وما إن غادر ألجِسْر، ذلك الصباح حتى بدأت الشكّوك تجتاح كِيانه ..
والأسئلة تتدحرّج عليه كالصخور، من عال ٍ ..
يسأل نفسه، تارة ً ...
ويُجيب نفسه، طورا ً أخرا ً ..
خاف أن ينعتّه المارّة بالجنون ..
سأل عقله، هل يُحِّب حورّية النهر ..
أجابه، بالإيجاب ..
وما أن سأل قلبّه، هل يُحِّب حوريّة النهر ...
حتى بدأ قلبّه يتخبّط داخل صدرّه، خبط عشواء ..
طالبا ً الخروج، والهروب الى أحضان حوريّة النهر ..
أمّا السؤال الذي حيَّره، وأخذ منه مقتلا ً ..
ما هو الشيئ الذي لا تعرفه حوريّة النهر عنه ..
هنا تداخلت، شكوكه، ومخاوِّفه وإنعدام الثقة بنفسه، والكون المحيط به.
أصبح مُقتنعا ً ..
أن هذا النهار، سيكون أطول يوم في العام ..
وإن الشمس، لن تغيب ..
وإن الليل، لن يسدُّل ستائره ..
وإن القمر، لن يُهدي دُروب العشّاق ..
وإن الفجر، لن يبزُّغ ..
كل ذلك، حتى لا يلتقي بحوريّة النهر ..
وصل الى قناعة، مفادها ان مؤامرة كونيّة تُحاك ضدّه، حتى لا يلتقي بحبيبة عمره، حورّية النهر ...
أما .. في ألجِسْر ..
كانت حورّية النهر، تقرأ أفكار ذلك الرجل البشرّي ..
تبتِّسم ..
وتفرح ..
وتشهق بكاء ً ..
وترتفع معنوياتها كلما كانت تتخبّط أفكار، ذلك الرجل البشرّي ..
الذي عشِقّها ..
وهام بها ..
وأحبّها، حتى الجنون ..
أمّا ألجِسْر ..
كان شاهدا ً ...
على العوارِّض، والمشاعر، والهيجان العاطفي الذي إجتاح، وسيطّر، وإحتّل قلب حوريّة النهر، صديقته القديمة ..
وكان عالما ً ...
بمشاعر صديقه البشري الجديد ..
أيقّن ألجِسْر ..
أن وراء أكمِّة هذا الحُّب العنيف .. أكمِّة ...
وتوجّس، وتخوّف.. من هذه العلاقة ..
وتغيّرت معالمه ..
مِن .. قُبول لهذه العلاقة ...
إلى .. رفضها بالاطلاق ..
قالت له حورّية النهر ...
ما بالك ...
أراك فرِّحا ً وحزينا ً في آن ..
أجابها ..
قبل ان يأت ِ ذلك الرجل البشري ..
أُريد أن أسألك ...
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٧ تشرين اول ٢٠١٦
0 comments: