الموحدُّون الدروز، وقرية حضر السورية.
- تعريف :
قرية حضر هي إحدى قرى جبل الشيخ في مرتفعات الجولان السورية، وهي تابعة لمحافظة القنيطرة وتبعد عن دمشق ٧٥ كيلو مترا ً باتجاه الجنوب الغربي ...
يبلغ عدد السكان المقيمين في حضر، قرابة أربعة عشر الف نسمة، وهي من أكبر قرى هضبة الجولان مساحة ً ...
- المُقَدِّمة :
تصدرَّت أخبار قرية الحضر السورية، حيث يسكنها أبناء طائفة الموحدُّون الدروز والتي تعرضَّت الى هجوم ٍ مُدِّبر ٍ، سافر ٍ، دنيئ، ومُنحَّط من الجماعات الإرهابية المُسمَّاة ب جبهة النُصرَّة، حيث دارَّت معارك عنيفة في أواخر الأسبوع المُنصرم، وإستبسل الأهالي من الدروز المحليين، (ودروز بلاد الشام )، حيث ردُّوا هجوم جاهلية ما بعد الاسلام، وفتكوا بالوحوش الكاسرة، وأعطُّوا درسا ً للقاصي والداني أن اللعب بالنار قد يسلم الانسان منه، اما اللعب مع الموحدُّون الدروز، فإن فيه إزهاق للروح.
وقد نقلت الإذاعات العربية هذا الحَّدث كل ٌ على ليلاه، لأنك قد تتوقَّع تغيير في منظومة الليل والنهار، وبدء شروق الشمس او غيابها، ولكنك لم ولن تتوقع يوما ً من الأيام ان الاعلام العربي، سيتوقَّف عن الكذب والتضليل وهذه سِنَّة ومذهب إعتنقوه، وعبدوه، وألهُّوه.
بعض وسائل الاعلام تجاهلَّت الهجوم على حضر، لان سكان هذه القرية من الموحدِّين الدروز، ولا ضير في قتلهم، او نهبهِّم، او هدم منازلهم.
البعض الاخر ألقى اللوم وإستسهَل تعليق التهمة على شماعَّة إسرائيل.
والبعض البعض تحمَّس وألقى التهَّمة على النظام السوري.
شخصيا ً لم أكن يوما ً أعتبر الإعلام العربي صادقا ً او كاذبا ًً لا في العير، ولا في النفير، فالأمر سواسيَّة عندي.
ويعتريك الغضب، وتقطعه أحيانا ً مباهج الفرحة، والفخر ان وسائل التواصل الاجتماعي للمقاتلين الدروز في المعركة، والمساندين من أقرانهم، ومن مِلتهم كلهم أبلوا بلاء ً حسنا ً في نقل سير المعركة دقيقة ً بدقيقة، وهذا مبعث عِز وإعتزاز، وقد كانت صور الكلاب المسعورة من المهاجمين ملقاة على مداخل حضر وأسوارها.
- في مُسبّبات الهجوم على حضر السورية.
- في نتائج الهجوم على صعيد وحدة الموحدُّون الدروز.
- في المٌسبّبات :
في ٢١ تشرين اول ٢٠١٧ ( أقل من شهر ) نشرت لي غوغل مُدوِّنة بعنوان :
الموحدُّون الدروز في بلاد الشام، الى أين ؟
وقد أوضحت فيها حرفيا ً :
أن هذه الْمُدوّنة تتضمَّن الرأي الشخصي لي ... وحدي.
ولأني أُقيم في الولايات المتحدَّة الأميركية، حيث يحفظ لي دستور البلاد أن أُمارس حقي في إبداء الرأي، وأن أُبقي على معتقداتي الدينية ..
إرتأيت أن أنقل هواجسي، ومخاوفي إلى إخواني، وأبناء جلدتي الموحدُّون الدروز في بلاد الشام، وأسأل الإستبلاشمانت الدينية، والسياسية والعسكرية ( إن وُجِدَّت )، إلى أين ؟
وقد ذكرت في هذه الْمُدوّنة ان الوضع اليوم مُختلف كليا ً عن ذي قبل، لأن الخطوط الحمراء، وإن لم يتجرأ أحد من الأطراف الخارجية المتنازعة على إنتهاكها، بات واضحا ً ان الخوف من الداخل هو الخطر الداهم، والقريب لانه بدأ يطِّل، ويبرز أنيابه.
وقد ذكرت كيف كانت تجري تصفية، وإبعاد الضباط الدروز من الجيش السوري، وصولا ً الى العميد زهر الدين ..
وخلصت الى إقتراح مفاده الطلَّب من الموحدُّون الدروز في فلسطين بتشكيل وفد يضم الإستبلاشمانت السياسي، والاستبلاشمنت الديني، والعسكري لزيارة أهلهم في بلاد الشام، ( لإعادة رسم الخطوط الحمراء، والتوجهَّات السياسية ).
وكنت في ذلك شديد الوضوح، أن التشرذم الداخلي الدرزي في بلاد الشام، قد يغري مَن أياديهم مُلطخة بالدماء، العبَّث بالخطوط الحمراء المرسومة للذود عن حِياض هذه الفئة، او الفرقة الدينية وسط خضم بحر واسع شاسع من الصراعات الدينية والمذهبية، والتي لا طائل او جدوى من إخمادها.
وقد وقع المحظور بأن تجاوزت الكلاب المسعورة، والمدفوعة من جهات معروفة لدول القرار الأجنبية، الخط الأحمر في هضبة الجولان، علما ً أن بعض الدول الإقليمية لم تألو جهدا ً، ولم تتوقَّف يوما ً مِن جر الموحدِّين الدروز الى هذه المعمعَّة من الصراعات المذهبية والدينية المُدمرَّة.
لذلك، وبناء ً عليه ..
في هذه الْمُدوّنة ساكون أكثر وضوحا ً مع التشديد على كشف الحقائق، لآن عدم كشفها، خوفا ً او رِياء ً على حد سواء يؤدي لا مُحالة الى إضعاف البنيَّة واللحمَّة، والتعاضُّد، والتكاتف فيما بين الدروز في بلاد الشام، خاصة في الملفات الخطيرة، والملمَّات المداهمة التي ما زالت تعصف بهم عبر الأجيال، وحتى الامس القريب.
- ليس مهما ً أن نتطرَّق في هذه الْمُدوّنة الى الجهة الإقليمية التي كانت وراء دفع الكواسر من جبهة النصرَّة الى الهجوم على القرية الدرزيَّة، لانه يكفيك ان تعرف الدولة الإقليمية التي تُموِّل، ولا أستبعد تقاطع مصالح، دول إقليمية في الجوار، كل منها حسب ميزان الربح والخسارة الذي تبتغيه من وراء هذا الهجوم.
- مُنذ قيام دولة إسرائيل في اواخر أربعينات القرن الماضي، لم تنفَّك الابواق العربية الطنانَّة، والرنانَّة، والمُملَّة، على نعت دروز فلسطين بشتى أنواع التعابير المأخوذة من ميزان الوطنجيَّة العربية المُنحَّط والسافل في الكيل والميزان وفي رسم الشعارات السوقيَّة، من أجل فك رباط اللحمَّة والتعاضد، والتكاتف فيما بينهم، وبين دروز سوريا، ولبنان، والأردن.
وبات في بعض الأيام يوم كانت حرارة القومجيَّة العربية، في أوج هيجانها أن مجرد ذِكْر دروز فلسطين، من قِبَل أقرانهم في بلاد الشام على اللسان، هو من الكبائر، وكأن نكبة فلسطين، هي بسبب هذه الفئة التي تمسكَّت بالأرض والعرض.
- من الاكاذيب العربية، بعد سقوط بغداد العباسية، وخسارة الأندلس القول أنه كان على دروز فلسطين اللحَّاق بركب من ترك أرضه، هاربا ً نازحا ً لاجئا ً يلتمس شحذ السُكنى في الخِيَّم على أطراف عواصم، وبلدات الجوار والذين أُطلق عليهم وما زال باللاجئين الفلسطينيين.
وفي هذا الصدد ..
وفي مسألة ان الوطنجيَّة العربية، كانت تقضي بان يترك دروز فلسطين أرضهم، أقول ما ورد في أحد الوثائق التاريخية، ما يلي :
بتاريخ ١٥ / ٦ / ١٩٤٨ سافر الشيخ أمين طريف رحمات الله عليه الواسعة من كل فج عميق ( شيخ عقل طائفة الموحدُّون الدروز في فلسطين ) سافر من فلسطين الى سوريا، مع وفد من المشايخ، لمقابلة عطوفة سلطان باشا الاطرش في بلدته القرّيا، للإستئناس برأيه، وأخذ مشورته في مسألة إخلاء القرى الدرزيَّة، والنزوح الى سوريا، لأن اليهود سيعملون على إبادة السكان.
أجاب سلطان باشا الاطرش الوفد الدرزي الفلسطيني :
( إياكم ثم إياكم ترك قراكم، لأن غيركم باع وإشترى، أما أنتم فما بعتم ولا إشتريتم، فعليكم الصمود في أرضكم والمحافظة على أرضكم، وعرضكم، وإذا ما نزحتم إلينا فلن نقبلكم أبدا ً )
وأطاع الوفد مشورة الباشا سلطان الاطرش.
وفي هذه النصيحة الذهبية خير دليل على أن مسألة الارض، والعرض عند الموحدِّين الدروز، لا تُمَّس.
- منذ نكبَّة فلسطين، لم تنقطِّع ألاواصر الحميدة، والشريفة، والعائلية مع بين دروز فلسطين، وأخوانهم في بلاد الشام، بالرغم تنتيعات، وتشدُّقات الالسن الوضيعة، وموجات العروبة الصاخبة من الخليج الى المحيط، لا بل كانت تشتَّد اللحمَّة والفزعات، والنخوات في كل خطر مُدلهِّم يصيب دروز لبنان، او سوريا.
- أما العواء، والنباح الوطنجِّي العربي على دروز فلسطين، بسبب إنخراط بعض شباب الطائفة في جيش الدفاع الاسرائيلي، كان المقصود منه إشاعة الاكاذيب، والدسائس على دروز فلسطين عامة، وعلى الجنود والضباط الدروز خاصة، حيث كانت تبلغ أوجها في كل منعطف تاريخي يجِّر الهزيمة والخيبة للجيوش العربية الجرارة في قتالها مع اسرائيل.
وبالرغم من إنخراط بعض الدروز بالجيش الاسرائيلي، ومع مرور الزمن، تعاظمَّت مقدرتهم العسكرية، ولكن بقي ولائهم حتى الامس القريب، للهيئة الروحية الدينية الدرزيَّة في فلسطين، أكثر منه للدولة، وقد برهنَّت هذه القوة العسكرية الضاربة الدرزيَّة في الجيش الاسرائيلي، أن أوامرها في درء أي خطر يطال دروز لبنان او سوريا، والدفاع عنهم يتلقُّوه من الهيئة الروحية الدينية في فلسطين، لا من قيادة الجيش، وما نسمعه اليوم وما نشاهده من مُضايقات الأمن الاسرائيلي على كل درزِّي فلسطيني، هب َّ الى نُصرَّة إخوانه، والدفاع عن حضر السورية، إلا دليل واضح على ما أقوله.
والدليل على ذلك أيضا ً ..
لم يَعُّد خافيا ً على أحد، من المراقبين العسكريين في الغرب، أن سحق، ومحق الهجوم على حضر السورية، لم يكن ليتُّم بالسرعة الفائقة، لولا تدخل دروز فلسطين، بالرغم من قدوم جحافل مُسلحَّة من دروز لبنان، وسوريا، وهم على أهبة الاستعداد لفَّك الحصار وإحتلال قرية حضر، ودحر كواسر جبهة النصرة.
ولم يَعُّد خافيا ً على أحد، انه في مواقع أخرى، وفي مُنعطفات تاريخية خطيرة، في لبنان وفي سوريا كان دروز فلسطين لهم اليد الطولى في الفزعَّة، والنخوَّة لشَّد الآزر، وأكثر من ذلك.
وفي نهاية هذه الْمُدوّنة.
أقول كلاما ً ..
فيه ربط لل المُقَدِّمة ..
وهو في مقاييس اللغة العربية بسيط، وواضح لأعمى العقل، والبصيرة، بعد أن ذكرت مُسبّبات الهجوم على حضر السورية،
أقول في نتائج الهجوم على حضر السورية ..
وعادَّت اللحمَّة، والتعاضُّد، والتكاتف، ما بين دروز بلاد الشام ..
أكثر مما كانت عليه.
وأصبحت لحمة النسيج الواحد، أشّد حبكا ً ..
وباتّت لحمة المعدن الواحد، أقوى صلابة ً ..
وعادت لحمة الثوب الواحد، أمتن خيوطا ً ..
وعاد الصيد بالماء العكِّر، يؤدي إختناقا ً ..
وعاد اللعب بالنار مع الموحدُّون الدروز، يؤدي إنتحارا ً ..
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٧ تشرين الثاني ٢٠١٧
0 comments: