يتم التشغيل بواسطة Blogger.

السبت، 24 يونيو 2023

المُوحِّدون الدروز و الإستبلشمانت الدينيَّة والعسكرية. وذكِّر فإنَّ الذكرى تنفع المؤمنين.

نشر من قبل Faissal El Masri  |   1:52 م

 



الموحِّدون الدروز. 

و الإستبلشمانت الدينيَّة.  

و الإستبلشمانت العسكريَّة

﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾


تعريف الإستبلشمانت الدينيَّة

الإستبلشمانت الدينيَّة تعني تَجَمُّع رجال الدين التُّقاة  في تفسير العقيدة وإبداء الرأي عن طريق النداءات الدينيَّة في مواجهة الاخطار المُحدقَّة الخارجية أو الداخلية التي تُكشِّر عن أنيابها وتعمل سوءً وضرراً لدى الجماعة والدعوة إلى الاعتصام  بحبل الله والتعقُّل والحكمة التي هي مظلة الجميع والتعالي عن الجراح الذي يرشح أيماناً صادقاً ومعبراً  يصيب الأفئدة والقلوب والعقول والضمائر


هذه المُدوَّنة  ستتطرَّق إلى دور الإستبلشمانت الدينيَّة لدى الموحِّدين الدروز في مواجهة الفتنَّة عند بزوغ  فجرها هذا الشهر في الجولان والجليل والكرمل. 


تاريخياً كانت قُرَيْش قبل الإسلام هي الإستبلشمانت الدينيَّة والسياسيَّة في حوزتها المال وطرق التجارة والأطيان والخيرات وحتى كان سدَّنة مَكَّة وأصنامها من رعاياها، كلمتها كلمة وقرارها قرار يُقتدى ويُنفَّذ. 

إختلف الأمر بظهور النبي مُحَمَّد حيث غابَّت إستبلشمانت كانت  سائدة  لعقود وبزغَّت إستبلشمانت أخرى جديدة.  بعد موت الرسول العربي استعر النزاع منذ خلافة الإمام علي بن ابي طالب وما زال حتى هذه الساعة يضرب في أصقاع العالم الاسلامي بضراوَّة حيث ظهرت الإستبلشمانت الإسلاميَّة السنيَّة وما زالت حتى يومنا شعارها واضح يأخذون الدين الاسلامي وِفْق تفسيراتهم الفقهيَّة التي قسمَّت الاسلام وفرقَّت ما بين المِلَّل والنِّحَل وأوصلت البلاد والعبِاد إلى الشرذمَّة التي تعِّم العالم العربي الإسلامي. 


الموحِّدون الدروز و الإستبلشمانت الدينيَّة في بلاد الشام. 

يقول فضيلة الشيخ أمين الصايغ الموحِّد الدرزي من لبنان 

لا يوجد في طائفة الموحِّدين الدروز فِرَق متعددَّة بل وحدة كاملة متكاملة، بهذا التعريف الواضح والصريح تختلف الإستبلشمانت الدينيَّة لدي الموحِّدين الدروز عن الإستبلشمانت الدينيَّة الإسلاميَّة السنيَّة التي ذهبت إلى التفريق والتفرقَّة بين الفرق الإسلاميَّة. 

بات واضحاً منذ ظهور الأديان السماويَّة أنَّ كل دين أو عقيدة له جماعة فقهية دينيَّة تحسب نفسها وتُنصِّب ذاتها أنَّها حَامِيَة حِياض الدين وحاضنة للعقيدة، وإنَّ كل من يتجرأ على فِعلٍ أو قولٍ لا يُناسب تفسيراتها الدينيَّة هو كافرٌ ومرتد.

بالنسبة للموحِّدين الدروز قد تكون التقيَّة الْمُطبقَّة لدى مشايخهم تُخفّف من وطأة الإستبلشمانت الديني بالمعنى المُتعارف عليه لدى باقي الأديان لأنك ترى لدى هذه الجماعة  الدينيَّة أنَّ الِّلحمة والوحدَّة وحفظ الإخوان من أعلى مراتب عقيدتهم في المُلمَّات والأخطار المُحْدقَة والتأكيد دوماً  على أنَّ الموحِّدين الدروز ليس لديهم فِرَق مذهبية متعددَّة بل وحدة كاملة متكاملة. 


ومن الْمُؤكد والثابت أنَّ الإستبلشمانت السياسيَّة والدينيَّة في بلاد الشام ( الجليل والكرمل سوريا ولبنان والأردن ) لا يفترقان عندما تتهدَّد مصالح وأمن ووجود أبناء الطائفة في الحروب الإقليميَّة وحتى الدوليَّة.  


وهذا النمط من التفكير والانسجام ما بين الإستبلشمانت السياسي و الإستبلشمانت الديني لدى الموحِّدين الدروز بدأ ترسيمه منذ الإمارة  التنوخيَّة  والإمارة  المعنيَّة وحتى الإمارة اللمعيَّة في أول ظهورها.  

ويعود السبب في اللحمَّة والتعاضُّد وحفظ الأخوان  نظراً للاضطهاد الذي لاقته هذه المجموعة الدينيَّة منذ  الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، الأمر الذي جعل حفظ الاخوان والعرض والأرض من أولى الأوليات، حيث كانت الرسائل الدينيَّة تُشير إلى توجيه العائلات المهجرَّة إلى الأماكن الأكثر أمناً لدى إخوانهم.   

ولا نستغرب أنَّ هذا النمط في التفكير السليم وصل وجرى تطبيقه لدى الزعامات السياسيَّة في القرن العشرين. 


في حرب فلسطين بالعام ١٩٤٨  كان الإتفاق واضحاً بين الإستبلشمانت السياسي والديني لدى الموحِّدين الدروز في بلاد الشام حيث تشبث الدروز في أرضهم فلسطين ولم يعرفوا لجوءً

( يراجع مُدونَّتي عن سلطان باشا الاطرش وفضيلة الشيخ أمين طريف شيخ عقل الطائفة الدرزيَّة آنذاك )

في الحروب الاسرائيلة / العربيَّة المُتعددَّة وآخرها حرب الجولان وأخر أخرها معركة حضر السورية منذ أمد قريب،  بدا الانسجام واضحاً  بين الإستبلشمانت السياسي والديني للدروز، ولهذا السبب الوجيه لم يعرف الدروز لجوءً. 

أما الحروب الربيعيَّة العربيَّة الحالية فقد برهنَّت أنَّها هتكَّت الأوصال ما بين السُنَّة والشيعة في الدين الإسلامي الواحد. بينما كان تأثير الربيع العربي  في سوريا على الموحدِّين الدروز عنواناً عريضاً  لشَّد أواصر الأخوَّة  لدى أتباع هذه المجموعة القاطنَّة في بلاد الشام.  

ومن الواضح أنَّ ما يحصل حالياً لإخواننا في الجولان والكرمل والجليل مع قوى الأمن الاسرائيلية أنَّ خطوطاً حمراء  بدأ رسمها بالنسبة للموحِّدين الدروز، لأنَّ  دول الغرب، لم ولن توافق على التعامل مع الدروز بذات الطريقة التي استعملت مع الايزيدية  في العراق. 


من الخطوط الحُمر المطروحة والتي بات يعرفها القاصي والداني أنَّ الانسجام التام في الملِّمات الدوليَّة والمحليَّة والداخلية  ما بين أُوْلِي الامر السياسيَّين والدينيَّين  لدى هذه الجماعة بات من الشعائر الدينية الْمُقدسَّة التي لا تُمَّس، أهمها حِفظ الاخوان وهذا بدا واضحاً لدى ساسَّة الدروز في لبنان والجليل والكرمل بالرغم من وجود أحزاب تختلف فِي توجهاتها السياسية


مُلخَّص القول  :

لم نَجِد في كُتب التاريخ ما يُفيد أنَّ الإستبلشمانت الدينيَّة لدى الموحِّدين  الدروز انهمكت في صراع على تفسيرات فقهية للعقيدة أدَّت الى إقتتال فيما بينها، بل كان التطابُق في النظرة إلى العقيدة واحدة دون مماحكات أو مناكفات. 

أخيراً وبالنسبة للإستبلشمانت العسكريَّة الدرزيَّة في الجليل والكرمل، وبالرغم من انخراط بعض الدروز بالجيش الاسرائيلي ومع مرور الزمن تعاظمَّت مقدرتهم العسكرية حسب تقارير وزارة الدفاع الأميركيَّة بعد دورات عسكرية أبلوا فيها بلاء ملفتاً، ومِن المؤكد أنَّ  ولاء هذه القوة العسكرية يبقى للهيئة الروحية الدينية الدرزيَّة أكثر منه للدولة في الملمات التي تمس أرضهم وعرضهم، وقد برهنَ  الدروز في الجيش الاسرائيلي أنَّ  أوامرهم في درء أي خطر يطال دروز لبنان أو سوريا والدفاع عنهم يتلقُّوه من الهيئة الروحية الدينية لا من قيادة الجيش. 

ولم يَعُّد خافياً  على أحد من المراقبين العسكريين في الغرب أنَّ سحق ومحق الهجوم على حضر السورية لم يكن ليتُّم بالسرعة الفائقة لولا تدخل دروز الجليل والكرمل. ولم يَعُّد خافياً على أحد أنَّه في مواقع أخرى وفي مُنعطفات تاريخية خطيرة في لبنان وفي سوريا كان دروز الجليل والكرمل لهم اليد الطولى في الفزعَّة والنخوَّة

وكما بعد قرية حضر السورية عادت اللحمَّة والتعاضُّد والتكاتف ما بين دروز بلاد الشام أكثر مما كانت عليه

وأصبحت لحمة النسيج الواحد أشّد حبكاً

وباتّت لحمة المعدن الواحد أقوى صلابةً

وعادت لحمة الثوب الواحد أمتن خيوطاً

وعاد الصيد بالماء العكِّر يؤدي اختناقاً

وعاد اللعب بالنار مع الموحِّدين الدروز يُعتبر انتحاراً

وهذا ما ستشهده مسألة التوربينات في الجولان حالياً



أُنهي مُدونَّتي وأقول وأُؤكد أنَّ حفظ الإخوان لدى الموحِّدين الدروز في الجليل والكرمل والجولان وسوريا ولبنان والأردن هو خطٌ أحمر، رسمت خطوطه الإستبلشمانت السياسيَّة والعسكريَّة الدرزيَّة


فيصل المصري

أُورلاندوا / فلوريدا 

حزيران ٢٠٢٣ 

0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9