يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 5 أكتوبر 2017

الْمُوحدُّون الدروز، والإستبلاشمانت ...

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  6:42 ص


الموحدُّون الدروز، والإستبلاشمانت 
هل لديهم إستبلاشمنت مثل باقي المذاهب الإسلاميَّة ... 

توطئة : 
قبل وصول دونالد ترامب للبيت الابيض، كان التفوُّه بكلمة إستبلاشمنت، يجعلك عرضة لملاحقة الأجهزة الأمنية الأميركية،  ويوصلك الى اقرب أبواب جهنم ...
قبل حروب الربيع العربي، كانت لفظة إستبلشمانت الفقه الاسلامي من الكبائر التي تُدخِلك الى عالم المُرتدِّين، والكفرَّة ومن ثم الى جَهَنَّم وبئس المصير ...
تَغيَّر الوضع الان ...
بالولايات المتحدة الأميركية، بات الحديث عن الإستبلاشمانت علنا ً وإنه مستنقَّع الفساد والإفساد، والرئيس ترامب يحاول جاهدا ً تجفيف هذا المستنقع ...
بالعالم الاسلامي، وخاصة العربي حدِّث ولا حرَّج  عن إنتقادات لاذعة     للإستبلاشمانت في الدين الإسلامِي ...
وبمطلق الأحوال، كان الإستبلاشمانت السياسي، والديني وما يزال مبنيا ً على قاعدة ذهبيَّة وهي ( فَرَّق، تَسُّد ) ممزوجة بالحقد، والكراهية، والأنانية، والفساد والإفساد ... 
الإستبلاشمانت بالمعنى السياسي، خارج نطاق بحثي، ويمكن للقارئ الكريم أن يرجع الى :
مُدوَّنة فيصل المصري، حيث نشرَّت لي غوغل عدة مُدوِّنات في هذا الخصوص ...
http://faissalelmasri.blogspot.com/?m=1

هذه الْمُدوّنة تتطرَّق الى منشأ الإستبلاشمانت الإسلاميَّة عشيَّة وصول  أبو بكر الصدِّيق، ليكون اول الخلفاء  الراشديِّين ...
ستتطرَّق هذه الْمُدوّنة، وتبحث في مسألة، هل للموحِدُّون الدروز إستبلشمانت بالمعنى المتعارف عليه،  كباقي المذاهب الإسلاميَّة ...

المُقَدِّمة :
الإستبلاشمانت في الاسلام ...
كانت قُرَيْش قبل الاسلام هي الإستبلاشمانت،  في حوزتَّها المال، وطرق التجارة، والأطيان والخيرَّات وحتى، كان سدَّنة مَكَّة وأصنامها، وعبدّتها من رعاياها، كلمتها كلمة، وقرارها قرار يُقتدى، ويُقتفى، ويُنفَّذ، والويل والثبور وعظائم الامور لمن يُخالف، وهذه سِنّة القبائل العربية المُتناحرَّة  ...  
إختلف الامر بظهور النبي مُحَمَّد، صَلَّى الله عليه وَسَلَّم، حيث غابَّت إستبلشمانت كانت  سائدة  لعقود، وبزغَّت إستبلشمانت أخرى جديدة بعد موت الرسول العربي، مُحَمَّد صَلَّى الله عليه وَسَلَّم مباشرة، لتخلِّق الشقاق، والفراق بين المِللَّ والنِّحَل حتى يومنا هذا ...

إستَّعر النزاع منذ خلافة الامام علي بن ابي طالب، وما زال حتى هذه الساعة يضرب في أصقاع العالم الاسلامي بضراوَّة ...
بدء ً من الف واربعمائة سنة هجريَّة، ظهرت الإستبلاشمانت الإسلاميَّة السنيَّة بمعناها الديني، ولا ندري او نؤكد ان الذي يجري في العالم العربي من حروب قد يُغَيِّر بعض مفاهيم الإستبلاشمانت السنيَّة ...
وما زالت حتى يومنا هذا، شعارها واضح، وصريح وكعاداتهم منذ عدة قرون يأخذون الدين الاسلامي، وِفْق تفسيراتهم الفقهيَّة حتى يصلِّوا الى مآربهم التي قسمَّت الاسلام، الدين الذي يُبشِّر بالتسامح، وفرقَّت ما بين المِلَّل، والنِّحَل وأوصلت البلاد والعبِّاد الى  الشرذمَّة التي تعِّم العالم العربي، وحتى الإسلاميَّ ... 
وقد إستندَّت إستبلشمانت الفقه السِّني الى حديث نُسب الى عوف بن مالك عن النبي محمد صَلَّى  الله عليه وَسَلَّم، في افتراق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة  ...

وقد تكلَّم في هذا الحديث  بعض المتأخرين، وأثار حوله بعض الإشكالات، لأنك إذا تمعّنت في سرد مصادره ..
ترى ..
مثلا ً .. 
الحديث، رواه ...
الإمام أحمد. 
وأبو داود. 
والترمذي. 
وابن ماجة. 
وغيرهم ..
من طريق .. 
محمد بن عمرو،
عن أبي سلمة، 
عن أبي هريرة ..
قال ..
قال رسول الله صلَّى الله عليه  وَسَلَّم ..
إفترقَّت اليهود، على إحدى  وإثنتين وسبعين فرقة. 
وتفرقَّت النصارى، على  إحدى  وإثنتين وسبعين فرقة.  
وتفترِّق أمتي  على ثلاث وسبعبن فرقة.  
وهذا السند، قد صححَّه ..
الترمذي. 
وابن حيّان. 
وغيرهم ..
وإن هذه الملَّل ستفترِّق على ثلاث وسبعين. 
إثنتان وسبعون في النار. 
وواحدة في الْجَنَّة. 
قيل يا رسول الله من هم ؟ 
قال : هم الجماعة ..
وبهذا الحديث ...
إن كان صحيحا ً او مشكوكا ً به والله أعلم،  بدأت حروب التكفير، والتفريق وقد نال النصيب الأكبر من الإفتراءات، والظلم، والفريَّة الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ...
( يُراجع بذلك مُدوِّنتي الحاكم بأمر الله الخليفة الْمُفترى عليه )



   - الموحدُّون الدروز في بلاد الشام، والإستبلاشمانت  ...
بات واضحا ً منذ ظهور الاديان السماويَّة،  ان كل دين او عقيدة له جماعة فقهية، دينيَّة تحسب نفسها، وتُنصِّب ذاتها انها حَامِيَة، حِياض الدين وحاضنة للعقيدة، وان كل من يتجرأ على فِعل ٍ، او قول ٍ لا يُناسب أدمغتها المُتحجرَّة، هو كافر ُ مرتَّد الخ. من تهييج ديني، رخيص ...
والملفِّت ان هذه المجموعات الدينية، إتفقَّت على أمر واحد، وهو انها أديان سماويَّة، وعدا ذلك من مُعتقدات قابل للحروب، والاقتتال في فَضْ التزاعات والتفسيرات ..

بالنسبة للموحِّدون الدروز قد تكون التقيَّة الْمُطبقَّة لدى سدنتِّهم، ومشايخهم تُخفّف من وطأة الإستبلاشمانت الديني بالمعنى المُتعارف عليه ( فَرِّق تَسُّد ) لأنك ترى لدى هذه الجماعة الدِّينِيَّة ان الِّلحمة، والوحدَّة، وحفظ الاخوان من أعلى مراتب عقيدتهم في المُلمَّات والأخطار المُحْدقَة ...
ومن الْمُؤكد، والثابت ان الإستبلاشمانت السياسي لدى طائفة الموحدُّون الدروز في بلاد الشام، والاستبلاشمنت الديني في بلاد الشام ايضا ً لا يفترقان عندما تتهدَّد مصالح، وأمن، ووجود أبناء الطائفة في الحروب الإقليميَّة، وحتى الدوليَّة ...
وهذا النمط من التفكير، والانسجام ما بين الإستبلاشمانت السياسي، والاستبلاشمنت الديني لدى الموحدُّون الدروز، بدأ ترسيمه منذ التّنوخييِّن، والمعنييِّن، نظرا ً للاضطهاد الذي لاقته هذه المجموعة الدينية منذ إختفاء الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، الامر الذي جعل حفظ الاخوان من أولى الأوليات، حيث كانت الرسائل الدينية تُشير الى توجيه العائلات المهجرَّة الى الأماكن الأكثر أمنا ً لدى إخوانهم   ..
ولا نستغرب، ان هذا النمط في التفكير السليم وصل، وجرى تطبيقه لدى الزعامات السياسية في القرن العشرين، وقد ذكرت ذلك في مُدوِّنتي عن العائلات الدرزيَّة في بلاد الشام، حيث ان السِّت نظيرة جنبلاط أَرْسَّت هذه القاعدة الذهبية أثناء تقسيم المنطقة العربية على أساس إتفاقية سايكس بيكو التي أقرَّت الانتدابين الفرنسي والإنكليزي على بلاد الشام، وقد برع حفيدها في تطبيق هذه السياسة، بالرغم من إنتقادات  الوطنيَّة
 العربية ...

في حرب فلسطين، كان الاتفاق واضحا ً بين الإستبلاشمانت السياسي والديني، فتشبَّث الدروز في ارضهم، ولم يعرفوا لجوء ً ...
في الحروب الاسرائيلة / العربية المُتعددَّة وآخرها حرب الجولان، بدا الانسجام واضحا ً بين الإستبلاشمانت السياسي والديني ولم يعرف الدروز لجوء ً ...
اما في الحروب الربيعيَّة العربية، فقد برهنَّت، انها هتكَّت الأوصال ما بين السُنَّة والشيعة في الدين الاسلامي الواحد ...
بينما كان تأثير الربيع العربي، في سوريا على الموحدِّين  الدروز عنوانا ً عريضا ً لشَّد أواصر الأخوَّة لدى أتباع هذه المجموعة القاطنَّة في بلاد الشام ...
في اذار ٢٠١٥ عندما كانت الحرب في سوريا مُستعرَّة الوطيس، كتبت مُدوِّنة عن وضع الموحدُّون الدروز في سوريا، هل يتطّلب  تعديلا ً في خطوط الحُمر المرسومة، حيث قلت :
 ( بالنسبة للموحِّدون الدّروز، لن أتطرَّق الى موضوع العقيدة، وما يُطلب اليهم في مناطق تواجدهم في جبل السِّماق ( سوريا )، من تغيير في طقوسهم، لتصبح مطابقة للمذهب الوهابي، بل سأتطرَّق الى الجانب السياسي من هذه الحرب ...
من الثابت ان مسالة الحمايَّة، التي وفرَّتها إتفاقية سايكس بيكو، لهذه الطائفة، ولَّت الى غير رجعة ...
ومن المؤكد ان لعبة الأُمم، في هذه الحرب لم تسمح لغاية تاريخه للجماعات الإرهابية، من إجتياح منطقتي تواجد الموحدُّون الدروز في محافظة السويداء، وجبل السمّاق، في محافظة إدلبّ، وإن حصلت بعض المنّاوشات والخروقات، إلا انها لم تصل الى الغزو والسبي، كما حصل للأيزيديين، والتهجير، كما حصل للأشوريين ... )
كذلك أضفت توضيحا ً ..   
 (ومن الواضح، إن ّ خطوطا ً بدأ رسمها، بالنسبة للموحدُّون  الدروز، لان ( بعض ) دول الغرب، لم ولن توافق على التعامل مع الدروز بذات الطريقة، التي أُستعّملت مع الإيزيدين، والمسيحيين في العراق، وسوريا. 
من الخطوط المطروحة :
-إعادة التمّوضع، بعد إتفاق. 
-عدم المسّ بالعقيدة. 
بمعنى أخر، قد يجري تعديل في لعبة الامّم، للمرّة الثانية، وبضربات تأديبية مُنهكة، لمن يتجرأ، على المخالفة ... )
وهذا ما حصل، بالرغم من تدوينه منذ اكثر من سنتين، لان الانسجام التام في الملِّمات ما بين أُوْلِي الامر السياسيين، والدينيين لدى هذه الجماعة الدِّينِيَّة بات من الشعائر الدينية الْمُقدسَّة التي لا تُمَّس  ...

مُلخَّص القول ...
انه ولغاية تاريخه، لم نسمع، او نُشاهد إقتتالا ً على الساحة الدرزيَّة / الدرزيَّة ما خلا مناوشات بين القيسية، واليمنية في القرون الماضية
في جبل لبنان، حيث تداخلَّت مصالح العائلات الإقطاعية على النفوذ السياسي، وإقطاع الاراضي  ...
كذلك، لم نَجِد في كُتب التاريخ ما يُفيد ان الإستبلاشمانت الديني لدى الموحدُّون الدروز، إنهمك في صراع على تفسيرات فقهية للعقيدة، أدَّت الى إقتتال فيما بينها، بل كان التطابُق في النظرة الى العقيدة واحدة، دون مماحكات، او مناكفات، كما لدى باقي الاديان، والتاريخ ذكر المِحَّن لدى المسيحية، والهجرة الى العالم الجديد ...
اخيرا ً وليس أخرا ً ..
هذا لا يعني ان بعض النتوءات، والشوائب لم تظهر في السنوات الاخيرة، من تصرفات فرديَّة لبعض المنصبِّين أنفسهم حُمَاة  الدين والعقيدة ..
وبنظري هذا يعود الى إفتقار الإستبلاشمانت الديني للموحِّدون الدروز  الى تنظيم هيكلي، وتراتبيَّة في المسلك، والزَّي والى غيره من تنظيمات هرميَّة تؤدي الى ضبط بعض التصرفَّات المسيئة حتى الى العقيدة ..
يتمحوَّر، الخلاف الفقهي للإستبلاشمانت الدرزي اليوم مع المجتمع المدني الذي يشكِّل أغلبية الدروز على أمور، سأقوم بتعدادها على سبيل المثال لا الحصر، وهي  :
 -  دور المرأة الدرزيَّة في المجتمع، وكيفية النظرَّة اليها حاليا ً من قِبَل بعض أفراد الإستبلاشمانت الديني،  علما ً ان الكُتُّب والرسائل الدينية إعتبرتها حامية، وحاضنة، ومدافعة عن العقيدة ..
 -  بعض التصرفَّات المسيئة التى تظهر من ( بعض ) الذين زيَّنوا أجسادهم بالزَّي الديني، ( الشروال، والقلوسَّة ) وهم قِلَّة يعتقدون ان الزَّي هو تفسيح ديني يحميهم من أي لوم ٍ او إنتقاد ..
 - عدم الإدراك المُطْبَق في وضع معايير، تقييميَّة مِن قِبَل بعض الإستبلاشمانت الديني، وحتى السياسي،  لافراد المجتمع المدني الدرزي سواء كانوا ذكورا ً او إناثا ً مِن أنهم، جَهَلَّة في الدين، وفي إستلامه، وهذا التفكير السطحي يُنبِّأ بالواقع المرير الذي هو، ( العكس هو الصحيح ) ...
 - الخلط ما بين إرتداء الزَّي لدى المشايخ، والمِهَّن  التي يعتاشون منها، وهذا يعود ايضا ً الى،  عدم  وضع  أُسسُّ  ومعايير لمن  يُحِق  له  إرتداء الزِّي   ..
والذي جرى تعداده في أعلاه، إنما مرَّده :
  - لا يعود الى نقص في النص، او الاجتهاد، بل يعود الى تزمُّت في التفسير، والتصرفات ...
وقد أوضحّت ذلك جليا ً وإسهابا ً عن المرأة الدرزيَّة، في مُدوِّنتي :
 ( المرأة الدرزيَّة، وما أدراك عن المرأة الدرزيَّة )
هذا التزمُّت في التفسير، ما دام غير مُستتد ٍ إلى نص ٍ شرعي فهو غير مقبول، لا بل ممجوج ...
واخيرا ً ..
وكما أسلفت، يفتقِّر الإستبلاشمانت الديني للموحِّدون الدروز، الى نصوص تنظيمية ترعى شؤون رجال الدين، في طُرُق  تعاملهم  في الافراح والأتراح مع المرأة الدرزيَّة، وغير الدرزيَّة  حتى يتُّم تعميمها على دروز بلاد الشام  ...
ولا بد لي من الإشارة الى : 
 -  ان الزعيم الدرزي كمال جنبلاط، في تقديمه :
( كتاب الدكتور سامي مكارم عن الموحدُّون الدروز،  الذي لا قيمة دينية له ) 
أغنى المرحوم كمال جنبلاط هذا الكتاب  بمُقدِّمة مُذهلَّة، وضع فيها عُصارَّة المعتقد والفكر، والنظرَّة  الشاملة  التنظيمية  للاوضاع، كيف يجب ان تكون، وبالتالي يُمكن الإستئناس بها، فيما لو جرى إعتماد هيكلية تنظيمية للإستبلاشمانت، من ضمنها توحيد مشيخَّة العقل،  في كل بلد من بلاد الشام، بدل التعدديَّة ...
  -  كذلك، لفت نظري التنظيم الْمُعتمَّد في مقام النبي أيوب في حطين، حيث يُمكن الاستئناس بنصوصه التنظيمية العصريَّة ...
واخيرا ً ..
إن الشوائب الطفيفَّة في المعاملات اليوميَّة،  يُمكن حلُّها وفق توافق ثلاثي  سياسي، وديني، ومجتمع مدني .. 

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٥ تشرين اول ٢٠١٧ 

      

 


 


0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9