قصة ....
حقيقية ....
بادئ ذي بدء ....
أشكر الصديقات، والاصدقاء .....
على صِدق محبتهم، وتعليقاتهم على الصورة التي وضعتها زوجتي، نهار أمس.
هذه الصورة، أوحت لي بأن أَقُص ّٓ عليكم، حادثة حصلت معي في الولايات المتحدة الأميركية بالعام ٢٠٠٩ بعد أن قررّت الإقامة الدائمة، في هذه البلاد العظيمة، الكريمة، بعد رحلة ِ، عمل ٍ، مُضنية ٍ، ومُتعِبة ٍ، أمضيتها في كل من السعودية .... وقليلها في لبنان.
والذي يؤلمني، ويُحزنني، ويؤرقني هذه الأيام أني أُفتّش في دفاتر ذكرياتي عَلِّي أجد ذكرى، او حادثة، مُفرحة في وطني لبنان، حتى أُدونها، أو أكتبها، كما أجد كثيرا ً من أخبار ٍ، وذكريات ٍ سعيدة ٍ في كل من السعودية، وأميركا.
لا أجد، من ذكرياتي في لبنان إلا حدثين، مؤلمين، ما زالا مُرافقين لي أبد الدهر .. وهما :
لمّا، تركت السعودية، على عجّل الى لبنان، لأدفن أبي.
ولمّا، رجعت من الولايات المتحدة، لأدفن أُمي.
عدا، هذين الحدثين الذين أحدثا، جِراحا ً ثخينة، لا أذكر أحداثا ً او ذكريات ٍ جميلة.
في السعودية، وأميركا تصادقت، وترافقت مع النجاح، ردحا ً من الزمن، وقد تركت بعض أيامي، في كل من السعودية، وأميركا ذكريات جميلة، وعذبّة، عٓلُقّت في جدران عقلي، وأبواب قلبي ...
صُوِّرا ً فيها أجمل، رسومات الوشم، وأصدق الأخبار، وأعّز الاصحاب، وأحّب القصص ....
كهذه .. القصة.
هذه القصة، وقعّت معي عندما أبحرت باخرتي الى اميركا،، حيث أرسيتها على رصيف فلوريدا، بالعام ٢٠٠٩، متأبطا ً معي من لبنان تليفون نوكيا القديم، البالي الرخيص ، ذي، رنّات ٍ، وإجراس ٍ، قد تصلح، لابواب جهنم، او سيارات إسعاف، لانها تدّق الأذن كالازميل، والمطرقّة. وصادف ان كنت يوما ً،، أتبادل أطراف الحديث مع امرأة أميركية لها مركز رفيع في شركة عالمية،،، إذ رن ّٓ جرس تليفوني، فلاحظت ان هذه المرأة، ارتعدّت، فرائصها ، وجفلّت كالثور، الهائج ، وتراجعت الى الوراء، خوفا ً، ثم قمت بالواجب، وطبطبت على كتفها مهدئا ً، وقلت لها، إن زوجتي، تريد ان تتحدّث معك ...
هنا أحسّٓت هذه المرأة الأميركية ان طامّة كبرى قد حلّت بها، وان كارثة مخيفة قد وقعت، عليها.
أخذّت هذا التليفون بيد ترتجف، وعين على هذا الجهاز والعين الاخرى، علهّا تغمز، 911 للنجدة.
المهم بعد ان أنهّت مكالمتها مع زوجتي، تنفسّت الصعداء ...
وتنهّدت ....
وبانت اساريرها ...
وانقشعت عن وجهها، تلك القشعريرة، التي رسمت أخاديد، وخرائط، كالتي كان يحملها، قراصنة البحر ...
وقالت لي، بإزستهزاء وكبرياء، وتعجّرف مقيت ...
من هو اكبر عمرا ً ...
هذا التليفون، او إبنك ريّان ؟
وكان عمره، يومها يناهز العشرين سنة.
صعقني، كلامها ...
أذهلني، وقاحتها ...
أنهكني، انتقادها ...
أغضبني، استهزائها ...
تذكرت عندها، قول المرحوم والدي رحمات الله عليه ، عندما كان يقول ( ان اميركا مضيّعة الحسب، والنسب ، وخسارة، للأولاد، والمال )
لست هنا لأردد، ما قاله وزير داخلية لبنان، منذ سنة
( انت عارف حالك مع مين، عم تحكي )
ولكن انا، اقل الناس شأنا ..
وأكثرهم، تواضعا ً ...
قلت لنفسي، ما هذه الورطة التي انا فيها ...
بعد ان ودّعت هذه المرأة الأميركية ..
بالتبجّيل، المصطّنع ...
وبالتكريم المغلّف ...
بالنفاق الذي تعلمتّه في لبنان ...
لوحّت لها بيدي، مع ابتسامة قليلة العرض ...
فورا ً طلبت ابني رشيد، وكان في مكان أخر ..
قلت له، تعالى فورا ً ...
أجابني،
إنه، مشغول جدا ً...
أجبتّه ...
إن كنت، تنّقب عن النفط قبالة، شواطئ لبنان ....
إرجع، فورا ً ...
وإن كنت تدِّور زوايا، الألماس في بروكسل ...
عُد حالا ً ...
وإن كنت، تبحث، عن الذهب في كاليفورنيا ...
هرّول، عائدا ً...
لما وصل رشيد، وكأنه ركب بساط الريح، بان عليه القلق، والخوف، والدهشة بادرني، القول ....
ماذا تريد ؟
قلت له اريد اليوم، حالا ً، وسريعا ً، وفورا ً ...
جِهاز تليفون ...
يحمله، رجال فضاء الناسا ...
وتٓحمِلِّه أكثر، الطانطّات ثرثرة في شوارع، وازقة، وزواريب، بيروت ...
ذهبنا فورا ً.. الى محلات apple ...
وإشتريّت .. جهازا ً.
تعلّمت عليه، فورا ً،
وانتظرّت قدوم المرأة الأميركية، بفارغ الصبر ...
ولمّا، قدِّمت .،.
كان يعلو وجهها، نشوة الانتصار ...
وكانت تتمخطّر، سيرا ً ...
وتتباهى كالطاووس، إلنافش ريشه ..
وتعلو محيّاها، ضحكة صفراء ...
وتتكلّم كالمهرّج ، الواثق من نفسه ...
تقدمّت اليها ...
وقلت لها ...
هل تريدين ان تعرفي، ماذا يحصل في لبنان، بلدي الان، وعلى الهواء مباشرة ؟
أجابت، بتعال ٍ ...
نعم ...
فتحت تليفوني، على المحطات التليفزيونية، اللبنانية :
MTV ،
وبدأت أُقّلب الأزرار، الى الجزيرة،
والعربية LBC, NTV وCNN , FOX , ABC CBS وغيرها من المحطات.
وقالت :
Oh my god , you have a better telephone , than mine !!
وصل لي حقي.
إلتقيّت ُ .. بها، منذ مدة، وعرفّت ان لديّ مُدونِّة، وان قُرائي كُثر ...
وكان التواضع، والاحترام، والتقدير يفيض منها، مِدرارا ً ...
من ذكرياتي، العالقة.
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
١٣ أذار ٢٠١٦
0 comments: