سِرْ العلاقة ما بين الإمبراطورية الفارسية ( إيران اليوم ) واليهود.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
ما يُلفت نظري ويقلقني أن الغباء العربي ما زال كامناً في العقول ومُستشرياً في الأفعال ومُقيماً في النفوس ومُنقسماً في الدين الإسلامي الواحد.
هذا يميل إلى إيران اليوم، لأنها دولة ( شيعيَّة ).
وذاك يحِّن إلى تركيا اليوم، لأنها دولة ( سنيَّة ).
التاريخ الصادق غير ( الكاذب والكذوب والمنافق والمُرائي الذي وصل إلينا )، يقول أن الفرس وحُثالة بني عثمان لم يعتنقا الإسلام ديناً أو عقيدةً بل وسيلةً من أجل القضاء على العرب والعروبة.
الفرس ومن أتى بعدهم ( إيران ) إتخذوا الثأر والإنتقام من الذي دمَّر قصورهم وقلاعهم وهياكل عباداتهم حيث كانوا يعتبرون النار والماء أدوات من طقوس الطهارة الروحية وفقاً للمجوسيَّة أو الزرادشتيَّة التي سادت في الإمبراطورية الفارسيَّة.
يكفي أن نذكر على مسامعهم الأن وبعد مُضي أكثر من ألف وأربعمائة عام إسم :
البطل الصنديد المُثنَّى إبن حارثة الشيباني.
وسيف الله المسلول خالد إبن الوليد.
حتى تميد الأرض وتهتَّز في إيران اليوم خوفاً وهلعاً.
أمَّا بني عُثمان ومن أتى بعدهم ( تركيا ) فحدِّث ولا حرج عليك عن همجيَّة قبائلهم إذا ما قارناها مع حضارة القبائل العربية قبل الإسلام، فكانت الضغينة في القلوب والحسد في الأنساب ملاذاً آمنا للفتك بالأصالة العربية الغارسة في التاريخ.
مُنذ ذلك الوقت بدأ الفرس وبنو عثمان العمل الدؤوب والحثيث والمُضني ( كل حسب بدء قيامته وعزيمته ) على نخر وتقسيم الدين الإسلامي الواحد من أجل السيطرة على الشعب العربي وإنهاكه.
وقد أفلح ونجح بنو عثمان طيلة قرون أربعة على وأد العروبة قهراً وعسكرياً، والآن جاء دور إيران وتركيا على تركيع العرب وإضعافهم عالمياً كما نشهد فصوله في سهول وجبال وبطاح الاراضي العربية.
لماذا العجب إلى ما آلت اليه الامور …
ولماذا الإستغراب والإستهجان في سمعة عرب اليوم …
ولماذا التساؤل والمناقشة في قول كتبته سابقاً وعلناً دون مواربة وهو أنَّ مصيبة الإسلام العربي أتَّت وستأتي مُستقبلاً حتى قيام الساعة من مسلمي الأمصار والأقطار القريبة والبعيدة من غير العرب.
ومَنْ غير إيران وتركيا المُتاخمتين حدوداً.
ومَنْ غير كل دولة ينتهي إسمها … ستان من الأمصار البعيدة.
كُلٌ يعمل جاهداً على تخريب البلاد العربية بإسم النخوَّة الإسلامية فإجتاحت قطعانهم من هاجوج وماجوج الربيع العربي تسرح وتمرح وتُعيث فساداً وإفساداً بالقيَّم العربية الآصيلة.
جميع هذه الدول ( غير العربية مجتمعة ولأنها تدين بالإسلام )، لا يتجرأ أي عربي حر تسري في عروقه الدماء العربية النقيَّة والكرامة العربية الأبيَّة، أن ينتقد هذه الدول منذ أن قبض على الرقاب والعباد الإستبلشمانت الإسلامية الدينية ( سواء السنيَّة او الشيعيَّة ) تقف بالمرصاد لتقول الويل والثبور لمن يمس بالاسلام والمسلمين.
الإستبلشمانت الاسلامية تقبل الضيم والإهانة من مسلمي الامصار والأقطار البعيدة، فقط لأن الدين الإسلامي هو دينهم.
أين الإستبلشمانت الإسلاميَّة العربية من حديث النبي العربي :
قالَ رسولُ اللهِ "صـلى اللهُ عليهِ و سلـم " :
( لا فرق بين عربي و لا أعجمي و لا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى )
إلَّا إذا كان الحديث يُفهم منه ( بالتفرقة ).
ومع ذلك يمنع على كل عربي ( مسلم أو مسيحي ) أن ينتقد أو يوجِّه ملامة لهؤلاء القوم فقط لأنهم يعتنقون الاسلام بالإسم.
هذا لعمري غباء، ما بعده غباء.
فليعذرني القرّاء الأعزاء …
أنا عربي أصيل لم تتلوَّث دمائي.
ولهذا صبيت جام غضبي.
أوروبا توحدَّت بالرغم من وفرة الاديان والمذاهب والأعراق وتعدد اللغات.
ونحن العرب لدينا دياناتان سماويتان فقط، ولغة عربية واحدة.
وما زلنا على التفرقَّة والتناحر والتباغض والحسد.
وتسألون لماذا ضاعت الأندلس وفلسطين والقدس والجولان.
مُقدِّمتي التي كان لا بُدَّ منها هي عن مسلمي الأمصار والأقطار المُتاخمة لبلاد العرب وتاريخهم المُعادي.
لذلك ومن أجل التذكير والأهمية في الوقت الحاضر والعرب نيام في سبات عميق.
سأُحي مُدونَّتين سبق ونشرتهما على غوغل الوثائقية وضمنتهما في كتابي ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ ) حتى نتيقن فصول المؤامرة على العرب والعروبة :
في سِرْ العلاقة ما بين الإمبراطورية الفارسية واليهود. ( تاريخياً )
في سِرْ العلاقة ما بين الإمبراطورية العثمانية واليهود. ( تاريخياً )
( ليُبنى على الشيء مُقتضاه ) كما يقول العرب الأوائل.
أمَّا عرب اليوم لا حياة لمن تُنادي.
في المُدونَّة …
سِرْ العلاقة ما بين الإمبراطورية الفارسية واليهود تاريخيا.
في بحثي هذا، سأُنقِّب عن سِرّ العلاقة ما بين الامبراطورية الفارسيَّة واليهود على إثر سقوط بابل وحضارة بلاد ما بين النهرين على يد الفرس الذين قدموا من الشرق، فاندثرت حضارة وقامت إمبراطورية على أنقاضها.
ينقسم بحثي الى :
أوَّلاً : نبوخَذْنصَّر الملك الأكادي، وقد أطلق عليه الفرس إسم ( بختنصر ).
ثانيَاً : قُورشْ الكبير الملك الفارسي.
ثالثاً : في سر العلاقة ما بين اليهود والفرس.
أوَّلاً : نبوخذنصر : من عام ٦٠٥ الى ٥٦٢ ق.م.
دام حكمه ٤٣ عاماً.
في القرن السادس قبل الميلاد، استعادت الإمبراطورية البابلية مجدَّداً ازدهارها ومجدها في عهد الملك نبوخذنصر، وكان هذا الملك قائداً عسكرياً فذّاً ورجلاً محباً للبناء والعمران.
إحتل فلسطين وجمع اليهود البارزين في العلم والطبابة والفلك والفلسفة والتاريخ والدين وأخذهم أسرى إلى بابل، وكان عددهم ما يقارب ٣٠٠٠ أسير.
ثم ولَّى ملكاً منهم إسمه صدقيا على فلسطين، الذي أقسم لنبوخذنصر بعدم تكرار الاعتداءات على حدود بابل.
وقد عُرف هذا بالسبي البابلي الأوَّل.
ثَبُت في التاريخ أنَّ نبوخذنصر حاصر مُجدَّداً أورشليم لمدة سنة، لأنَّ مملكة يهُوَّذا كعادة اليهود في عدم الالتزام بالمواثيق ونقض الاتفاقات المعقودة، لم تَصْدق في عهدِها الذي قطعته له بعدم الاعتداء على حدود بابل، فاضطر
إلى أن يدخلها فاتحاً بالعام ٥٨٧ ق. م. وتأديباً لليهود قرَّر أن يسبي مُعظم السكان ومنهم ملك اليهود صدقِيا، وكان عددهم حوالي أربعين الف أسير ومن ثُم أقدم على إحراق هيكل سليمان.
وبهذا أنهى نبوخذنصر حكم سلالة الملك داوود على يهوذا في العام ٥٨٧ ق.م، وقد أُعتبر لاحقا في التوراة بإسم السبي البابلي الثاني.
اعتُبر نبوخذنصر بعد هذه الانتصارات العسكرية، أعظم الملوك في ذلك الزمان قاطبةً، لأنَّه وعلى أيَّامه كان في بابل أعظم إمبراطورية إمتدَّت من الخليج العربي حتى بلاد فارس.
إنصرف هذا الملك إلى إنشاء الحدائق المُعلَّقة التي أُعتُبرت فيما بعد من عجائب الدنيا السبع. وامتاز عهده بأن إنتقلت بابل من الحكم الآشوري الى الحكم الكلدّاني بعد أن إجتاح عاصمتها نينوى بمساعدة الميديين.
ورد ذكر إسم نبوخذ نصَّر في كتاب اليهود في سفر النبي دانيال باعتبار أنَّ دانيال كان في عداد اليهود الذين سباهم الملك الكلداني.
وقد عُرف أنَّ نبوخذنصر إحتاجه لمَّا عجز كهنة بابل من تفسير حلمه، وهذا خارج عن نطاق هذا البحث.
ولأنَّ نبوخذنصر ( إعتبره القوميون العرب الجُدد قائداً سورياً عالمياً من ملوك بابل قاد جيشه المُظفَّر إلى أورشليم حيث سبى وطرد اليهود منها ) إقترن اسمه بالسبي اليهودي، حيث لا يزال هذا الإسم يهزُّ كيانهم ووجدانهم وقد عملوا على تشويه صورته وصورة بابل وتحريف التاريخ، ويقال على ذمَّة البعض أنَّ لوح السبي قد إختفى.
ثانياً : أعظم ملوك الامبراطورية الفارسية ( قورّش الكبير ).
أرسى هذا الملك الامبراطورية الفارسية المترامية الأطراف، وباتَّت في العام ٥٣٠ ق. م. أكبر امبراطورية في العالم. وقد أثنى عليه كتَّاب العهد القديم ، لأنَّه أعاد اليهود وأرجعهم الى بلادهم في أورشليم القدس، بعد ٧٠ سنة من السبي، وقد بذل لهم الأموال الطائلة لتجديد بناء الهيكل ( هيكل سليمان ) الذي
هدَّمه الملك نبوخذنصر. وقد ذَكرت كُتُب اليهود ان الإمبراطور الفارسي قورش أمر بإعادة نفائس الهيكل التي إستولى عليها جيش بابل والتي كانت مخزونة في خزائن الملوك والمعابد.
وقد ذكرت بعض الكتب، التي قام بتدوينها اليهود، أنَّ قائد الجيش الفارسي ( غوبر ياس ) لَمَّا إحتل بيت المقدس سنة ٥٣٨ ق.م. أخذ معه في عِداد جيشه من أراد من اليهود المسبيّين وسمح لهم ببناء الهيكل في القدس، مدفوعاً برغبة إيجاد جماعة موالية للإمبراطورية الفارسية.
وقد إعتبر اليهود أنَّ الملك قورّش هو المُخلِّص الإلهي أو حتى المسيح المنتظر. وقد ذكرت بعض الروايات أنَّ عدد اليهود الذين عادوا مع قائد هذه الحملة ( غوبر ياس ) بلغ ٤٢٠٠٠ شخصاً وتضيف هذه الروايات أنَّ زعيم اليهود الذي رافق الجيش الفارسي كان إسمه ( زرو بابل ) وأنَّه من سلالة الملك ( يهو ياقيم ).
أقام اليهود سلطة دينية تحت سيطرة الفرس، واستخدموا العبرية في معاملاتهم التجارية والدينية على حد سواء.
ثالثا ً : في سر العلاقة التاريخية ما بين اليهود والفرس.
لقد ثَبُت تاريخياً أنَّ اليهود قامت بينهم وبين الشعوب التي أحاطتهم عداوات مُكلفة ومُتعبة وحروب ومناوشات طاحنة.
عاداهم المصريون والآراميون والفلسطينيون والكنعانيون والاشوريون والبابليون والكلدانيون والإغريق والروم والنصارى والأنباط ثم العرب المسلمون.
لم، يُصادق اليهود في كل تاريخهم القديم، إلَّا المجوس الفرس الذين بدورهم حالفوهم ونصروهم.
وقد ذكرت كتب التاريخ، أنَّ اليهود بالرغم من السماح لهم بالعودة بإشراف الادارة الفارسية، إلَّا أنَّ الكثير من المسبيين أعجبتهم أرض بابل مقاماً.
أمَّا القلَّة المُتشدِّدة التي عارضت الاندماج هي التي حافظت على بني إسرائيل من الاندثار، وقد تمتَّع اليهود في منطقة القدس بالاستقلال الذاتي تحت الهيمنة الفارسية.
وقد غالى بعض المؤرِّخين العرب، وحتى من الغرب، أنَّ الرأي الإيراني حول اليهودية يقوم اليوم على ذات الأسس التي وضعها الإمبراطور قورش عند تحريره اليهود من السبي البابلي، وهي أنَّ اليهود جنس له شبه كبير بالجنس الآري ( الفارسي ) ويُمكن الاستفادة منه من خلال إغرائه بالمال.
من هذا السرد التاريخي يُمكننا إدراك ما يجري الأن من علاقات سريَّة ما بين إيران وإسرائيل.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
٢٧ اذار ٢٠١٩م.
المرجع :
المُدونَّات الفيصليَّة
كتاب ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ )
الطبعة الاولى حزيران ٢٠١٨م.
0 comments: