زنوبيا ملكة تدمر …
من عماليق العرب.
أين أنتِ الأن لترى عينك سوريا …
وعينك الثانية الأقزام تسرح وتمرح في الوطن العربي.
يا أيتها العملاقة !
لله درّك !
أنت زنوبيا …
أو الزباء ....
عشتِ بالفترة ما بين :
٢٤٠ - ٢٧٤م.
أُناديك توسلاً …
فإستجيبي النداء …
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
هذه المُدونَّة تبحث في الأصول والجذور العربية عن ملكة سرَت في عروقها الدماء العربية وكانت عملاقة في شتى الميادين.
هذه المُدونَّة تُشير الى التقهقُر العربي بالرغم من عمق جذورهم الغارس في هذه المعمورَّة.
هذه المُدونَّة تنقلنا نحن العرب مِنْ عمالقة في التاريخ إلى أقزام في وطن بات سيركاً تُديره قُوى خارجية.
هذه المُدونَّة تُذكِّر بالكراهية ما بين العرب واليهود منذ فجر التاريخ وحتى قبل الدعوة الإسلاميَّة.
تعريف :
العماليق قبائل ( الكنعانيين والأموريين ) الذين كانوا يسكنون الجزيرة العربية، وهم من أقدَّم الأُمم التي سكنت هذه الجزيرة حتى تخوم سوريا والعراق الأن.
في اللغة كلمة عمليق تعني الطويل، ويبدو أن قبائل العماليق كانت تتميز بالطول والجسامَّة.
العماليق هم من العرب البائدة.
وبحسب رأي النسَّابين العرب هُم مِنْ السكان الأصليين للجزيرة العربية مثل عاد وثمود وغيرهم.
المعلومات عن هذه الأقوام قليلة وغامضة.
في النصوص الإسلامية، يذكر أنهم كانوا عمالقة (عاد وثمود).
وقد جاء في تاريخ الطبري، أنهم من نسل نوح وإبنه سام وإبنه إرم.
وفي نصوص إبن قتيبة، أنهم من نسل نوح كما قال الطبري.
وفِي التورَّاة، تأتي أخبار العماليق بأن قوم موسى خاضوا معهم معارك عِدَّة في غزة وسيناء بعد خروجهم من مصر.
وذكرت الْكُتُب اليهودية أنَّ النبي داوود قتل ملكهم جالوت.
وإنَّ العماليق شعب معادي لليهود.
وقد عدَّهم بني إسرائيل من أعدائهم :
- فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرموا كل ماله، ولاتعفُ عنهم، بل اقتل رجلاً وامرأة، طفلاً ورضيعاً، بقراً وغنماً، جملاً وحماراً»
- (صموئيل الأول 15).
المُدونَّة :
تدمر، مدينة في سوريا ( اليوم )، كانت مركزاً للتجارة وموئِلاً للعلم وموقداً للأفكار التحرُّرية.
قادت زنوبيا مع زوجها أُذينة عصياناً على الإمبراطورية الرومانية تمكَّنا خلاله من السيطرة على معظم سوريا.
بعد وفاة زوجها أُذينة، قادّت الإمبراطورة التدمرية حملة عسكريَّة لغزو مصر لفترة وجيزة، قبل أن يتمكَّن الإمبراطور أوريليانوس من هزمها وأسرها إلى روما حيث سرعان ما توفيت لأسباب غامضة.
إسم زنوبيا الأصلي بالآرامية :
بات زباي، أي بنت زباي.
كما عرفت باللاتينية :
باسم يوليا أوريليا زنوبيا.
(Julia Aurelia Zenobia)
وباليونانية، سبتيما زنوبيا.
كما عرفها العرب باسم الزباء.
كانت زنوبيا فائقة الجمال، تحاول ان تُقلِّد كليوباترا عظيمة مصر حتى في أصلها وحسبها ونسبها، فقالت عن نفسها إنَّها من أصل بطلمي مشبِّهة نفسها بنِسَب كليوباترا.
