يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الاثنين، 14 سبتمبر 2015

ألحب ألعذري، دراسة تاريخية !!!

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  11:43 ص


الحب العذري. 
 في الشعر العربي القديم. 
إهداء، 
الى كل من يؤمن بهذا النوع من الحب، ويتخّذه طقسا ً
وطريقة، في حياته. 

اخترت هذا الموضوع، بعد ان تراكمت الغيوم الملبّدة، وإكفّهر الجو، في سماء إنحبس فيها المطر، وانقطّعت مزّنات الصيف، وطال الليل، وغاب القمر، وعلا عواء الثعالب، وصالت الذئاب، وجالت مكشّرة عن انيابها، تنهش قيّم الحياة، وتفتك بالخير، وتنهك الأواصر وتبيدها.  

ارتأيت ان اكتب في الحب، الذي افتقدناه في الحياة الدنيا، ولم يبق له أثر حتى في الآخرة. 
إن التكالب، والتعالي، والنبذ، والأنانية، سمات،  قضت على الحب. 

( الحب العذري )

الحب العذري، يلفح العاشق، والعاشقة على حد سواء،
هو،  عاطفة صادقة، لانه يدوم، ويستمر، ويبقى على الرغم من الحرمان، والفراق القاتل، وفيه توحيد للمحبوب الواحد، لا إشراك فيه، وفيه العفّة، والشكوى من بخل المحبوبة، وفَرط في الحزن. 
 واليأس، هو من عوارض الحب العذري. 
الحب العذري،  هو حب جارف، قوي، عارم، لا يلتقي فيه الحبيبان، فالليل  يطول، لانه ينقلب عذابا ً، والنهار شقاء لانه، لا عمل فيه ينفع. 

فالعاشق العذري ( او العاشقة ) لا يحب في الحقيقة شخص حبيبته، بقدر ما يحب عِشقُه لها، ولهذا لا فرق عنده،  ان  كانت  بعيدة، او قريبة منه. 

فان كانت بعيدة عنه، فان نار العشق، تتأجج. 
وان كانت قريبة منه، فان حبه لها، لا يخبو، ولا  يضعف. 

الحب العذري،  هو حب حقيقي، لا جناح فيه، لا فسوق ولا حرج، ولا خيانة، ولا عار، ولا خطيئة، ولا ريبة، إنما فيه الوفاء، والعفاف، والطهر، والنقاء، والصفاء، الذي ما بعده، صفاء نفسي. 

على مرّ التاريخ :
 وفي الأدب العربي،  وحتى الأجنبي، تعامل الأساطين مع الحب العذري، بأنبل صور العشق، التي يمكن ان يصل اليها البشر، لانها تمثل انتصار الروح، على الجسد، وهزيمة للنفس، الأمارة بالسوء. 
الحب العذري،  في العصور القديمة، ظهر في بلاد ما بين النهرين ( العصر البابلي وما قبله السومري ) قبل ٥٠٠٠،، سنة قبل المسيح، وقد إعتبر البابلي  ان القلب، هو مركز الحب، وجعلوا من الكبد، مركز المشاعر، من شوق، وحزن. 

وقد نُسب الحب العذري، الى قبيلة بني عذرة العربية المعروفة في الجزيرة العربية، في صدر الاسلام، وما قبله، حيث برز شعراء من هذه القبيلة تُردّد أشعارهم الى يومنا هذا،  لانها من أنبل، وأجمل، ظواهر الحب، والعشق. 

يقول ابن قيّم الجوزية،
 في كتابه روضة المُحبّين  ونزهة المشتاقين :
قال سفيان ابن زياد :
 ( قلت لامرأة، من عذرة رأيت ُ فيها هوى، غالبا ً خِفت ُ عليها، الموت منه :
 ما بال العشق، يَقْتُلكم معاشر بني عذرة، من بين احياء العرب ؟ 
قالت : فينا جمال وتعفّفّ، والجمال يحملنا على العفاف، والعفاف، يورّثنا رقة القلوب، والعشق، يُفني آجالنا، وأننا نرى عيونا ً لا ترونها )
يشيع الصدق، في كلام هذه السيدة العذرية، لان النزعة روحانية والحب، فيه تبّتل. 

الشعراء في الحب العذري،  لم يقتصروا على قبيلة بني عذرة فقط، هناك شعراء من قبيلة نهد، اهمهم عبدالله بن عجلان، الذي نشأت على يديه أسطورة الحب العذري، كما يقول الباحث الفرنسي، ( فاديه )

اما مجنون ليلى، فهو من قبيلة عمرو بن صعصعة القاطنة قرب مكه، عاصر الدولة الأموية واسمه قيس ابن الملوح بن عامر بن صعصعة، وان ليلى التي أحبّها هي بنت، مهدي بن سعد بن كعب بن ربيعة.  

اما جميل بِن معمر، وحبيبته بثينة، نرى فيهما، أرقى نماذج الحب العذري، وأصدقها. 

وهناك ايضا الشاعر، قيس ابن ذريح بن الأحباب بن سنه من قبيلة، حزيمة من عرب الشمال، وحبيبته لبنى بنت أحباب، ام معمر من بني كعب من خزاعة. 

وهناك ايضا ً الشاعر،  كثير بن عبد الرحمن الخُزاعي ومحبوبته عزّه. 

وهناك ايضا ً، عنترة بن شدّاد، من قبيلة عبس، وعبله، ابنة عمه. 

وقد رأى الفلاسفة، ان الحب العذري،  لا يقتصر على الشعراء فقط، كونهم يظهرون مفاعيلها في قصيدة،  لا بل تصل الى عاشق، او عاشقة، لديهم جوع عاطفي يؤجج المشاعر. 

 لا  يمكن الاستخفاف بهذا الحب إطلاقا ً.
لان العذرية، لها ابعاد ميثولوجية، مرتبطة بالبعد الأسطوري، لانها تعتمد على عناصر قليلة من الواقع، بالرغم من كونها، قصة حقيقية، وأبطالها حقيقيون.  

كذلك ان الحب العذري،  مرتبط ببعده المكاني بالطّيف، اي طّيف الحبيبة، وبالخيال، الذي يقوم بوظيفة محاولة العاشق تقريب المعشوقة اليه. 

وقد اعتبر الفلاسفة، ان الحب العذري ظاهرة تحمل في حناياها الحس الماساوي، بالتغّني بالعشق، لانه حق من الحقوق الأزلية، للذات لا يمكن التفريط بها.  

ومن اهم سمات الحب العذري
 ( إخفاء الهوى، والتكتّم، والسّر خشية، الافتتضاح )
وكما قال جميل بثينة :
سأمنح طرفي حين ألقاك غيركم ....
لكيما يروا ان الهوى حيث انظر ....
اقلب طرفي في السماء لعله ...
يوافق طرفي طرفكم حين ينظر ... 

إذن الرقابة، والحظر، والتكّتم، أساس الحب العذري.  

وقد تكون شرارة الحب العذري، وقعت ما بين اثنين، ويحاول احد الطرفين الخلاص منها، ولا يفلح،
 كقول جميل :

وأول ما قاد المودة بيننا ... 
بوادي بغيض يا بثين َ سباب ...

أخيرا ًًً .... أردد ما قيل عن الحب العذري...
هذا حب، نتمنى ان نحيا مثيله ...
وإن عز ّ في زمن ٍ كزماننا ... 
وأضحى نادرا ًوإن لم يكن معدوما ...
حب خلدته إشعار سارت بها الركبان ... 
وتغنى بها العشاق ليومنا هذا، مات أصحابها وما ماتت حكايات حبهم العذري، التي تسمو بالمشاعر  والأحاسيس الى مرتبة النقاء، والصفاء. 

أعداد
 فيصل المصري 
اورلاندو /  فلوريدا
أيلول / ٢٠١٥







Related Posts

حِلْم ليلة ... صيف في لبنان !!

واترلو ....

الجنرال Remote control
0 التعليقات:
 

 

0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9