يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الثلاثاء، 17 فبراير 2015

محنة الدين المسيحي عبر التاريخ !!

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  6:56 م

محنة الأديان السماوية 
عبر التاريخ. 
الدين المسيحي. 


مدار بحثي سيكون عن المحّنة، التي هزّت كيان الدين السمّاوي المسيحي بالقرون الوسطي في، أوروبا، وانكلترا. 
 وسأُلقي ضوء ً خافتا ً على الهجّرة التي سلكها، واعتمدها المسيحيون المؤمنون المضطّهدون، نحو القارة الجديدة، أميركا  هربا ً من الملاحقات القضائية الكهنوتية ضدّهم. 
أما المحّنة التي تلاحق الدين الاسلامي السمّاوي اليوم، فاني لن ابحث فيها، او استفيض في شرحها، لأن تاريخ المحّن في  الدينين السماويين اليهودي، والمسيحي استنفذ قرونا ً من التقاتل والتذابح، وما يجري في البلاد العربية الاسلامية من حروب مدّمرة، لم ولن، تنتهي فصولها  بعد، لانها ما زالت، على بداياتها.  

اولا ً : أوروبا وانكلترا في القرون الوسطى. 

في شهر أيلول، من العام ١٦٠٧م.  أرسّت ثلاثة بواخر، أهمها  الباخرة  May Flower  في   Chesapeake Bay وعلى متنها المهاجرون الإنكليز وقد حلّوا في  James Town  في الساحل الشرقي من القارة الأميركية الجديدة. 
ومن بعد ذلك، توالت موّجات المهاجرين الى أميركا. 

قبل التاريخ أعلاه، كانت أوروبا، مسرحا ً للاضطّهاد الديني المسيحي بعضه في بعض، وكانت الكنيسة في روما، توازيها حدة ً، الكنيسة الانكليزية، تعّملان على وضع ضوابط على رعاياهما، وتفرضان قيودا ً على الشعائر الدينية،  وتقومان، بالملاحقات القانونية امام المحاكم، من اجل قمع الحريات الدينية. 

وقد أفرد الكتّاب، ورجال الكنيسة، المدّونات الطويلة في شرح المجتمع المسيحي، وكيف كانت المذابح والمشانق وشتّى انواع، وأشكال، التعذيب، والهوان، تطال المسيحي المؤمن وفق ما يدركه من الرجاء المطلوب للحياة. 

أعتّبر رجال الدين المسيحي، والمؤرخون على حدٍ سواء، ان تلك الفترة هي محّنة الدين المسيحي، التي طال لهيبها المسيحي المؤمن، ونخرت في عذاباتها صلب العقيدة. 

أمثلة عن المحّن التي طالت الدين المسيحي :

 -/ في إنكلترا اضطهد البروتستانت الكاثوليك. 
 -/ في فرنسا وقعت مذبحة البروتستانت الشهيرة، ما بين  ١٥٦٢ / ١٥٧٢ م. 
 -/ حرب الثلاثين عاما في أوروبا بالعام  ١٦١٨م.   وانتقلت من بلد الى اخر. 
 -/ في ألمانيا تحارب الكالفينيون، واللوثريون، وكلاهما من البروتستانت. 
 -/ بالعام  ١٦٨٣م.  دب َّ الهلع والخوف في أوروبا لما وصل سليمان القانوني ( الامبراطورية العثمانية ) الى أبواب فينا، وبدأت أوروبا الشرقية تتساقط، وكان لا بد لأوروبا المسيحية، إزاء الخطر العثماني، الاسلامي،  الذي يُحدّق  ويترّبص على الأبواب، ان تفيق بعد سُبات عميق. 
وكان ذلك من خلال :
 -/ ظهور حركة المفكّرين الملحدين في إنكلترا. 
-/ هولندا  تبّنت الكالفانية، مذهبا ً رسميا ً للدولة، وبدّت وكأنها موئلا للأقليّات. 

كان اليأس المسيحي، في ذروته في أوروبا وانكلترا، الامر الذي أدى الى توالي الهجّرات الى القارة الأميركية، كان يحّدُوهم الأمل، والرجاء، في ان  يمارسوا طقوسهم في العالم الجديد في حرية تامة، لان القلوب  كانت عامرة بالمحبة، والعقول كانت مشحونة بالإيمان، ولا ينقصهم الا أرضا ً يمارسون عليها شعائرهم. 
ولهذا بدأت تظهر في أفئدة المؤمنين عبارة.  God bless America  لان أميركا، أمنّت الرجاء المسيحي المطلوب في الممارسة الدينية التي يحلمون ويعتقدون بها. 

ثانيا : الارض الموعودة، العالم الجديد... أميركا !!
   كان يأمل المهاجر الى القارة الجديدة، ان يجد أرضا ً تكون بالنسبة له،   Safe haven ، تحميه، وتبعده  من الاضطهاد،  الذي عاناه في وطنه الام، وقد وجد ضالته، في الارض الموعودة.  

كان الهّم لهذا المهاجر المسيحي، ان يُقيم شعائره الدينية بحرية تامة، لا عوائق، او زواجر، او عقوبات، او ملاحقات، لانه عانى الكثير، وبقي صابرا ً، مؤمنا ً، ومثابرا ً على عبادة الله وفق الإيمان الذي ورثه من الآباء والأجداد. 

عند اندلاع الثورة الأميركية المجيدة، وتحديدا ً ٤ تموز ١٧٧٦ وأعلان الشعب الأميركي استقلاله من بريطانيا العظمى، كان الدين المسيحي بطوائفه البروتستانتية الإنجيلية،  والكاثوليكية، يشكل الأغلبية العظمى، وكانت المذاهب البروتستانتينية، لها كنائس منفصلة، كالمعمدانبة والخمسينية،  واللوثرية، والمشيخية،  والميثودية، والانجليكانية ( الإنجيليين ).  

اما الكنيسة الكاثوليكية، هي ثاني اكبر الطوائف في أميركا، تليها الكنيسة الارثوذكسية. 

إزاء هذا التعدّد، في المعتقدات الإيمانية للدين المسيحي الواحد. 
وتجنبا ً للفتن، والخلافات ما بين المذاهب للدين الواحد. 
كان لا بد من إيجاد حلول، لدرء الأهوال التي عانت منها أوروبا، وهذه الحلول، والوسائل، يجب ان تكون كفيلة لتجنب الحروب المذهبية. 
ان الحلول،  لا تأتي من عقلية متحجّرة، راسخة من مبدأ أنا او لا أحد، التي كان معمولا ً بها في أوروبا، وبريطانيا العظمى. 
لا بد، إذن من عقول نيّرة، تؤمن بالرأي الاخر، والعقيدة الدينية الاخرى. 

في خضّم هذا المخّاض العسير، حبّا الله أميركا، رجالات عِظام أمثال، توماس جفرسون، وبنجامين فرانكلين، وجورج واشنطن، وصحافة شريفة متمثلة في
 The Federalist papers ، حيث كتب كل من جايمس ماديسون، واليكسندر هاميلتون، وجون جاي، وبابليس، حوالي ٨٥ مقالة لمؤازرة إصدار دستور جديد، يكفل ويضمن الحريات الدينية على أنواعها. 
 صدر هذا الدستور بالعام ١٧٨٧ م. 

يهمني من الدستور الأميركي، إبراز المواد الدستورية التي تُظهر  كيف جرى  حلّ العقدة المستعصية، وهي التناحر الديني والتقاتل المذهبي، والوسائل  التي تكفل حماية المؤمنين في ممارسة معتقداتهم. 

المادة الاولى : Freedom   Of. religion 
المادة الثانية : Rule. Of. Law 

حرية المعتقد في أميركا، تعني ان تمارس شعائر دينك، او لا تمارس اي شعائر دينية  ( You can practice any religion, or not practice a religion
وحتى تحفظ  الدولة  الحرية الكاملة لرعاياها  في ممارسة الطقوس الدينية، او الحق  في عدم ممارسة اي شعائر  دينية، برزت،  Supreme Court ( المحكمة العليا ) في واشنطن، والتي توازي بعنفوانها وجبروتها، تمثال الحرية في نيويورك. 
هذه المحكمة، تعني هيبة الدولة. 

هيبة الدولة في أميركا، تعني ان القانون يعلو ولا يعلى عليه. 
ويكفي هذا التوضيح لانه من قبيل،  ما قلّ ودل ّ.
أمّا المساس بالكبائر في أميركا،  يؤدي الى فتح أبواب جهنم على من تخوّله نفسه العبّث في هكذا أفعال جرمية.  
من الكبائر :
 -/ الخيانة العظمى.  
 -/ العبث بمعتقدات الأديان، والمذاهب، لمواطن او مقيم،  في طول وعرض البلاد. 
 -/ العنصرية. 
 -/ والضريبة. 
لجهنم أبواب أربعة في أميركا، لان المواطن الأميركي والمقيم، إن خوّلته نفسه العبث في معتقد غيره، او حاول ان يجبّره  على ترك معتقده، او طلب اليه عنوة ً الانضمام الى معتقده، فُتحت هذه الأبواب الأربعة على مصراعيها، فلا أُماً يجدْ حتى ترحمه، ولا نافذا ً يتوسط له، لان المساس بالدين هو من الكبائر. 

واذا نظرت الى فسيفساء الأديان والمعتقدات في أميركا. 
وإذا حاولت ان تحصي القوميات، والاثنيات، المنتشرة في هذه البلاد الكبيرة. 
لا تصل الى إحصاء  او نتيجة واحدة.  
ولكنك، تدرك حقيقة واحدة ساطعة امام نظرك، وهي ان الجميع سواسية امام القانون، لا يفرّقك دينك عن دين غيرك، في شيئ، ولا يعطي دينك عن دين غيرك اي امتياز، لان محنة الأديان ولّت في أميركا. 

أعداد
 فيصل المصري 
اورلاندو / فلوريدا  
شباط ٢٠١٥

0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9