يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الثلاثاء، 9 أغسطس 2016

إهداء، الى الأهل والاصدقاء في جبل العرب .... سوريا.

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  4:40 ص

إهداء الى :
الأهل .. والأصدقاء في جبل العرب ...
في هذا الليل المُكفهِّر ...
وفي هذه المِحنة الظالمة ...
إستعينوا، ب نجمة مِن نجومكم، 
التي أضاءت سماء الشهامة، والعزّة، والإباء لأهلكم في لبنان وفلسطين. 
لأنكم، كُنتُم يا أهلنا في سوريا ...
مرقدا ً... للفرسان ...
إلتقطوا فارسا ً من بُطُون نسائكم ...
مثل :
سلطان باشا الاطرش .. أو أحدا ً من رفاقه ...
او .. إستعينوا بحامل سيف إحقاق الحق ... 

نوّاف غزالي. 
إنه بطل منكم، من سوريا ....

دراسة تاريخية. 

أجمع المفكرون ان الشعوب عامة ً، تتمسّك بأهداب الدين، في الملّمات الخطيرة التي تحيق بهم، سواء كانت أمنيّة، او صحيّة حيث تراهم يزورن الكنائس، ويدخلون المساجد، ويكثرون من زيارات الأضرحة الشريفة، ويميلون الى التقوّى والخوف من الله، والصلاة والدعاء حتى يُجنِبّهم البلاء، ويُضفي على حياتهم الأمن والاستقرار، والعافية في أجسامهم. 
أما أهلنا في سوريا، فإنهم بالاضافة الى الميل الزائد فيما ذُكِر، إنهم يستذكرّون في الليالي الظُّلُمَاء، الحالكة، والظالمة عُظمائهم، ويستفيضون في ذِكْر مآثرهم، ويُمنّون النفس أن تلِّد نساءهم مثل سلطان باشا الاطرش، ورفاقه الشرفاء الذين أوصلوا سوريا، قلب العروبة النابض الى الاستقلال في بدايات القرن الماضي، والى رفع اول علم عربي بعد ان بادت الى غير رجعة الإمبراطورية العثمانية البغيضة، وغاب عن العالم نِظام الانتداب الفرنسي. 

اليوم،  أستذْكِر معكم يا أهل سوريا الحبيبة بطل من الأبطال الذي غابت سيرته العطرّة عن المُدوّنات الصحيحة،  في تاريخ العرب القديم والحديث، لان التصنيف، والتأريخ عند من يمسكون زِمام الأمور لدى عرب اليوم، يعتمدون فيه غير المقاييس التي يعتمدها الغرب في تسمية الأبطال، والعُظماء في بلادهم. 
ولكن من الأمور، والثوابت الواضحة، والشريفة ان نوّاف غزالي ذلك السوري من محافظة السويداء في سوريا، هو بطل من الأبطال الذي أجهز، وكتم انفاس أديب الشيشكلي، الى الأبد ذلك الطاغية الصغير، إذ لحق به الى زاوية من زوايا العالم، وهو مُختبِأ ٌ، فأدخله حشراً  في مزبلة التاريخ. 
أما ما هو من غير الواضح، والذي فيه لُبْس وتعتيم تاريخي هو، دور هيئة اركان الجيش السوري إبان تَوَلَّي الشيشكلي رئاسة سوريا، ومن بعده، حيث سيتبين في سِياق هذه المُدّونة الهجوم السافر لهذا الجيش على منطقة السويداء. 

من هو نوّاف غزالي :

