تحية إكبار وإجلال إلى الموحِّدين الدروز في الجليل والكرمل ( فلسطين ) وماذا يحصل في مخيم عين الحلوة ( لبنان ) اليوم.

 

تحية إكبار وإجلال إلى الموحِّدين الدروز في الجليل والكرمل ( فلسطين )

وماذا يحصل في مُخيم عين الحلوة

( لبنان ) اليوم. 

الْمُقدمِّة التي لا بُدَّ منها  :

ماذا يحصل في شهر أب مِن العام ٢٠٢٣  بمخيم عين الحلوة ( لبنان ) بعد أكثر مِن سبعة عقود مِن ذلك اللجوء الفلسطيني المؤلم. 

إذا أردت أن تعرف الجواب، عليك الرجوع إلى شهر حزيران مِن العام ١٩٤٨ عندما سافر إلى سوريا فضيلة شيخ عقل دروز فلسطين آنذاك المرحوم أمين طريف مع وفد مِن المشايخ لمقابلة عطوفة سلطان باشا الأطرش في بلدته القريَّا للاستئناس برأيه وأخذ مشورته في مسالة إخلاء القرى الدرزيَّة والنزوح إلى سوريا، لأن اليهود سيعملون على إبادة السكان. 

أجاب سلطان باشا الأطرش الوفد الدرزي الفلسطيني،

إيَّاكم ثم إيَّاكم ترك قُراكم، لأنَّ غيركم باع واشترى، أمَّا أنتم فما بعتم ولا اشتريتم، فعليكم الصمود في أرضكم والمحافظة على أرضكم وعرضكم، وإذا نزحتم إلينا فلن نقبلكم أبداً. 

وفي هذا الجواب الذي قاله سلطان باشا الأطرش منذ عقود ينطبق على ما يحصل اليوم في مخيم عين الحلوة الفلسطيني باعتبار أنَّ عمليات بيع وشراء القضية الفلسطينية ما زالت على قدمٍ وساق، لأنَّها تجارة رابحة لعرب اليوم. 

هذه المُدوَّنة إهداء إلى :

• أهلنا في الجليل والكرمل الذين لم يبيعوا كما باع غيرهم. 
• أهلنا في الجليل والكرمل الذين حافظوا على الأرض والعرض. 

في المُدوَّنة : 

كان الخوف يتملَّك المُوحِّدون الدروز في بلاد الشام إذا كان الحديث عن أنسبائهم وأقاربهم دروز فلسطين، لأنَّه بنظر العتاعيت الذين قبضوا على الرقاب والعِباد بعد نكبة فلسطين، يُعَّدون الكلام عنهم، ضرباً من ضروب خيانة الأمة العربيَّة من المحيط إلى الخليج ..

كان التفوُّه حتى همساً عن دروز فلسطين بأنَّهم ...... وقبل أن تُكمِل كلامك يعتبرونك عميلاً أو جاسوساً وغير ذلك من مفردات الوطنجيَّة العربيَّة التي كانت مُزدهرة حتى الأمس القريب. 

وكانت حتى لفظة دولة إسرائيل من الكبائر التي تُدخلك في باب من أبواب جهنم، بالرغم من أنَّ دول عربية عدَّة عقدَّت إتفاقيات ثُنائية مع دولة إسرائيل من فوق الطاولة علناً ومن  تحتها خلسةً وخفيَّةً.  

سبق وكتبت في إحدى مُدوِّناتي أنَّ حِزْب الملامَّة عند العرب ظهر واستفحل أمره بعد خيباتهم بدءاً من فلسطين وما أدراك بعد الربيع العربي. 

قال جماعة بعض العرب من هذا الحزب، خسر العرب وجحافل جيوشهم فلسطين بسبب تمسُّك دروز فلسطين بأرضهم، وبقائهم دون قبول هوان التشرُّد واللجوء. 

 

نسي حزب الملامَّة العربي أنَّ الخلافات ما بين العرب أنفسهم كانت منذ ألف واربعمائة سنة، وَلمَّا تزَّل، وإنَّ دول الأرض والمريخ ما زالوا يعيثون ويخرِّبون فساداً وإفساداً في دولهم، ويُنهضون هممِّهم في الغباء الْمُدقِّع، ويحثُّونهم على الثأر المعشعِّش في عقولهم الجوفاء. 

قد يعتبر البعض هذه المُدوَّنة دفاع مُستميت عن دروز الجليل والكرمل ( فلسطين … ) وإن كنت أُؤكد وأُشدد صراحة ً وعلناً أنَّها مُدوِّنة لاظهار الحق.  

إن دروز الجليل والكرمل ( فلسطين … ) غير مقصرين في الدفاع عن أنفسهم أو في الدفاع عن أبناء مِلتهم أو جلدتهم في الدول المجاورة فيما لو وُجِّهت التهَّم اليهم ..

