يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016

أوجه الشبّه ما بين الإقطاع السياسي، والإستبلاشمنت.

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  6:59 م



دراسة :
العلاقة ما بين ....
الإقطاع السياسي، في الماضي. 
والإستبلاشمنت، في الحاضر. 

مما لا شك فيه ان تعبير الإقطاع السياسي، سبق بأشواط بعيدة التعبير الحديث المعروف بالإستبلاشمنت، الذي ظهر بقوة بعد الحرب الأهلية الأميركية بالعام ١٨٦١م. 
والاستبلاشمنت، تعني تجمّع مصالح الشركات العملاقة، كشركات الكهرباء، والماء، والمصارف، والادوية، والتأمين، والإقراض السكني، بحيث انها تُملي ارادتها على الدولة، من خلال سلطاتها الثلاث، خاصة السلطة التشريعية، عن طريق سن القوانين لمصالحها، او إنتخاب نواب أدوات لها، او فرض قضاة، او حتى تعيين رؤساء جمهوريات. 
وقد إشتّد بأس، وقوة الإستبلاشمانت في اميركا، بحيث انه يُقال ان الادارة الأميركية تحكمها هذه المنظومة منذ الحرب الأهلية. 
وَمِمَّا لا شك فيه ايضا ً أن العلاقة فيما بين، الإقطاع السياسي، والإستبلاشمنت علاقة وثيقة، ومتينة وكأنهما وجهان، لعملة معدنية واحدة. 

أثناء الحرب الأهلية الأميركية، وبسبب توّسع رقعة الاشتباكات بدأت تظهر  الشركات العملاقة لانها نجحت في إستقطاب العدد الكبير من العمال، والحرفيين، والمهنيين، في معامل الأسلحة، وسكك الحديد، وعلى مر السنين باتّت هذه الشركات تملك وسائل الضغط على الحكومات المتعاقبة، الامر الذي بات في يدهم ألحّل، والربط وبلغوا في نهاية المطاف القوة السياسية التي لا يستهان بها، وتشبه الى حد بعيد الإقطاع السياسي الذي كان سائدا ً في أوروبا. 
   
نظرة تاريخية على الإقطاع السياسي.
   
الإقطاع، هو نظام إجتماعي، وسياسي، وإقتصادي، له تعريفات عديدة ظهر في أوروبا خلال العصور المظلمة، وشبه الجزيرة العربية، ومناطق أخرى من العالم في فترات مختلفة من التاريخ.  
إن المصطّلح، إرتبط في الغالب بأوروبا، في العصور المظلّمة من القرن التاسع، وحتى القرن الخامس عشر، وأول إستخداماته كان في القرن السابع عشر، 
النظام الإقطاعي هو،  تفرَّد  مجموعة بملكية الأرض ، وما عليها من عِبّٓاد، هذا بالمعنى العام. 
وبمعنى آخر، هو نظام سياسي، إجتماعي، وإقتصادي حربي ، قائم على حيازة الأرض ، وتنظيم العلاقة بين، السيّد الإقطاعي، والتّابع.

أمّا مفهوم الإقطاع، فلم يتم استخدامه إلاّ في أواخر القرن الثامن عشر، إبان الثورة الفرنسية عام 1789 م. 
 ومنذ ذلك الحين ظهرت إلى جانب " النظام الإقطاعي "، كلمات مثل " الإقطاع " ، " القن " ، " القنية " ، " المأمور " ،   
" الضومين " وغيرها من مصطلحات، تتعّلق بالأرض، بما عليها من عاملين، وملاّك.    
 أصبح لهذه المفردّات، مكانتها في المعاجم التاريخيّة ، يستخدمها الكتّاب والمؤرخون، في دراساتهم للعلاقات المتشابكة، بين الأفراد والجماعات، إبان العصور الوسطى الإقطاعيّة. 

ويعود سبب ظهور هذا النظام في أوروبا في ذلك الوقت، إلى ضرورات إقتضّتها ظروف الحياة في تلك المجتمعات ، بعد سقوط الإمبراطوريّة الرومانيّة بيد القبائل البربريّة ، وأهمها :

1. تأثر النبلاء ، ومالكي الأراضي الرومان، بنظام الأتباع ، الذي ساد دولة الفرنجة، في  فرنسا. 