هو قاتل أديب الشيشكلي الذي حكم سوريا في الفترة ما بين  ( 1949 م حتى شباط  1954 م). 
 انتقاما من ممارساته العسكرية ضد أهله في منطقة جبل العرب ( محافظة السويداء ). 
الشيشكلي، كان ضابطا ً في الفترة التي سمّاها الغرب، فترة الانقلابات، لان الضابط السوري في تلك الأيام إذا كان ليله طويلا ً بسبب القلق الذي ينتابه، كان يتسلَّى فجرا ً بان يقوم بإنقلاب على ضابط زميل له في السلطة. 
أديب الشيشكلي، هو الضابط الذي إنسلخ عن سربه، كغيره من الضباط، وقام بإنقلاب عسكري أطاح بسامي الحناوي، وكان يتميّز بعقلية ديكتاتور جاهل، ومتعطّش الى قتل كل من يعارضه الحكم. 
توّجس الشيشكلي خِفية بأن  جبل العرب، ( محافطة السويداء ) بدأ يُخزٍّن السلاح عن طريق الأردن، وآخر عن طريق العراق وذلك تهيئة ً  للقيام بانقلاب ضده، يشترك فيه أهل جبل العرب مع آلِ  الأطرش بتنسيق مع المملكة الاردنية  الهاشمية. 
إتخذ قرارا ً مُتسرِّعا ً، فيه جهل ٌ مُطبَّق بتوقيعه على أمر بإعتقال رمز من رموز الموحدون الدروز، لا بل العرب الشُرفاء سلطان باشا الاطرش، القائد العام للثورة العربية السورية، وهذه من الشِيّم الخسيسة التي يتعامل فيها البعض  في  تكريم عُظماء  العرب. 
وإتخذ الشيشكلي قرارا ً همجيا ً بدخول مدينة السويداء، بالدبابات والمدفعية والطائرات صانعا بذلك ابشع المجازر. 
كان الشيشكلي يقول قبل الهجوم الدنيئ على السويداء : 
أعدائي يشبهون الأفعى. 
رأسها في جبل الدروز، ومعدتها في حمص، وذنبها في حلب. 
دخل الشيشكلي مدينة السويداء  في 31 كانون الثاني 1954. 
بعد ان صدرّت الأوامر إلى اللواء السادس، المرابط في منطقة إزرع في حوران، بأن يزحف على السويداء ويطوّقها، ويعتقل سلطان باشا الاطرش. وبالفعل، جرى محاصرة السويداء في ليلة، 26 و  27 من كانون الثاني، وفي صبيحة ذلك اليوم توجهّت قوة عسكرية إلى قرية سلطان باشا الاطرش ألقرّيا بقصد اعتقاله، ولم تفلح هذه القوة من إكمال المهمة. 

مما لا شك فيه ان الغموض، في الأوامر العسكرية، وتبادل الإتهامات بعد العنف، والمجازر التي أُرتكبت، جعلت زُمرة الضباط يتنصلّون  كل ٌ من مسؤوليته عن هذه الجرائم التي أُرتكبت في حق ألاهالي من الموحدون الدروز،

وقد أيقن الشيشكلي أن زمام الأمور قد تفلت من يده. 
إتصّل سرا ً بالحكومة اللبنانية لقبوله لاجئا ً سياسيا ً.
غادر الشيشكلي دمشق إلى بيروت، في  25  شباط  1954 بعد ان قام بتسليم كتاب إستقالته إلى رئيس الاركان الزعيم (زعيم رتبة عسكرية ) شوكت شقير، وهو ضابط أصله من لبنان، من  قرية أرصون بالمتن الجنوبي، قضاء بعبدا، إنخرط بالجيش السوري مع رِفاق له لبنانيون في تسمية أُطلق عليها جيش الإنقاذ. 
وقد كانت ترتيبات تسوية الاستقالة، لجوئه الى لبنان، ثم المغادرة  إلى السعودية، ثم فرنسا، ومن ثم الى مكان أخر غير معلوم.   
بقي الوضع السياسي في سوريا، ممسوكا ً من العام ١٩٥٤ حتى العام ١٩٥٧ بعهدة هيئة أركان الجيش بقيادة الزعيم شوكت شقير. 
 وفي العام  1957  تسلّم السلطة في سوريا شكري القوتلي، وحُوكم الشيشكلي غيابيا ً بتهمة الخيانة، وما على القارئ العربي ان يتصّور هذه المحاكمة الصورّية، الغيابية لمجرم إما موجود في لبنان او السعودية او فرنسا، وذلك قبل هروبه الى البرازيل.  
لذلك ....
أقول، إن تدوين التاريخ العربي الحديث، في تلك الفترة، دائما ً تفوح منه الروائح الكريهة، وطمس الوقائع، وإن إخفاء الحقيقة هي، ديانة فيها طُقوس ٌ وطُرق يُعرّٓبد فيها، الحُكَّام وأزلامهم من صِغَار الكتّاب، وان المعرفة لا يمكن  التوّصل اليها، بالرغم من قرب حدوثها، الا عن طريق التنجيم، والبحث المُضني، وبسبب هذا تبقى الأحداث التاريخية المهمة هائمة. 
لِذَا تقرأ ان الشيشكلي غادر في  العام   1960 إلى البرازيل  حيث أقام في مزرعة،  وبعد  عشر سنوات  تمّكن البطل نوّاف غزالي من اللحّاق به  الى مكان مخبئه،  وقتله أخذا ً بثأر أهله من الموحدين الدروز.
أما الغموض، فاسبابه عديدة، ومُتشعبّة،  وواضحة، ولم يُعلن عنها إلا تلميحا ً، حيث تقول إبنة الشيشكلي حول هذه المجازر، في تصريح لها بالعام  2012 :
  (إن مسؤولية ما حدث في جبل الدروز ألقيت على عاتق أديب الشيشكلي وحده، كرئيس للدولة، فدفع ثمنها غاليا ً وهو بريئ منها، لأن قائد حامية السويداء وقتها، طالب بتعزيز حاميته العسكرية بعد التظاهرات والاشتباكات التي حصلت في الجبل حيث هوجمت مخافر الشرطة وقُتل وأُسر العديد من عناصرها. 
قام رئيس الأركان العامة للجيش السوري في حينها، الزعيم شوكت شقير وهو المسؤول عن ذلك الأمر، بإرسال حملة عسكرية بقيادة رسمي القدسي، لتدمير القوى الثائرة. 
وللأسف فإن ملابسات الأحداث في ذلك الوقت ألقت التبعّات على عاتق الشيشكلي).
ملاحظة :
نص الحديث لابنة الشيشكلي نقلته حرفيا ً .... وفيه ايضا ً غيوم مُلبدّة، كالتنصُّل من مسؤولية الموافقة او التوقيع على أوامر قيادة اركان الجيش، بالزحف والهجوم على السويداء، ولهذا السبب ذكرت في بداية هذه الدراسة الغموض في دور قيادة اركان الجيش السوري. 


