يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 5 أبريل 2018

قِصَّة كراون دايسي، وكريستل .. ( الجزء السابع )

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  1:27 ص

قِصَّة كراون دايسي، وكريستل ..
الجزء السابع ..

الفصل العشرون .. 


أقبل  ربيع العام ٢٠١٥ على الدكتورة كريستل، الام شبيها ً بالربيع الجاثم  على  أُمَّة  بلاد  العرب .. 

في بلاد ما بين النهرين، جرّت الدماء أنهارا ً، وعلا عواء الكلاّب المسعّورة، وماتّت الضمائر ميتّة الجيّاف، وأشرأب التزمّت الديني، وغرز أنيابه، وأظافره في عقول البشر، فدخلوا الكهوف  نياما ًً .. نوما ً  أبديا ً سرمديا ً ..

أما  الدكتورة كريسْتِّل  الام، سواء كانت  في  باريس، او  في موطّنها الذي كان، لبنان، أقبلّت على الستين من عمرها، وهي تبدو رتيبة، حزينة، قلقّة، شاحبة، شاردة، لا يوقظها الا أمران  :

 - /  مُناقشة أطروحة ابنتها كريسْتِّل  .....، الذي بات بعد عدة  أشهر ..

 - /  وأسئلة إبنتها المتكرّرة، بصورة شبه يومية، عن زهرة كراون دايسي، وعلاقتها بها، كزخات المطر، في ليل عاصف  ماطر، مُكفهّر .. 

الدكتورة كريسْتِّل  الام، تألقت في  فرنسا، وفي بلاد الفرنكوفونية، وشق ّ صيتها آفاق، السماء، وعلّا  نارها أقواس المحاكم .. 

وكريسْتِّل  الابنة، على قاب قوسين ان تنال شهادة الدكتوراه، في علم،  لم يجرؤ غيرها، على سبر غوره .. 

كانت  الدكتورة كريسْتِّل  الام ..
تحلم معظم حياتها، بلقاء  مع  حبيب، لا  يحدث  إلا بالأساطير، والقصص الخرّافية ..

وكانت كريسْتِّل  الابنة، ناشطه جدا ً فى علوم الماورائيات .. 

فتقاطع علم كريسْتِّل  الابنة ..
مع أحلام  الدكتورة كريسْتِّل  الام .. 

كانت كريسْتِّل  الابنة، تلاحظ في أمها حُزن عميق، وتحاول جاهدة ان تُقنعها، بالسفر  في  سياحة  الى الولايات المتحدة .. 

حتى أنها، حرضّت عميد كليتها، وصديق والدتها، بان يُجبّرها على قبول الدعوة التي وجهتها اليها، مؤسسة مارتن لوثر  كينغ، لحقوق الانسان، في ذكراه السنوية .. 

وعوضا ً عن السفر الى أميركا، آثرت السفر الى مرقد  العم  فؤاد في  ذكرى  موته .. 

رافقت كريسْتِّل  الابنة، والدتها الى لبنان، خوفا ً وشفقة عليها، لانها كانت تلاحظ وتراقب والدتها، قبل ايام من السفر، انها خرجت الى مكتبها في يوم العطلة، فلحقتها لترى مشهدا ً لم تألفه في حياتها :

أمها تبكي ..
وتقّلب  صفحات  الكتّب ..
وتنزع  الازهار الذابلة ..
 وتقوم بوضعها داخل صندوق خشبي صغير، بطريقة فاق ترتيبها  كل  تصّور ..

فتقدمت الى والدتها، وأطبقت عليها تغمرها، وتقول لها :

ما بك يا أمي ..
يا حبيبتي ..
لماذا، تنزعين هذه الازهار، من  بين  صفحات الكتب ..

إن عمر هذه  الازهار ..
يفوق عمري  ..
لماذا، لماذا ..

بكَّت الام، وبكَّت الابنة ..

وأمسكت يد والدتها، وخرجن سوية الى الشانزليزيه، يمشييّن، ويبكيّن، والصندوق الخشبي الصغير، مُقفل بأحكام  على  صدرها  ..

فور وصولهن الى مطار بيروت صباح ذلك النهار الربيعي، طلبت والدتها من سائقها الصعود فورا ً الى قرية حبيبها، حيث  مرقد  العم  فؤاد ..

لم تتمالك كريسْتِّل الابنة، العاشقة لوالدتها، ان تبقى طيلة الوقت، مرمية كل جسمها، وحواسها، وعقلها، على صدر والدتها، وكأنها طفلة صغيرة، تُقبلها، وتُعانقها وتقول لها، ماذا انا فاعلة يا أمي إن غبّت عني، فالشوق الى رائحتُك، وحنانك، وعطفك، لن أجده، في المعمورة، كلها .. 

قولي لي :
ما بك ؟

لماذا، حلّت هموم الكون على أكتافك ؟
لماذا، سكنت الاحزان قلبك ؟
إنك  تقتلين حبي لك بعدم البوح لي .. 
أنت تقولي عني،  أسطورة حياتك، التي ستتحّقق .. 
أخبريني ..

لماذا

آثرت القدوم الى هذه القرية في لبنان، على أن تقبلي دعوة  تكريم أعظم  رجل  في  تاريخ  أميركا  الحديث ..
ماذا تنوين فعله ؟

أجابتها، سترين .. 

