يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأحد، 5 نوفمبر 2017

رجع بِخفَّي حنين ..

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  5:48 ص

إستقالة رئيس حكومة لبنان ..
سعد رفيق الحريري ..
وعلاقته بالمثل المشهور ..
ورجِع بخِفَّي حنّين ..

يطيب لي وانا أكتب عن بلدي الحبيب، العنيد والعتيد أن أسترجع بعض الاقوال والامثال المشهورة منذ عبقرية العرب ما قبل الاسلام، الى جاهليتهم اليوم ...
فليعذرني القاريئ العزيز إن قلت عبقرية العرب قبل الاسلام، لأن الأمثال والحِكَّم كانت من عندهم، ومن مهد حضارتهم التي سُحِقَّت ومُحِقَّت حتى إبتلى العرب اليوم بطوفان من جاهلية العلم، والمعرفة، والثقافة، والاخلاق  وما أدراك في بطولاتهم في سبر أعماق وغور، وهول التاريخ، ونبش قبور الفتَّن، بدلا ً من الإنطلاق الى المستقبل المنشود ..
هذا لا ينطبق على بلدي المقطوع قطعة ً وحيدة، فريدة من السماء فحسب، بل ينسحب الى كل البلاد العربية التي تنطُّق بالضاد ..
ألمهم بعد هذه المقدمة الهمايونيَّة ..
أن أسترجع ما قلته منذ سنة بالتمام، والكمال يوم أجمع نواب الأمة على إنتخاب العماد الجنرال ميشال عون رئيسا ً للجمهورية، إذ قلت وانا أسير في شوارع وأزقَّة أُورلاندو، ( ضيعة لا بل دسكرَّة، في ولاية فلوريدا لا ماء ولا كهرباء ولا طرقات تصلها ) قلت يومها ..
وكادَّت مِيريام كلينك، وعلى قاب قوسين او أدنى ان تصِّل الى حلق وسُدَّة الرئاسة اللبنانية ..
لماذا قلت هذا المثل الشهير، كادَّت وعلى قاب قوسين أو أدنى ..
لأن مِيريام كلينك، ( لا اعرفها ) ..
ولكن حسب غوغل هي :
تُبْدع في تعريَّة جسدها ..
وتُبهِر في  إظهار مفاتنها .. 
وفي إعلان ترشيحها، او رمي ورقة بإسمها في صندوق الاقتراع، كان القصد منه، تعرِّية نواب الأمة .. حيث ظهروا على حقيقتهم، أمام الملأ .. 
ونتيجة ذلك، قلت كادَّت مِيريام كلينك على وقاب قوسين او أدنى أن تصبح رئيسة لهؤلاء النواب الذين باتوا عُرَّاة امام الشعب لأنهم قالوا بالعماد الجنرال الذي دانت وخضعت له عصا الماريشالية ..

 -ما لم يَقُله أبو نوَّاس، الحسن بن هانيء الحكمي الدمشقي، في الخمرَّة.  
 - ما لم يقرٍّضه .. جرير، بن عطيِّة الكلبي اليربوعي التميمي، في الهجاء، وغزَّل العيون. 
 - ما لم يكتبه .. الفرزدَّق، همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي في الفخر، والمدح، والهجاء.   

 - ما لم يفعله .. الحداد بالسدَّان. 
أما الان أقول لنفسي ..
راحِّت السكرَّة ..
وإجِّت الفَكرَّة ..
( أرجوكم، عليكم اللفظ بالدارج لا النحوِّي )
س.  بالفتحَّة ..
ج.  بالكسرَّة ..
وإكسر، يا شعب لبنان الأبِّي، وإفتح ما شئت ..
لأنك تتكلَّم في حضرة جهابذة، وعباقرة، مُشرِّعي الأمة في القانون والدستور، وعلم البلاغة، وفصاحة اللسان ..

المهم ..
راحِّت السكرَّة، وإجِّت الفكرة ..
وما علاقة ذلك بإستقالة دولة الرئيس، الشيخ سعد بن رفيق الحريري ..
بالمثل المشهور ..
رَجِع بخفَّي حنين ..
الجميع يتذكَّر بلاغة، وفصاحة، ورصانة، وأمانة، وأحلام، المَّن والسلوى للبيان الوزاري الذي تفوَّق، وتفوَّه به دولة الرئيس ..
لأنه ..
كادَّت تقطر من البيان الوزاري ..،
ذبذبات كهربائية الى كل المنازل ..
وقطرات من المياه، الى مواسير كل البيوت ..
وطرقات معبدَّة الى  عواصم المحافظات، والقرى النائية، والتائهة ..
وإلباس الأمن السائب بعباءة من القصَّب الْمُطرَّز بالذهب، والياقوت، والعنبر، والزمرد، وفيروز الشطآن ..

وكما كان يقول الرئيس الأميركي الْمُتمكن، الذكي دونالد ترامب أنه إذا وصل الى البيت الابيض، وإستراح وإنجعَّى على كرسي المكتب البيضاوي، فإن الشعب الأميركي ...
سيمِّل من الانتصارات، على وفرتها، وكثرتها ...
وهذا كان حال البيان الوزاري لحكومة دولة الرئيس الحريري ..
ظن الشعب اللبناني ..
انه سيمِّل ايضا ً من قوة الكهرباء، ومن وفرة المياه، 
ومن العقول النيرَّة للوزراء، ويغني لبنان يا قطعة سما، وغيرها من الاغنيات حيث عجزِّت ذاكرتي عن تعدادها ..
بعد هذا الإستطراد المُمِّل ..
وكأني نبشت قبر الجاحظ، وأحييّت روحه العطرَّة في الترداد، والاستطراد، ولكن حلاوة أسلوبه في هذا النمَّط من السرد، تعطيك الراحة الفكرية، وتزيدك همَّة  ونشاطا ً ذهنيا ً..  عكس ما أفعله الان، وأُذكركُّم بالجنرال، والشيخ ..
لنعود، والعَّود أحمدووووووا ...
الى حنين ..
ذلك الإسكافي الذي يصنع الأحذية، والخفاف ..
وفي ذات يوم جاء حنين إعرابي، نزِّق الطباع، بخيل، وشحيح، وقبيح في المنظر ..
جاء ليشتري من حنين خفَّين. 
لم يقبل الأعرابيّ بالسعر الذي عرضه حنين ثمنا ً للخِفَّين، وأراد أن يساومه، ويُكاسره حتى يُنقص في الثمن ..
بقي الأعرابيّ .. يُساوم حنين، حتى زهِق منه وتضايق ..  
وبعد مناقشة طويلة، وعريضة، ومُمِلَّة  إنصرف الأعرابيّ،  وهو يُتمتِّم ولم يشتر ِ الخفين ..
تضايق حنين، وإستشاط غضبا ً ..
وأراد أن يُغيظ ذلك الإعرابي .. 
فكَّر في خدعة يخدعه بها، ويسخر منه .. 
ركب الأعرابيّ جمله وإستعد للعودة إلى قبيلته ..

أسرع حنين إلى الطريق الذي سيمُّر منه الأعرابيّ في طريق عودته ..
ووضع أحد الخفين وسط الطّريق .. 
وسار مسافة أُخرى، ثمّ القى الخف الآخر في مكان أبعد قليلا ً ..
مرّ الأعرابيّ  وهو عائد الى قبيلته .. 
رأى في الطريق  الخف الأول ..
أوقف الأعرابيّ جمله، ونزل ..
وأمسك الخِف، ونظر إليه متعجّبا ً ..
وقال : ما أشبه الخف هذا،  بخف حنين الإسكافي .. 
يا خسارة ..
ماذا يفيد هذا الخف وحده .. 
لو كان معه الخف الآخر لأخذتهما .. 

ترك الأعرابيّ الخف في مكانه، لانه لا حاجة له بخف واحد ..
وركب جمله، وإستمر في طريقه حتى وصل إلى الخف الثاني .. 
نزل الأعرابيّ من فوق الجمل وأمسك الخف الثاني .. 
وقلّبه في يده وقال : 
يا للعجَّب ..  
هذا الخف أيضا ً يشبه خفّ حنين تماما .. 
يا لسوء الحظّ ..
 لماذا تركت الخف الاول ..
لو حملته، وجلبته معي، لنفع الخفان واستفدت منهما ..
ينبغي أن أرجع فورا ً، وأحضر الخف الأول .. 
ترك جمله، ورجع ليجلب الخف الاول ..

وكان حنين يُراقب الأعرابيّ من خلف تلّة قريبة، وأكمة تُشرف على طريق الأياب، والعودة ..  
لينظر، ويُراقِب ماذا سيفعل هذا الاعرابي .. 
فلمّا رآه قد عاد ليحضر الخف الأول ..
أسرع حنين وسرق جمل الاعرابي ..
بما عليه من بضاعة وإختفى في البراري ..

رجع الأعرابيّ فرحا ً مُهرولا ً يحمل الخف الأول ..
فوجد الخف الثاني على الأرض، ولكنه لم يجد جمله .. 
حمل الخفين وعاد إلى قبيلته ..
تعجّب القوم عندما رأو الأعرابيّ يرجع إليهم .. 
ماشيا ً على رجليه، وليس راكبا ً جمله .. 
سأله قومه : 
بماذا جئت من سفرك ؟

قام الأعرابيّ  بعرض  الخفين على قومه .. 
 وأجابهم ..
جِئْت .. بخفَّي حنين  ..
ضحك القوم وسخروا منه ..
لانه  خاب مسعاه، وخسر جمله ..
وعاد إليهم،  لا يحمل إلاّ خفّي حنين ..
وظلّوا يرددون : 
رجع بخفّي حنين ..
وهكذا كانت إستقالة الشيخ سعد الحريري ..
بعد عودته الى المملكة العربية السعودية ..
كفى إستطرادا ً يا قوم ..
يا صديقات ..
وَيَا أصدقاء ..
لا تنسوا جمالكم ..
وإلا ..
رجعتم ب خِفَّي حنين ...

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا 
٥ تشرين الثاني ٢٠١٧

0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9