يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 24 فبراير 2021

الأميرة الفاضلة المؤمنة السِّت زهر أبي الَّلمع. المُدونَّات الفيصليَّة.

نشر من قبل Faissal El Masri  |   11:05 ص

 الأميرة الفاضلة المؤمنة السِّت زهر أبي اللَّمع .. سِت درزيَّة


المُقدِّمة التي لا بدَّ منها :


بعد أن نشرت مُدونَّتي :

( الموحِّدون الدروز في بلاد الشام، لبنان وسوريا وفلسطين والأردن، وفي بلاد الإغتراب، إلى أين ؟ ) 

بتاريخ ١٨ شباط ٢٠٢١م. 

وردني عدَّة أسئلة تتعلق بالفقرة : 

( الأُسر الدرزيَّة التي مارست سياسة الكرَم والتسامح تجاه الطوائف اللبنانية الاخرى خاصة المارونية )

كانت الاسئلة تتمحوَّر حول :

هل مارست هذه الأُسر سياسة الكرم والتسامح تجاه العائلات الدرزيَّة أيضاً ؟

آلا تعتقد لو مارست هذه الأُسر نفس سياسة الكرَم تجاه العائلات الدرزيَّة كانت الأوقاف الدرزيَّة في لبنان الآن أغنى من الأوقاف الإسلامية، وأكثر بحبوحةً من الكنيسة المارونية.

حتى أكون صريحاً وصادقاً مع قُرائي الأعزاء

أقول، أقلقني السؤال المتعلِّق بالأوقاف الدرزيَّة وعن دورها في كل أزمة تعصف بأبناء بني معروف الصامدين في هذه الجبال موطن أهلنا وقبائلنا التي حمَت الديار والثغور

سبق أن قلت في الماضي علينا أن نترك لأصحاب المعالي  والنافذين والمستفيدين من ذوي الشأن في مُقدرات الأوقاف الدرزيَّة الرَّد على كثير من الاسئلة وخاصة في وباء الكورونا الذي إجتاح عائلاتنا في القرى والمدن، وماذا كان دور الأوقاف الدرزيَّة ؟


أمَّا فيما يتعلق بالسؤال، هل حصل في التاريخ  أن استفادت عائلة درزيَّة من كرم وتسامح الأسر التي ذكرتُها في المُدونَّة من تقديم أراضٍ وهبات للطائفة المارونية ؟

أقول نعم … 

ويشرفني أن أُعيد نشر مُدونَّتي عن ذلك الكرم والتسامح الذي قامت به أميرة درزيَّة مِن آل أبي الَّلمع وهي الأميرة : الفاضلة المؤمنة السِّت زهر أبي اللَّمع، التي أوقفت أملاكها لعائلتين درزيتين ( آل المصري وآل سعيد ) في صليما قريتي وموطن أهلي وأجدادي. 

بالمناسبة يشرفني أن أقدِّم الشكر والامتنان للقيمين على وقف آل المصري وآل سعيد في صليما على الأعمال الجبارة والكرم الزائد الذي قاما به في جائحة الكورونا للأهل وإن دلَّ فإنَّه يدُّل على الوفاء لأميرة درزيَّة  أوقفت أملاكها لنا وبعد عشرات مِن السنين نمطرها بوابل من الرحمات كل يوم. 

 

هذه قِصَّة الأميرة السِّت زهر أبي الَّلمع أنشرها وأكرر نشرها لأنَّ فيها القدوة الحسنة إلى كل من يريد أن يقتدي في أعمالها وأقوالها وأخلاقها وكلِّ جزئيات سلوكها في الحياة، لأنَّها خير قدوة يقتدي بها الأفراد والأُسر الطامحة لبلوغ الكمال الإنساني.    


في المُدونَّة :

لم يَكُن الإنسان بحاجة إلى العقل والإيمان كما نحن في هذه الليالي الظَّلماءِ نفتقد الإيمان والعقل معاً.

