يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأحد، 15 يونيو 2014

في الجاهلية، أيهما أسبق الأحناف ام الوثنيون

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  4:12 ص



في الجاهلية
أيهما اسبق 
الأحناف ام الوثنيون ؟؟؟

التعريف المعجمي للفظة ( حَنَف )

يقول ابن منظور، والجوهري ان الرجل الحنيف هو من إعتزل الأصنام وتعّبد الله الواحد الأحد.

فالحنف او التحّنف يراد به لغوياً الميل او التحوّل من حال الى حال، ويراد به دينياً الانقطاع كليةً الى دين ابراهيم الخليل عليه السلام الذي دعا الى ترك عبادة الأصنام وتّعبد الله الواحد الأحد.

اما المستشرقين اعتبروا ( الحنيف ) اصلها 
آرامي معروف لدى النصارى في الجاهلية وأطلقوها على من اعتنق دين التوحيد.

ولزيادة في التوضيح في كلمة ( حَنَف )
ينظر في معجمي الصحاح واللسان !!
ومن المستشرقين أيضاً من اعتبر كلمة 
( حَنَيف ) اصلها عبراني، وأطلقها اليهود المتزمتين على جماعة منشقة عنهم.

ومن المستشرقين أيضاً من اعتبر كلمة حنيف تعود الى جماعة من الزهّاد النصارى العرب الذين اتسموا بتقواهم وترهبهم.

ومن المستشرقين أيضاً من اعتبر كلمة حنيف هي من أصل عربي، بدليل ان المسعودي ذكر ان أهل مكه أطلقوا على كل من ترك عبادة الأصنام والأوثان ( صابئ )

اي خارج عن ملة قومه وتاركاً لعبادتهم وهم الصابئة. 

في دائرة المعارف الاسلامية ورد النص الآتي :

ان ظهور الاسلام يؤرخ لسيادة الصنمية في الفترة السابقة التي كانت تتجلى بتعدد الآلهة، غير انه متصل بالجانب التوحيدي الذي دعا اليه الدين الحنيف ودعاته الأحناف، اذ كان يمثل معتقدهم بيت شعر لأميه بن ابي الصلت احد ابرز شعرائهم، وقد أتى على ذكره صاحب الأغاني:

كل دين يوم القيامة عند الله
إلا دين الحنيفة .... زورُ

هذا يدل، ان لفظة الجاهلية التي أُطلقت على العرب قبل الاسلام، كما ذكرت في دراستي السابقة إذا كانت كما يحسبها مؤرخو المصاطب فإنها تدل على جهل هم وقعوا فيه !!

مما لا شك فيه ان العرب قبل الاسلام كانوا في صراع عقائدي، فلا يمكن القول انهم اهتموا فقط بالشعر والناقة والفرس والغزو والسبي، وهم في ذلك سطروا للتاريخ أبياتا من الشعر تعّدّ في الميزان ذهبا ً وحكمة ً ما زالت تصلح لواقع حياتنا كل يوم !!

اما الصراع العقائدي الذي لم يلق اهتماما من بعض المنقبين والبحاثة في التاريخ هو الجانب المتعلق بالعرب الذين وحدوّا الله وهم فئة الأحناف وأهل الكتاب،

اما فئة العرب المشركين ( عبدة الأصنام والأوثان ) لم يقّصر مؤرخو الدين الاسلامي في النيل منهم !!

اما أهل الكتاب، فانهم خارج بحثنا الان وهم في عداد معتنقي اليهودية والمسيحية في الفترة التي سبقت الاسلام، وما لا شك فيه ان هذه الفئة من العرب كان لها شان كبير في الحياة اليومية للعرب آنذاك !!

في انساكلوبيديا لاروز عن تطور الأديان،
نقلا عن فلاسفة الغرب، حيث يقولون ان ظاهرة عبادة الأوثان كانت اسبق من معتقد التوحيد وان التوحيد كان تالياً للعقيدة الوثنية .

اما عند البحّاثة العرب، فإننا نرى الدكتور شوقي ضيف في كتابه القّيم ( العصر الجاهلي ) انه يجاري الباحثين في الغرب من ان الوثنية سبقت معتقد التوحيد وان الكثرة الكاثرة من العرب في الجاهلية كانت على الوثنية بحيث آمنت بآلهة متعددة، انبثت في الكواكب ومظاهر الطبيعة، وفي اسماء قبائلهم ما يدل انهم قريبي من الطوطمية ( هي كلمة مشتقة من لهجة القبائل الهندية والإفريقية، وقد غدت مصطلحاً يراد به اعتقاد جماعة بوجود صلة لهم بحيوان او حيوانات تكون في نظرهم مقدسة وبسبب ذلك كان يحرّم عليهم صيدها او ذبحها .... راجع انسيكلوبيديا لاروز وارتباط الطوطم في حياة قبائل افريقيا والهنود الحمر في اميركا لغاية اليوم ... )

ويضيف الدكتور شوقي ضيف، ان بعض القبائل العربية التفت حول الطوطم تتخذه حاميها والمدافع عنها مثل الكلب والثور والثعلبة، وقد آمنوا بقوى خفية كثيرة في بعض النباتات والجمادات والطير والحيوان !!!
اما فيما يتعلق بالتوحيد، فان فريق من العلماء والباحثين قالو ان هذه العقيدة الاله الواحد الأوحد ظهرت عند الساميين قبل ظهور الاسلام ( نفس المرجع انسايكلوبيديا الأديان ... لاروز ) 

والعرب مثل سائر الساميين كما يوّضح جواد علي المفصل في كتابه تاريخ العرب قبل الاسلام. هم موحدون بطبعهم وان ديانتهم هي من ديانات التوحيد، 
في سورة الروم وفي سورة الإنعام من القرآن الكريم خير شاهد على ذلك ....
فأقم وجهك للدين حنيفا، ( سورة الروم )
أني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا ً.. ( سورة الإنعام )

والمقصود هنا بالدين الحنيف هو دين ابراهيم وإسماعيل وهم أجداد العرب القدماء.

في كتابه بلوغ الإرب في معرفة احوال العرب للألوسي ان العرب الأوائل كانت على ملة ابراهيم فآمنت بآله واحد وأقامت لوجهه الشعائر ورفعت البيت وحجّت اليه فكان حرمه عظيما.

ويضيف الالوسي بقي العرب على عقيدة التوحيد الى ان جاء عمرو بن لحّي الخزاعي الذي شرّع لهم من الدين ما لم يأذن به الله تعالى، وهكذا تشرذمت العرب وافترقت في عباداتها، فعبدت طائفة منهم الأصنام وأخرى الشمس والقمر .... الخ

وهكذا تحّول بعض العرب من الحنفية اي توحيد الله الى الوثنية، وقد قال ابن الكلبي في كتابه الأصنام ان جنوح العرب الى عبادة الأوثان والأصنام كان بسبب التماس المعاش في مجتمع القحط والجفاف الصحراوي، ويضيف ابن الكلبي انه كان لا يظعن من مكه ظاعن الا احتمل معه حجراً من حجارة الحرم تعظيماً للحرم، فحيث ما حلّو وضعوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة صبابة بها وحباً وهم على إرث ابراهيم وإسماعيل، فعبدوا الأوثان وصاروا الى ما كانت عليه باقي الامم.

وكما سبق وأشرت، ان اول عربي نصب الأوثان وعبدها هو عمرو بن لحي الخزاعي، ولما مرض عمرو هذا وصف له 
( حمة الشام ) وهي عين ماء حارة فقصدها للاستحمام فبرأ من مرضه وقد وجد أهل المنطقة يعبدون الأصنام فقال :
ما هذا ؟؟؟ قالوا نستسقي بها المطر ونستنصر بها على العدو، فسألهم ان يعطوه مثلها، فأعطوه فقدم بها مكه ونصبها حول الكعبة ثم قام بتوزيعها على القبائل بحيث شاعت عبادتها بين الناس وتحوّل منهم عن عبادة رب السماء ( الله )
الى عبادة الأوثان والأصنام.

يصف ابن إسحاق، ان عبادة الأصنام انتشرت بين قبائل العرب بحيث كانت كل قبيلة تتخذ لنفسها صنماً تعبده بحيث كان الرجل منهم اذا أراد سفراً تمسح في الصنم، وإن عاد تمسح فيه قبل الدخول الى أهله.

وفي السيرة النبوية لابن كثير، كانت بعض القبائل تتخذ بيوتاً تعظمها كتعظيم الكعبة وأنشأت سدنة ً وحجّاجا ًوتطوف وتنحر عندها، وقد خرّب معظم هذه البيوت خالد ابن الوليد سيف الله المسلول ( يراجع في اسماء تلك البيوت السيرة النبوية لابن كثير) وأمر الرسول الكريم هدم كل البيوت وأبقى على الكعبة رمزاً للوحدانية التي نادت لها بها الرسالة الاسلامية.

يتضح من أعلاه
ان عقيدة ابراهيم عليه السلام كانت متميزة وسائدة في المجتمع العربي قبل الاسلام. ويقال ان ورقة ابن نوفل كان حنفياً ومن ثم تنصّر، واستحكم بهذا الدين 
حتى عَلِمَ علماً عظيما، مثله أيضاً قس بن ساعده الأيادي.

يراجع في العرب الحنفيين 
المعارف لابن قتيبة
جمهرة الأنساب لابن حزم

أعداد 
فيصل المصري 
اورلاندو فلوريدا
حزيران ٢٠١٤ 


هناك تعليق واحد:

Blogger Template By: Bloggertheme9