ابن سينا ...
الشيخ الرئيس.
هو، من مسلمي الأمصار، والأقطار البعيدة.
تعريف : مسلموا الأقطار، والامصار البعيدة.
هم، الشعوب التي إعتنقَّت الاسلام في الدول التي تقع شرق، وشمال العراق وسوريا، بدء ً من ايران، وتركيا اليوم، الى الدول التي تجاورهما.
من المعروف، ان هذه الشعوب كان منها :
- من أغنى الحضارة العربية، الاسلامية، مثل ابن سينا موضوع بحثنا.
- ومنهم من عاث فسادا ً وإفسادا ً في الأمة العربية، بدء ً من إنهيار الخلافة العباسية، الى حرب سوريا، والعراق، واليمن اليوم.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
مسند أحمد بن حنبل.
لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى.
وهذا ما كان الرسول العربي، يُنبِّه اليه، نظرا ً للتنافس في اول عهد الاسلام، بين المسلم العربي، والمسلم ال عجمي، حيث إنقلب بعد ذلك هذا التنافس، الى كراهية، وبغضاء، وحربا ً ضروسا ً على مد العصور، حتى يومنا هذا.
وما نشهده اليوم من مسلمي الأمصار في العراق، وسوريا واليمن، بإسم الدين خير دليل، وما يقال غير ذلك ما هو الا كذب، ونفاق، وتدليس.
اما الشخصية التي نتكلم عنها اليوم، ابن سينا هي شخصية أثرَّت، وأغنَّت العرب، والعالم أجمع، وهي من مسلمي الأمصار، والأقطار البعيدة.
تاريخ ولادته :٧ اب ٩٨٠م
في بخارى، خراسان
اي، أوزباكستان اليوم.
تاريخ وفاته : ٢٤ حزيران ١٠٣٧م.
في همدان، اي ايران اليوم.
ديانته : مسلم.
سيرة حياته :
هو، عالم، شاعر، طبيب وضليع في القانون والفقه، والفلسفة.
هو، أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، عُرف بأسم الشيخ الرئيس، وسماه الغربيون بأمير الأطباء، وأبو الطُّب الحديث في العصور الوسطى.
وقد ألّف ٢٠٠ كتابا ً في مواضيع مختلفة، العديد منها يركّز على الفلسفة، والطب.
ويعد ابن سينا أول من كتب عن الطبّ في العالم، وقد إتبع نهج أبقراط، وجالينوس. وأشهر أعماله كتاب ( القانون في الطب ) الذي
بقي حتى القرن السابع عشر، يجري تدريسه في جامعات أوروبا.
ويُعد ابن سينا أوَّل من وصف التهاب السَّحايا الأوَّليِّ، واليرقان، وأعراض حصى المثانة.
ويُذكر أن ابن سينا درس على يد عالم بُخاري متخصص بعلوم الفلسفة والمنطق اسمه، أبو عبد الله النائلي، وهو من الفلاسفة.
وبدأت مسيرة ابن سيناء، وهو لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره لما قام بعلاج السلطان نوح بن منصور الساماني، وكانت هذه هي الفرصة الذهبية التي سمحت له بالالتحاق، ببلاط السلطان ووضعت مكتبته الخاصة تحت تصرفه.
ابن سينا كان ..
عبقريا ً، ذكيا ً، صاحب عدة مواهب ..
حفظ القرآن الكريم، ونبغ بالأدب، وتعلَّم حساب الهند، واشتغل بالفقه،
وأحكم المنطق.
وقال ابن سيناء عن نفسه :
وصارت أبواب العلوم تتفتَّح عليي، ثم رغبت في علم الطب، وصرت اقرأ الكتب المصنفة فيه، وعلم الطب ليس من الأمور الصعبة، فلا جرم أني برّزت فيه في أقل مدة، وتعهدت المرضى، فإنفتح علي من أبواب المعالجات من التجربة ما لا يوصف.
يعتبر الفكر الفلسفي ل ابن سينا امتدادا ً لفكر لفارابي وقد أخذ عن الفارابي فلسفته الطبيعية، وفلسفته الإلهية.
وعلى جري عادة الفلاسفة في الدين الاسلامي، والدين المسيحي، بتكفير بعضهم البعض، وعدم قبول الرأي الاخر، ومناقشته بل الركض الحثيث والسريع الى إلصاق أهون التهّم وأمضاها، ألا وهي التكفير، حتى يحِّل الذبح، او الصلب ..
لذلك، نرى جمهرة من فلاسفة العرب يتراكضون، ويتهافتون على حِداء أُنشودة التكفير، وهذا من فيض ألحانها :
- قام الغزالي بتكفير ابن سينا نتيجة أفكاره، وذلك في كتابه المنقذ من الضلال.
- قام ابن كثير بتكفير ابن سينا، في كتابه البداية والنهاية.
- قام ابن العماد الحنبلي في كتابه شذرات الذهب، بتكفير ابن سيناء، والقول أن كتابه في الطب، يشتمل على فلسفة لا ينشرح لها قلب متدين.
- اما، ابن تيمّية أكد أن ابن سيناء، كان من الإسماعيلية، وفي هذا الادعاء، او التبجح لابن تيمّية يأخذك الى نمط سليقته في الرغو، والحشو، والإلصاق.
- اما، ابن الْقَيِّم قال في ابن سينا :
وقضى بأنَّ الله يجعل خلقه عدما ً ويقلبه وجـودا ً ثـاني
العرش والكرسـي والأرواح و الأملاك ُ والأفـلاك ُ والقمـران ِ
والأرض والبحر المحيط وسائر الأشياء الأكوان ِ من عرض ومن جثمان ِ
كل ُّ سيفنيـه الفنـاء ُ المحـض لا يبقـى له أثــر كظـل ِّ فان ِ
ويعيـد ذا المعـدوم أيضاً ثانيا ً محض الوجـود إعادة بزمان ِ
هـذا المعـاد وذلك المبدأ لدى جَهم وقـد نسبـوه للقرآن ِ
هـذا الذي قاد ابن سينا والألى قالـوا مقالتَـةُ إلى الكفران ِ
نظرية النفس عند ابن سينا ..
أهمية ابن سينا الفلسفية تكمن في نظريته في النفس، المأخوذة من أرسطو.
والنفس عند ابن سينا :
- نباتية، تعني انها تنمو، وتتغذى.
- حيوانية، تعني انها تتوالد، وتتحرك بالارادة.
- إنسانية، تعني ان الجسم مستعد لتقبُّل الحياة، وتتحرك بالاختيار الفكري، بين خيارات متعددَّة.
وقد واجهت ابن سينا، مثل غيره من الفلاسفة مسألة النفس، كيف وجدت
وبقي أمر النفس غامضا ً، وقد عبر عنها في قصيدته العينية، وبالرغم من ذلك بقي فيها إلتباس.
قصيدته العينية، في النفس.
هبطت إليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تعزز وتمنع،
محجوبة عن كل مقلة عارف، وهي التي سفرت ولم تتبرقع.
وصلت على كره إليك، وربما كرهت فراقك، وهي ذات تفجع.
أنفت وما أنست، فلما واصلت ألفت مجاورة الخراب البلقع.
في تقسيمات ابن سيناء للنفس.
- من أين جاءت النفس :
ويقول أنها جاءت من محل أرفع أي من فوق وأتت رغما عنها وكارهة لذلك، ثم تتصل بالبدن وهي كارهه لكنها بعد ذلك تألف وجودها بالبدن، لأنها نسيت عهودها السابقة.
- ثم رجعت من حيث أتت وانتهت رحلتها.
- في القسم الأخير من القصيدة، يتساءل ابن سينا لماذا ؟
فيجيب أنها هبطت لحكمة إلهية، هبطت لا تعلم شيء لتعود عالمة بكل حقيقة ولكنها لم تعش في هذا الزمن، إلا فترة.
هذا شأن الفلاسفة، الغموض ومن ثم الغموض وقد حاولت الاديان السماوية حل مسألة النفس، ويبقى الجواب ...
إنها حكمة إلهية.
مؤلفات ابن سينا :
- قانون في الطب من عام 1030 ميلادية.
- الإشارات والتنبیهات، ذهب فيه مذهب أرسطو، وقربه قليلا ً إلى الأديان.
- موقف ابن سينا الذي فيه تحدِّي للعقيدة الإسلامية، ومثال على ذلك "نظرية المعرفة " والتي ساوى فيها الفلاسفة مع الأنبياء، وقد خص الفلاسفة بميزة أخرى وهي أن الفلاسفة استمروا في رسالتهم وارتقاء معارفهم في الوقت الذي ختمَّت النبوة، بمحمد.
وكان اتباع ابن سينا يدعون بـ "الألى" ...
وكانوا ينتصرون له، ويدافعون عنه بالقول ان ما يكتبه الشيخ الرئيس هو "قرآن الخاصة "، لتفرقته عن كتاب الله " قرآن العامة " ..
ومن أقوال ابن سينا في، قرآن الخاصة :
"فإن غرضنا في هذا الكتاب الذي نرجو أن يمهلنا الزمان إلى ختمه، ويصحبنا التوفيق من الله في نظمه، أن نودعه لباب ما تحققناه من الأصول في العلوم الفلسفية المنسوبة إلى الأقدمين ...
وتحرَّيت أن أودعه أكثر الصناعة، وأن أشير في كل موضع إلى موقع الشبهة وأحلها لإيضاح الحقيقة بقدر الطاقة ..
وإجتهدت في اختصار الألفاظ جدا ً ومجانبة التكرار أصلا ً إلا ما يقع خطأ أو سهوا ً ..
ولا يوجد في كتب القدماء شيء يعتَّد به إلا وقد ضمناه كتابنا هذا، وقد أضفت إلى ذلك ما أدركته بفكري، وحصلته بنظري، وخصوصا في علم الطبيعة وما بعدها "
ويضيف ابن سينا ...
"أن طائفة من الإخوان الذين لهم حرص على إقتباس المعارف الحكمية سألوه، أن يجمع لهم كتابا ً يشتمل على ما لا بد من معرفته لمن يؤثر أن يتميز عن العامة، وينحاز إلى الخاصة، ويكون له بالأصول الحكمية إحاطة.
- من كتبه الطبية أيضا ً :
كتاب الأدوية القلبية.
وكتاب دفع المضار الكلية عن الأبدان الإنسانية.
وكتاب القولنج.
ورسالة في سياسة البدن وفضائل الشراب.
ورسالة في تشريح القانون (كتاب)،
ورسالة في الفصد.
ورسالة في الأغذية والأدوية.
ولإبن سينا أراجيز طبية كثيرة منها :
أرجوزة في التشريح.
وأرجوزة المجربات في الطب والألفية الطبية المشهورة التي ترجمت وطبعت.
وفي كتاب ابن سينا النفيس في الطب هو " القانون "، حيث
جمع فيه ما عرفه الطب القديم، وما ابتكره هو من نظريات، واكتشفه من أمراض، وقد جمع فيه أكثر من سبعمائة وستين عقارا ً مع أسماء النباتات التي يستحضر منها العقار.
بحث ابن سينا في أمراض شتى أهمها :
السكتة الدماغية،
التهاب السحايا
والشلل العضوي،
والشلل الناجم عن إصابة مركز في الدماغ،
وعدوى السل الرئوي،
وانتقال الأمراض التناسلية،
والشذوذ في تصرفات الإنسان.
والجهاز الهضمي.
وميز مغص الكلى من مغص المثانة، وكيفية استخراج الحصاة منهما كما ميز التهاب البلورة (غشاء الرئة) والتهاب السحايا الحاد من التهاب السحايا الثانوي.
ولابن سينا عدة مؤلفات بشتى الموضوعات.
- في الطبيعيات.
- في إبطال أحكام النجوم.
- في الأجرام العلوية وأسباب البرق والرعد.
- رسالة في الفضاء.
- رسالة في النبات والحيوان.
- قانون الحركة الأول، "الجسم الساكن يبقى ساكنا والجسم المتحرك يبقى متحركا مالم تؤثر عليه قوة خارجية "
والذي نسبه لنفسه، اسحق نيوتن.
الخاتمة :
توفي ابن سينا في حزيران 1037
في سن الثامنة والخمسين من عمره، ودفن في همدان إيران.
وهو، ما زال يُعَّد أحد عباقرة الفلسفة في الإسلام.
وهو، ما زال في مصاف جالينوس أعظم الأطباء، حيث أطلق عليه لقب جالينوس الإسلام.
وقد تسابقت شعوب العالم على تكريمه، كالعرب، والفرس، والاتراك، والعالم ممثلا ً بمنظمة الاونيسكو.
قالوا عنه :
- ابن سينا أعظم علماء الإسلام ومن أشهر مشاهير العالم. ( جورج سارطون )
- كتاب قانون الطب لابن سينا، هو الإنجيل الطبي لأطول فترة من الزمن. ( السير وليام أوسلر )
- ابن سينا، ملأ عصره، وهو من كبار عُظماء الانسانية على الإطلاق. ( أوبرفيك )
من حكم ابن سينا :
- المستعد للشيء .. تكفيه أضعف أسبابه.
- الوهم، نصف الداء،
- والاطمئنان، نصف الدواء،
- والصبر، أول خطوات الشفاء
- احذروا البطنة، فإن أكثر العلل إنما تتولد من فضول الطعام
- العقل البشري، قوة من قوى النفس لا يستهان بها.
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
0 comments: