يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 8 يونيو 2023

المُوحِّدون الدروز، والأقليَّات في الوطن العربي. المُدوَّنات الفيصليَّة/ ٢٠٢٣

نشر من قبل Faissal El Masri  |   7:48 م


 

المُوحِّدون الدروز

والأقليَّات في الوطن العربي


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :


هذه المُدوَّنة تتضمَّن الرأي الشخصي لي، وقد إرتأيت أنْ أنقل هواجسي ومخاوفي إلى إخواني وأبناء جلدتي الموحِّدين الدروز في بلاد الشام ( لبنان سوريا الأردن الجليل والكرمل ) وأسأل الإستبلشمانت الدرزيَّة ( الدينيَّة  والسياسيَّة والعسكرية ) إلى أينبعد ضياع الحقوق المسلوبة مِن هذه الطائفة الكريمة ؟

الموحِّدون الدروز في بلاد الشام عائلة دينيَّة مُتماسكَّة لم تنغمس في وحول الحروب الإسلاميَّة / الإسلاميَّة العربيَّة لأن أُولى الأمر في الجناحين الديني والسياسي اتفقا وأخذا مبدأ النأي بالنفس طقساً يُحتذى به

قويَّت شوكَّة الموحِّدين الدروز في بلاد الشام  في ظِل حكم الإمارات التنوخيَّة والمعنيَّة واللمعيَّة في الماضي الشريف والعزيز والكريم والغني بأصالته

وبدأ أُفول نجم الموحِّدين الدروز من الناحية السياسيَّة في القرن العشرين بعد رحيل الغضنفر سلطان باشا الاطرش والأمير مجيد أرسلان والمعلم كمال جنبلاط.  

من مفارقات التاريخ غير المفهوم أن المُنتصر في الحروب، هو الذي يحكم ويفرض سلطته إلَّا الموحِّدين الدروز فإنَّهم ينتصرون في المعارك وتُسلَّب منهم السلطة فيما بعد بحجة أنَّهم أقليَّات.   

لم يجرؤ كائناً من كان حتى تاريخ سقوط الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة البائدة، وانحلال الانتدابين الفرنسي والبريطاني عن بلاد الشام، أن قام أحدهم ب نَعْت الموحِّدين الدروز بأنَّهم أقليَّات في الوطن العربي الإسلامي

وبالرغم من حقارَة الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة، ونذالَة التابع لها  الأمير بشير الشهابي ( المدعو أبو طبيخ ) والذي أدَّى خلافه مع الشيخ بشير جنبلاط، إلى إضعاف الدروز وتهجير بعض عائلاتهم من مناطق وجودهم، وإعادة تموضعهم في قرى وبلدات الجبل اللبناني، بقي المؤرِّخين يحسبون حساباً في تدوين الكتُّب التاريخية الصحيحة والصادقة، والقول دون إسفاف تاريخي أو مماهاة، إنَّ خلاف البشيرين كان المسمار الأشَّد إيلاماً في هيبة الموحِّدين الدروز السياسيَّة في بلاد الشام، دون الإشارة إلى أنَّهم باتوا أقليَّات في العالم العربي الإسلامي


هذا التعبير بدأ يطفَّح ويزيد بالكيل، بعد نيل دول بلاد الشام الإستقلال حيث تسارعَّت الحميَّة العربيَّة  والنخوَّة المقيتة في التصنيفات الدينيَّة والمذهبية، حتى وصلت الأمة العربية الإسلامية اليوم الى أوج هيجانها الديني، بحجة من ليس مِنَّا هو في عِداد الأقليَّات

وإذا رجعنا إلى صعود الإمارة الهاشمية في الأردن بالعام ١٩٢١ ومن بعدها المملكة الاردنية الهاشمية الشابة والفتيَّة، نلاحظ أنَّ رشيد علي حسين ناصيف طليع، وهو مِن الموحِّدين الدروز من لبنان كان أول  رئيس حكومة في إمارة شرق الأردن

لا عجباً أنَّ هذه الإمارة ومن بعدها المملكة الأردنية الهاشمية ( دام عزُّها ) أن استقطبت العدد الكبير مِن طائفة الموحِّدين الدروز، لأن يتبوأوا أرفع المناصب وأهمها شأناً في بدايات القرن العشرين، وهم مِن عليَّة القوم علماً،

وفيما يلي أسماؤهم :

الأمير عادل إرسلان، أول رئيس للديوان الملكي.  

نجيب علم الدين، أول سكرتير للديوان الملكي

العقيد فؤاد سليم، أول قائد جيش للإمارة.    

حسيب ذبيان، أول قائد درَّك للإمارة

الدكتور محمد أمين تلحوق أول مدير خدمات طبية للإمارة

الدكتور سليمان النجار، أول طبيب خدمات في القدس

الدكتور الكولونيل أسد المصري، أول طبيب عسكري في مستشفى بيتونيا، القدس

عجاج نويهض،  مدير إذاعة القدس.  


يتضِّح من أعلاه أنَّ مضمون هذه المدوَّنة لا تبحث من قريب أو بعيد في العقيدة الدرزيَّة، حتى ينبري من يدَّعي أنَّه مِن حُمَاة الديار، ولا يجوز بحث حقوق الطائفة الدرزيَّة على صفحات التواصل الاجتماعي

وفي ذلك أقول، إنَّ المرض القاتل الذي يفتك بالعالم العربي هو ( أنا أو لا أحد، أو أنا ومن بعدي الطوفان ) لذلك لا أستغرب ولا أستهجن اعتراض البعض لأَنِّي أرى فيهم زمرَّة  المستفيدين من فُتات مائدة السلطة، بحظوة هنا وكسرةٍ من هناك، والباقي جياع لا فرق عندهم، طالما أنَّ بطونهم محشوَّة بالذِّل والهوان والسخرَّة.

لذلك .. لا يريدون أن تُبحث الأمور بما فيها الحياتية، حتى يبقى السقيم سقيماً والعدل سائباً والأنانية منهجاً والفاجر يأكل مال التاجر

إذاً  هذه المُدوَّنة تُشير وتُلفت النظَّر إلى خسارة المراكز الوظيفية الحساسَّة بِحُجَّة أنَّ الموحِّدين الدروز باتوا من الأقليَّات في العالم العربي الإسلامي وخاصَّة في بلاد الشام

هذا مع العلم أنَّ  بعض العقول النيِّرة من شرائح المجتمع والأطياف الآخرين وأصحاب النظرَّة الثاقبة، يعتبرون أنَّ هناك ضرورة لإعطاء الموحِّدين الدروز الوظائف الحسَّاسة ليتناسب ذلك مع حجمهم المعنوي، وتاريخهم النضالي الواسع، ودورهم العريض، وصولاً  إلى مستوى الشركة، والشراكة الحقيقية والفعَّالة

لن ألِجْ  كثيراً من هذا الباب، لأنَّ  فيه حشرجة الموت البطيء، واحتضار الروح لأيام خلت كان فيها للموحِّدين الدروز الصولات والجولات من خلال  أرفع المناصب التي توّلوها


بعد هذه المُقَدِّمة، سأبحث في الأقليَّات الدينية في العالم العربي الإسلامي، وإني بذلك أُطلق النفير مُجدّدا ...

إلى أين ؟

هل الدعوَّة إلى عقد إجتماع طارئ للموحِّدين الدروز في بلاد الشام، هو من الامور غير الْمُلحَّة ؟

كُل مِلل الارض ومذاهبها، تجتمِّع للبحث في أمور ديمومتها فلا عجباً ولا ضرراً ولا ضراراً ولا عيباً  إن إجتمع الموحِّدين الدروز لبحث ما يجري ورسم الخطوط الحمراء للحقوق


المدخل لموضوع الأقليَّات الدينية


إنَّ ظاهرة الأقليَّات في الوطن العربي أمر دَهْري، لأنه لم تنشأ أكثرية دينيَّة من أي نوع كان، استطاعت أن تصهَّر أو تمتَصَّ أو تذِوِّب أو تُزيل الأقليَّات المتواجدة في هذه المنطقة

وإذا ما نظرنا عبر التاريخ، نرى أنَّ المشرق العربي زهَّت فيه ديانات وَمِلّل  ومعتقدات  قبل الأديان السماويَّة وهم :

 - الأحناف، والحنفيَّة

 - والصابئة المندائيون

وقد بقّيت الصابئة حتى يومنا هذا، وبذلك يمكن اعتبارها أول أقليَّة كانت وبقيَّت بعد الأديان السماويَّة، وعاشت في كنفهم ومنهم  بدأت  مشكلة اسمها، الأقليَّات الدينيَّة.


وألمُلفت أنَّه بعد ظهور الإسلام وافتراق الأمة الإسلاميَّة إلى  فِرَق عدة، استسهل جمهرة من الفقهاء المسلمين، إلى إعتبار أنَّ بعض الفِرَق الإسلامية هي من ضمن الأقليَّات الدينية أيضاً، ويجب محاربتها والقضاء عليها، أو  العفِّ  عنها تحت راية ( أٓسلِم  تسلم ) وهذا ما حاولت  تطبيقه ( دولة الخلافة الإسلامية الجديدة )، على فِرَق ضعيفة و مستضعفة في كل من سوريا والعراق.  

وقد أثبتّت الأيام ومنذ ظهور الدعوة الإسلامية أي أكثر من ١٤٠٠ سنة ولغاية تاريخه، أنَّه لا يُمكن لأيَّة فرقة إسلامية القضاء على الأخرى، والذي يدور اليوم في الحرب بين أهل السُنّة وأهل الشيعة، وغيرهما من فرق إسلامية، مثل الحوثيين في اليمن، هو خير دليل على ذلك.

وبالرغم من أنَّ هذه ثابتّة تاريخية في عدم تمَكُّن فرقة إسلامية القضاء على فرقة إسلامية أخرى، إلَّا أنَّه من الْمُؤكد أنَّ الجهل والتزمُّت الديني وحدهما السبب الكافي لإطالة هذه الحرب والحروب التي ستجِّد، إلى ما لا نهاية.     


ومن الملاحظ، أنَّ مشكلة الأقليَّات الدينيَّة  في الشرق الأوسط ظهرت  فجأة  وبقوة  وبعنف  وسفك  دماء وتهجير وقتل  وسبّي،  وهتّك  أعراض وتدمير أمام  أعين العالم المتحضّر

وقف العالم الذي  يدَّعي أنَّه مُتحضِّر يشاهد محنة الأقليَّات الايزيدية في العراق،  حيث  جري  غزو  قراهم  وتدمير معابدهم، وهتْك  أعراضهم  وسبّي  وبيع  نسائهم مثل الجواري، كما كان يتّم  في عصور ما قبل التاريخ، وأُسر رجالهم  وجرى تخريب  بيوتهم


اليوم،  ما زالت  محنّة  الأقليَّات  الكرديَّة  في العراق وسوريا  تشهد  فصولا تركية مُزرّية على جرْي عاداتهم في الإبادة  الجماعية والتهجير القسري، وكأنَّ  سُبحة  تفتيت، وتشتيت،  الأقليَّات  الدينيَّة  الأخرى الباقية  قد بدأت فصولها تُكتب، ورياحها العاتية  تهّب، وأمواجها الهائجة  تُحضَّر

أخيرا ...

يتبين أنَّ ظاهرة  الأقليَّات  بقيَّت  صامدة معاندة متشبثَّة، ومحافظة على قيمّها وتُراثها في وجه كل  فاتح  وكل عهد، 

وقد  مالت  في  بعض الأحيان  وغُلب على أمرها. وفي أحيان اخرى  كُتمّت  أنفاسها وقُهرت آمالها وسُلّبت حرياتها ولكنها رفضت أن  تنقرض



فيصل المصري

أُورلاندو  / فلوريدا 

حزيران ٢٠٢٣ 


المرجع : المُدوَّنات الفيصليَّة 

كتاب الموحِّدون الدروز عبر التاريخ

0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9