ومن هي صاحبة العقل والإيمان.  

إنَّها السِّت زهر أبي الَّلمع


الأميرة السِّت زهر إبنة الأمير منصور مراد أبي الَّلمع من بلدة  صليما في قضاء بعبدا، من محافظة جبل لبنان

ما زالت ترشحُ إيماناً وزُهداً وتقوى

إنَّها سليلة عائلة كريمة حكمَت جبل لبنان ردحاً من الزمن

إنَّها من عائلة رسمَت على جبين تاريخ لبنان أنبَل قصص الشهامَة والإباء والفروسيَّة

إنَّها من عائلة كريمة لم يذكر التاريخ عنها أنَّها مارست في حِكمها اضطهاد أو  تفرِقة عنصرية أو  دينيَّة على رعاياها الذين ليسوا من دينهم، خلاف بعض الأمراء الشهابيين خاصة ذلك البشير الشهابي الكبير في الحقارة، والأحقر منه حُثالة المؤرخين المحدثين اللبنانيين الذين يُعلِّمون ويُدرِّسون طلاب المدارس الكذب التاريخي.


لست في هذه الدراسة التي تنضَّحُ وترشحُ إيماناً لأسرُد تاريخ عائلة أبي الَّلمع السياسي والإمارة التي أرسوا دعائمها في جبل لبنان

هذه الدراسَّة  أو المُدونَّة تنقُلنا إلى رِحاب الإيمان في طريق من التَديُّن الذي سلكته هذه الأميرة السِّت سليلَّة

الْعِزَّ والجَّاه، لأنَّها نبذَّت كل مباهج وزينَة الحياة الدنيا، واختارت القداسَة والطهارة طقساً وطريقاً  ومنهجاً ومسلكاً.

لا تبتعِد الأميرة  السِّت  زهر أبي الَّلمع عن السيدة الفاضلة الجليل قدرُها رابعة العدويَّة  في المسلك والإيمان  قيد أنملة، ألَّا  فيما خصَّ أنَّ رابعة العدوّية تسربلت حياتها بالفقر وعانَت وصبُرَت ولاقت الشدائد.  

أمَّا أميرتنا الفاضلة، دارَت وجهها المُشِع  قدراً وإجلالاً عن المال والجاه إلى الورَّع، والتحقت بالزهد والتديُّن، وهذا بحّد ذاته زاد من مكارمها.  


كتب اللورد الإنكليزي شرشل عن عائلة أبي الَّلمع لَمَّا زار لبنان بالقرن التاسع عشر، أنَّ هذه العائلة كانت على دين التوحيد أبَّا عن جد ( أي من أتباع الطائفة الدرزيَّة ). وقد اعتنقوا الديانة المسيحية كلهم، دفعةً واحدة ما عدا أميرة واحدة بقيَّت على دين ابائها وأجدادها أي دين التوحيد،  هي الأميرة الفاضلة السِّت زهر أبي الَّلمع


وقد ذكر التاريخ الصحيح غير المُزوَّر وما أكثره في تاريخ لبنان أنَّ صليما تلك القرية الوادعة والرابضة على سفح الجبل، كانت عاصمة الإمارة اللَّمعية. وكان معظم سكان صليما من طائفة الموحِّدين الدروز، وعندما بدأت موجَة التنصُّر، أي الانتقال من الدين الاسلامي أو مذهب التوحيد الدرزي إلى الديانه المسيحية، كانت عائلة أبي الَّلمع من جملة العائلات الدرزيَّة التي تنصَّرت.  


وللتنصُّر أسبابه الاقتصادية والسياسية، ومكان بحثه ليس في هذه المُدونَّة.   

وكما قال اللورد الإنكليزي عن انتقال عائلة أبي الَّلمع إلى الديانة المسيحية

( حصل ما لم يكُن في الحسبان، قرَّرت أميرة واحدة رفض التنصُّر. جاهرَت بالبقاء على دين الآباء والاجداد ). 


