يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الجمعة، 2 سبتمبر 2016

مِحّن .. الأديان السماوية.

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  8:52 ص



محنة الأديان السماوية، عبر التاريخ. 



....
وما زالت الغيوم تتلبّد فوق مهبط وحي الأديان السماوية الثلاثة. 

وما زالت العواصف تُعيث خرابا ً فوق الارض التي إختارها الله، لتكون مرتعا ً للأمن والسلام، والمحبّة  فيما بين شعوب الارض. 

وما زال يُلفتك أنه ما إن تتوقّف  معركة من حروب الأديان السماوّية، اليهودية، والمسيحية، والإسلامية، حتى تبدأ حرب جديد، وبصورة أعتى، وأظلم، وأقوى.

وقد سبق وكتّبت :
  
عن المحنة التي عصفت بالديانة  اليهودية  منذ ان دخل القائد العسكري نبوخذنّصر أورشليم القدس وهدم هيكل سليمان، وسبّى جمهرة كبيرة منهم الى، بابل.

( تراجع المدّونة تحت عنوان سر العلاقة بين اليهود، والإمبراطورية الفارسية )

 وما زال هذا الدين السماوي يواجه المحّن عبر التاريخ، في بحثه المستميت عن ارض الميعاد، الى يومنا هذا.

أما المِحنة التي هزّت كيان الديانة  المسيحية، في القرون الوسطى في أوروبا وإنكلترا وموجات الهجرة التي سلكها المؤمنون المضطهدون نحو العالم الجديد، هربا ً من الملاحقات القضائية والكهنوتية، ما زالت ماثلة للأذهان حتى يومنا.

أما المِحنة التي تطال الاسلام اليوم، ما هي إلا على بداياتها،  وبدأت تطّل دون خوف او وجّل في أوروبا، حيث المضايقات بالنسبة للزِّي، والحجاب الذي ترتديه النساء المسلمات الأوروبيات. 

والخوف كل الخوف، أننا أمام محنة تماثل ما قاساه الموريسكييون، بعد محنة سقوط الأندلس. 

وفي هذه سأُفرد مُدونّة خاصة. 


المحّن عبر التاريخ :


 

اولا ً : أوروبا وانكلترا في القرون الوسطى 

في شهر أيلول  من العام ١٦٠٧ أرست ثلاثة بواخر 
أهمها  الباخرة  

May Flower 
في  
 Chesapeake Bay

وعلى متنها المهاجرون الإنكليز والذين حلّوا  في :
 
 James Town
 في الساحل  الشّرقي  من القارة الأميركية الجديدة

 ومن بعد ذلك،  توالّت موجات المهاجرين الى أميركا 

قبل التاريخ أعلاه 
 
كانت أوروبا مسرحا ً للاضطهاد الديني المسيحي بعضه في بعض، وكانت الكنيسة في روما، توازيها حدة ً الكنيسة الانكليزية في وضع ضوابط على رعاياهما 
وتفرض قيودا ً على الشعائر الدينية  وتقوم بالملاحقات القانونية امام محاكم التفتيش من اجل قمع الحريات الدينية 

وقد أفرد الكتّاب ورجال الكنيسة المدّونات الطويلة في شرح المجتمع المسيحي وكيف كانت المذابح والمشانق وشتّى انواع وأشكال التعذيب، والهوان تطال المسيحي المؤمن، وفق ما يدركه من الرجاء المطلوب للحياة 

إعتبر  رجال الدين المسيحي، والمؤرخون على    حدٍ  سواء  ان تلك  الفترة  هي محنة  الدين   المسيحي   التي   طال  لهيبها  المسيحي  المؤمن، ونخرت  في عذاباتها   صلب   العقيدة 

أمثلة عن  المحّن  التي  طالت  الدين المسيحي :

في إنكلترا، اضطهد البروتستانت  -/ 
الكاثوليك


في فرنسا وقعت مذبحة البروتستانت  - 
الشهيرة   ( ١٥٦٢ / ١٥٧٢

حرب الثلاثين عاما في أوروبا  بالعام  -

١٦١٨  
وانتقلت  من  بلد  الى  اخر

في ألمانيا تحارب الكالفينيون   -/
واللوثريون .. وكلاهما من  
البروتستانت


بالعام  ١٦٨٣ دبّ الهلع والخوف في أوروبا لما  وصل سليمان  القانوني ( الامبراطورية العثمانية ) الى أبواب فينا وبدأت  أوروبا  الشرقية  تتساقط، 

وكان لا بد لأوروبا  المسيحية  والخطر العثماني  الاسلامي  يُحدّق   ويترّبص على  الأبواب  
ان  تفيق  بعد  سُبات  عميق 

    
 
وقد بدأت تظهر حركات المفكرين الملحدين في انكلترا.

وفي  
 هولندا،  تبنت الكالفانية مذهبا ًرسميا ً للدولة  وبدت  وكأنها  موئلا  للأقليّات 

كان اليأس المسيحي في ذروته في أوروبا وانكلترا، في ذاك الوقت، ولمّا  توالت الهجرات الى القارة الأميركية، كان يحدوهم الأمل والرجاء في ان  يمارسوا طقوسهم في العالم الجديد في حرية تامة، لان القلوب  كانت عامرة بالمحبة، والعقول كانت مشحونة بالإيمان، ولا ينقصهم الا أرضا ً يمارسون عليها شعائرهم، ولهذا بدأت تظهر في أفئدة المؤمنين عبارة
God bless America 


 لان أميركا أمنّت الرجاء المسيحي المطلوب في الممارسة الدينية التي يحلمون  بها ويعتقدون  

 
لان المهاجر المسيحي الى العالم الجديد .....


  كان  يأمل   في  إيجاد
 Safe haven،
 
يحميه من الاضطهاد الذي عاناه في وطنه الام، وقد وجد ضالته وقد أدركت سفنه الرياح المؤاتية وأرست مراسيها في الارض الموعودة.  

كان  الهّم  لهذا  المهاجر  المسيحي  ان يقيم  شعائره  الدينية  بحرية  تامة، لا عوائق او زواجر او عقوبات او ملاحقات لانه عانى الكثير وبقي صابرا ً مؤمنا ً مثابرا ً في عبادة الله وفق الإيمان الذي ورثه  من  الآباء  والأجداد 

عند اندلاع الثورة الأميركية المجيدة وتحديدا ً  ٤ تموز   ١٧٧٦  ( اعلان الاستقلال ) 
كان  الدين  المسيحي  بطوائفه البروتستانتية،  الإنجيلية، والكاثوليكية، يشكل الأغلبية العظمى  وكانت المذاهب البروتستانتية  لها  كنائس  منفصلة كالمعمدانية،   والخمسينية،  واللوثرية والمشيخية،  والميثودية،   والانجليكانية ( الإنجيليين )  

اما الكنيسة الكاثوليكية هي ثاني اكبر الطوائف في أميركا .. تليها الكنيسة الارثوذكسية

إزاء هذا التعدد، في المعتقدات الإيمانية للدين  المسيحي  الواحد 
وتجنبا ً للفتن والخلافات ما بين المذاهب للدين  الواحد 
كان لا بد من إيجاد حلول لدرء الأهوال التي  عانت  منها  أوروبا 
والحلول  والوسائل  الكفيلة  لتجنب الحروب  
 .المذهبية 
ان الحلول  لا تأتي من عقلية متحجرة راسخة من مبدأ أنا او لا أحد 
لا بد من عقول نيّرة تؤمن بالرأي الاخر   


في خضّم هذا المخاض العسير، حبّا الله أميركا رجالات عظام أمثال  توماس جفرسون،  وبنجامين فرانكلين  وجورج واشنطن، وصحافة شريفة متمثلة في

 The  Federalist  papers  

حيث
 كتب  كل  من  جايمس ماديسون واليكسندر هاميلتون  وجون جاي وبابليس  حوالي ٨٥  مقالة  لمؤازرة إصدار دستور جديد، يكفل ويضمن الحريات  الدينية  على أنواعها. 

 صدر هذا الدستور بالعام ١٧٨٧ 

يهمني من الدستور الأميركي، إبراز المواد الدستورية التي تُظهر  كيف جرى  حلّ العقدة المستعصية وهي التناحر الديني والتقاتل المذهبي، والوسائل  التي تكفل حماية المؤمنين في ممارسة معتقداتهم 

المادة الاولى 
:  
Freedom   Of. religion 
المادة الثانية 
Rule. Of. Law 

حرية المعتقد في أميركا تعني ان تمارس شعائر دينك، او لا تمارس اي شعائر دينية  
 
( You can practice any 

religion, or not practice a religion

وحتى تحفظ  الدولة  الحرية الكاملة لرعاياها  في ممارسة الطقوس الدينية او الحق  في عدم ممارسة اي شعائر  دينية، برز (  الهرم ) المنتصب امام Supreme  Court  

( المحكمة العليا )
 في  واشنطن  والذي يوازي بعنفوانه وجبروته تمثال  الحرية في نيويورك، 

 

اذا نظرت الى فسيفساء الأديان والمعتقدات في أميركا 
وإذا حاولت ان تحصي القوميات والاثنيات، المنتشرة في هذه البلاد الكبيرة 
لا تصل الى إحصاء  او نتيجة واحدة  
ولكنك، تدرك حقيقة واحدة ساطعة امام نظرك، وهي ان الجميع سواسية امام القانون، لا يفرّقك دينك عن دين غيرك شيئ، ولا يعطي دينك عن دين غيرك اي امتياز، لان محنة الأديان ولّت في أميركا 


فيصل المصري

أُورلاندو / فلوريدا

الثالث من

 أيلول ٢٠١٦




  - 

0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9