ويقال إنَّ زنوبيا، إعتنقت الدين اليهودي في وقت ما من حياتها.
وكما يقال إنَّها مالت إلى تعاليم بولس الشميشطي المسيحيَّة.
أما المؤرخ والرحالة الطبري، قال أنها كانت من عماليق العرب وهذا هو الصحيح.
ولم يستغرب المؤرِّخون تعدُّد الميول الدينية وإلصاقها في شخصيَّات ملأت أخبارها التاريخ ردحاً من الزمن كالملكة التدمرية .. زنوبيا.
عُرف عن مملكة تدمر في ذلك الزمن نظامها الديموقراطي في الحكم تشبُّها بروما، لذلك نرى ملك تدمر أُذينة يهتم بإنشاء مجلس للشيوخ في مملكته، تمهيداً للانفصال عن روما.
كان يقوم بهذه الحركة الديموقرطية سِراً ...
ولكنه وفِي الوقت نفسه يُظهر الولاء لروما جهاراً ...
وكان لقيصر روما عيوناً حيث ما لبث أن علم بالأمر …
فقرر اغتيال أُذينة عن طريق أمراء آخرين داخل البلاط يكنُّون الولاء لروما ويرغبون بتسلُّم حكم تدمر.
كان على رأس الخونة معن موينوس ابن اخت الملك أّذينة.
وفي إحدى حفلات تدمر يتم سقي أُذينة الخمر مع إبنه حران ويدخل الخونة، ويقتلون أُذينة وولده وذلك في العام 267 م.
كان يظّن قيصر روما أنَّ مقتل أُذينة سيُسقط تدمر وتعود اليه.
ولكنَّه لم يُدرك أنَّ زنوبيا الزوجة ستقود البلاد وتنقُذ الْمُلْك.
زنوبيا ملكة تدمر …
تسلَّمت زنوبيا دفَّة الحكم بعد مقتل زوجها بإسم إبنها وهب اللات، حيث قامت فوراً بإلقاء القبض على معن ومن ساعده من الخونة.
مُنذ اليوم الاوَّل لتسلُّمها مقاليد الحكم كانت زنوبيا صارمة وعادلة حيث فرضت هيبتها، وأمرّت بإعدام المُتآمرين ونفذّت الحكم فوراً …
أصبحت زنوبيا ملكة الملكات ...
وتولَّت عرش المملكة، وازدهرّت تدمر في عهدها وإمتدَّ نفوذها على جزء كبير من الشرق.
وقد عدَّد ألقابها المؤرِّخون وذاع صيتها وخافتها الممالك المجاورة.
لم تكن زنوبيا ملكة الملكات فقط، بل كانت ملكة في الجمال أيضاً، وملكة في الحروب والمعارك، فكانت تُقاتل وتخوض المعارك مع جيشها التدمري، وتعتمر خوذة أبوللو الْمُجهَّز عِدَّة وتدريباً، والذي فرض سيطرته جنوباً وشرقاً وغرباً …
أمَّا، في ديوانها الملكي، كانت زنوبيا تلبس العمامة الكسروية حينما تقابل الوفود. ونظراً لفروسيتها وعدلها وشجاعتها، إنقاد لها الجيش وضمنت ولاءه.
ونظرا ً للرخاء والبحبوحة التي أرخت بالخير في البلاد، أحبها الشعب
فإهتمت وإنشغلت وإنصرفت الى توسيع رقعة مملكتها.
توسَّعت مملكة زنوبيا حتى شملت باقي مناطق سوريا، وإمتدَّت من شواطئ البوسفور حتى النيل، وأطلقت عليها الإمبراطورية الشرقية، مملكة تدمر وأصبحت، تدمر من أهم الممالك وأقواها في الشرق على الإطلاق.
بعد ان قويت المملكة التدمرية، إضطر الإمبراطور الروماني أورليانوس للتفاوض مع الملكة زنوبيا لتأمين حدود امبراطوريته، وقد وعد أورليانوس زنوبيا حتى يأمن هجمات جيشها، بأن إعترف بألقاب، وإمتيازات ملكيَّة لابنها.
أصدرت الملكة زنوبيا العملة الخاصة ب تدمر.
وصكّت النقود في إنطاكية، حيث طبعت على وجهها الاوَّل صورة وهب اللات وعلى الوجه الثاني صورة الإمبراطور أورليانوس، وبذلك حتى تُميَّز العملة التدمرية عن عملة روما، التي تنفرد بصورة الإمبراطور لوحده.
المُواجهة مع روما …
هذا التوسُّع والنفوذ القوي للملكة زنوبيا، أخاف الإمبراطور الروماني وقد صمَّم على التصدي للمملكة التدمرية.
في سنة 271 م. أرسل الإمبراطور الروماني جيشاً قوياً مُجهَّزاً إلى أطراف المملكة. ولم يكتف ِ الإمبراطور أورليانوس بهذا الجيش، بل جهَّز جيشاً آخراً بقيادته، وتوجَّه به إلى سوريا وآسيا الصغرى ليلتقي الجيشان وتدور معركة كبيرة بين مملكة تدمر والامبراطورية الرومانية.
إحتَّل بروبوس أجزاء من جنوب المملكة في أفريقيا.
وبلغ أورليانوس أنطاكية في سوريا، وتواجه مع زنوبيا بتجهيزات كبيرة وهزمها هناك في معركة أنطاكية مما جعلها تنسحب إلى تدمر.
كان أورليانوس قد بلغ مدينة حمص، فدارت بينهما معارك شرسة، قدَّمت فيها زنوبيا الكثير، ودفع أورليانوس بالمزيد من القوَّات في مواجهة جيش زنوبيا.
تراجع جيشها إلى تدمر، فتقدَّم أورليانوس إلى تدمر وحاصر أسوارها المنيعة حصاراً مُحكماً.
كانت زنوبيا قد حصَّنت المدينة ووضعت على كل برج من أبراج السور إثنين أو ثلاثة من المنجنيق تقذف بالحجارة المهاجمين لأسوارها وتمطرهم بقذائف النفط الملتهبة، والتي كانت تعرف بالنار الإغريقية.
قاومت زنوبيا الغزاة بشجاعة معلنة القتال حتي الموت دفاعاً عن مملكتها.
عرض أورليانوس عليها التسليم، وخروجها سالمة من المدينة التي لن تُمّس.
رفضت زنوبيا الاستسلام ووضعت خطة وحاولت إعادة الالتفاف على جيش أورليانوس، فتحصنت بالقرب من نهر الفرات.
إلا أنَّه وبعد معارك ضارية تفوق جيش الإمبراطورية على جيشها.
نهاية حزينة لملكة عظيمة …
وقعت زنوبيا في الأسر ولاقاها الإمبراطور أورليانوس وهو في ميدان القتال، فأحسن معاملتها.
إستسلمّت الملكة زنوبيا، سنة 272 م.
اقتيدت زنوبيا الى روما بأصفاد من الذهب الخالص ( وردت هذه الحادثة كغيرها من الأخبار وكأنَّها من الاساطير ).
اصطحبها الإمبراطور أُورليانوس معه إلى روما ولم يقتلها، بل أعدم بعض كبار قادتها ومستشاريها بعد محاكمة أجريت لهم في مدينة حمص.
توفيت زنوبيا في روما سنة 274 م. في ظروف غامضة.
وقد حيكت الأخبار عنها، وتوسَّع البحَّاثة في ذِكْر عظمتها، وتمجيد أفعالها التي خلَّدتها بأحرف من ذهب.
إنَّها ...
زنوبيا الملكة العادلة المحاربة ...
إنَّها …
عملاقة سوريا، من العرب الأوائل.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
١٢ اذار ٢٠١٩م.
المرجع :
المُدونَّات الفيصليَّة ( أعلام وحوادث وشخصيات تاريخيَّة )
إصدار حزيران ٢٠١٨م.
بيروت / لبنان.
0 comments: