يتم التشغيل بواسطة Blogger.

السبت، 4 فبراير 2023

آلهة الحُب وآلهة الجمال. دراسَة تاريخيَّة.

نشر من قبل Faissal El Masri  |   6:50 م

 

آلهة الحُب وآلهة الجمال

دراسَة تاريخيَّة


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :


تأخَّر وتأنَّى في إختيار تخصُّصه، وكان واضحاً وبادياً عليه ميله إلى التاريخ القديم وآداب ومعتقدات الشعوب التي  زهَّت قبل هبوط الأديان السماويَّة  …

وذهب أبعد من ذلك مِن أنَّ إيمانه واعتقاده بالأساطير ترسَّخ في حياته وعقله الأمر الذي أدَّى إلى اختمار فكرة في عقله وهي الغوص والإبحار في معتقدات هذه الشعوب. 

( مُقتبس مِن قِصَّة كراون دايسي، وكريستل ). 

( مِن إصدارات المُدونَّات الفيصليَّة ).  

شخصياً هذا ما قمت به، الهروب بعد تقاعدي إلى هواية كنت أعشقها أيام الصِّبا والشباب آلا وهي قراءة التاريخ والغوص في بِحاره بحثاً عن الأصفاد والأحجار الكريمة. 

وجدت ذاتي في التاريخ. وقد أكرمني بعض الأصدقاء في خلع الألقاب ولكنِّي ما زلت باحثاً ومنقِّباً عن الشخصيات والحضارات والمعتقدات التي سطَّرت بصمات على جبين تاريخ شعوبها.    

مِنْ أبحاثي كانت وما تزال نظرة الشعوب عبر التاريخ خاصة ( العربإلى الآلهة التي كانت تُعبد قبل الاديان السماويَّة، بالإضافة إلى المرأة العربيَّة ومنزلتها عبر التاريخ، كُل ذلك في إطار تاريخي بحت. 

بناء عليه أقول : يجب ألا يغرب عن البال أنَّ الشعوب في غابر الأزمان والأكوان كانت تعبِد الآلهة وهي مؤنث وعلى شكل إمرأة، ويَتَّخِذون أجملهُّن وأعطَرهُّن وأمشقهُّن لتُعبَّد ...

مهما قيل ومهما فرضت علينا الأديان السماويَّة مِن طُقوس وأدعيَّة وصلوات وعبادات

ما زالت تجثم بحنان على قلوبنا آلهة الحُّب

وما زالت ترافقنا في حلِّنا وترحالنا آلهة الجمال

اليوم ساتجوَّل معكم وأُعيدكم إلى الماضي البعيد، ولكنَّه قريب داخل أفئدتكم ..

سأبحث عن آلهة الحُب لأقول لها ...

ما زالت تعاليمكِ ... تُعبد

ما زالت تراتيلكِ... تُغنَّى

ما زالت أُغانيكِ ... تردَّد


أمَّا آلهة الجمال فأقول لها ..

كم ولَّدت جميلات في جنس حوَّاء

كم وهبت من عيونك سحراً للفاتنات

كم زرعت من سنابل شعرك  للفتيات

كم وزَّعت إبتسامات على شفاه السيدات

وكم رصَّعت  لؤلؤً  في أسنان العاشقات

وكم قطفت النجوم لتوزَّع على الحالمات

وكم أرخيت من ظلال القمر لباساً  للأميرات

وكم أشرقت شمساً  في قلوب الأُمهات

وكم أعطيت حناناً  في صدور الأخوات


أكتفي يا آلهة الحُّب، هل تسمعي ندائي

ويا آلهة الجمال، هل تدركين حالي.


في المُدونَّة :

ظهرَت فكرة عبادَة الآلهة لأول مرَّة في التاريخ، عند سومر العراقية ومصر الفرعونية، ثم أخذتها الأُمَّم المجاورة كالأكاديين والكلدانيين والأشوريين والفينيقيين واليونانيين والرومانيين ..

حسب الأساطير القديمة التي وضعها هوميروس، كانت الآلهة على شكل البشَر  من حيث الصورة ومن حيث الخلق

كان يقول  الفيلسوف اكسانوفان :

أنَّ الناس هم الذين خلقوا الآلهة على شاكلتهم وصفاتهم وهواهم ثم عبدوها ..

ثم تطوَّرت فكرة الآلهة، فمنهم من اعتبرها أرواحاً لطيفة ومنهم من جعلها أجساماً نورانية .... 


  - في معجم الأساطير اليونانية والرومانية ( منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي في دمشق، أعداد سهيل عثمان وعبد الرزاق الأصفر )

  - وفي موسوعة الأساطير العربيَّة أعداد شوقي عبد الحكيم.

  - وفي كتاب الألوسي  بلوغ الأرب في معرفة احوال العرب.


كانت أفروديت آلهة الجمال عند اليونان

كانت عشتروت آلهة الجمال عند البابليين

كانت إيزيس آلهة الجمال في مصر

كانت فينوس آلهة الجمال عند الرومان

كانت العزَّى آلهة الجمال عند العرب.  


اعتبرت الأساطير أنَّ  آلهة الجمال هي الأُنموذج الأعلى للجمال الأنثوي المعبودَة قرينة الشمس رمز الخصوبة والأمومة فهي بشعرها الليِّن الغزير الذي ترسله على متنيها تفوح منه ريح المِسْك والعنبر والطيب وبحركتها الأنثوية المغناج  تظهر وكأنَّها من بنات الخدور.  

أمَّا جِسْمها الممتلئ  وبطنها الخميص  وأوراكها الثقيلة وعروقها التي يترقرق فيها الشباب النضر فهو  جسم شابة ممتلئ بالنضارَّة والحيويَّة ممَّا يزيدها غنّى وخصوبة ..


وقد إعتبر الأصمعي، وغيره ما ورد من سجِلَّات  الأساطير، أنَّ آلهة الجمال كان فيها البياض والحُسن والبهجة، وأضافوا صفات لآلهة الحُّب الطرَب والسرور واللهووأنَّ  النظر إليها يجلب الفرح ويُخفف من أوجاع الحُّب والعشق، واعتقدوا أنَّها  تثير غرائر الجنس لطغيان أُنوثتها لما تسببه من سِحْر  على الرجال ..


 أمَّا الشعراء فكان وصف ثغر الآلهة ( الجمال والحُب ) باسم، ونبعٌ  للخير المطلق،  ومصدر لماء الحياة، وقد اعتبروا في وصفهم  لمعبودتهم كل مايشبه الآلهة في كون رضابها، كالخمر المعتَّق  وهو عنصر مقدَّس لأنَّه يُمثِّل دم الآلهة أو  العسل المصفَّى ذي الطبيعة المُقَدَّسة لأنه يؤدِّي الى النشوَّة الروحيَّة كما يصدر عنه رحيق الحياة  ..


اتفقَّت جميع الأُمم في أساطيرها على تشبيه المرأة  للآلهة ( جمال أو حب ) لأنَّ الآلهة كانت على شبههم  كما أسلفت سابقاً، فتحوَّلت المحبوبَة إلى شذىً  وعطراً  وثغرُها كثغر الآلهة فيه خليط من المِسْك والكافور والاقحوان وجعلوا فمها أطيب رائحة وأذكى عطراً ..


وقد اختلطت في الأساطير التفرقَة بين آلهة الجمال  وآلهة الحب ..

فإن نقُصت صفة مِن الأُولى زيْدت على الثانية ..


في القرآن الكريم هناك  ذِكْر  لهذه العبادة التي كانت لا تزال حيَّة في الأذهان إلى  عهد قريب في الإسلام،  حيث يقول تعالى

( أفرأيتم اللَّات والعزَّى ومناة الثالثة الأُخرى )

وأخيرا وليس أخراً، وكيف يكون أخراً ما دام الحديث عن المرأة، وما دام الحديث عن الآلهة، والحديث يطول

ولكن، أترك للقارئ العزيز كيف كان :

حال الشعوب التي عبدَت آلهة الحُّب ..

وحال الأُمم التي عبدَت آلهة الجمال ..

في غابر الأزمان والأكوان ..

وما نحن عليه اليوم ..

فلا أرى تناقضاً بين الأمس واليوم ..

لا بل أرى تطابقاً  في وصف الحبيبَة أو  الزوجَة،  بأنَّها ملكة للجمال  بدلاً  مِن أن تكون آلِهَة ..

وغالباً ما نقوم بخلع آلِهَة  الحُّب  ونُجلِسْ  مكانها من نعشَق أو مَن نُحِب

وننزَع صولجان آلهة الجمال من يدها لنعطيه إلى حبيبتنا ...

ونسرِق التاج من رأس آلهة الجمال  لنزَّين به رؤوس ملكات الجمال في عالمنا هذا





فيصل المصري 

أُورلاندو  / فلوريدا


شباط ٢٠٢٣م

المرجع : المُدونَّات الفيصليَّة

كتاب : أعلام وحوادث وشخصيات تاريخيَّة

الطبعة الاولى : حزيران ٢٠١٨م

بيروت / لبنان

اللوحة الفنيَّة  مِن رسم الفنانَّة التشكيليَّة والأديبة المميزة والشاعرة الصديقة جومانة أبو مطر

عضو في عِدَّة جمعيات فنيَّة وثقافيَّة ونسائيَّة

بعقلين / لبنان 🇱🇧 



هناك تعليق واحد:

  1. حضرة المؤرخ د. فيصل المصري شكراً على المدونه الفيصليه في الدراسة التاريخيه لألهة الحب و الجمال .. وكم تزاحمت الأساطير وكم فُرضت طقوس من خلال الأديان وكم تباهوا بألهة الحب والجمال //
    مقال مهم وغزير المعلومات …
    ويكفي مسك الختام للمدونه بإختيارك لوحتي والإضائة الجميله ..
    والف مبروك كتابك ( أعلام و حوادث وشخصيات تاريخية )
    الصادر عام ٢٠١٨ من بيروت
    تقديري لإنتاجك الثقافي التاريخي المميز 🇱🇧📚

    ردحذف

Blogger Template By: Bloggertheme9