يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 18 فبراير 2015

محنة الدين الاسلامي عبر التاريخ !!

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  7:02 م

محنة الدين الاسلامي. 
عبر التاريخ.  

ما يلفت النظر انه، إذا أردت ان تُغامر وتكتب عن محنّة الدين الاسلامي، عبر العصور تعتريك الدهشة، لأنك لا تعرف اذا كانت المِحنة بدأت منذ مقتل الخليفة عثمان ابن عفّان، او الخلاف المدّوي، والدموي بعد التحكيم، ما بين الخليفة علي ابن ابي طالب، ومعاوية ابن ابي سفيان، الخليفة الأموي الاول. 
وإن شئت التذكير، بسقوط بغداد على يد المغّول، حيث أُسدلت الستارة على الخلافة العباسية الاسلامية، الى الأبد. 
والذي يُلفتك ايضا ً، إنه ما ان تنتهي مِحنة، حتى تظهر مِحنة جديدة، وكأنه لِزاما ً عليك إستدراك التكّملة، او الإضافة، لنقص ٍ، لان مسلسل المحَّن، وكأنه لم، ولن ينتهي. 
والذي يجعلك تقف مشدودا ً، وخائفا ً، ومُحتارا ً، ومدهوشا ً، انه، على إثر كل مِحنة، يأتيك سيل من وجهات النظر، وفيض ٌ من الفتاوى الشرعية، وغيض ٌ من آراء الفقهاء، بان هذا الحديث غير صحيح، او غير مستند الى أساس ديني، وهذا ما نسمعه، ونقرأه اليوم، عن الإسنادات الشرعية للدواعش، في الأفعال التي يقترفونها. 
ولا ننسى ان هذا النمَّط، من التداخل، والتنافر الفقهي، والشرعي، جرى تطبيقه على ابن تيمّية، الفقيه المشهور، الذي كتب التاريخ عنه، كيف عاش، وأين درس، واين درَّس، وأين كان مقامه باخر المطاف، في السجن. 
لن أتطرّق الى المحّن الاسلامية السابقة، والتي عدّدتها أعلاه، لان المدّونات، وكتب التاريخ، حافلة بالتنظير والتمحيص. 
ولاني، في أبحاثي التاريخية وخاصة العربية، لا أسبر غور الأحداث لانها مُضنية، ولا أغُوص غِمار الجدّل البيزنطي العقيم، لان لي رؤيا مختلفة لا يستسيغها، من يمسك في الرِّقَاب او العِباد، بل أُوُثر السباحة في بحر خال ٍ من أسماك القرش، او الحيتان. 
ولأنه، أجمع العرب ان سقوط الأندلس، هو محنة إسلامية عربية بإمتياز، فاني سأُدلي بدلوي، وحسبي لا أتلّمس طعنة ً من هنا، او قنصا ً من هناك. 
هذا البحث، لا يتناول المآثر الفكرية للعرب في الأندلس، ولا يطال الأدب، والشعر، بأقسامه  كالموشحات، ولا العلوم الفلكية، والجغرافية، والرياضيات.  
ولن أُشير، الى أثر الحضارة العربية على الغرب، حيث كانت أوروبا تعيش في  عهد الظلمات، العلمية، والفكرية والدينية، وكان البلاط الملكي الإنكليزي،  يُرسل أَميراته الى الأندلس ليتلّقيّن أصول الأرستقراطية، من الأميرات العربيات وكانت باريس، في ليلة ممطرة،  يعجز السكان من السير بسبب الوحول، بينما غرناطة، وطليطّلة، وغير مدينة أندلسية، مرصوفة طرقاتها، ومضاءة  شوارعها.  
أود أن أشير، الى اني أخذت معظم المعلومات لهذا البحث من ابن خلدون ( ١٣٣٢ - ١٤٠٦ ) الذي دخل وسكن غرناطة، وغيره من المؤرخين، الذين استفاضوا بالكتابة عن الأندلس وأخبار ملوكها، أخصّ بالذكر :
( الإدريسي، ابن عذارى، المقّري، ابن خلكان، وغيرهم  )

كان للعرب، مآثر جمّة وعظيمة في الأندلس، ولهذا السبب كان ضياعها، حدثٌ  تاريخي لا يُصَّدق،  إذ قال أحد المؤرخين  ومنهم :

Lane - Poole , Moors in Spain
إن سقوط الأندلس،  هو شذوذ عن القاعدة  التي تذهب الى ان المدّنية العربية  ترسخ، وتعمّر  حينما تحَّل أقدام العرب، ما عدا اسبانيا.

وشذودا عن القاعدة،  سأبدأ بحثي عن هذه المِحنة، من أخر يوم، كان به العرب المسلمون، في غرناطة. 
كان، ذلك اليوم، في كانون الاول من العام ١٤٩١،  عندما إشتّد الحصار عليها،  حيث سقطت في ٢ كانون الثاني من العام ١٤٩٢.

وقد ذكر هذا اليوم بالتفصيل، المؤرخ ألمقَّري إذ قال :
 وبينما السلطان محمد الحادي عشر ابو عبدالله، مُنصرف ٌ عن عاصمته غرنّاطة، حانت منه إلتفاتة أخيرة الى عاصمة ملكه،  فتأوه  وجرت عبراته،  ودمُعت عيناه،  فنهرته أمه التي كانت مستشارته وقالت :

( يحق لك ان تبكي كالنساء ملكا ً لم تستطع ان تدافع عنه كالرجال ... )
ولا يزال الصخر الشاهق الذي أطلّ عليه السلطان من قمته للمرة الاخيرة يسمى :
( التموسسبرو دل مورو .. ) اي زفرة العربي الاخيرة. 
إستوطن هذا السلطان  بعد رحيله عن الأندلس، كما قال ( المقرّي ) فاس، وفيها توفي  سنة ١٥٣٣ مخلفاً  أولاداً، كانوا  عرضة  للعوز، والفقر، ويعدّون من  جملة الشحاذين. 
يراجع  في ذلك كتاب النفح للمقّري  جزء ٢ ص ٨١٤ و ٨١٥
اذكر ذلك  لان نهاية هذا السلطان، مُحزنة، وبذات الوقت عِبرة  لمن يعتبر ...... 

فقرة استطرادية :

هناك  قصة عن  والدة  السلطان  محمد الحادي عشر ابو عبدالله، وكان  اسمها  فاطمة  حيث  كانت  معه وترافقه كالظل،  لان  والده  اي  زوجها  السلطان  الابُّ أبي الحسن  آثر جارية   نصرانية  عليها ( يقول المقري ان اسمها رومَّية )  فحرّضت ابنها على زوجها ، لان خلاقين الحسد ومراجل الغيرة  بدأت  تغلي  في قلب فاطمة،  وقد استطاع  الابن ان  يخلع  أباه واصبح سيداً  لغرناطة. 
بعد سقوط الخلافة الأموية المدّوي في الأندلس ، نشأ على أنقاضها  دول، ودويلات  كان الهّم اليومي لهذه الدويلات  التنازع  والتخاصم  فيما بينها، وقد شهد النصف الاول من القرن الحادي عشر اكثر من ٢٠ دوّيلة او مدينة او مقاطعة،  تزّعمها أمراء وسادة عرفوا في التاريخ عند العرب
ب ملوك الطوائف
ومنهم :
بنو جهور ....... في قرطبة
بنو عباد ........في إشبيلية
ابن زيري ..... في غرناطة
بني حمود ....في مالاقه
بني ذي النون ..... في طليطله
بني هود .. المنذرية في سرقسطة
بني صمادح ...في المرية
بنو الافطس ... في بطليوس
بنو برزال ..... في فرمونه
سأتناول بعض قصص، وأخبار هؤلاء الملوك ، وكيف كانوا يديرون ممالكهم :
بنو عباد :
يرجع نسَّبهم الى ملوك الحيرة اللخّميين، وبرزّت هذه الدوّيلة  بمساع ٍ من احد أفرادها وكان  قاضيا في إشبيلية،  وقد إستعان  برجل ٍ،  يشبه الخليفة الأموي المخلوع،  هشام الثاني،  ويقول  ابن خلدون ان  هذا الخليفة قد إختفى،  وقد أكد ابن الأثير، وابن الخطيب هذه المعلومة التاريخية، ولكن  هذا القاضي، أبقى هذا الخليفة المزعوم واستّمر بالحكم  الى ان مات القاضي، وخلفه  ابنه  بوظيفة حاجب للخليفة المزعوم، ثم  ما لبث  ان أعلن نفسه الحاكم المطلق، وسمَّى نفسه المعتّضد،  وقد قال  المؤرخون الذين ذكرتهم ( ان هذه الدويلة مهزّلة المهازل )

إليكم قصة ثانية، عن هذا ( المعتّضد )
كان شاعراً، وكان  يطلب من  الشعراء ان يأتوه ليبارزهم في الشعر ، وكان كريما ً وله شعر فيه من الرقة والجمال،  وفوق ذلك كان يحب النساء كثيراً، وقد توسّع في حريمه    اذ كان له ٨٠٠، امرأة  فارهة  الجمال. 

إليكم قصة اخرى،  
للمعتّضد، ابنا ً خلّف  أباه بالحكم، وكان اسمه  المعتّمد، قال عنه  ابن خلكان،  انه كان اكرم ملوك الطوائف ، وارحبهم ساحة، وقد  بز َّ، أباه  في  مضمار الأدب والشعر،  بحيث  لم يجتمع  بباب احد الملوك، أعيان وجمهّرة من الشعراء مثل ما كان يجتمع ببابه، وقيل انه أندَّى، وأكرم، الملوك قاطبة،  وأديبا ً من الطراز الرفيع ، وسريع الخاطر، وقوي  البديهة،  وكان لا يستوّزر  وزيراً  إلّا، اذا كان أديبا ً، او شاعرا ً، وكان مهووسا ً بحفلات الإنس  يحضرها  وهو متنّنكر ٌ،  وقال عنه ( المقري ) ان احّب زوجاته اليه جارية فاتنة الجمال اسمها إعتماد، 
واشتهرت باسم إعتماد الرميكية، وأصبحت ملكة، وولدت له أمراء أذكياء، وكانت  رغباتها  تطاع،  وأهوائها تكلف الخزينة مالا وفيرا ً، مثلا :
  قالت لزوجها، له  بعد تساقط الثلج على قرطبه،  انها تحّب  هذا المنظر  على مدار السنه، او أقلّه،  فأمر المعتّمد ان تُزرع أشجار اللوز على هضاب قرطبة،  لانها  تُزهر  في اخر الشتاء،  فتظهر بيضاء كالثلج. 
وهناك قصة اخرى عن الملكة إعتماد،  وزوجها الملك المعتمد.  

رأت ذات يوم ٍ بعض النسوة يمشينّ ، في الطين ( الوحل ) فإشتهت ان تمشي مثلهن،  فأمر المعتّمد ان تُسحق الطيوب،  وتذَّر  في باحة القصر،  ونُصبت الغرابيل ( جمع غربال ) وصبّوا ماء الورد على الطيوب ، وعُجنت بالأيدي،  وأصبحت  كالطين  وسارت الملكة، مع جواريها عليه. 

وهناك قصص اخرى .. تُظهر سطوة النسّوة، ومكائد الوزراء، وضعف الأمراء، وشراء المناصب، والرشوة، وغير ذلك من فساد الادارة،  حتى أينّعت هذه الدويلات وحان قِطافها  بعد ان توّحد الأمراء المسيحيون، وقضّوا على  هذه الدويلات، الواحدة تلو الاخرى. 
ولي عودة، على بدء، 
بعد محنة الأندلس، تعدّدت المحّن. 
وأخرها، ما يدور في سهول العراق، وهضاب سوريا، وجبال اليمن، وصحراء ليبيا، وسلسلة جبال لبنان الشرقية. 

إعداد
فيصل  المصري
اورلاندوا - فلوريدا
شباط ٢٠١٥
Faissal.masri@hotmail.com 

 




 

 

0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9