يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

الموحدُّون الدروز، والمملكة العربية السعودية ...

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  6:48 م


الموحدُّون الدروز ..
والمملكة العربية السعودية. 
 -المُقَدِّمة :
هذه الْمُدوّنة ستبحَّث في العلاقة بين الموحدُّون الدروز، والمملكة العربية السعودية من الناحية التاريخية، أي منذ أوائل القرن الماضي بعد زوال الامبراطورية البائدة الى الابد والمُتمثلَّة من حُثالة قبائل أسيا الوسطى، بني عثمان الذين محُّوا تُراث القبائل العربية العابقَّة صيتا ً وعِزة ً، وأنفة ً في شبه الجزيرة العربية، وما حولها من بلاد الشام ..
وجريا ً على عادتي، أن لا أتطرَّق الى مسائل سياسيَّة آنية تطفو على سطح الأحداث العربية، كلما أكتب عن موضوع يدِّق الأُذن طنينا ً، طالما أعرف أنه يُوجد أساطين، وجهابذَّة، ومُنظرِّين  من لبنان، يُبحرون في الأحداث الانيَّة، دون بوصلة او مُستند تاريخي ..  
هذه الْمُدوّنة ستتناول بصورة موضوعيَّة وتاريخية، العلاقة ما بين المملكة العربية السعودية والموحدُّون الدروز ...
- تمهيد :
مِن الثابت تاريخيا ً أن تسمية بني معروف، باتَّت ملاصقة، ومرادفَّة، وملازمة للموحِّدون الدروز ..
وهذا يستتبع أن بني معروف، إسم ٌ لكلِّ إنسان يُعْرَف ُ بأنه صاحب فضل، وإحسان، ومساعدة، ولا ينسى المعروف أبدا ً، ويعتبره دينا ً ملازما ً طيلة حياته ..
وفي الأدب الديني، والاخلاقي ل بني معروف أنهم يَحُثُّون النَّاسَ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وعَلَى الإِحْسَانِ، وَالخَيْرِ، ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينهون عَنِ الْمُنْكَرِ ..
  - هذه المُقَدِّمة، والتمهيد أردت بهما قبل ان  أدخل في بحث العلاقة بين الموحدُّون الدروز، والمملكة العربية السعودية، حتى أؤكد أن الموحدُّون الدروز لا ينسوا معروفا ً أُعطي، وأُسدي لهم، مهما طال الزمن ..
 - العلاقة التاريخية بين الموحدُّون الدروز، والمملكة العربية السعودية :
لمَّا عرض الفرنسيون على سلطان باشا الأطرش الاستقلال بالجبَّل، وتشكيل دولة مستقلة يكون هو رئيسها مقابل وقف الثورة، رفض بشدة مصرا ً على الوحدة الوطنية السورية .. 
قامت السلطات الفرنسية بمضايقة سكان الجبَّل وإزداد الضغط على الثوار في سورية، فلجأوا إلى الأزرق في جنوب الأردن، حيث بدأوا بشَّن الغارات على القوات الفرنسية ..
إلا أن قوات الانتدابين، الفرنسي والبريطاني حاصروا الثوار وقطعوا عنهم الماء نهائيا ً، وبدأ زخم  عمليات الثوار يخبو بسبب، قلة السلاح، فعرضَّت فرنسا عليهم الاستسلام وحكمَّت بالإعدام على سلطان باشا الأطرش، فرفض الاستسلام ورفض تسليم السلاح، وقرر الرحيل بمن معه من رجال  إلى وادي السرحان في الجوف، حيث طلب الإذن من الملك عبد العزيز بن سعود بالنزول في دياره فأتاه الجواب من الملك عبد العزيز آلِ سعود، (أن إدخلوا على الرحب وَالسَّعَة )..
وبقي سلطان باشا الاطرش هناك من العام ١٩٢٧ الى العام ١٩٣٢ مع حوالي  الف او أكثر من رفاقه .. 
يظهر من ذلك تاريخيا ً ان دور الملك عبد العزيز آلِ سعود المؤسس للمملكة العربية السعودية، كان واضحا ً وجليا ً في إيواء الثوار الدروز، أثناء الثورة السورية الكبرى ..
 - وفي ذلك يقول الامير شكيب إرسلان أحد ملهمي الثورة السورية الكبرى عن  تلك الفترة من العام 1925م. 
 "ثم أنني بعد ذلك إطلَّعت على بعض مراسلات سريَّة أكدت لي أن إبن سعود لا يفرِّط في حقوق العرب وانه باذل الجهد في تقليص النفوذ الأجنبي في الجزيرة العربية ".

 - وأضاف الامير شكيب أرسلان في العام 1930م. 
ولولا أن قيَّض الله عبد العزيز بن سعود لصيانة الاستقلال العربي في قلب الجزيرة العربية لكانت سيوف الإفرنج تعمل الآن في رقاب العرب، بين حائل وبين الكويت، والأحساء .. 

 - أمَّا المؤرخ السوري أمين سعيد في كتابه تاريخ الدولة السعودية عن الملك عبد العزيز : "ونالت ثورة سورية الكبرى سنة  1925 1927 على فرنسا الكثير من مساعداته المادية وفتح أبواب بلاده الشرقية، والقريبة من الحدود وهي الجوف، وسكاكا، وقريات الملح للمجاهدين السوريين، فنزلوها آمنين "..
وفي روايته عن الدخول الى الاراضي السعودية، يقول الامير شكيب أرسلان :
 " ولما أنذر الانكليز الثوار السوريين بمغادرة الأزرق أو يستسلموا إلى الفرنسيين إضطر نحو ألف نسمة إلى الاستسلام، ولكن شقيقي عادل وسلطان باشا الأطرش وغيرهما من القُوَّاد أبوا الاستسلام وقالوا للانجليز :
" نحن قاصدون إلى ارض إبن سعود فليس لكم أن تلحقونا إلى هناك وليس لكم في ارض إبن سعود أدنى يد علينا "..
فساروا إلى وادي السرحان وإنتجعوا واحة النبك وتفيأوا في ظلال تلك الراية العربية الحقيقية وكانوا نحو ألف وخمسمائة نسمة، ولولا ظل إبن سعود لما قدروا أن يستقروا في مكان ولضاقَّت عليهم الأرض بما رحبت، فلا يقدرون أن يدخلوا سورية إلا إذا طلبوا الأمان من الفرنسيس ولا فلسطين، ولا شرق الأردن ولا العراق تقدر أن تقبلهم ..
وفي رواية الامير شكيب إرسلان، خير دليل وخير شاهد ٍ من أهله ..

 - نظرة الملك عبد العزيز آلِ سعود في الموحدِّين الدروز، والاعتماد على إخلاصهم ومشورتهم ..
منذ قيام المملكة العربية السعودية، مثلها مثل الإمارة الاردنية الهاشمية ومن بعدها المملكة الاردنية الهاشمية، كان للموحِّدون الدروز الدور الأساسي في توَّلي المناصب الرفيعة والأساسية، وقد سبق وذكرت في إحدى مُدوِّناتي عن اول رئيس حكومة في إمارة شرق الاْردن، السيِّد رشيد طليع الذي ينتمي الى طائفة الموحدُّون  الدروز من لبنان ..  
أمَّا الملك عبد العزيز آلِ سعود فقد أخذ له  مُستشارا ً شخصيا ً مُخلصا ً من طائفة الموحدُّون الدروز، هو اللبناني فؤاد حمزة، الكاتب، والدبلوماسي، والباحث، الذي بدأ في العام  1926 مترجما ً للملك، ثم أصبح وزيره الاول وأول سفرائه، ومستشاره الخاص حتى وفاته .. 
وقد تكلَّم عن هذا المستشار الثقَّة، الكاتب الكويتي سامي النصف، في مقال جدير بالاحترام عن الموحدُّون الدروز، كتبه بعنوان :
 "إياكم وبني معروف " 
نقرأ في نهاية المقال أن الدنيا عندما ضاقت على ثوار الشام آنذاك بقيادة الأمير سلطان باشا الأطرش "فتح لهم الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه أبواب بلده، لذا عقدوا مؤتمرهم في النبك بوادي سرحان بالمملكة عام 1928 وبقي الثوار 5 سنوات بالمملكة، وكان أول سفير سعودي ومستشار الملك والقائم على شؤون الخارجية السعودية هو السعودي من أصل لبناني فؤاد حمزة، وهو من دروز لبنان، وأحد أشهر أبناء بني معروف ".
وفي التاريخ الحديث جدا ً، عندما كان الملك سلمان، أميرا ً على الرياض، إستقبل أحد أبناء المستشار فؤاد بك حمزة، وهو الدكتور عمر، وقلده وساما ً ..
وفي ذمة التاريخ الصحيح والثابت ..
وَمِنْ باب الوفاء أيضا ً ..
وَمِنْ أُصول اللياقات المعروفة عن آلِ سعود ..
كان آلِ سعود عندما يتحدثون عن مستشار الملك عبد العزيز،  يُطلقون عليه لقَّب فؤاد بك حمزة، وللمقربين هو "أبو سامر" إلا أن إسمه الكامل كان، فؤاد بن أمين بن علي حمزة، المولود  في قرية  "عبيه" القريبة من مصيف "عاليه" الجبلي في لبنان ..
وإذا عرَّفوا عنه، يقولون  أنه  من عائلة درزية يصفونها بعريقة، من أصل قحطان، عرب الجنوب ..
كان التقدير الذي لقيه مستشار الملك عبد العزيز، أن مُنح الجنسية السعودية، مع لقب سفير، وكان أول منصب سفير للمملكة الناشئة.
أخيرا ً ..
لا يسعني إلا أترك لاخواني من الموحدِّين  الدروز، أن يعودوا الى ذاكرة التاريخ، في العلاقة ما بين المملكة العربية السعودية وبينهم، لان ما بُني على الاحترام والثقة هو الصحيح، وما بُني على أقاويل، هو باطل وغير جدير بالسير والعمل به .. 

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٣ تشرين الثاني ٢٠١٧


هناك تعليق واحد:

  1. الله يحمي المملكة وأهلها ويديم رأيتها مرفوعة للحب والأمان والسلام

    ردحذف

Blogger Template By: Bloggertheme9