا السّب والشتم الى ترامب، تزداد شعبيته بإضطراد.
إستحضروا الصراع الابدي، الإسرائيلي العربي، الى الحلبة، فتملّق الحزب لإسرائيل، وإتهمّوا ترامب انه مع العرب، ضد إسرائيل.
لم تنفع الشتائم، والتحقير، والمسّبات والاهانة في حق ترامب.
إنتهى سوبر تيوزداي، نهار أمس.
المفاجئة، والصاعقة، والزلزال وقع.
إكتسح ترامب في ٧ ولايات.
ولخصمه تيد كروز ٣ ولايات.
ولخصمه اللدود ماركو روبيو، ولاية واحدة فقط.
قيل في ترامب، ما لم يقُّله ابو العتاهية في التهكّم، والفسق، والفجور.
ومع ذلك أنتصر.
اليوم، وبعد يوم واحد من هذا الانتصار.
الأنظار تتجِّه الى ١٥ آذار، حيث بلاط الشهداء سيقام في ولاية فلوريدا.
معقل الحزب الجمهوري،
ودار، ومسكن، ومُمثّل الولاية في الكنغرس، ماركو روبيو،
التوّقعات تُشير، الى ان إدارة الحزب ستُمنى بهزيمة نكراء،
ومارك روبيو سيدفع الثمن.
ولنا عودة.
في الربيع العربي،
الأميركي، القادم.
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢ آذار ٢٠١٦
0 comments: