يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 9 مايو 2018

المُوحِّدون الدروز والإستبلشمانت الدِّينِيَّة في مواجهة الفتنَّة.

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  6:57 ص



الموحدُّون الدروز، والإستبلشمانت الدينيَّة  في مواجهة الفتنَّة .. 


   -  تعريف
Establishment

        الإستبلشمانت الدِّينِيَّة ..
تعني تَجَمُّع رجال الدين التُقَّاة في تفسير العقيدة، وإبداء الرأي عن طريق النداءات الدِّينِيَّة في مواجهة الاخطار المُحدقَّة الخارجية، أو الداخلية كالفتَّن التي تُكشِّر عن أنيابها، وتعمل سوء ً وضررا ً لدى الجماعة ..


   -  المناسبة
حادثة مدينة الشويفات الاليمة عِقب الانتخابات النيابية اللبنانية يوم ( ٨  نيسان ٢٠١٨ ). 

  -  النداء : مُوَّجه الى أبناء الطائفة المعروفية الكريمة ..

صادر عن فضيلة الشيخ أمين الصايغ، والمشايخ العقلاء ..
وإعتبار ما حصل في الشويفات هو فِتنَّة وفخ منصوب لجميع أبناء طائفة الموحِّدين الدروز، الذين ليس لديهم فِرَق متعددة، بل وحدة كاملة متكاملة، 
والدعوة الى الاعتصام  بحبل الله، والتعقل والحكمة التي هي مظلة للجميع، 
والتعالي عن الجراح ..
والله ولي التوفيق .. 

   -  النداء : يرشح أيمانا ً صادقا ً ومعبرا ً يصيب الأفئدة، والقلوب، والعقول ويسكن في الضمائر ..


  -  تمهيد :

هذه الْمُدوّنة،  ستتطرَّق الى دور الإستبلشمانت الدينية لدى الموحِّدين الدروز، في مواجهة الفتنَّة عند بزوغ  فجرها الظلامي ..


  -  المُقَدِّمة : الفرق بين الإستبلشمانت الدينية لدى الموحِّدين الدروز، والاستبلشمنت الدينية الاسلامية ..

الإستبلاشمانت في الاسلام ...
كانت قُرَيْش قبل الاسلام هي الإستبلاشمانت،  في حوزتَّها المال، وطرق التجارة، والأطيان والخيرَّات وحتى، كان سدَّنة مَكَّة وأصنامها، وعبدّتها من رعاياها، كلمتها كلمة، وقرارها قرار يُقتدى، ويُقتفى، ويُنفَّذ، والويل والثبور وعظائم الامور لمن يُخالف، وهذه سِنّة القبائل العربية المُتناحرَّة  ...  

إختلف الامر بظهور النبي مُحَمَّد، صَلَّى الله عليه وَسَلَّم، حيث غابَّت إستبلشمانت كانت  سائدة  لعقود، وبزغَّت إستبلشمانت أخرى جديدة بعد موت الرسول العربي، لتخلِّق الشقاق، والفراق بين المِللَّ والنِّحَل حتى يومنا هذا ...

إستَّعر النزاع منذ خلافة الامام علي بن ابي طالب، وما زال حتى هذه الساعة يضرب في أصقاع العالم الاسلامي بضراوَّة ...
بدء ً من الف واربعمائة سنة هجريَّة، ظهرت الإستبلاشمانت الإسلاميَّة السنيَّة بمعناها الديني، ولا ندري أو نؤكد ان الذي يجري في العالم العربي من حروب قد يُغَيِّر بعض مفاهيم الإستبلشمانت الدينية السنيَّة ...

وما زالت حتى يومنا هذا، شعارها واضح، وصريح وكعاداتهم منذ عدة قرون يأخذون الدين الاسلامي، وِفْق تفسيراتهم الفقهيَّة حتى يصلِّوا الى مآربهم التي قسمَّت الاسلام الدين، الذي يُبشِّر بالتسامح، وفرقَّت ما بين المِلَّل، والنِّحَل وأوصلت البلاد والعبِّاد الى  الشرذمَّة التي تعِّم العالم العربي، وحتى الإسلاميَّ ... 

وقد إستندَّت إستبلشمانت الفقه السِّني الى حديث نُسب الى عوف بن مالك عن النبي محمد صَلَّى  الله عليه وَسَلَّم، في إفتراق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة  ...

وقد تكلَّم في هذا الحديث  بعض المتأخرين، وأثار حوله بعض الإشكالات، لأنك إذا تمعّنت في سرد مصادره ..
ترى ..
مثلا ً .. 
الحديث، رواه ...
الإمام أحمد
وأبو داود
والترمذي
وابن ماجة
وغيرهم ..
من طريق .. 
محمد بن عمرو،
عن أبي سلمة، 
عن أبي هريرة ..
قال ..
قال رسول الله صلَّى الله عليه  وَسَلَّم ..
إفترقَّت اليهود، على إحدى  وإثنتين وسبعين فرقة
وتفرقَّت النصارى، على  إحدى  وإثنتين وسبعين فرقة.  
وتفترِّق أمتي  على ثلاث وسبعبن فرقة.  
وهذا السند، قد صححَّه ..
الترمذي
وابن حيّان
وغيرهم ..
وإن هذه الملَّل ستفترِّق على ثلاث وسبعين
إثنتان وسبعون في النار
وواحدة في الْجَنَّة
قيل يا رسول الله من هم ؟ 
قال : هم الجماعة ..
وبهذا الحديث ...
إن كان صحيحا ً او مشكوكا ً به والله أعلم،  بدأت حروب التكفير، والتفريق وقد نال النصيب الأكبر من الإفتراءات، والظلم، والفريَّة الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ...
( يُراجع بذلك مُدوِّنتي الحاكم بأمر الله الخليفة الْمُفترى عليه )



   - الموحدُّون الدروز في بلاد الشام، والإستبلشمانت   ...

يقول فضيلة الشيخ أمين الصايغ الموحِّد الدرزي من لبنان :
لا يوجد في طائفة الموحِّدين الدروز فِرَق متعددَّة، بل وحدة كاملة متكاملة ..
بهذا التعريف الواضح والصريح تختلف الإستبلشمانت الدينية لدي الموحِّدين الدروز، عن الإستبلشمانت الدينية الاسلامية وخاصة السنيَّة التي ذهبت الى التفريق والتفرقَّة بين الفرق الاسلامية، كما أوضحت في أعلاه ...

بات واضحا ً منذ ظهور الاديان السماويَّة،  ان كل دين او عقيدة له جماعة فقهية، دينيَّة تحسب نفسها، وتُنصِّب ذاتها انها حَامِيَة، حِياض الدين وحاضنة للعقيدة، وإن كل من يتجرأ على فِعل ٍ، أو قول ٍ لا يُناسب أدمغتها المُتحجرَّة، هو كافر ُ مرتَّد، وما يستتبِّع من تهييج  ديني، لخلق الفتنَّة  ...

والملفِّت ان هذه المجموعات الدينية، إتفقَّت على أمر واحد، وهو انها أديان سماويَّة، وعدا ذلك من مُعتقدات قابل للحروب، والاقتتال في فَضْ التزاعات والتفسيرات ..

   -  بالنسبة للموحِّدون الدروز ... 
قد تكون التقيَّة الْمُطبقَّة لدى سدنتِّهم، ومشايخهم تُخفّف من وطأة الإستبلشمانت  الديني بالمعنى المُتعارف عليه لدى باقي الأديان والملل، والمذاهب، لأنك ترى لدى هذه الجماعة الدِّينِيَّة  ( الموحِّدون الدروز ) أن الِّلحمة، والوحدَّة، وحفظ الاخوان من أعلى مراتب عقيدتهم في المُلمَّات والأخطار المُحْدقَة، والتأكيد دوما ً على أن الموحِّدين الدروز ليس لديهم فِرَق مذهبية متعددَّة، بل وحدة كاملة متكاملة ...

ومن الْمُؤكد، والثابت ان الإستبلشمانت  السياسي لدى الموحِّدين  الدروز في بلاد الشام، والإستبلشمانت  الديني في بلاد الشام ايضا ً،  لا يفترقان عندما تتهدَّد مصالح، وأمن، ووجود أبناء الطائفة في الحروب الإقليميَّة، وحتى الدوليَّة الى الخطر  ...

وهذا النمط من التفكير، والانسجام ما بين الإستبلاشمانت السياسي، والاستبلاشمنت الديني لدى الموحدُّون الدروز، بدأ ترسيمه منذ الإمارة  التّنوخييِّة، والإمارة  المعنيَّة وحتى الإمارة اللمعيَّة في أول ظهورها ..

ويعود السبب في اللحمَّة، والتعاضُّد، وحفظ الاخوان  نظرا ً للاضطهاد الذي لاقته هذه المجموعة الدينية منذ  الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، الامر الذي جعل حفظ الاخوان، والعرض والأرض من أولى الأوليات، حيث كانت الرسائل الدينية تُشير الى توجيه العائلات المهجرَّة الى الأماكن الأكثر أمنا ً لدى إخوانهم   ..

ولا نستغرب، أن هذا النمط في التفكير السليم وصل، وجرى تطبيقه لدى الزعامات السياسية في القرن العشرين، وقد ذكرت ذلك في مُدوِّنتي عن العائلات الدرزيَّة في بلاد الشام، حيث ان السِّت نظيرة جنبلاط أَرْسَّت هذه القاعدة الذهبية  ( حفظ الاخوان ) أثناء تقسيم المنطقة العربية على أساس إتفاقية سايكس بيكو التي أقرَّت الانتدابين الفرنسي والإنكليزي على بلاد الشام، وقد برع حفيدها الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في تطبيق هذه السياسة بحذافيرها في الملمٌَات الخارجية، والفتَّن الداخلية كما  حصل في حادثة الشويفات الآليمة ..

في حرب فلسطين بالعام ١٩٤٨  كان الاتفاق واضحا ً بين الإستبلاشمانت السياسي والديني، لدى الموحِّدين الدروز في بلاد الشام، حيث تشبث الدروز في أرضهم فلسطين، ولم يعرفوا لجوء ً ...

( يراجع مُدونَّتي عن سلطان باشا الاطرش، وفضيلة الشيخ أمين طريف شيخ عقل الطائفة الدرزية آنذاك )

في الحروب الاسرائيلة / العربية المُتعددَّة وآخرها حرب الجولان، وأخر أخرها معركة حضر السورية منذ أمد قريب،  بدا الانسجام واضحا ً بين الإستبلاشمانت السياسي والديني ولم يعرف الدروز لجوء ً ...

أما في الحروب الربيعيَّة العربية، فقد برهنَّت، انها هتكَّت الأوصال ما بين السُنَّة والشيعة في الدين الاسلامي الواحد ...

بينما كان تأثير الربيع العربي  في سوريا على الموحدِّين  الدروز عنوانا ً عريضا ً لشَّد أواصر الأخوَّة لدى أتباع هذه المجموعة القاطنَّة في بلاد الشام ...

في اذار ٢٠١٥ عندما كانت الحرب في سوريا مُستعرَّة الوطيس، كتبت مُدوِّنة عن وضع الموحدُّون الدروز في سوريا، هل يتطّلب  تعديلا ً في خطوط الحُمر المرسومة، حيث قلت :

 ( بالنسبة للموحِّدون الدّروز، لن أتطرَّق الى موضوع العقيدة، وما يُطلب اليهم في مناطق تواجدهم في جبل السِّماق ( سوريا )، من تغيير في طقوسهم، لتصبح مطابقة للمذهب الوهابي، بل سأتطرَّق الى الجانب السياسي من هذه الحرب ...

من الثابت ان مسألة الحمايَّة، التي وفرَّتها إتفاقية سايكس بيكو، لهذه الطائفة، ولَّت الى غير رجعة ...

ومن المؤكد ان لعبة الأُمم، في هذه الحرب لم تسمح لغاية تاريخه للجماعات الإرهابية، من إجتياح منطقتي تواجد الموحدُّون الدروز في محافظة السويداء، وجبل السمّاق، في محافظة إدلبّ، وإن حصلت بعض المنّاوشات والخروقات، إلا انها لم تصل الى الغزو والسبي، كما حصل للأيزيديين، والتهجير، كما حصل للأشوريين ... )

كذلك أضفت توضيحا ً ..   
 (ومن الواضح، إن ّ خطوطا ً بدأ رسمها، بالنسبة للموحدُّون  الدروز، لان  ( بعض ) دول الغرب، لم ولن توافق على التعامل مع الدروز بذات الطريقة، التي أُستعّملت مع الإيزيدين، والمسيحيين في العراق، وسوريا

من الخطوط الحُمر المطروحة، والتي بات يعرفها القاصي والداني، أن الانسجام التام في الملِّمات الدوليَّة، والمحليَّة، والداخلية  ما بين أُوْلِي الامر السياسيين، والدينيين  لدى هذه الجماعة الدِّينِيَّة بات من الشعائر الدينية الْمُقدسَّة التي لا تُمَّس، أهمها حِفظ الاخوان  ...

مُلخَّص القول ...
انه ولغاية تاريخه، لم نسمع، او نُشاهد إقتتالا ً على الساحة الدرزيَّة / الدرزيَّة  إلا وجرى وئدها في المهد، كما حصل نهار أمس في الشويفات ..

كذلك، لم نَجِد في كُتب التاريخ ما يُفيد ان الإستبلاشمانت الدينية لدى الموحِّدين  الدروز، إنهمكت في صراع على تفسيرات فقهية للعقيدة، أدَّت الى إقتتال فيما بينها، بل كان التطابُق في النظرة الى العقيدة واحدة، دون مماحكات، او مناكفات، كما  حصل عبر التاريخ ويحصل الان لدى باقي الاديان السماوية، كلها دون إستثناء ..


أخيرا ً ..
أُنهي مُدونَّتي وأقول، وأُؤكد ..
إن النداء الذي أطلقته الإستبلشمانت لدى طائفة الموحِّدين الدروز في لبنان نهار أمس، لاقى الإستحسان والتأييد المُطلق من  إخوانهم في بلاد الشام الاخرى ..


فيصل المصري

صليما / لبنان

٩ أيار ٢٠١٨ 

هناك تعليق واحد:

Blogger Template By: Bloggertheme9