يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأحد، 22 يناير 2017

عادَّت حليمِّة الى عادتها القديمة ..

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  3:04 ص

عادَّت حليمة ...
الى عادتها القديمة ...


حاتِّم  الطَائي  ..
أَكرَّم  العرب ..

 

حاتِّم  الطائي، هو الشخصية العربية التاريخية، التي إشتهرت بالكرَّم وبإسمه، ضُرِب المثَّل ..

وقد تضاربَّت الاراء، حول ما اذا كانت حليمة، هي زوجته، كما ورد في الأدب الشعبي. 
 
إشتُهِرَّت، حليمة بالبخل، والشّح، والتقتير وبسببها، ما زلنا نردّد المثل العربي الشائع ...

 ( عادت حليمة، لعادتها القديمة ). 

ورد في الأخبار المتوارثة،  ان حاتِّم  الطائي، حاول طيلة حياته  تقويم البخل، لدى زوجته، وإصلاح ذات البين ..
بين الكرَّم، المتأصل فيه ..
والبخل المتمكِّن من زوجته ..

عبثا ً، حاول حاتِّم الطائي، إصلاح، وتقويم البخل لدى زوجته، وبقيَّت حليمة على عادتها في البخل، والتقتير.
ومع ذلك ..
وبالرغم من هذا التناقض، والتباعد في صفتي الكرم، والبخل ..
فان التلاقي بينهما، أغنى الأدب العربي، وحتى الشعبي بأجمل وأمتَّع القصص والأخبار. 
وكما في الأمثال الشعبية، يقال ...
أيلتقي .. جبل على جبل ؟
وهاكم، جبل إلتقى ب جبل. 
حاتِّم الطائي، وحليمة. 
 
 من هو حاتِّم  الطائي ؟؟

اولا : حاتِّم  الطائي. 

هو،. شاعر جاهلي، توفي  بالعام  ٦٠٥ م.   

هو، حاتِّم  بن عبد الله بن سعد بن آل فاضل، بن الغوث بن طيئ الطائي.

توفي قبل، الاسلام، وكان مسيحيا ً ..
اما إبنه عدّي وابنته سفّانه، أدركا الاسلام، وأسلما .. 

يعود كرم حاتِّم، الى والدته، التي إشتهرت بالتبذير ..
ولكن إبنها حاتِّم، يُعتبر أشهر العرب بالكرم، والشهامة، ويُضرب به المثل، بالجود، وحسن الضيافة، ولم يقال عنه انه كان مُبذرا ً، فالبون شاسع بين الكرم، والتبذير .. 
يقول ألمؤرخ العربي المشهور، إبن الكلبي لما أتى على ذِكْر حاتِّم الطائي ان الكرم فيه، إنتقل بالوراثة الى إبنته سفّانه حيث كان والدها يعطيها بعضا ً من إبله، فتهبها كلها، وتجود بها على الناس ...  

كان يسكن حاتِّم  الطائي، في  حائل اليوم،  منطقة من المملكة العربية السعودية، وتوجد لغاية تاريخه، بقايا اطلال قصره، وموقدَته الشهيرة، وقبره في بلدة توارن في حائل. 

قال ابن كثير، عن حاتِّم  الطائي ...
في كتابه :
 ( البداية والنهاية ) 

ان إبنه عُدَّي ..
قال عن والده، انه كان يصل القرابة، ويطعم الطعام، ويُسدي من المكارم، والاحسان ما لم يفعله غيره. 

كان حاتمِّ  الطائي، من شعراء العرب في الجاهلية، يشبه شعره، جوده في الكرم ..
وفي هذا أقول :
لله درَّك يا أيتّها اللغة العربية ..
من أبيات الشعر، تفوح رائحة الكرم. 
ومن أبيات الشعر، تعلو مكارم الأخلاق. 
ومن أبيات الشعر، تزكم الأنوف رائحة البخل. 

-/ كان إذا سُئِل .. وهب.

وهناك كلام قالته إبنته سفّانه، للنبي محمد ( صَلّى الله عليه وَسلّم ) عندما أُسِرَّت في غزوة، لبلادها ..

 إذ  قالت للرسول، صَلِّى  الله  عليه  وسٓلَّم :

يا محمد ..
إن رأيت ان تُخلي عني ..
فلا تُشمِّت بي، احياء العرب ..

فإني،  إبنة سيد قومه ..
وإن أبي،  كان يفك ُّ العاني ..
ويُحمِّي الذمار ..
 ويقري، ( يٌطعم ) الضيف .. 
ويُشبع، الجائع ..
ويفرّج، المكروب ..
ويُفشي، السلام ..
ويُطعِم، الطعام ..
ولم يرُّد، طالب حاجة  قط ..

أنا  ..
إبنة ..  
حاتِّم  الطائي ..

قال لها النبي ..

 ( صَلِّى الله عليه وَسَلَّم )

هذه،  صفة  المؤمن  حقا ً ..

لو كان ابوك  مسلما ً  لترحَّمنا عليه .. 

خلّو عنها ..
 فإن  أباها كان  يُحِّب  مكارم الأخلاق ..
 والله ... يُحِب المكارم .. 

-/ كان ينحَّر كل يوم عشرا ً من الإبل ..

 ويقال ..
أنه مر َّ عليه في احد الأيام، ثلاثة أشخاص، لا يعرفهم، طلبوا اليه الطعام الذي يقدَّم عادة للضيف ..

فما كان من حاتِّم  الطائي، إلا ان نحر ثلاثة من الإبل  تكريما ً لهم ..

 ولمّا سأله أبوه، لماذا فعل ذلك ..
كان، يكفي ان تذبح  واحدة ..
أجاب والده ..
أن لهجات الأشخاص، تختلف عن بعضها، وربما هم من قبائل مختلفة ..
دعهم يتكلمّون عن كرمنا .. 

وبالفعل، كان بين الثلاثة ..
الشاعر الفَّذ النابغة الذبياني، الذي، ما لبثت أشعاره، وأقوال صحبه في الكرَّم الذي لاقوه من حاتِّم  الطائي، ان إنتشرت كالنار في الهشيم في قبائل العرب ..
 
-/ كان يُوقِد ُ  النار ليلا ً لينظر اليها من ضَل َّ الطريق.
 
قلمّا فعل احد ذلك، في سالف الازمان مثلما فعله حاتِّم  الطائي، التي نار موقدته لا، تخبو ليلا ً  او نهارا ً.

إن جدب الصحراء، والأرض القاحلة، كانت لا تجلب خيرا ً وفيرا ً، ومع ذلك كان حاتِّم  الطائي، لا يتأخر عن نحر الذبائح، وإطعام ضيوفه، حتى ولو كان في ذلك الوقت معسرا ً او في ضيق.

وقد ذكر التاريخ اخبارا ً عنه ..
انه لم يكن يتردَّد في نحر راحلته الوحيدة، تكريما ً لضيف لجأ اليه ليلا ً.

وإذا رجعنا الى يومنا هذا ..
أقول ..
أن وضع منارة على الشاطئ  لتدّل البواخر على الميناء، ما هو إلا تقليدا ً لما كان يقوم به، أكرم العرب. 

ثانيا ً : زوجته، ماوية إبنة عفرز. 

كانت زوجة مُحبَّة، وقد حاولت ان تمنعه عن الكرَّم المسرِّف، ولكنه، لم يقتنع  فقامت  بطلاقه.

وقد آورد ابو الفرج الأصفهاني، في كتابه الأغاني ..
قصة قيلت، امام الخليفة الأموي معاوية ابن ابي سفيان، عن حاتِّم  الطائي وزوجته ماوية بنت عفرز. 

( يا أمير المؤمنين .... 

ماوية بنت عفرز كانت من عائلة ثرية، وكان لها الحق ان تختار زوجها، وفي ذات يوم، أرسلت الى كل من الشاعر، النبيني، والنابغة الذبياني، وحاتِّم  الطائي، وكان الثلاثة شعراء يطمعون في الزواج منها. 

فقالت لهم :

ليقُّل كل واحد منكم شعرا ً يذكر فيه خصاله، وافعاله، وافضاله،

وانا أُقرر بعد ذلك ..
وأتزّوج، أَكرَمكم، وأَشعرَكم ..

أنشد الثلاثة أمامها ..
فاز حاتِّم  الطائي، فكان الأشعر، والأكرم. 

وَمِمَّا قاله :

أَماوي َّ، قد طال التجنب ُ والهجر ُ
وقد عَذرتني في طِلابكم العُذر ُ

أَماوي َّ، إن المال غاد ٍ  ورائح ُ
ويبقى من المال الأحاديث ُ وَالذّكْر ُ
.......

ثالثا ً : قصة حليمة في التراث الشعبي. 

لا تجد في التراث الشعبي العربي  شخصية نسائية، فريدة، تصلح لإلصاق صفة البخل المدقع عليها،  اكثر من حليمة، ( زوجة ) الشخصية، الأكثر كرما ً في التاريخ الا وهو، حاتِّم  الطائي.

والاشّد غرابة، انه كيف تمكّن حاتِّم  الطائي ان يتعايش مع زوجة بخيلة ؟؟ 

وإذا نظرنا الى المراجع الموثوقة ..
يتبين ان حاتِّم  الطائي، تزّوج من ماوية الغسانية، ولديه منها، أولاده  عُدَّي، سفانة، وعبدالله. 

وقد ذكر ابو الفرج الأصبهاني، في كتابه الأغاني :
أنها ..
تزوّجته، لكرمه ..
وطلَّقته، لذات السبب ..

اما قصة حليمة التي وردت في الأدب الشعبي، فإنها على الشكل الآتي :

أُوردها،  فقط من اجل الإلمام بشخصية حاتم الطائي، من كل جوانبها، حتى قصص الحكواتي، الذي تكلَّم عنه ..
وأترك للقارئ ان يتحقَّق في مدى صحتها ..
في سيرة حاتِّم  الطائي .. 

تقول الرواية التي كان الحكواتي يقصُّها :

ان حليمة زوجة حاتِّم  الطائي، كانت اذا أرادت أن تضع سمناً في الطبخ  ..
أخذت الملعقة ترتجف في يدها ..

فأراد  حاتِّم  أن  يعلِّمها الكرم، فقال لها :
 
إن الأقدمين،  كانوا يقولون إن المرأة كلما وضعت ملعقة من السمن زيادة، في  قدر الطبخ، زاد الله بعمرها يوما ً ..
فأخذت حليمة، تزيد ملاعق السمن في الطبخ، حتى صار طعامها طيباً وتعودَّت يدها على السخاء ..
 
وشاء الله،  أن يُفجعها بإبنها الوحيد الذي كانت تحبه أكثر من نفسها، فجزعت حتى تمنَّت الموت. 
 
وأخذت لذلك، تُقلِّل من وضع السمن في الطبخ،  حتى ينقص من عمرها، وتموت ..
فقال الناس :
 
 عادَّت حليمة الى عادتها القديمة. 

 
فيصل المصري
أُورلاندو  / فلوريدا
٢٢/ كانون الثاني ٢٠١٧  
 
 
  
 



0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9