2. قيام صغار المالكين، بِرٓهْن  أملاكهم إلى من هم أكثر نفوذاً وقوة ، لتأمين الحماية لهم. 

3. حالة الضعف، والفوضى التي سادت البلاد بُعَيدَ وفاة شارلمان .

4. ضعف الحكومة المركزية للدولة ، وعجزها عن صدّ الأخطار الخارجيّة. 
  -/ الإقطاع السياسي في لبنان. 

أن ّ السبب الرابع، المُتمثّل بضعف الحكومة المركزية للدولة،  هو من أهم سِمات  تركيبة النظام اللبناني، والتي بسببها قويًّت شوكة الإقطاع السياسي في لبنان، منذ تاريخ تكوينه، حتى يومنا الحاضر. 

وقد دأبت العائلات الإقطاعية في لبنان، على إضعاف الحكومات المركزية، وقد بان ذلك من التاريخ المعاصر، منذ حروب الفتن الطائفية، والمذهبية في القرن التاسع عشر ( فتنة ١٨٦٠ ) ثم في القرن العشرين، في الحروب الأهلية، ١٩٥٨، ١٩٧٥، وما بعدهما، وما تلى هذه الحروب من إتفاقات، كجنيف، والطائف، والدوحة، وغيرها من إتفاقات تندرج تحت مِظلّة تقسيم الجبنة، اي المغانم. 
هذه الحروب، والفتّن المذهبية، قوّت شوكة الإقطاع السياسي، في لبنان، وأصبح المُصطّلح المستعمل في القواميس، هو ملوك، وأمراء، الطوائف، بدّل تسميّة الإقطاع العائلي، وإن كانت التسّمية الجديدة، لا تختلف عن القديمة، كونها تُزيد من أضعاف الحكومات المركزية، وتُزيد ايضا ً من إذلال الشعب. 
أذا قارنت الحروب الأهلية، في العالم الحديث، بدء ً من الثورة الأميركية المجيدة، والثورة الفرنسية المُظفّرة، والحروب والفتن الأهلية في لبنان، ترى الفرق الشاسع في النتائج. 
هناك، وبعد الثورات الوطنية الأهلية، ترى ان الشعوب، وصلت الى كامل حقوقها المدنية في الحياة، والى ان عظمّة، ورفعة شأن الدولة المركزية وصل الى سدرّة المنتهى، عكس ما حصل، ويحصل في لبنان، إذ تلاحظ، ان شوكة، وبأس، الإقطاع، وفيما بعد، الملوك، والامراء، زاد قسوة، وعنفواناً وظلما ً، فيما تناقص نفوذ الحكومة المركزية، وأصبح في الحضيض، وان الشعب، إنقلب كالخرفان، يقودهم، راع ٍ يجيئ بهم او يأخذهم، للذبح، مُحاطين، ومكّبلين بالذّل، والهوان والاحتقار، ومن ثم الهجرة، الى من استطاع اليه سبيلا ً.

 -/ الإستبلاشمانت في أميركا. 
غدّت الإستبلاشمانت في اميركا، بعد الحرب الأهلية :
هي التي تُقرّر ..
هي التي ترسم السياسة العليا ...
هي التي تُعيّن الرئيس ...
لقد تكالبّت، وتعاظمّت، وتعاضدّت، وإتفقّت الإستبلاشمانت، في الانتخابات الرئاسية الحالية، سواء كان هواها السياسي، ديموقراطي، او جمهوري. 
وقد تكون نتائج الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني القادم، هي التي ستحدّد شأن، وبأس، وقوة هذه المنظومة في البقاء، او الضعف، او الزوال. 
هذه المنظومة، التي تخنق الرقاب، بدء ً من شركات الكهرباء، والماء، والمصارف، والتأمين الصحي، ومعامل الأدوية، الى اخر شركة غذاء، او مطاعم او محطات توزيع الوقود. 
ولتوضيح الصورة اكثر :
إن المرشحة عن الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون هي المدافع عن أخر معاقل الإستبلاشمانت في اميركا، اما المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب هو المقاتل حتى الرمق الأخير، ضد هذه المنظومة. 
وغدا ً لناظره قريب. 


  

فيصل المصري
أُورلاندو  / فلوريدا 
٢٠ أيلول / ٢٠١٦


0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9