كيف اغتال نواف غزالة، الشيشكلي ؟
يقول حسن سليمان غزالة أحد أقارب البطل :  
توجه نوّاف غزالي  إلى المزرعة التي يُقيم فيها أديب الشيشكلي،
 وقال له : 
إذا صدر عفو رئاسي عنك، هل ستعود إلى سوريا، 
فأجابه الشيشكلي : 
طبعا ً ... سأعود. 
فقال له نوّاف غزالي : 
أهلي شهداء، ولن تستطيع العودة، وأنا حي. 
 فأطلق عليه خمس رصاصات من مسدسه. 
 قائلا له : هذه الرصاصات من سلطان باشا الأطرش.

وقد حيكت عدة روايات شعبية عن هذا البطل، ولم تجد رواية رسمية قامت بها الدوائر الرسمية لتكريم هذا العمل البطولي.  
لذا تقرأ،  قيل أن المقدم سليم حاطوم، قام بإعطاء نوّاف غزالي الضوء الاخضر بملاحقة الشيشكلي. 

بعد حادثة القتل، يقول قريب نوّاف غزالي :
 أنه  سلّم نفسه للسلطات البرازيلية، بعد 18 يوما ً ...
حُوكم نوّاف غزالي ونفِّذ بحقه حكما ً لمدة ٥ سنوات. 
وفي سِياق المحاكمة،  سأل القاضي نواف غزالي : 
هل انت نادم على مافعلت ؟ 
فأجاب نوّاف : 
كلاّّّّ يا سيدي، لست نادما ً، فان مثل هذا المجرم لا يستحق الحياة، ووجوده عبىء ثقيل على كاهل البشرية، والانسانية، بأجمعها ولا يجب إعتباره انسانا ً مطلقا لأنه لا ينتمي الى طبيعة البشر ، وهو خارج عن كل ما يمُّت للانسان، والانسانية بصلة، وتأكد يا حضرة القاضي انه لو قام عشرين مرة من الموت، فإني سأقتله، لانه مجرم، وسفاح، وعميل، وسافك لدماء الأطفال، ومُحلّل إبادتهم، كما انه ذلّل الشعب العربي السوري وشوّّّّه صورة العرب، امام العالم،  وإنه طعن العروبة في قلبها وهو يدّّّّّعي حمايتها والتكلّم بإسمها.  

توفي نواف غزالي في  20/11/2005 عن عمر ناهز فيه الثمانين عاما ً وأُعيد جثمانه الطاهر من البرازيل ليدفن في مسقط رأسه.  
وصل جثمانه إلى السويداء، يوم الأربعاء في   30/11/2005 ودفن يوم السبت  3/12/2005، في مسقط رأسه في مَلح. 
وقام الاوفياء من عشيرته، واهله بأن حملوا جثمانه في طريقه الى مثواه الأخير بزيارة الى شهداء الكفر، ومن ثم الوقوف امام  ألنصب التذكاري لـسلطان باشا الأطرش. 
يعتبر الموحدون الدروز نوّاف غزالي، بطلا ً ورمزا ً للشهامة، والشجاعة وما زالوا يغنّون له في الأعراس، والأفراح، والمواقف الوطنية لأنه ثأر لهم  ويقولون فيه ما يسمى في جبل العرب "الجوبيات".

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٩ اب ٢٠١٦






هناك تعليق واحد:

  1. مقال هام وموفق جدا رحم الله ابطال بلادنا : السلطان باشا الاطرش , نواف غزالي ,والدكتور امين رويحة , وكل من وقف ضد المجرمين ايام ثورة جبل الدروز السورية !

    ردحذف

Blogger Template By: Bloggertheme9