يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الاثنين، 5 فبراير 2018

ديانات ومذاهب عند العرب، قبل الاسلإم ..

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  6:25 م

ديانات ومذاهب عند العرب ..
قبل الإسلام
الصابئة ..

تمهيد :
سبق وبحثت في مُدونَّة سابقة عن الحنفيَّة، والوثنيَّة وهما من الديانات والمذاهب التي إعتنقها العرب قبل الإسلام ..

هذه المُدونَّة عن


الصابئة ..
أو المندائيون .. ( كلمة آرامية )


 عقيدتهم، وأماكن تواجدهم .. 

 - المُقدِمَّة
الصابئة، وعقيدتها ..

الصابئة هم فئة من العرب، لا يستهان بها زهَّت وإنتشرت قبل الإسلام .. 


قال عنهم شيخ الاسلام، إبن تيميَّة بالرغم من تزمُتِّه وتعصُّبه :

الصابئة نوعان :

صابئة .. حُنفاء .. 
صابئة .. مُشرِكون .. 

الصابئة الحُنفاء، هم فئة  وحدَّت  الله  قبل  ظهور الاسلام ..

وقد إعتبرهم  إبن تيميَّة، بمنزلة  من  كان  متِّبعا ً لشريعة  التوّراة،  والإنجيل، وهؤلاء  حمدهم  الله  تعالى،  وأثنى  عليهم ..

اما الصابئة  المشركون، فهم  قوم  يعبدون  الملائكة، ويقرأون الزبور،  ويصلُّون  ويعبّدون  الروحانيات  العلويَّة .. 
 - تعريف :

يقول  البعض ..
إن  كلمة  صابئة، جاءت  من  الآرامية، أي  تعمَّد إصطَّبغ، او غط َّ او  غطس، وهذه  أهم َّ شعيرة من شعائرهم  الدينية، وهو  طقس  التَّعْميد، أو العِمادَّة ..

أما  كلمة المندائي ( الصابئي )، وهي  أيضا ً آرامية  بمعنى العلم، والمعرفة، والمندائي  هو  العارف، او  العالم  بوجود  الخالق الأوحد.

إذن  الصابئ، هو  المندائي، هو  من  وحَّد  الله ..
كذلك الرجل الحنيف، هو من وحَّد الله ..
كذلك العرفانيون، هم من وحدَّوا الله ..

 - وفِي هذا دلالات واضحة، أن الجزيرة العربية أكتظَّت بقبائل كانت تؤمن بوحدانية الله ..

 - وفِي ذلك أشارة  غير مبهمة، ولكنها واضحة وضوح الشمس سبب معارضة القبائل العربية للدين الإسلامي الذي نادى به الرسول العربي محمد صلى الله عليه وَسَلَّم، من أنه لم يأتِ بجديد، خلاف معتقداتها الدِّينِيَّة في أمور وحدانية الله، وغيرها من طقوس العبادَّة ..

 - الامر الذي أدى الى تسارع الخلاف، وتفاقم القتال، وإشتَّداد الخصام، حيث عنُفَّت المعارك، وأُريقت الدماء، وصولا ً الى تثبيت مقولَّة ( أسْلِم ْ .. تسْلَم ْ ) التي سادَّت وإنتصرَّت ..

أما فيما يتعلق بهذه الفئة من العرب، إن  تاريخ  الصابئة، يلِّفه  الغموض  بسبب  إنغلاقهم  الديني، والاضطهاد  الذي  تعرضوا  له أسوة ً بالاديان الاخرى التي كانت منتشرة في الجزيرة العربية قبل الإسلام، الامر الذي أدى الى ضياع  الكثير  من  كُتبِّهم ..

 - في  كتابه الملل والنِّحَل، للشهرستاني ..
يذكر  المؤلف  ان الصابئة  يوحّدون  الله، ويؤمنون  بتلَّقي  المعرفة  العليا  بواسطة  الروحانيات ..

 - اما  ياقوت  الحمَّوي ..
يقول  عنهم،  أنهم  ملَّة  يصل  عِمقها  الى النبّي  شيت  إبن  آدم .. 

 - إبن  الوردي،  المؤرخ  العربي  الشهير ..
يُرجِع  تاريخ  الصابئة الى  النبّي  شيت، إبن  النبّي  أدم، والنبّي  إدريس ( هرمس).

وقد  أجمع  المؤرخون  العرب  القدماء، أن  كتاب  الصابئة  المُقَدَّس ( كنزا ربا، الكنز  العظيم )،  يقع  في ٦٠٠  صفحة،  يجمع كل  معتقداتهم ..

وأن الصابئة  كانوا  منتشرين  في  بلاد  الرافدين، حتى قبل المسيحية  بأكثر  من  ٢٠٠٠ سنة .. 

 - الصابئة،  في  القرآن  الكريم :

ورد  ذكر  الصابئة في القرآن الكريم  بصوَّر  مستقلَّة

 - سورة  البقرة، الآية  ٦٢ 
 - سورة  المائدة، الآية  ٦٩
 - سورة  الحج، الآية  ١٧

بالإضافة الى معتقد الصابئة وعلومهم التوحيدية، إنهم كانوا من عِليَّة القوم في باقي العلوم .. 

 - إشتهّر  الصابئة  المندائيون  منذ  القدم،  بعلوم  الطّب، والهندسة، والشعر، والأدب، والترجمة ..

أشهرهم  :

 - أبو  إسحاق الصابئي  وزير  الطائع، والمطيع ..

 - وثابت  بن  قرّه ..
  
 - وإبراهيم  هلال  الأديب  الذائع  الصيت  الذي  توّلى  ديوان  المظالم،  سنة ٩٦٠ م

أما أماكن تواجد الصابئة، حتى وقت قريب :

 - في  العراق ( دجلة والفرات ) وفي  الأهوار،  وشط العرب .. 

 - وفي إيران يسكنون  على  ضفاف  نهر  الكارون ..

نتيجة لما تقدَّم ذكره ..
يمكننا القول أن ديانة  الصابئة  او المندائية، هي  أحد الأديان  الإبراهيمية ..

- وهي  أصل  جميع  الأديان  لانها، وحدّت  الله ..
  
- وإن أتباع  هذه  الديانة  يتبّعون  أنبياء  الله أدم،  شيت،  إدريس، نوح،  وسام،  إبن  نوح ..

 - وقد  تبين ان  الصابئة ( المندائيون )، تواجدوا  منذ  قرون  قبل الميلاد، وكتابهم  المقدَّس  كنزا  ربا،  مبارك  إسمه  ولديهم مخطوطات  دينية  وطقسية  مكتوبة  باللغة  المندائية  الآرامية وهي،  غنية  بالعمق  اللاهوتي  الديني  والعقائدي،  والروحاني بحيث  إنبثقَّت  منها  اليهودية،  والمسيحية،  وإستلهم  الاسلام،  من وحيها .. 

 - من مُعتقدات الصابئة :

 - إنهم  يؤمنون  بوجود  الله ..
 - ويعتقدون  ان  الملائكة  تسكن  في الكواكب،  ولذلك  يُعَظِّمونها، ويقدّسونها .. 

 - والمندِّي، هو  معبد  الصابئة  وفيه  كتّبهم  المقّدسة،  ويجري تعميد  رجال  الدين  على  الضفاف  اليمنى،  من الأنهّر الجارية، ضمن  طقوس  مشدّدة ..

 - اما  الصَّلاة عند الصابئة ..

تُؤدى  ثلاث  مرّات  باليوم :
 - قبيل  الشروق
 - وعند الزوال
 - وقبيل  الغروب
بإتجاه  القطب  الشمالي ..

وتُستحَب ْ  أن تكون الصلاة جماعة،  في  ايام  الآحاد،  والأعياد  من  دون  سجود .. 

 - يهتم  الصابئي المندائي،  بالطّهارة  وهي  مفروضة  على الجنسين  وينبغي  أن  تكون  في  المياه  الجارية ..
 - والتعميد  عند الصابئة هو من أبرز  طقوسهم  حيث  يدخل  الوليد  في  الماء  الجاري  الى ركبتيه،  مع  الاتجاه  الى القطب  الشمالي ..  

- وكذلك  عمادة الزواج  في  يوم  الأحد .. 
- أما  عمادة  الجماعة  وهي  العيد  الكبير،  عيد  ملك  الأنوار .. 

 - هناك  أيضا ً،  فئة  مهمة  من  الصابئة  كانت  تسكن  في  حرَّان،  وقد  إنقرضَّت،  وتختلف  معتقداتهم  بعض  الشيئ  عن الصابئة  المندائية  المنتشرة  على  ضفاف  الأنهر  الكبيرة  في جنوب  العراق  وإيران

 - وعُرف  منهم ..

 - ثابت  بن  قرّه
 - وسنان  بن  ثابت.   
 - وإبراهيم  بن سنان.   
 - وأبو  الحسن  الحرائي

وقد  عاشوا  ضمن  المجتمع  الاسلامي،  في  بغداد  بعد  هجرتهم  من  حرَّان  بسبب إضطهاد  الكنيسة  الرومانية  لهم،  منهم  من  برع  في  الترجمة ( ابو إسحاق الصابئي )، صاحب  ديوان  الإنشاء  الذي  كان  له  مكانة  لدى  الخلفاء  العباسيين،  وعلاقة  متينة  مع  الشريف الرضي،  ذي  المكانة  الرفيعة  في  البلاط  العباسي .. 

 - اما  المستشرقة ( دراور ) تعلَّمت   لغتهم،  وسبّرت  غور  كتبهم الدينية،  وقالت  عنهم  أنهم  لا  يعبدون  الأجرام  السماوية ولكنهم،  يعتقدون  أن  النجوم،  والكواكب  تحتوي  على  مخلوقات حيّة،  تتحكَّم   بمصائر  البشر .. 

وأضافت،  انهم  موحَّدون  يعبدون  الله  الواحد  الأحد،  وان  دينهم  اقدم  الأديان ..

 - إرتبط، الصابئة  او  المندائيون  إسمهم،   بالنبي  ابراهيم  الخليل،  الذي  عاش  في  مدينة  آور  السومرية،  مدينة  الهة القمر  إنانا،  في  منتصف  الألف  الثالث  قبل  الميلاد، وكان النبي إبراهيم،  اول  من  نبذ  الأصنام  ودعا  لرب  واحد  عظيم  القدرة  اطلق  عليه  السومريون  اسم ..  
( لوكال / ديمير / آن / كي / آ )،  
ملك الهة  ما  هو  فوق  وما  هو  تحت .. ( رب السموات والأرض ). 

 - آمن  الصابئة  المندائيون،  بتعاليم  النبي إبراهيم  واحتفظوا  بصحفه، ومارسوا  طقوس  التعميد  التي  سنَّها  لهم  وإستمروا عليها  الى يومنا  هذا ..

 - وقد  هاجر  قسم  منهم  الى  حرَّان  مع  النبي  ابراهيم  والقسم الاخر،  بقي  في  العراق ..

 - من  أهم  طقوسهم، الصباغة  بمياه  الرافدين ..
وإعتبروا  دجلة  والفرات انهارا ً،  مقدّسة  تطهّر  الأرواح  والأجساد  فاصطّبغوا في  مياهها  كي  تنال  نفوسهم  النقاء،  والبهاء  الذي  يغمر عالم  النور، الذي  اليه  يعودون .. 

 - أما  مفهوم  الاغتسال  والصباغة  في  العديد  من  النصوص المسمارية،  هو  دليل  على  تأثر  الأديان  العراقية،  في  زمن الحضارات  الاكدية، والبابلية، والسومرية، والآشورية، بالديانة المندائية، وهذا  دليل إضافي  على  ان  الديانة  المندائية ( الصابئة ) أقدم  الأديان  التوحيدية .. 

بناء عليه :
يبدو  واضحا ً، ان التوّحيد،  في  الدين  الصابئ  الحنيف  يعني،  ان  الله  مُسبَّح  إسمه، محل  العبادة  والطاعة  والولاء  لا شريك  له،  وهو  الذي  يصرف  الأمور كيفما  يشاء ..

 - معظم  الصابئة،  يسكنون  قرب  النهر، والصلاة  عندهم  فرض واجب، كذلك  الصدَّقة،  والصوم  لهما  طقوس  وهي  الامتناع  عن الفواحش  والمحّرمات .. 

 - والكُفر،  عندهم  هو،  عدم  إدّاء  الفروض  الدينية،  والارتدّاد  عن الدين ..

  - يحرَّم  عليهم،  الختِّان  لانه  لا  يجوز  تغيير  خلقة  الله  سبحانه، والعلة  الشرعية  واضحة  كما  يعتقده  الصابئة  من  ان  الله  الحي  الْقَيُّوم،  مسبَّح  إسمه،  خلق  الانسان  كاملا ً ..

 - ويؤمنون  بالتوبة ..
 - ويعتبرون  الخمّرة  توضِع  شاربها  في  قيود، وأقفال  وتثقل  عليه  السلاسل  والاغلال ..

 - إحترام  الأب،  وآلام،  والأخوة،  والأخوات،  واجب ..
  - والملفت   مطلوب  منهم  عدم  الاقتراب  من  الملوك  والسلاطين، ( ولا تثّقوا بهم، وأحبوا  اصحابكم ). 

 - فضلا  عن  أمور  نهاهم  عنها  الدين  كالسحر،  والكذّب،  والغّش، والدجّل،  والربا.
- اما  البكاّرة، فهي  طقس  ديني  مهم،  إذ  تقوم  والدة  الكنزبرا او  زوجته،  بفحص  الفتاة  العذراء  بعد  تعميدها  وقبل  تسليمها لعريسها  بغية  التأكد، من سلامة  بكارتها .. 

 - اما  الزّانية،  فإنها  لا تُقتل  بل  تُهجر، وبإمكانها  ان  تكِّفر  عن خطيئتها  بالارتماء،  والانغماس،  بالماء  الجاري .. 

 - ولا  يتّم  الطلاق،  الا  بعد  إنحراف  أخلاقي  خطير، اذ  يتَّم  التفريق  عن  طريق  الكنزبرا .. 

 - السنة المندائية،  ٣٦٠  يوما ً ..  
في  ١٢  شهرا ً ..  
وكل  شهر  ٣٠ يوما ً .. 

 - ويعتقدون،  بصحة  التقويم  الهجري،  بسبب  اختلاطهم  بالمسلمين،  ولان  ظهور  النبي  محمد  صَلَّى الله عليه وَسَلَّم،  كان  مذكورا ً  في الكتُّب  المقدَّسة  الموجودة  لديهم.

 - يعظمّون  يوم  الأحد، كالنصارى،  ويقدّسونه  ولا  يعملون  اي شيئ  على الإطلاق، وغيرها  من  طقوس  بالأعياد  وطريقة  اللبس  والألوان .... الخ

 - يؤمنون  بالتناسخ، ويعتقدون  بتطبيقاته  في  بعض  جوانب عقيدتهم .. 

 - وللرجل،  ان  يتزوج  ما  يشاء  من  النساء  على  قدّر  ما  تسمح  به  ظروفه ..

بناء على كل ما تقدم ..

إن العرب،  يرجعون  كلمة  الصابئة  الى :

( صبأ )، اي  خرج  من  دين  الضلاّلة،  وإتحد  بدين  الحق،  وقد  أُستعمل  هذا  التعبير  عندما  كان  الناس  يتركون  الديانة الوثنية  اي ( يصبأوون )،  ويدخلون  في  الدين  المندائي  الموحّد لله ..  
او  الذين  دعوا  بالاحناف، كما أتيت على ذلك في مُدونَّتي عن الأحناف، والوثنيَّة .. 

 - ومن  الجدير  بالذكر،  ان النبّي  محمد  صَلَّى الله عليه وَسَلَّم،  واتبّاعه  دُعيّوا  بالصبَّاة،  ودعاهم  مشركي  مكه  بالصابئة،  وهذا يدُّل أنه  حتى  قبل  ظهور  الاسلام،  كانت  اللغة  الآرامية  والصابئة والمندائيون،  والاحناف،  متواجدون  في  شبه  الجزيرة  العربية .. 

 - بالوقت  الحاضر، يتواجد  مركز  لهذه  الطائفة  في  بغداد،  وفي أغلب  المحافظات  العراقية، وبسبب  الظلم  عليهم  في  السنوات الاخيرة، إضطر  الصابئة  المندائيون  الى  الهجرة  لأميركا، وكندا ..   
للصابئة الان وفِي وقتنا الحاضر، لديهم  جمعيات  تُعنى  بشؤونهم  ويحاولون  جاهدين المحافظة  على تراثهم  العريق،  وهويتهم  الأصلية ..

- ويبلغ تعدادهم  حوالي ٧٠٠٠٠  سبعين  الف  نسمة  في  العالم .. 


فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا

٣ شباط ٢٠١٨

0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9