إنَّ دروز الجليل والكرمل لهم البَّاع الطويلة في إحقاق الحق والدفاع عنه لو نال أذيَّة لأهلهم في بلاد الشام. ولكن دأبهم كان ولمَّا يزّل التقيَّة على منوال سلفهم الصالح، واقتداءً بتعاليم من سطَّروا الإيمان العميق والتقيَّة  في مهالك وغدر الزمن، أقصد بذلك سماحة الشيخ أمين طريف رحمَات من الله ينعم بها.   

إذاً وَمِمَّا لا شك فيه أنَّ دروز الجليل والكرمل تربطهم أواصر القُربي مع دروز لبنان وسوريا والأردن. 

يتألمون لألم بعضهم البعض. 

ويفرحون لفرح بعضهم الاخر. 

هُم مِن الطينَّة ذاتها. 

ومن لدُّن العريكة نفسها.  

مِن بني معروف الواحد.  

ولكن شاء التقاعس العربي، أن يُبعِّد جسَد دروز لبنان وسوريا والأردن عن عيون دروز الجليل والكرمل. ولكن عيون دروز الجليل والكرمل ما زالت ساهرة شاخصة على أهلهم في الدول المجاورة. 

ولم يخِّب الظَّن يوماً، ولم تَرِفُّ لهم أيُّ عينٍ أو جفنٍ، في تلبية النداء والنخوَّة إذا أصاب إخوانهم أي ضيم، وأخره الحيف الذي لحق  بقرية الحضر السورية من كواسر الجاهليَّة الجديدة، حيث ألحقوا بهم الْخِزْي والعار بعد ضربات السواعد والزنود المفتولة من بني معروف ..

يسكن دروز الجليل والكرمل في المناطق الجبلية لجهة الشمال، ويُشكِّل الدروز نسبة 8% من مجمل السكان العرب في فلسطين. 

وصل التعداد السكاني للدروز في إسرائيل حسب آخر إحصاء  في سنة 2012 إلى حوالي 130,600 نسمة أي 1.7% من نسبة السكان  في إسرائيل، وهذا الإحصاء لا يشمل السكان الدروز القاطنين في هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل في عام 1967 وضمتها في عام 1981، وهم من المقيمين الدائمين بموجب القانون الخاص لمرتفعات الجولان، وقد رفضَّت الأغلبيَّة الساحقة من هؤلاء السكان قبول الجنسيَّّة الإسرائيلية الكاملة، واختاروا الاحتفاظ بجنسيَّتهم السورية.  

منذ تأسيسها وأسوَّة بالدول الإقليمية والدولية فرضَّت دولة إسرائيل التجنيد الإجباري والإلزامي، وَمِنْ التسميَّة يُفهم أنَّ الدروز المنخرطين بالجيش الاسرائيلي كان لزاماً عليهم القبول وطاعة القوانين وليس خياراً. 

وحتى لا يفهم كلامي بالخطأ سأتكلَّم عن التجنيد الإجباري الذي كان سائداً في الولايات المتحدة الأميركية، وليس عن التجنيد الإجباري في الدول العربيَّة حيث دفع الخوَّات والهرَّب أو دفع البدَّل وهو عالي وباهظ الثمن من الخدمة العسكرية. 

في الولايات المتحدة الأميركية، العالم بأسره تكلَّم عن بطل الملاكمة محمد علي كلاي الذي رفض التجنيد الإلزامي ليحارب في فيتنام، إلى أن أقرَّ الكونغرس الأميركي قانون الاعفاء من الخدمة الإلزامية.  

يتضِّح من أعلاه، أنَّ مسألة الخدمة الإلزامية كما كانت تُفرض على الأميركي ولا يُحبِّذها أو يرضى بها، هذا هو الحال مع الدرزي والتجنيد الإجباري في جيش الدفاع الاسرائيلي. 

إنَّ المُزايدات في هذه الامر، بات مُمِّلاً ولا نفع منه في توجيه التهَّم جزافاً في الوطنية والقومية العربيَّة للمُجندين الدروز في جيش الدفاع الاسرائيلي، وقد بات واضحاً أنَّه وبالرغم من الخدمة العسكرية للدروز في الجيش الإسرائيلي تطبيقاً للقوانين، فإنَّ الامتعاض والاعتراض العلني ظهر عن طريق تحرُّكات لرفض التجنيد الاجباري مع تأسيس حراك مدني حمل عنوان" أرفض. شعبك بيحميك " الذي يوفِّر شبكة دعم للرافضين أو الممتنعين عن التجنيد، والتي تشمل متطوعين ومحامين وأخصائيين من المجالات العلمية الاخرى كافة. في حين تميل الغالبية من دروز الجولان على التماهي مع الهوية السورية. 

وأخيراً

ومن دون خوف أو وجَّل …

إليكم يا دروز الجليل والكرمل تحية إكبار وإجلال لأنَّكم أعطيتمونا درساً في حفظ الأرض وصون العرض. 

فيصل المصري 

أُورلاندو / فلوريدا

أب ٢٠٢٣

المرجع : المُدوَّنات الفيصليَّة 

كتاب المُوحِّدون الدروز عبر التاريخ. 

الطبعة الأولى حزيران ٢٠١٨