وبسبب قرار الأميرة السَّت زهر البقاء على دينها، اعتبرها دروز القرية، ومن ثم الدروز عامَّة « وليَّة »، يضيئون على قبرها الشموع  والسُرج  ويزورون مدفنها للتبرُّك  والتبتُّل والدعاء


تُعتبر الأميرة السِّت  زهر أبي اللَّمع من فُضليات النساء صاحبات العقل الراجح والرأي السديد والإيمان الثابت


كانت تُناظر الرجال في العلم والمعرفة وتقارعهم بالحجَج وتتربَّع على عرش المحامِد والمكارِم وفضائل الأخلاق.  


وكانت تُقيم  لأعمال البرّ والإحسان صدارةً  في أولويَّاتها، وقد إنتقدَت أهلها وذويها  في اعتناقهم الدين المسيحي، وانجرافهم وراء فوائد مادية وسياسيًة آنية، لا كرهاً بدينهم المتوارَث عن الآباء والأجداد، ولا حُبِاً بالدين الجديد.  


وقبل وفاتها بالعام ١٢٣٠ هجرية بأحدى عشر سنه، ( أوقفت أملاكها الشاسعة وقصرها في صليما لعائلتي سعيد  والمصري ( عائلتين درزيَّتين ) مناصفةً. ووزَّعت ما عندها من أموال وأثاث ومنقول في أوجه الخير والإحسان دون تفريق طائفي


أمَّا قصرها المنيف والشامخ في صليما، أصبح مركزاً للتعبُّد، يقام فيه مجلس القرية.  

ويقال أنَّ  ذويها غضبوا عليها لأنَّها لم تسلك مسلكهم في اعتناق الديانة المسيحية، وزاد غضبهم لأنّّها حرمتهم من ميراثها الكبير.  


ويقال أيضاً أنَّ أخاها صمَّم على قتلها، فأتى إلى صليما وترجَّل عن جواده شاهراً سيفه بيمينه، فما أن وطأت قدماه داخل قنطرَة قصرها، حتى سقط ميتاً.


ومن المؤكد أنَّ ميراث الأميرة السِّت  زهر أبي الَّلمع، وتُكنَّى  « أم سليمان »، من والدها ومن زوجها الأمير قاسم أبي الَّلمع، قد أُوقفا إلى عائلتي المصري وسعيد الدرزيتَّين.    


لم ترزَّق الأميرة السِّت  زهر ولداً.

 وللأمراء الَّلمعيين في صليما مدفنان باقيان إلى اليوم  وأهمهما المدفن المعروف بمقام  السِّت زهر، حيث ضريحها الخاص يؤُمه المؤمنون وأهالي صليما والجوار


هذه أميرة ..

وهذه سِت درزيَّة ..

وهذه سيدَّة درزيَّة  ..

وهذه إمرأة درزيَّة  ..

سطَّرت على جبين تاريخ لبنان ما لم يقدِر عليه الرجال

إنَّها صانعة تاريخ

إنَّها منبع إيمان.

إنَّها حاضنة عقيدة

إنَّها حافظة عقيدة.

إنَّها مُدافِعة عن عقيدة.   

إنَّها تُراث يُحتذَّى

إنَّها الأميرة السِّت زهر أبي الَّلمع

كٓرَّم الله وجهها



فيصل المصري

أورلاندو / فلوريدا

٢٤ شباط ٢٠٢١م. 


هناك تعليقان (2):

  1. دمت استاذ فيصل ذخرا لكلمة الحق بعيدا عن لوثة الكذبة من مؤرخي لبنان الطائفيين الذين عملوا على طمس الكثير من التاريخ المشرف للموحدين الدروز حيث استطاعوا اتمنى منكم أن تنشروا تأريخ دقيق لفترة تنصر ال ابي الللمع والأسر التي تنصرت في تلك الحقبة ولكم جزيل الشكر والاحترام

    ردحذف

Blogger Template By: Bloggertheme9