لما وصّلن الى القرية، ودخَّلن منزل العم فؤاد المقفل، لاحظت ان  أزهار كراون دايسي البرية، قد غطت معظم أرجاء  الحديقة ..

فإنقشعت اساريرها، وطلبت من سائقها، ان يحفر حفرة صغيرة، وقامت بدفن الصندوق الخشبي، الذي حملته من باريس، والذي يحتوي على أزهار كراون دايسي الذابلة ..

وقامت، وقطفت أجمل  زهرة  من كراون دايسي  من الحديقة، وألقتها على الصندوق برفق وحنان، وبدأت بيدها، تلقي التراب على الزهرة والصندوق، حتى  إختفى  كل شيئ ..

عادت ادراجها الى السيارة .. 
ولم تغسل  يديها ذلك النهار .. 


الفصل الواحد والعشرون :


المواجهة ....

بدأ التوتُّر يخيّم، في شهر تموز من العام ٢٠١٥ في المنزل الريفي في ضواحي باريس، حيث وصلت لتوّها كريسْتِّل، ومعها رزمة بريد، تحتوي على ثلاثة كتُّب، كان عميد الكلية قد نصحها بالتمّعن في قرائتها، نظرا ً لان مؤلف هذه الكتّب، هو الاستاذ، القادم من أميركا لمناقشة أُطروحتها، في الاول من أيلول ..  

دخلت كريسْتِّل  غرفتها، فتحت الرزمة، وهالها ان ترى احد الكتب مجددا ً
 بعنوان ....

قصة، كراون دايسي، وكريسْتِّل ..
طبعة جديدة ..

وصورة الغلاف مجددا ً، لوحة زيتية، لنصف  صورة  وجه فتاة،  تُشبه والدتها، عندما  كانت  صبية، يافعة .. 

والغلاف الاخر من الكتاب، باقة من أزهار كراون دايسي على شكل  قلب .. 
اما الإصدار ..

كان في ٢٠ نيسان من العام الحالي ٢٠١٥
اما الإهداء، 
فهو موجه إلى :

 يوم  ٢١ نيسان ..
حيث يتقابل الليل والنهار .. 

لم تلّب ِ نداء والدتها للغداء، بقيت كريسْتِّل  تقرأ، وتقرأ، وتقرأ، وتفّك الألغاز، وتحِّل الشفرات، والرموز .. 

بدأت دموع كريسْتِّل الابنة، تحجب عنها القراءة، وتنفّست الصعداء، لما حلّت :

لُغز، الازهار الذابلة ..

والأزهار، بين صفحات الكتب ..

والمرآة، التي لا تفارق حقيبة والدتها ..

ورسم الزهرة داخل الإطار الذهبي .. 
نظرت الى تاريخين ..

٢٠ و ٢١ 
تاريخ نشر الكتاب ..،
وتاريخ، الإهداء .. 

عرفت كل شيئ، ولكن غاب عنها لغة الأرقام التي تُجيدها والدتها، وتؤمن بها .. 

دخلت والدتها غرفتها، وهي تستعجلها، العشاء بعد ان غابت عن طاولة الغداء .. 

وقالت لها :

كريسْتِّل ، حبيبتي يكفيك هذا النهار من القرّاءة ..

لم تُجِب كريسْتِّل ، لان الدموع ما زالت تبلّل وسادتها، فتقدمت والدتها، ونزعت الكتاب من بين يديها، ورمته جانبا ً الا انها استدركت صورتها، على الغلاف، وتصفّحته بعجلة، ونظرت كريسْتِّل ، الى والدتها والدموع تنهمر ..

وقالت لها :

لا أسئلة عندي ..

زهرة كراون دايسي، عرفتها ..

 ولكن، رقم ٢٠ ورقم ٢١، ماذا يعنيان .. 
 والصورة الزيتية التي تُشبهك، من أين .. 

أريد تفسيرا ً يا، أمي .. 
إنهارت الام، على صدر أبنتها، وأجهشت  بالبكاء ..
وقالت لها، سأخبرك كل شيئ .. 

دخلت الام الى غرفتها، وجلبت حقيبة يدها، وأخرجت منها المرآة، وكان بداخلها ..
 صورة، نصفها موجود ..
 وهي صورة المؤلف ..

والنصف الاخر، صورة غلاف الكتاب ..

اما رقم ٢٠ دلالته ..
أن جدتك، كانت تصّر حتى أخر يوم في حياتها، انه يوم مولدي .. 

أما الحقيقة  في  تذكرة  الهوية ..
 هو يوم ٢١
ماذا تريدين أن تعرفي اكثر .. 

أجابت كريسْتِّل  والدتها .. 
لا شيئ ..

ولكن أود ان أبلغك، أن رفيق الصبا، وحبيب عمرك الذي لم يفارق كيانك، هو الذي سيناقش أطروحتي ..

وقع الكلام كالصاعقة، على الام ..
صرخت كريسْتِّل  بأعلى صوتها .. 
ساعدوني، ساعدوني ..
هب ّٓ جدُّها .. 
ما بك، ما بك ..
نُقلت الدكتورة كريستل الام، الى المستشفى .. 
كما  نُقلت  نضال  منذ  أربعين  عاما ً ...

ولمّا فتحّت عينيها، قالت إبنتها، وهي العالمة القديرة :
اليوم يا أُمي، أصبحت الاسطورة، قصة حقيقية .. 


إنتهى الجزء السابع ..

من قِصَّة كراون دايسي، وكريستل ..

0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9