يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 17 فبراير 2021

الموحِّدون الدروز في بلاد الشام، لبنان وسوريا وفلسطين والأردن وفِي بلاد الإغتراب.

نشر من قبل Faissal El Masri  |   7:53 م

 الموحِّدون الدروز في بلاد الشام

لبنان سوريا وفلسطين والأردن

وفي بلاد الإغتراب

إلى أين ؟


( المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها ) :

عندما طبعت  كتابي ( المُوحِّدون الدروز عبر التاريخ ) في بيروت بالعام  ٢٠١٨، لامني مرجع ديني درزي كبير في لبنان لأنِّي ألصقت تكراراً تعبير الحُثالة على  ( بعض ) الفقهاء المسلمين الذين إتخذوا مِن الكذب والرياء والدجل والنفاق والتدليس منصَّات لتشويه صورة الوجه المُشرق للدعوة التوحيديَّة التي أضاء أنوارها الحاكم بأمر الله قدَّس الله سرَّه مِن جامعه الكبير في مصر، ومِن  مكتبته العامرة في القاهرة

فليعذرني المرجع الديني الدرزي إن خلعت على ( بعض ) كتبة وسياسي الموارنة اليوم تعبير الحُثالة كما قلت عن ( بعض ) فقهاء المسلمين سابقاً، طالما يشوهون تاريخنا الناصع بياضاً والمُشرق كالشمس في وضح النهار


فِي المُدونَّة

دور دروز لبنان ودروز فلسطين في أزمة المنطقة


أولاً : دور دروز لبنان :

اليوم ونحن على مشارف القرن الواحد والعشرين ظنَّنت  نفسي وأنا الدرزي اللبناني منذ عدَّة قرون عندما أسمع أراء الحُثالة والكتبة مِن أبواق السلطة اللبنانيَّة الحالية أنَّ أهلي وعشيرتي استوطنوا لبنان بعد أن استقبلتهم الأديرة والكنائس المارونية في الجبال حيث أمنَّت لهم الأراضي للعيش اللائق، لا بل قادني الظن الغاشم أنَّ علينا نحن معشر الدروز تقديم واجب الشكر إلى موارنة لبنان ( كونهم ملح الأرض ) لأنَّهم أكرموا ضيافتنا وأحسنوا لجوئنا، وإلَّا علينا الرحيل.  


وزيادة في قلَّة الأخلاق الإمعان في التعرُّض إلى بعض رموز العائلات الدرزيَّة تحديداً آلِ جنبلاط التي نفتخر بدورها السياسي والتاريخي.  


هذا النمط من التفكير الحقير بدءً من نبش القبور وإنتهاءً بمقولة تاريخ تواجد القبائل الدرزيَّة في جبال لبنان ووادي التيم، والاستفزاز  اليومي المُقلق على منابر التواصل الاجتماعي والكيديَّة السياسيَّة عن طريق التهميش والإقلال من دور الموحِّدين الدروز السياسي وهم من قاموا بتأسيس هذه الدولة، يتطلَّب تذكير الحُثالة بأنَّ التاريخ الصحيح لهذه البقعة من بلاد الشام هو ما ذكره الشرفاء من المؤرِّخين لا رعاع المصاطب


في كتابه ( أبحاث في التاريخ السياسي والاجتماعي للموحِّدين الدروز ) يقول الدكتور عَبَّاس أبو صالح :

( غير ان الدور الكبير الذي مثَّله الدروز في عهد الإمارة المعنية، وفِي عهد الامير فخر الدين الكبير بالذات، بدأ يتضاءل مع بداية الحكم الشهابي في لبنان خلال القرن الثامن عشر. إذ أن انتقال الحكم من المعنيين الدروز الى حلفائهم الشهابيين، كان بداية التحوُّل في دور الدروز السياسي من مرحلة القوة الى مرحلة الانحطاط والضعف بشكل تدريجي ). 

يضيف الدكتور عَبَّاس أبو صالح القول :

( إن إستمرار الدروز في السلطة حتى نهاية الإمارة المعنيَّة، أدى الى خسارة الدروز للمركز السياسي الأول في لبنان، حيث إنتقل الحكم سنة ١٦٩٧م. من المعنيين الدروز إلى الشهابيين السُنَّة بعد أن استأثر الدروز بهذا الموقع في الحكم أكثر من سبعة قرون متواصلة )


قد تكون سياسة التسامح الدرزي من مزايا الأخلاق التاريخيَّة التي مارسها أُمراء الدروز على رعايا بلادهم، وقد أسهب كثيراً  الدكتور صالح زهر الدين في كتابه تاريخ المسلمين الموحِّدين الدروز عندما ذكر مسألة التسامح الدرزي :


أجمع المؤرخون بأنَّ الموحِّدين الدروز أثناء حكمهم في عهود إماراتهم التنوخيَّة والمعنيَّة واللمعيَّة كانوا يعتبرون سياسة التسامح تجاه الرعيَّة مع باقي الطوائف والمذاهب الاخرى، وخاصة الموارنة ( واجباً مقدساً )

سياسة التسامح الدرزي التي اعتمدها عقلاء وزعماء الدروز لمَّا كان الحَّل والربط والأمر بيدهم  ورهن قرارهم، هو الذي جعل هؤلاء الحُثالة من المؤرِّخين يكذبون ويفترون.  


قام الدكتور صالح زهر الدين بتوثيق ما أبرزه من سياسة التسامح الدرزي  مستنداً إلى كل من :

اسطفان الدويهي، في كتابه تاريخ الموارنة

أنطوان ضاهر العقيقي، في كتابه ثورة وفتنة  في  لبنان

فيليب وفريد الخازن، في مجموعة المحررات السياسية والمفاوضات الدولية عن سوريا ولبنان من العام ١٨٤٠ حتى العام ١٩١٠م

عارف النكدي، في مخطوط بنو نكد


الأُسر الدرزيَّة التي مارست سياسة الكرَّم والتسامح تجاه الطوائف اللبنانية الاخرى :


أولاً : الأسرَة المعنيَّة

نرى الاسرَة المعنيَّة وخاصة الأمير فخر الدين الثاني يقف مارداً شامخاً كريماً خلوقاً عندما اشترى بلدة مجدل المعوش حيث أسكن فيها البطريرك الماروني يوحنا مخلوف، واعتبروه حاميهم  ومصدر سعادتهم


وقد أثنى أحد الفرسان الفرنسيين ( دارفيو ) عندما نشر مذكراته في باريس بالعام ١٧٣٥م. عندما قال أنَّ المسيحيين في لبنان كانوا يتمتعون بالحرية في ممارسة طقوسهم الدينية، وفِي بناء كنائسهم وأديرتهم، وارتداء ما كان يمنع عليهم سابقاً.


ثانياً : الأسرة النكديَّة

نرى الأسرة ( النكديَّة ) تقوم بتقديم قسماً كبيراً من أملاكها إلى الكنيسة المارونية في بلدة ( الناعمة ) جنوب

بيروت، لبناء الدير المشهور هناك بإسم القديس مار جرجس


ثالثاً : الأسرة اللمعيَّة

أمَّا الأسرة اللمعيَّة الدرزيَّة، حدِّث ولا حرج في تسامحهم  وكرمهم في تقديم الأراضي للمسيحيين الموارنة

ولا تُصدِّق أيُّ كاذب، عندما يقول أنَّ اللمعييِّن وهبوا أراضيهم للموارنة لما تنصَّر أُمراؤهم ، بل الحقيقة الدامغة أن كرم هذه العائلة يعود الى الأمراء الأوائل الذين كانوا يدينون بالتوحيد مسلكاً، واستمرت هذه العادة الحميدة في التسامح والكرم حتى أخر أميرة عندهم بقيَّت على دين الآباء والاجداد ( التوحيد ). الأميرة السِّت زهر أبي اللمع


بالعام ١٧٤٨م. وهب الأمير يوسف مراد أبي اللمع دير مار يوحنا القلعة الى القس سمعان عريضة الرئيس العام للرهبنة الانطونية

المرجع : سليم حسن هشي، في المراسلات الاجتماعية والاقتصادية لزعماء جبل لبنان

بالعام ١٧٥٤م. تسلمَّت الرهبانية المارونية دير ما ساسين في بسكتنا من أُمراء بيت فارس أبي اللمع

المرجع : عفيف بطرس بشارة ( اعرف لبنان ). 


رابعاً : الأسرة التنوخيَّة

أوصى الامير السيِّد عبد الله التنوخي لجيرانه المسيحيين من آلِ سركيس بقسم من أملاكه في قريته ( عبيه، جنوب عاليه ) بعد وفاته سنة ١٤٧٩م


خامساً : العائلة الجنبلاطية.  

قدَّم الشيخ علي جنبلاط لرهبان الطائفة الكاثوليكية أراضٍ واسعة في بلدة ( جون، شمال مدينة صيدا ) حيث بنوا عليها دير المخلص بالعام ١٧١١م

كذلك ساعد الشيخ علي جنبلاط الموارنة بالعام ١٧٩٨م. في تجديد بناء دير مشموشة

كذلك أيضاً وهب الشيخ بشير جنبلاط بالعام ١٨٢٠م. موارنة بلدة ( المختارة ) أرضاً ليبنوا عليها كنيسة

المرجع : طنوس الشدياق، في كتابه أخبار الأعيان.   


سادساً : عائلة تلحوق

بالعام ١٧٣٨م. قدَّم زعيم آلِ تلحوق للرهبنة المارونية قسماً من أراضيه لبناء كنائس، وأديرة ومراكز تعليم

المرجع : توفيق طعمة


سابعاً : عائلة أبو شقرا

قام الشيخ حسن معضاد أبو شقرا ببناء كنيسة الحسانية، وعلى أنقاض تلك الكنيسة القديمة قامت الكنيسة الموجودة اليوم

المرجع : يوسف أبو شقرا، في كتابه  الحركات في لبنان


ثانياً : دور دروز فلسطين السابق والحالي والمستقبلي

كان الخوف يعتري الموحِّدين الدروز في بلاد الشام إذا تحدثوا عن أنسبائهم وأقاربهم دروز فلسطين، لأنَّه بنظر حُثالة الوطنجية يعدُّون الكلام عن دروز فلسطين ضرباً من ضروب العمالة مع العدو لأنَّ في ذلك خيانة الأمَّة العربية من المحيط إلى الخليج.  


كان مُجرد التفوَّه  همساً عن محاسن دروز فلسطين  يُلصقون إلى قائله أنَّه عميل للعدو وغير ذلك من مفردات الوطنجيَّة العربية المُزدهرة حتى الأمس القريب.  


وكانت حتى لفظة دولة إسرائيل من الكبائر التي تُدخلك في باب من أبواب جهنم المخابرات العربيَّة، بالرغم من أنَّ عدَّة دول عربية عقدَت إتفاقيَّات ثُنائية مع دولة إسرائيل من فوق الطاولة علناً ومن  تحتها خلسةً وخفيةً، وغير ذلك من تطبيع حدود جغرافية بحريَّة وبريَّة


الحقيقة الساطعة التي لا لبس فيها إنَّ الدروز في فلسطين لم يقصِّروا كما تخاذل الأخرون في الدفاع عن أرضهم وعرضهم وكانت إراقة الدماء عندهم على مذبح الشرف دونها مذلَّة اللجوء إلى الجوار، 


والتاريخ يشهد أنَّ دروز فلسطين ما زال لهم البَاع الطويلة في الدفاع عن أهلهم  في بلاد الشام ( سوريا ولبنان ) دون منَّة أو جميل لأن دأبهم كان ولمَّا يزل التقيَّة على منوال سلفهم الصالح دونه تمنين لأنَّ حفظ الإخوان من طقوسهم ومعتقداتهم


إنَّ دروز فلسطين  شاء من شاء وأبى من أبى تربطهم أواصر القُربي مع دروز لبنان وسوريا والأردن، يتألمون لألم بعضهم البعض ويفرحون لفرح بعضهم الاخر، هُم مِن الطينة ذاتها ومن نفس لدن العريكة نفسها، مِن بني معروف الواحد


فلا يتعجَّب جهلة التاريخ وحثالة المتكلمين اليوم إن قلنا مِن أنَّ دروز فلسطين هم مع دروز بلاد الشام وبالأخص دروز لبنان في السَّراء والضرَّاء، وهم من حفظَّة قول وفعل الشاعر عمرو بن كلثوم القائل :

ألاَ لاَ يَجْهَلَنَّ أحَدٌ عَلَينافَنَجْلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِينا.  


إنَّ عيون دروز فلسطين ما زالت شاخصة على ما يجري  في المنطقة، والقبضة الحديديَّة العسكريَّة غبَّ الطلب للذود عن أهلهم في الدول المجاورة وخاصة لبنان وسوريا


لم يخِب الظَن يوماً، ولم تَرِفُّ لهم أيُّ عين أو جفن في تلبية النداء والنخوَة إذا أصاب إخوانهم أي ضيم، وأخره الحيف الذي لحق بقرية الحضر السورية من كواسر الجاهليَّة الجديدة، حيث ألحقوا بهم الْخِزْي والعار، بعد ضربات السواعد والزنود المفتولة من بني معروف فلسطين


إلى الحُثالة

وإلى من يهمهم الأمر

أقول :

في السياسة الدوليَّة والمنعطفات التاريخيَّة اعتمد عقلاء الموحِّدون الدروز مبدأ حفظ الإخوان، وقد سبق وذكرت عن الغضنفر سلطان باشا الأطرش ( من سوريا ) وفضيلة الشيخ أمين طريف ( مِن فلسطين ) طيَّب الله ثراهما أثناء اللجوء الفلسطيني عقب نكبَّة فلسطين

أعود وأُكرر الآن :

العنوان العريض عند الدروز هو الحفاظ على الإخوان في الشدائد بغض النظر عن الأهواء والخلافات المحليَّة والسياسيَّة والرغبات والمصالح الدوليَّة أو الإقليميَّة، وهذا من صلب العقيدة


فيصل المصري

أُورلاندوا / فلوريدا 

١٨ شباط ٢٠٢١ 


هناك تعليق واحد:

  1. علّا الله شأن من كتب الحق واوضحه للعامة

    ردحذف

Blogger Template By: Bloggertheme9