جميلة بوحيرد،
من الجزائر ....
معظم المؤرخين، يعتبرون أن جميلة بو حيرد هي أبرز المناضلات من أجل الحرية في القرن العشرين، وانها دخلت التاريخ من أوسع أبوابه في خمسينيات، وستينيات القرن الماضي.
كذلك، يعتبر بعض المؤرخين المعاصرين، ان المعلومات المتوفرة عن هذه المناضلة، قليلة جدا ً، حتى وكأنه هناك ستارا ً ،،،، يُسدل عمداً عليها، في محاولة، لطمس إسمها، ودفعها إلى النسيان.
إن المعلومات حول دورها، على الرغم من أهميته، في ثورة التحرير الجزائرية، يتكوّن من سطور قليلة، متناثرة هنا وهناك.
قد يكون من السهل جداً على المرء أن يعثر على مصادر معلومات غزيرة ومفصلة عن الكثير من رفاق جميلة في النضال، ممن لعبوا أدوارا ً أقل أهمية من دورها، أما هي فإنك تلاقي صعوبة، كما إختبرته شخصيا ً عند بدء دراستي هذه ...
ومع ذلك، وبالرغم من صعوبة البحث ...
إن جميلة بوحيرد، هي الشخصية التي اختارها التاريخ، لتكون بين أبرز خمس شخصيات سياسية، طبعت القرن العشرين.
إن جميلة بوحيرد، ليست مجرد اسم في التاريخ الجزائري فحسب، بل إنها رمز مضيء من رموز الأمة العربية.
من هي جميلة ابو حيرد.
وُلدت جميلة بوحيرد في حي القصبة، الجزائر العاصمة، بالعام ١٩٣٥.
هي مقاومة جزائرية من المناضلات اللائي ساهمن بشكل مباشر في الثورة الجزائرية على الاستعمار الفرنسي، في منتصف القرن الماضي.
ولدت جميلة من أب جزائري مثقّف، وأم تونسية من القصبة وكانت البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها، كان لوالدتها التاثير الأكبر في حبها للوطن فقد كانت أول من زرع فيها حب الوطن وذكرّتها بأنها جزائرية، لا فرنسية رغم سنها الصغيرة.
واصلت جميلة بوحيرد تعليمها المدرسي ومن ثم التحقّت بمعهد للخياطة والتفصيل، لانها كانت تهوى تصميم الأزياء. مارست الرقص الكلاسيكي وكانت بارعة في ركوب الخيل إلى أن اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954 حيث انضمت إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية للنضال ضد الاحتلال الفرنسي وهي في العشرين من عمرها.
إلتحقّت جميلة بوحيرد بصفوف الفدائيين وكانت أول المتطوعات لزرع القنابل، ونظراً لبطولاتها أصبحت المطاردة رقم 1.
تم القبض عليها عام 1957 بعد إصابتها برصاصة في الكتف وألقي القبض عليها، وبدأت رحلتها القاسية من التعذيب وجملتها الشهيرة التي قالتها آنذاك :
أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام، لكن لا تنسوا إنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم، ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرّة مستقلة.
بعد 3، سنوات من السجن تم ترحيلها إلى فرنسا وقضت هناك ثلاث سنوات، ليطلق سراحها مع بقية المعتقلين.
مِن أخبار نضال جميلة بوحيرد :
كان الطلاب الجزائريون يرددون في طابور الصباح فرنسا أُمُنا لكنها كانت تصرخ وتقول :
الجزائر أًمُنا، فأخرجها ناظر المدرسة الفرنسي من طابور الصباح وعاقبها عقاباً شديداً لكنها، لم تتراجع.
من داخل المستشفى بدأ الفرنسيون بتعذيب المناضلة، وتعرضت للصعق الكهربائي لمدة ثلاثة أيام كي تعترف على زملائها، لكنها تحملت هذا التعذيب، وكانت تغيب عن الوعي وحين تفيق تقول الجزائر أُمُنا.
حين فشل المعذِّبون في انتزاع أي اعتراف منها، تقررّت محاكمتها صورياً وصدر بحقها حكماً بالإعدام عام 1957، وتحدد يوم 7 آذار 1958 لتنفيذ الحكم.
لكن العالم كله ثار، وإجتمعت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بعد أن تلقت الملايين من برقيات الاستنكار من كل أنحاء العالم.
تأجل تنفيذ الحكم بإعدام جميلة بوحيرد، تحت الضغط الشعبي والدولي. ثم جرى تعديل الحكم بالإعدام، إلى السجن مدى الحياة.
وبعد تحرير الجزائر عام 1962، خرجت جميلة بوحيرد من السجن، وتزوجت محاميها الفرنسي جاك فيرجيس سنة 1965 بعد ان أشهر إسلامه.
بعد الاستقلال، تولت جميلة بوحيرد رئاسة إتحاد المرأة الجزائري، وبسبب خلافها مع الرئيس،أحمد بن بلة. وقبل مرور عامين، قررّت أنها لم تعد قادرة على احتمال المزيد، فاستقالت وأخلّت الساحة السياسية.
وهي ما تزال تعيش في العاصمة الفرنسية حتى الآن، متوارية عن الأنظار.
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
١٧ آذار ٢٠١٦
0 comments: