يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 10 مارس 2016

عُمر المُختار، أسد الصحراء .... من ليبيا.

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  2:11 ص

أسد الصحراء، 
شيخ المجاهدين، 
شيخ الشهداء،
إنه عُمْر المختار.
دراسة تاريخية، مُطوّٓلة.  

تاريخ ولادته :
٢٠ أب ١٨٥٨. 
وفاته :
١٦ ايلول ١٩٣١
عظيم، من عُظماء العرب. 



عمر المُختار، أشهر المقاومين العرب، قاطبة ً ...

حارب قوات الغزو الإيطالية منذ دخولها أرض ليبيا إلى عام 1911. وكان يبلغ من العمر ٥٣ عاما ً، وبقي لأكثر من عشرين عاما ً يُقاوم، إلى أن قُبض عليه من قِبل الجنود الطليان، وأجريت له محاكمة صوريّة انتهت بإصدار حكم بإعدامه شنقا ً، على الرغم من أنه كان كبيرا ً عليلا ً، يبلغ في حينها، ٧٣ عاما ً ...
كان الهدف من إعدام عمر المُختار، إضعاف الروح المعنويَّة ِ للمقاومين الليبيين، والقضاء على الحركات المناهضة للحكم الإيطالي، لكن النتيجة جاءت عكسيَّة، فقد ارتفعت حدَّة الثورات، وانتهى الأمر بأن طُرد الطليان من البلاد.

إستحوذ عمر المُختار إعجاب، وتعاطف الكثير من الناس أثناء حياته، وأشخاص أكثر بعد إعدامه، لان الشيخ الطاعن في السن استقطب انتباه الكثيرين من العرب الذين كانوا يعانون من نير الاستعمار الأوروبي في حينها. 
وُلد عمر المختار في البطنان ببرقة، في الجبل الأخضر، وقد ترّبى  تربية ً إسلامية ً، مستمدة من تعاليم الحركة السنوسية، القائمة على القرآن، والسنَّة النبويَّة الشريفة.  

خلال السنوات التي قضاها عمر المختار في الجغبوب، حيث كان يكمل دراسته، تمكَّن من اكتساب سمعة ٍ حسنة ٍ وقوية عند شيوخ الحركة السنوسية. وقد بلغت تلك السمعة من القوة، أن قرَّر محمد المهدي السنوسي، ثاني زعماء السنوسية،  أخذ عمر المختار معه سنة 
 1895، برحلته من الجغبوب إلى الكفرة في جنوب شرق الصحراء الليبية،  واصطحبه مرة أخرى في رحلة من الكفرة، إلى منطقة قرو في غرب السودان، وعيَّنه هناك شيخا ً  ... لزاوية عين كلك.
 ويروى أنه في الطريق إلى السودان، وبينما كانت تعبر قافلته الصحراء أشار أحد المرافقين للقافلة إلى وجود أسد مفترس بالجوار، واقترح تقديم إحدى الإبل كفدية لاتّقاء شره، إلا أن عمر المختار رفض وقال : 
«إن الإتاوات التي كان يفرضها القوي منا على الضعيف قد أبطلت، فكيف يصحّ أن نعيدها لحيوان ؟ والله إنها علامة ذلٍّ وهوان، والله إن خرج علينا لندفعه بسلاحنا»، ثم خرج الأسد فذهب إليه وقتله، وسلخ جلده وعلَّقه لتراه القوافل الأخرى. 
وبعد ذلك كل ما ذُكِرَت القصة كان يقول : 
﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾. 
وقد مكث عمر المختار بالسودان سنوات ٍ طويلة نائباً عن المهدي السنوسي، حتى بلغ من إعجاب السنوسي به أن أصبح يقول : 
«لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم ».
ثم توالت التعينات :

عيَّنه المهدي السنوسي في سنة  1897 شيخاً لبلدة تسمى زاوية القصور. وأحسن عمر المختار الأداء في هذا المنصب، وقد أدَّت علاقته الوثيقة بالسنوسيّين إلى اكتسابه لقب سيدي عمر، الذي لم يكن يحظى به إلا شيوخ، السنوسية المعروفين. 

توفي محمد المهدي السنوسي في عام  1902  واستدعته القيادة السنوسية، إلى برقة، وهناك عُيِّن مجددا ً وللمرة الثانية شيخا ً لبلدة زاوية القصور، وأحسن إدارتها حتى أنَّ العثمانيين هنَّؤوه على تمكِّنه من جلب الهدوء والاستقرار إليها بعد أن أعياهم ذلك، وقد ظلَّ عمر المختار في هذا المنصب مدَّة ثماني سنوات. 


في عام 1911 أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية، وبدأت إنزال قوَّاتها بمدينة بنغازي الساحلية شمال برقة، وفي تلك الأثناء كان عمر المختار في مدينة الكفرة بقلب الصَّحراء في زيارة إلى السنوسيين، وعندما كان عائداً من هناك مرَّ بطريقه بواحة جالو، وعلم وهو فيها بخبر نزول الإيطاليين، فعاد مسرعاً إلى زاوية القصور لتجنيد أهلها من قبيلة العبيد لمقاومة الإيطاليّين. 
نجح عمر المُختار  بجمع 1,000 حيث التحق بالجيش العثماني، وانضمُّوا إلى الكثير من المقاتلين الآخرين، وكان هذا بدء التحرّك الشعبي بالمقاومة. 

في عام 1912 اندلعت حروب البلقان، فأجبرت الدولة العثمانية على عقد صلح ٍ مع إيطاليا وقَّعته في لوزان بشهر تشرين الثاني، واضطرَّ نتيجة ً لذلك قائد القوات العثمانية التي تقاتل الإيطاليين،  عزيز بك المصري،  على الانسحاب إلى الأستانة، وسحب معه العسكر العثمانيّين النظاميّين في، برقة الذين بلغ عددهم نحو 400 جندي.
أثار هذا الانسحاب، على الرغم من ضرورته وفقاً لشروط الصلح، إستياء ً من المقاومين الليبيين، حدا ً الى محاولة إبادة العثمانيين، قبل إنسحابهم لان الخيانة، التي بدرت منهم، وحقارة الحكم العثماني البغيض، تجاه الشعب الليبي، قد بلغت مداها. 
 -

شهدت هذه الفترة أعنف مراحل الصّراع ضد الطليان، وقد تركَّزت غارات وهجمات عمر المختار فيها على عدة مناطق، وكان الجيش الايطالي يتكبّد الخسائر الجسيمة،  لان الثوّار إعتمدوا إسلوب الكّر وألفّر. 
وكان عمر المختار يتنقَّل أثناء غاراته على الطليان، بين منطقتي زاوية القصور وتكنس. 
كما كان يتواصل كثيراً مع القبائل، لكسب تأييدهم المعنوي والمادي. 

تابع عمر المختار دعوة أهالي الجبل الأخضر، للقتال وتجييشهم ضدَّ الطليان، وفتح باب التطوُّع للانضمام إلى الكفاح ضدهم، وأصبحت معه لجنة ٌ فيها أعيان ٌ من مختلف قبائل الجبل، واتَّبع أسلوب الغارات وحرب العصابات، فكان يصطحب معه 100 إلى 300 رجل في كل غارة ٍ ويهجم ثم ينسحب بسرعة، ولم يزد أبداً مجموع رجاله عن نحو 1,000 رجل، مسلَّحين ببنادق خفيفة ٍ ...     
وقد شكَّل هذا بداية الحرب الضروس بين عمر المُختار والطليان، تلك الحرب التي استمرت 22 عاما ً ...   


أصابت هجمات الثوار الليبيين، المسؤولين العسكريين الإيطاليين بالذهول في غير مرَّة، وأُحرج الجيش الإيطالي أمام الرأي العام في بلاده بعد أن لم يتمكنوا من إخماد حركتهم. 

في عام  1922،، عقد شيخ وقائد الحركة السنوسية إدريس السنوسي صلحاً مع إيطاليا، وقد غضب عمر المختار وباقي شيوخ القبائل وقادة الحركة عند علمهم بذلك. 
وحتى يُحرجوا إدريس السنوسي، قام عمر المختار ورفاقه الثوار، بتقديم   وثيقة اليه،  يبايعونه فيها زعيماً لهم، شريطة أن يكون ذلك للجهاد ضد الطليان فقط. 
 ولم يكن لدى إدريس السنوسي  خيار سوى قبول البيعة، إلا أنَّه في اليوم التالي، شد الرحال إلى مصر هربا ً مدعيا ً المرض والحاجة للعلاج. 
 وقد تبيَّن فيما بعد عند زيارة عمر المختار له هناك، أنه كان بصحَّة جيدة، ولم يكن الامر كما قال، تدهور صحتّه. 
لكن بعد رحيل إدريس السنوسي، ومع اندلاع الحرب مجدداً في المنطقة أصبحت مسؤولية القيادة كلّها ملقاة ً على عاتق عمر المختار، فأصبح هو زعيم الحركة الجهادية في منطقة الجبل الأخضر، وبات يجمع المال والسلاح، ويحرّض القبائل ويترأس الغارات والهجمات ضد الطليان. 
وقد سجّل التاريخ، انه بعد ان إنعقدت الراية الى عمر المختار، جرّت محاولات عديدة، وحثيثة من الحكومة الإيطالية لثني عمر المختار، تارة ً عن طريق المال، والرشوة، ومدِّه بالرخاء، والقصور، والعيش الرغيد الى مدى الحياة، وتارة ً عن طريق التهديد، كلها ... باءت بالفشل. 

كانت حكومة روما مستعدة، بأن تجعل من عمر المختار الشخصية الأولى في ليبيا كلها، وتلغي من  أمامه جميع الشخصيات الكبيرة، التي تتمتع بمكانة في إيطاليا، وهي على استعداد أن يكون الاتفاق بصورة سرية، مع توفير كافة الضمانات، ويتم كل شيء بدون ضجيج  على ان يقوم بالمقابل، بنصح الأهالي بالإقلاع عن فكرة القيام باي مقاومة في وجه إيطاليا، وان يقطع علاقاته مع السنوسيين.  
وقد كرر الإيطاليون عرضهم على عمر المختار عدَّة مرّات، لكنه كان يرفض في كل مرة، ويُصرّ على الجهاد وقتال المحتل الأجنبي. 
 
كان الإيطاليّون يتعقبون تحركات عمر المختار ويترقبون أوَّل فرصة، للقضاء عليه وإخماد الثورة.
كانت الفترة الممتدة بين عاميّ :
 1924 و 1925  تتخللها مناوشات عديدة ومعارك دامية بين الثوَّار والقوَّات الإيطاليَّة، ووسَّع المجاهدون نشاطهم العسكري في الجبل الأخضر ولمع اسم عمر المختار كقائد ٍ بارع ٍ، يُتقن أساليب الكر، والفر ويتمتع بنفوذ عظيم بين القبائل. وأخذ البدو من أبناء القبائل ينضمّون إلى صفوف المجاهدين، وبادرت القبائل بإمداد هؤلاء بما يحتاجون من مؤن ٍ وعتاد ٍ وأسلحة. 

خلال تلك الفترة كانت إيطاليا تصب اهتمامها على مدينة برقة التي لم تستطع احتلالها منذ أن زحفت جيوشها على أجدابيا سنة 1923، وانحصرت الهجمات على معسكرات عمر المختار الذي لم يخرج يومًا من معركة، إلَّا ليدخل في معركة أخرى.
 لكن بعد بدء الرضا السنوسي الدخول هو الآخر في المفاوضات مع الإيطاليين، بأواخر عام 1927، متّجها ً في ذلك إلى عقد السلم معهم، أصدر أوامره إلى عمر المختار من جالو بضرورة وقف العمليات العسكرية، وقبل عمر المختار بنقل هذه الأوامر إلى رجاله، فخفَّت وتيرة القتال في أنحاء الجبل الأخضر بانتظار ان ينجلي الموقف.
وكان احتلال تلك الواحات الصحراوية التي استسلم زعماؤها قد جعل عمر المختار في عزلة تامَّة في الجبل الأخضر ومع هذا ظلَّ المختار يشن الغارات على درنة وما حولها. 
 

كذلك كان الحكَّام الإيطاليّون في ليبيا قد طفح بهم الكيل من الهزائم المُتكررة، وكان لا بدّ لهم، من إعادة اعتبارهم ورفع معنويَّات الجنود المنهارة، فشرعوا يعدّون الجيوش الجرَّارة لاحتلال الجبل الأخضر.  
كانت القوَّات الإيطاليَّة عظيمة العدد والعِتاد، فضمَّت فرق نظاميَّة إيطاليَّة، وإريتريَّة، وليبيَّة محليَّة. 
اما عدد المجاهدين كان  ما بين  1500 إلى 2000 مجاهد. 

علمت إيطاليا بواسطة جواسيسها بموقع المجاهدين، واستطاعت أن تضرب حصارا ً حول المختار ورجاله من ثلاث جهات، وبقوّات جرّارة، ولمَّا علم المختار بما يخططه الطليان، شرع يعد العدّة لمُلاقاة العدو، وقاموا بحفر خنادق ليختبئ بها المجاهدين وخنادق أخرى، لتحتمي بها الأسر من نساء، وأطفال، وشيوخ.
وبعد ان إشتدت المعارك، قرر عمر المختار إتخاذ إجراء بترحيل النساء والأطفال، والشيوخ،  إلى السلّوم  لحمايتهم من الغارات الجويَّة الإيطاليَّة، حتى يتسنّى للثوار التحرّك. 
أيقن المُختار ضرورة العمل على التعريف بالقضيَّة الليبيَّة والنضال الليبي ضد إيطاليا في البلاد الإسلاميَّة، والأوروبيَّة على حدٍ سواء، فطلب من بعض المجاهدين الهجرة إلى الخارج للتعريف بالقضيَّة  في البلدان التي يحلّون بها، فكان من نتيجة هذا، تشكيل الجاليات الليبيَّة في الخارج.
في هذا الوضع السائد، من حروب الكّر والفر، الخاسرة للجيش المحتل. 
وبعد ان قامت الحكومة الإيطالية، بتغيير قيادة الجيوش في ليبيا، عدة مرات. 
قال الزعيم الإيطالي بينيتو موسوليني : 
«إننا لا نُحارب ذئابًا كما يقول غراتسياني، بل نحارب أسودا ً يُدافعون بشجاعة عن بلادهم. إنَّ أمد الحرب سيكون طويلًا ».
ما أن تجلّى لعمر المختار صحَّة ما اعتقد به منذ البداية، وهو عدم جدوى المفاوضات السياسيَّة مع الدولة المُستعمرة، حتى خاطب المجاهدين وأبناء شعبه قائلًا : 
«فليعلم إذا ً كلُّ مجاهد أنَّ غرض الحكومة الإيطاليَّة إنما بث الفتن والدسائس بيننا، لتمزيق شملنا، وتفكيك أواصر اتحادنا، ليتم لهم الغلبة علينا واغتصاب كل حق مشروع لنا كما حدث كثير، من هذا خلال الهدنة، ولكن بحمد الله لم توفق إلى شيء من ذلك. وليشهد العالم أجمع أن نوايانا، نحو الحكومة الإيطاليَّة شريفة، وما مقاصدنا إلا المطالبة بالحرية وإن مقاصد إيطاليا، وأغراضها ترمي إلى القضاء على كل حركة  قوميَّة تدعو إلى نهوض الشعب الليبي، وتقدمه ... 
فهيهات أن يصل الطليان إلى غرضهم مادامت لنا قلوبٌ تعرف أن في سبيل الحرية يجب بذل كل رخيص ٍ وغال ٍ. 
ثمَّ ختم المختار هذا النداء بقوله :
 «لهذا نحن غير مسؤولين عن بقاء هذه الحالة الحاضرة على ماهي عليه حتى يتوب أولئك الأفراد النزاعون إلى القضاء علينا إلى رشدهم ويسلكوا السبيل القويم ويستعملوا معنا الصراحة بدل المداهنة، والخداع »
وكان عمر المختار قد أعلن هدنة مع الجيش الإيطالي. 

إنفجر الموقف قبل ثلاثة أسابيع من الموعد الذي حدده عمر المختار لانتهاء الهدنة، فقد هاجمت مجموعة من المجاهدين دورية من الضابطيَّة وأبادتها، وتسبب الحادث في غضب الإيطاليين. 
 إنزعج موسوليني، وأوقف الاتصالات الجارية في مصر وأمر بالعودة إلى القوة والحرب. 
 اتهمت إيطاليا عمر المختار بالخيانة وخرق الهدنة، وعلى الرغم من أنَّ حادث الاعتداء على الدوريَّة الإيطاليَّة كان مُحاطًا بالغموض، وتأكيد عمر المختار أنّه لم يأمر بعمل كهذا وهو الذي حدد موعد انتهاء الهدنة وهو الحريص على وعوده وتعهداته. ويُرجّح أنَّ الذي دبر الحادث هو من المستفيدين من الحرب وبعضهم كان يتعاون مع الثوّار، ويبيع لهم السلاح. وكان رد فعل فائد الجيش الايطالي في ليبيا على قتل أفراد الدورية إرسال أربع طائرات، لقصف منتجعات المجاهدين بمن فيها من نساء وأطفال وشيوخ. 
وصل الجنرال، غراتسياني إلى بنغازي يوم 7 آذار  سنة 1930، تحيط به هالة من البطولة، والاعتداد بالنفس والغطرسة بعد أن قابل موسوليني في روما، وأثنى عليه الأخير ووضع ثقته فيه، كما هتف له مجلس النواب الإيطالي. وشرع في عمله باتخاذ سلسلة من الإجراءات القمعيَّة والتعسفيَّة، فأرسل بعض المشايخ إلى سجون إيطاليا وقرر توقيع عقوبة الإعدام على كل من يتعاون أو يتصل بالثوَّار وسجن معظم المشايخ وأعيان بنغازي، ودرنه في قلعة بنينه، أمَّا أبرز ما فعله فكان إنشاء "المحكمة الطائرة"، وهي محكمة بكامل أجهزتها تقطع البلاد على متون الطائرات، وتحكم على الأهالي بالموت ومصادرة الأملاك لأقل شبهة، وتمنحها للمرتزقة الفاشيّون، وكانت تلك المحاكم تنعقد بصورة سريعة وتصدر احكامها وتُنفَّذ في دقائق.
 وكان قد أعلن غراتسياني، جائزة قدرها 200,000 فرنك لقاء جلب عمر المختار سواءً حيا ً أو ميتا ً . 
كما ارتكب  فظائع أخرى، فأنشأ معسكرات الاعتقال الجماعيَّة في الصحراء، وأحاطها بالأسلاك الشائكة، ونقل إليها كل من يربطه أي نوع من أنواع الصلات بأحد المجاهدين، ولم يُراعي في ذلك سنّ المعتقلين ولا جنسهم ولا حالتهم الصحيَّة، فاعتقلت النساء والرجال، والشيوخ والأطفال،  والمُصابين بالأمراض والعاهات. كما أمر بإحراق الكثير من القرى المتعاونة مع الثوَّار، فدُمِّرت المنازل وأُحرقت المحاصيل الزراعيَّة، وأُهلكت الحيوانات فيما عدا ما استعمله الجيش الإيطالي للنقل، حتى أصبحت جميع مناطق الجبل والبطنان، خرابا ً .... 
كان الهجوم الإيطالي كاسحا ً وعنيفا ً، ممَّا ترك عمر المختار في حصار  تام. 
أمام هذا الواقع نقل عمر المختار دائرة عملياته إلى الناحية الشرقية في الدفنا، نظرا ً لقربها من الحدود المصريَّة وذلك حتى يتمكن من إرسال المواشي التي يأتي بها الأهالي إلى الأسواق المصرية في نظير أخذ حاجته من هذه الأسواق، الامر الذي جعل غراتسياني يقرر، إقامة الأسلاك الشائكة على طول الحدود الشرقيَّة. وقد تكلَّفت الحكومة الإيطاليَّة 20 مليون فرنك إيطالي حتى تمكنت من مدّ الأسلاك من حدود البحر المتوسط إلى ما بعد الجغبوب. 
وكما ذكر غراتسياني في مذكراته، أدَّت النتيجة المرجوَّة، فحرمت الثوَّار من الإمدادات التي كانت تأتيهم من مصر عن طريق المهاجرين. 
في شهر أكتوبر سنة 1930 تمكن الجيش الايطالي  من الاشتباك مع المجاهدين في معركة  كبيرة، عثر الطليان عقب انتهائها على نظّارات عمر المختار، كما عثروا على جواده  مجندلا ً في ميدان المعركة، فثبت لهم أن المختار ما زال على قيد الحياة، وأصدر غراتسياني منشورا ً ضمنه هذا الحادث حاول فيه أن يقضي على أسطورة المختار الذي لا يُقهر أبدا ً وقال متوعدا ً : 
«لقد أخذنا اليوم نظارات المختار، وغدًا نأتي برأسه».



وفي 11 ايلول من عام 1931 توجَّه عمر المختار بصحبة عدد صغير من رفاقه، الى مدينة البيضاء. وكان أن شاهدتهم وحدة استطلاع إيطاليَّة،  فتحركت فصائل من الليبيين، والإرتريين لمطاردتهم. وإشتبكوا مع عمر المختار فأُصيب حصانه، وسقط هو على  الأرض. وتعرّف عليه في الحال أحد الجنود المرتزقة الليبيين. 
يقول المجاهد التواتي عبد الجليل المنفي، الذي كان شاهدًا على اللحظة التي أُسر فيها عمر المختار من قبل الجيش الإيطالي : 
«كنَّا غرب منطقة سلنطة... هاجمنا الأعداء الخيَّالة، وقُتل حصان سيدي عمر المختار، فقدَّم له ابن اخيه المجاهد حمد محمد المختار حصانه وعندما همَّ بركوبه قُتل أيضا ً، وهجم الأعداء عليه ... 
ورآه أحد المجندين العرب وهو مجاهد سابق. ذُهل واختلط عليه الأمر وعزَّ عليه أن يُقبض على عمر المختار فقال :
 "يا سيدي عمر.. يا سيدي عمر !!" 
فعرفه الأعداء وقبضوا عليه. وردَّ عمر المختار على العميل العربي الذي ذكر اسمه واسمه عبد الله بقوله : "عطك الشر وابليك بالزر" ...


عُمر المختار، بقي في الأسر مكُبِّلا ً بالسلاسل دون مراعاة سنّه وحالته الصحيَّة.  
 وتمَّ استدعاء أحد القادة الطليان، وهو متصرف الجبل الأخضر دودياشي الذي سبق أن فاوض عُمر المختار للتثبت من هوية الأسير. 
وبعد أن التُقطت الصور مع الأسير، نُقل عمر المختار إلى مبنى بلدية سوسة، ومن هناك على ظهر طرَّاد بحري إلى سجن بنغازي مُكبّلًا بالسلاسل.
يقول غراتسياني في مذكراته أنَّه خلال الرحلة إلى بنغازي، تحدَّث بعض السياسيين مع عمر المختار، ووجهوا إليه الأسئلة، فكان يجيب بكل هدوء وبصوت ثابت، وقوي دون أي تأثر بالموقف الذي هو فيه وقال أيضًا : «هذا الرجل اسطورة الزمان الذي نجا آلاف المرات من الموت ومن الأسر واشتهر عند الجنود بالقداسة، والاحترام لأنه الرأس المُفكر والقلب النابض للثورة العربيَّة (الإسلاميَّة) في برقة وكذلك كان المُنظم للقتال بصبر ومهارة، فريدة لا مثيل لها سنين طويلة والآن وقع أسيرًا في ايدينا.


عندما وصل الأسير إلى بنغازي، لم يُسمح لأي مراسل جريدة أو مجلَّة بنشر أي أخبار أو مقابلات، وكان على الرصيف مئات من المشاهدين عند نزوله في الميناء ولم يتمكن أي شخص مهما كان مركزه أن يقترب من الموكب المُحاط بالجنود المدججين بالسلاح. ونُقل المختار فوق سيَّارة السجن تصحبه قوَّة مسلَّحة بالمدافع الرشَّاشة حيث أودع في زنزانة صغيرة خاصة منعزلة عن كافَّة السجناء السياسيين وتحت حراسة شديدة، وكان يتم تغيير الحرَّاس كل فترة. 
ويقول مترجم كتاب برقة الهادئة ... 
أنَّ زنزانة عمر المختار كانت تحوي سريرًا من خشب، وقماش وعلى أرضيَّتها قطعة من السجَّاد البالي، ويُضيف أنَّ المختار كان يجلس عليها ويُسند ظهره على الجدران ويمد رجليه إلى الأمام حتى يُريحهما.

أثناء مكوث عمر المختار في السجن، أراد المأمور رينسي، وهو السكرتير العام لحكومة برقة، في أمسية الرابع عشر من سبتمبر أن يُقحم الشارف الغرياني في موقف حرج مع عمر المختار فأبلغه بأنَّ المختار طلب مقابلته، وأنَّ الحكومة الإيطاليَّة لا ترى مانعًا من تلبية طلبه، وذهب الشارف الغرياني إلى السجن لمقابلة المختار، وعندما التقيا خيَّم السكوت الرهيب ولم يتكلم المختار، فقال الشارف الغرياني مثلًا شعبيا ً مخاطبا ً به المختار : 
«الحاصلة سقيمة والصقر ما يتخبل »، 
وماكاد المختار يسمع المثل المذكور حتى رفع رأسه ونظر بحدَّة إلى الشارف الغرياني وقال له : 
«الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه » 
وسكت هنيئة ثم أردف قائلًا : 
«ربِّ هب لي من لدُنك رحمة، وهيئ لنا من أمرنا رشدًا، أنني لم أكن في حاجة إلى وعظ أو تلقين، أنني أومن بالقضاء والقدر، وأعرف فضائل الصبر والتسليم، لإرادة الله، أنني متعبٌ من الجلوس هنا، فقل لي ماذا تريد ؟ »
وهنا أيقن الشارف الغرياني بأنه غُرّر به فزاد تأثره وقال للمختار: 
«ما وددت أن أراك هكذا ولقد أرغمت نفسي للمجيء بناءً على طلبك...» 
فقال المختار : 
والجبل الشامخ، أنا لم أطلبك  ولن أطلب أحدا ً ولا حاجة  لي عند أحد »، 
 ووقف دون أن ينتظر جوابًا من الشارف الغرياني، وعاد الأخير إلى منزله وهو مهموم حزين وقد صرّح بأنه شعر في ذلك اليوم بشيء ثقيل في نفسه ما شعر به طيلة حياته. 
ولما سُئل الشارف الغرياني عن نوع الثياب التي كان يرتديها عمر المختار أهي ثياب السجن أم ثيابه التي وقع بها في الأسر كان جوابه بيتان من الشعر:

عليه ثيابٌ لو تُقاس جميعها بفلس ٍ لكان الفلسُ منهن اكثرا
وفيهنَّ نفس ٌ لو تُقاس ببعضها نفوس الورى كانت أجلُّ وأكبرا
لم يصدق وزير المستعمرات خبر ألقاء القبض على عمر المختار في البداية. وغراتسياني الذي كان متوجها ً إلى باريس نزل من قطاره ليعود مسرعا ً إلى بنغازي. ثم انقلبت دهشتهم إلى فرح هستيري، والإصرار على :
 "محاكمة فوريَّة والإعدام بصورة صاخبة ومُثيرة " 
كما جاء في برقيَّة دى بونو وزير المستعمرات إلى بادوليو حاكم ليبيا. لكن ما فاجأ الطليان كان هدوء الأسير وصراحته المُذهلة في الرد على أسئلة المُحققين، بثبات ٍ تام، ودون مراوغة، إذ قال لهم : 
«نعم قاتلت ضد الحكومة الإيطاليَّة، لم أستسلم قط. لم تخطر ببالي قط فكرة الهرب عبر الحدود. منذ عشر سنوات تقريبا ً وأنا رئيس المحافظية. اشتركت في معارك كثيرة لا أستطيع تحديدها. لا فائدة من سؤالي عن وقائع منفردة. وما وقع ضد إيطاليا والطليان، منذ عشر سنوات وحتى الآن، كان بإرادتي وإذني. كانت الغارات تُنفَّذ بأمري، وبعضها قمت به أنا بنفسي. الحرب هى الحرب. أعترف بأنه قُبض عليّ والسلاح بيدي، أمام الزاوية البيضاء، في غوط اللفو، هل تتصورون أن أبقى واقفًا دون إطلاق النار أثناء القتال ؟ 
ولا أشعر بالندم عمَّا قمت به ...

وصل غراتسياني إلى بنغازي يوم  14 سبتمبر، وأعلن عن انعقاد المحكمة الخاصة يوم 15 سبتمبر 1931. 
وفي صبيحة ذلك اليوم وقبل المحاكمة رغب غراتسياني في الحديث مع عمر المختار. يذكر غراتسياني في مذكراته : 
«وعندما حضر أمام مكتبي تهيَّأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المُرابطين الذين التقيت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراويَّة. يداه مُكبلتان بالسلاسل، رغم الكسور والجروح التي أُصيب بها أثناء المعركة، وكان وجهه مضغوطا ً لأنه كان مُغطيا ً رأسه بالَجَرِدْ ويجرّ نفسه بصعوبة نظرا ً لتعبه، وبالإجمال يُخيل لي أنَّ الذي يقف أمامي رجل ٌ ليس كالرجال : 
له منظره وهيبته رغم أنَّه يشعر بمرارة الأسر، ها هو واقفٌ أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوتٍ هادئ وواضح ».

غراتسياني: لماذا حاربت بشدَّة متواصلة الحكومة الفاشيَّة ؟
أجاب المختار : من أجل ديني ووطني.
غراتسياني : ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه ؟
فأجاب المختار : لا شيء إلَّا طردكم … لأنكم مغتصبون، أما الحرب فهي فرضٌ علينا وما النصر إلا من عند الله.
غراتسياني: كان لك من نفوذ وجاه، ويمكنك إن تأمر الثوار بأن يخضعوا لحكمنا ويسلموا أسلحتهم ؟
فأجاب المختار: لا يُمكنني أن أعمل أي شيء … وبدون جدوى نحن الثوار سبق أن أقسمنا أن نموت كلَّنا الواحد بعد الأخر، ولا نسلّم أو نُلقي السلاح.
ويستطرد غراتسياني حديثه : 
«عندما وقف ليتهيأ للانصراف، كان جبينه وضاء كأنَّ هالة من نور تُحيط به، فارتعش قلبي من جلالة الموقف، أنا الذي خاض المعارك والحروب العالميَّة، والصحراويَّة، ولُقبت بأسد الصحراء، ورُغم هذا فقط كانت شفتاي ترتعشان، ولم أستطع أن أنبس بحرف ٍ واحد، فانتهت المُقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه للمُحاكمة في المساء. 
وعند وقوفه حاول أن يمد يده لمُصافحتي ولكنَّه لم يتمكن لأن يديه كانت مُكبلة بالحديد. لقد خرج من مكتبي كما دخل عليّ وأنا أنظر إليه بكل إعجاب وتقدير ».
في الساعة الخامسة مساء ً من يوم  15 سبتمبر 1931 جرت محاكمة عمر المختار التي أعد لها الطليان، مكان بناء برلمان برقة القديم، وكانت محاكمة صورية، شكلا ً وموضوعًا، 
كان الطليان، قد أعدوا المشنقة وانتهوا من ترتيبات الإعدام قبل بدء المحاكمة، وصدور الحكم على المختار، ويبدو ذلك جليًّا من خلال حديث غراتسياني مع المختار خلال مقابلتهما، حين قال له : 
إني لأرجو أن تظل شجاعا ً مهما حدث لك أو نزل بك ...
لما صدر الحكم على عمر المختار، بالإعدام. 
وعندما تُرجم الحكم إلى عمر المختار، 
اكتفى بالقول : 
« إنَّ الحكم إلّا لله.. لا لحكمكم المُزيَّف.. إنَّا لله وَإنَّا اليه راجعون. 

 وأُحضر المُختار مُكبَّل الأيادي وفي تمام الساعة التاسعة صباحا ً سُلَّم إلى الجلّاد، وبمجرد وصوله إلى موقع المشنقة أخذت الطائرات تحلق في الفضاء فوق ساحة الإعدام على انخفاض، وبصوت مدوّي لمنع الأهالي من الاستماع إلى عمر المختار إذا تحدث إليهم أو قال كلامًا يسمعونه، لكنه لم ينبس بكلمة، وسار إلى منصة الإعدام وهو ينطق الشهادتين، وقيل عن بعض الناس الذين كان على مقربة منه انه كان يأذن في صوت خافت آذان الصلاة عندما صعد إلى الحبل، 
والبعض قال أنه تمتم بالآية القرآنية : 
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً 
 وصفه الجنرال غراتسياني، بأنه كان حادّ الذكاء واسع الثقافة قاسي الطباع، إلا أنَّه شديد النزاهة والتواضع، فكان فقيرا ً لا يملك شيئا ً. 
وقال عنه أيضا ً أنه متديّن متعصّب، إلا أنه رحيم ٌ عندما تكون المقدرة في يده، وشديد الولاء والإخلاص لوطنه. وقال : 
«ذنبه الوحيد أنه كان يكرهنا كثيراً، وفي بعض الأحيان يسلّط علينا لسانه، ويعاملنا بغلظة ٍ مثل الجبليّين، كان دائماً معاديا ً لنا، ولسياساتنا في كافة الأحوال، ولا يلين أبداً، ولا يهادن، إلا إذا كان الموضوع في صالح وطنه ليبيا، ولم يخن قيادته، فهو دائماً موضع الاحترام رغم التصرّفات التي تبدر منه في غير صالحنا
كان عمر المختار شديد الولاء للسنوسية، وشيوخها ومخلصاً لهم، ويظهر ذلك في عدد ٍ من المواقف. 
من أقوال عمر المُختار :

 «اللَّهم اجعل موتي في سبيل الله هذه القضية المباركة »
كما قال : 
«لا أغادر هذا الوطن حتى ألاقي وجه ربي والموت أقرب إليَّ من كل شيءٍ فإني أترقَّبه بالدقيقة »
وقال :  كل مسلم ٍ الجهاد واجب عليه وليس منه، وليس لغرض أشخاصٍ إنّما هو لله وحده ... 

«نحن لا نستسلم... ننتصر أو نموت.... وهذه ليست النهاية... بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه... أمَّا أنا... فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي » 

 16 ايلول من كل سنة، يحيي فيه الشعب الليبي، يومًا للحداد الرسمي. 
 صحيفة التايمز البريطانية في اليوم التالي لإعدامه نشرت مقالاً، وصفته فيه بـ الرجل الرهيب. 
 و شيخ القبيلة الضاري العنيف الذي بقي لسنوات ٍ طويلة ٍ يمثّل روح المقاومة العربية ...

ومن شدَّة رمزيَّة عمر المختار في ليبيا خصوصا ً ،،،، 
أقدم رئيس الوزراء الإيطالي سيلڤيو برلسكوني، على الانحناء أمام محمد المختار، نجل عمر المختار، وقبَّل يده متعذرا ً عن كل المآسي التي تسببت بها إيطاليا للشعب الليبي.  
رثا أمير الشعراء أحمد شوقي عمر المختار بأبيات ٍ من الشعر،،، 
قال فيها :

إِفريقيا مَهدُ الأُسودِ وَلَحدُها ضَجَّت عَلَيكَ أَراجِلاً وَنِساءَ
وَالمُسلِمونَ عَلى اِختِلافِ دِيارِهِم لا يَملُكونَ مَعَ المُصابِ عَزاءَ
وَالجاهِلِيَّةُ مِن وَراءِ قُبورِهِم يَبكونَ زيدَ الخَيلِ وَالفَلحاءَ
في ذِمَّةِ اللَهِ الكَريمِ وَحِفظِهِ جَسَدٌ بِبُرقَةَ وُسِّدَ الصَحراءَ
كما رثاه الكثير من الشعراء الآخرين ونظموا عنه الشعر. 
ظهرت شخصيَّة عمر المختار في فيلم "أسد الصحراء" من عام 1981، من إخراج مصطفى العقَّاد، وهو فيلم ناطق باللغة الإنگليزيَّة، لعب فيه الممثل المكسيكي - الأمريكي أنطوني كوين دور المختار. ، ويظهر المختار على العملة الورقيَّة الليبيَّة، من فئة عشرة دنانير.
عمر المختار، من عُظماء العرب. 

فيصل المصري 
أُورلاندو / فلوريدا
١٠ آذار ٢٠١٦

0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9