يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الثلاثاء، 13 فبراير 2018

فحول السياسَّة ، وفحول الشعر عند العرب ..

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  7:09 م


فحول السياسَّة، 
وفحول الشعر العرب .. 
إنقرضوا ..

 - تعريف لُغوِّي ل كلمة ..
الفَحْلُ ..

الفَحْلُ : الذَّكرُ القوىُّ من كلِّ حيوان ..
الفَحْلُ : قويّ ومكتمل الرُّجولة ..
ومجازا ً، يمكن إستعمال هذا التعبير للرجل من بني البشَّر ..
يقال مثلا ً ..

فُحُول السياسَّة : الدهَّاة، والمحنكِّين من رجال الدولة ..
فُحُولُ الشُّعَرَاءِ : الْمُفَضَّلُونَ، وَالْمُتَمَيِّزُونَ من الذين يقرضون الشعر ..
الْفَحْلُ مِنَ الشُّعَرَاءِ : الشَّاعِرُ الَّذِي يَغْلُبُ بِالْهِجَاءِ مَنْ هَاجَاهُ ..

 - المُقَدِّمة :

عندما تكون أمام شاشة التلفاز هذه الأيام، وتشاهد أحد الساسَّة العرب يمتطي المسرح مستعجلا ً أمام المذياع، يأخذك خيالك الخصب وكأنك امام  فارس عربي مِغوار يمتطي صهوة حصانه، ويمتشِّق سيفه ويتكلَّم، والكلُّ أذان صاغية الى الدُرَّر، وهي تتدحرَّج .. 
والحنكَّة، وهي تنساب ..  
والحِلم، وهو يطول ويهدأ .. 
والدهاء، وهو يصرَّع ذَا اللِّب ..

هؤلاء، أُطلق عليهم فحول السياسة ..
في هذه الأيام، هؤلاء الفحول إنقرضوا، ولم تعُّد ترى، او تسمع، عنهم خبرا ً ..

في هذه الْمُدوّنة سأُخبركم عن بعض الفحول العربية ..
وأرجو أن يكون معلوما ً أني لا أميل إلى هواهم، ولا أُدين مذاهبهم، بل أحترم حنكتهم، ودهائهم، وسمو تفكيرهم ..
سأعرض عليكم بعضا ً من فحول السياسة العرب، والبعض الاخر من فحول الشعر العربي ..

أجمع الفلاسفة على أن أعظم دهاة العرب، أربعة

 - معاوية بن أبي سفيان
 - وزياد بن أبيه
 - وعمرو بن العاص
 - والمغيرة بن شعبة

  • تعريف لغوي ل الداهية ..

هو جيّدُ الرأي بصيرٌ بالأمور، ومُفكّر (تستعمل للمذكَّر والمؤنَّث والتَّاء للمبالغة) رَجُلٌ داهيةٌ، وإمرأة داهية .. 

 - اولا ً : مُعاوية إبن أبي سفيان، المعروف عنه ( شعرة معاوية ). 

وكما أسلَّفت، سأتكلم عن شعرة معاوية فقط، وليس عن معاوية الخليفة الأموي الاول، حتى لا ينبري أحدهم ويدخلني في متاهات السياسة، ودهاليز الخلافات التي أتجنب التزحلُّق عليها، وبها .. 
شعرة معاوية ..

يقال إن إعرابيا ً سأل معاوية بن أبي سفيان،  كيف حكمت الشام أربعين سنة ولم تحدث فتنة والدنيا تغلي ؟
فقال :

إنّي لا أضع سيفي، حيث يكفيني سوطي ..
ولا أضع سوطي، حيث يكفيني لساني ..
ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما إنقطعَّت ..
كانوا إذا مدّوها أرخيتها ..
وإذا أرخوها مددتها ..
وأصبحت شعرَّة معاوية، مثلا ً يضرب به في شأن التعامل مع الناس ومداراتهم، وأخذهم بالحكمَّة، والحنكَّة ..
وهو ما يسمى بـ شعرة معاوية ..
فيقول المرء متمثلا ً عندما يُعطي نصيحة، إجعل بينك وبينهم، شعرة معاوية، أي تصرَّف معهم بالكياسَّة ..
وبعد هذه  الشعرة، أُعتبر معاوية أول من وطَّد أصول الحنكة السياسية، وقد أعدّه الناس من أدهى دهاة العرب عبر التاريخ ..

- عمر إبن العاص ..


 هو عمر إبن العاص القرشي، أرسلته قريش قبل إسلامه إلى الحبشة ليطلب من النجاشي تسليمه المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة فرارا ً من الْكُفَّار، وإعادتهم إلى مكة لمحاسبتهم وردهم عن دينهم الجديد، فلم يستجب له النجاشي .. 
وبعد إسلامه فتح مصر بعد أن قهر الروم، وأصبح واليا ً عليها بعد أن عينه عمر بن الخطاب ..
أبرز ما عُرف عن عمرو بن العاص أنه كان أدهى دهاة العرب في عصره، فقد نُقل عنه سعة حيلته،  وعبقرية تدبيره روايات تشبه الأساطير، حتى أن الخليفة عمر بن الخطاب لقبه بأرطبون العرب ..

 - زياد بن أبيه ..
هو قائد عسكري في عهد الخلافة الراشدية ..
وسياسي أموي شهير ..
إختلفوا في إسمه، فقيل أنه زياد بن عبيد الثقفي، وقيل أنه ابن أبي سفيان ..
ساهم في تثبيت الدولة الأموية .. 
وكان واحدا ً من أربعة دهاة لدى العرب ..
وقيل عنه ..
أنه كان يمكن أن يسوق الناس، لولا نسبه المجهول ..
وقيل عنه أيضا ً، أن أبا سفيان بن حرب أقر ببنوته، وقال لأحد الطاعنين في نسبِّه، ويحك، أنا أبوه ..

 - أبو عبد الله هو المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي،
ولد بالطائف، وكان كثير الأسفار ..
كُني بـ أبو عيسى ..
ويقال عنه أنه من دهاة العرب، وذوي آرائها، في الدهاء والمكيدة ..

قال عنه الطبري
كان لا يقع في أمر إلا وجد له مخرجا ً ولا يلتبس عليه أمران إلا أظهر الرأي في أحدهما .. 

وقال عنه الحافظ الذهبي
من كبار الصحابة، أولي الشجاعة والمكيدة ..

  • أما فحول الشعر العربي :

كان فحول الشعر الثلاثة .. 

الاخطل ..
جرير ..
والفرزدَّق ..  

يشيِّدون ، ويعمِّرون، البلاط الأموي بدل ان يدمروه بقرونهم الناطحة ..
كانت بصمات حوافرهم،  تزّين أرض البلاط، بدل أن تُعيث فيه خرابا ً .. 
وكان لعاب هذه الفحول، حبرا ً  على  سجلات التاريخ .. 
وكانت صولات، وجولات صراعاتهم تلاقي الإستحسان والتقدير ..

 - قال جرير ..

إن العيون التي في طرفها حورٌ
قتلننا ثم  لم  يحيين  قتلانا
يصرعن ذَا اللب حتى لا حِراك به
وهن أضعف خلق الله أركانا

تفسير
بنظر جرير :



إنَّ العيون التي في طرفها حوَّرٌ تقتل، وتميت ..
وَإِنْ  صرعَّت هذه العيون، أحدهم .. 
لا حول، ولا قوة، له .. 
لان هذه العيون تُميت، ولا تُحيي ..
ولا من طبيب يداوي ..

لم أجد وصفا ً للعيون ..
أرَّق من قول جرير .. 
ولم أجد سلاحا ً فتاكا ً ..
أقوى، وأمضى من عيون حبيبة، جرير .. 

 - أما الفرزدَّق ..
كان همَّه اليومي .. جرير
لانه، ذي حسب ٍ ونسب ٍ  رفيع .. 
وجرير من أصل ٍ  وضيع ٍ،  بين القبائل العربية .. 
ومع ذلك، طار وعلا صيت جرير في البلاط الأموي ..  

لم يتمكَّن  الفرزدق أن يصيب جرير  مقتلا ً .. 
إلا عندما تكسرَّت نصال سهامه، على بخل والد جرير ..
إذ قال عنه شعرا ً ما بعده شعر ..
واليكم هذا الهجاء الْمُقيت الذي قاله الفرزدَّق، عن جرير ..

كان ..

إذا أراد والد جرير، ان يشرب الحليب، يخاف أن يسمع جيرانه أن ناقته  تدُّر لبنا ً إذا حلبها بيده،  لان  تساقط الحليب على الدست، يُحدث ُ قرقعة ً وأصواتا ً كالاجراس، يسمعها الجيران ..
فيأتون إليه طلبا ً للمشاركة ..

ولتجنُّب كارثة، المشاركة ..
كان يعمد والد جرير الى أن يركع، ويجثم، تحت الناقة  ليرضعها  ويمِّص  حلمتها مصا ً، ليتفادى صوت  إنهمار حليب الناقة ..

لم يقع نظري ..
ولم أقرأ في حياتي .. 
أقذع من هذا، البخل ..  
وأحط قدرا ً من هذا الوصف .. 

أصاب الفرزدق،  جريرا ً مقتلا ً ..

ولكنه، لم يتمكن من إسقاطه عن عرش الغزل ..

 - أما الفحل الثالث، الاخطل .. 

كان مداحا ً وعنيدا ً متمسكا ً بدين أبائه النصرانية ..
ولم يتجرأ أي شاعر مهما علا شأنه،  ان يمس بعقيدته، خوفا ً من لسانه السليط ، الذي لا يرحم ..
وبقي حتى مماته، سليط اللسان يخافه، ويتجنبه الشعراء ..

 - الخاتمة :

لماذا اليوم عن،  فحول السياسة، والشعر عند العرب ..
لأن الوضع العربي، يؤرقني ويؤرق كافة الناس ..
ألى أين يأخذنا هذا الربيع العربي ..
وبما أن الناس على دين ملوكها ..
وبما ان ساسة العرب الْيَوْمَ، تركونا إلى ان نستقصي معرفة مستقبلنا عن طريق قراءة الكف، والفنجان أو الاستماع الى البرامج المُكثفة عن التوقعات من هذه الخبيرة في الأبراج، أو ذاك العليم في الغيب ..

وبما أني لست أفضل حال من هؤلاء المنجمين، والسحرَّة ..
قررت الدخول الى  معهد ، Harry potter  
حتى، أتعلَّم أُصول الشعوذَّة ..
حتى، أُعيد أرواح هؤلاء الفحول ..
وأطلب ..

من جرير،  أن يعلمني الغزل ..
ومن الفرزدق، والأخطل أن يهجيان الساسَّة العرب  .. 
ومن الدهاة العرب، أطلب وأعيد إستنساخهم ..
لانه يُصلح فيهم القول .. 
لله درّكم من فحول .. 


أُورلاندو / فلوريدا
فيصل المصري

١٤ شباط ٢٠١٨



0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9