حضارات الشعوب التي عاشت
قبل إكتشاف كريستوفر كولمبس العالم الجديد يوم ١٢ تشرين أول ١٤٩٢م
المقدمَّة التي لا بُدَّ منها :
يعرف قُرائي مدى فخري واعتزازي عندما أكتب عن حضارات الشعوب عامةً والعرب خاصةً قبل هبوط الأديان السماويَّة، وقد أفردت مُدوَّنات عِدَّة في تبجيل وتكريم وتمجيد هذه الحضارات، مقارنةً مع حضارة الأديان السماويَّة التي سادت مُنذ اليهوديَّة والمسيحيَّة والإسلام.
اليوم ونحن نُشاهد في عالمنا العربي حروب التهجير البشري بناءً لنصوص دينيَّة، إرتأيت أن ألقي ضوءً حزيناً على حضارات السكان الاصليين للأميركيتين ( الشمالية والجنوبية ) قبل وصول كريستوفر كولمبس إلى هذا العالم الذي أطلقوا عليه ( الجديد ).
وبما أنَّ تاريخ الأديان السماويَّة زاهرٌ وظالمٌ بمِحَّن التهجير وكان مِن العبادات التي اعتنقتها الإستبلشمانت العالميَّة في العصور الحديثة، وليس أخر هذه الطقوس ماذا حلَّ في شعوب العالم الجديد بعد اكتشافه من تهجير وحروب حتى أصبح يُطلق عليهم مقولة ( باتوا على قاب قوسين أو أدنى مِن الانقراض ).
فِي المُدوَّنة :
قبل اكتشاف العالم الجديد بواسطة كريستوفر كولومبس، كانت هناك عدة حضارات وقبائل مثل :
الآزتيك والمايا في منطقة المكسيك وأمريكا الوسطى. والإنكا في منطقة الأنديز بأمريكا الجنوبية.
كما كانت هناك قبائل أخرى مثل النافاهو والشيروكي في مناطق مختلفة من شمال أمريكا.
وقد قدَّر بعض الخبراء أنَّ عدد السكان الأصليين كان قد تجاوز الخمسين مليون شخص بالأميركيتين الشمالية والجنوبية عشية إكتشاف كريستوفر كولمبس لبلادهم.
وفقاً للأبحاث الجديدة يُعتقد أن حضارة السكان الأصليين في الاميركيتين كانت راسخة بالاف السنين قبل الميلاد.
حضارة المايا : فِي ( المكسيك، غواتيمالا، هندوراس، السلفادور )، وكان لديها نظام كتابة وهندسة متقدمة، ونظام زراعي فعَّال.
حضارة الآزتيك : فِي وسط المكسيك بنوا إمبراطوريَّة مهيبة وقوية، وكان لديهم تقدم في العمارة والفنون، وتقنيات زراعية متقدمة واستخدام فنون هندسية رائعة في معابدهم.
حضارة الإنكا : فِي منطقة الأنديز بأمريكا الجنوبية ( بيرو، بوليفيا، الاكوادور، جزء من تشيلي والأرجنتين ) بنوا إمبراطوريِّة قوية وكانوا متقدمين في الزراعة والهندسة المعمارية الفريدة مثل مدينة ماتشو بيتشو.
حضارات أمريكا الشمالية :
قومية النافاهو : قبائلهم عاشت في جنوب غرب الولايات المتحدة الأميركية ( اليوم ) وشمال المكسيك قبل وصول الأوروبيين، كانت ثقافتهم غنيَّة ولديهم نظام إجتماعي مبني على القربان والتعاون ورعاية للبيئة.
قومية الشيروكي : قبائلهم عاشت في جنوب شرق الولايات المتحدة الأميركيَّة ( اليوم ).
كان لهم نظام إجتماعي متقدم ونظام كتابة خاص بهم، وكانوا يمارسون الزراعة وصيد الأسماك.
هذه نبذة عامة مُختصرة، علماً بأنَّ هذه الحضارات كانت لديها طقوسها الثقافية والاجتماعية والتاريخيَّة قبل وصول المستكشف الأوروبي.
ما هو مصير هذه الشعوب والحضارات بعد إحتلال المستكشفين الأوروبيين.
كان مصير هذه الحضارات والشعوب أن تواجه الحروب التي افتعلها المستعمر الأوروبي ضدَّهم، وقد شهد العالم الجديد صراعات مسلحة تسببت في تدهور الأوضاع المعيشية لهم، وتهجيرهم من أماكن تواجدهم منذ القدم وبالتالي أدى إلى اندثار هذه الحضارات :
الاستعمار الأوروبي : استولى المستعمرون الأوروبيون على الأراضي والموارد الطبيعية مما أدى إلى صدامات مع السكان الأصليين.
التكنولوجيا العسكريَّة : كانت التكنولوجيا العسكريَّة الأوروبية مثل البنادق والمدافع تمنحهم تفوقاً قوياً على التكنولوجيا المستخدمة من قبل السكان الأصليين.
الأمراض : جلب المستعمرون الأوروبيون معهم الأمراض التي لم يكن لدى السكان الأصليين مناعةً ضدها، مما أسفر عن تفشي الأوبئة الذي زادت في موت السكان بشكل هائل. مِن هذه الأمراض المفتعلة والمقصودة، الجدري والحصبة والطاعون والكوليرا والتيفوئيد والدفتيريا والسعال الديكي والملاريا، والتي أدت إلى خسائر بشريَّة كبيرة بين السكان الأصليين.
الاستيطان الأوروبي : الذي أدى إلى نزاعات أرضية وتهجير واستيلاء على المواقع الإستراتيجية الأمر الذي أدى إلى حروب وصراعات دائمة.
تلك العوامل تراكمت معاً مما أدى إلى إنهيار العديد من الحضارات والثقافات التي كانت سائدة.
دور الكنيسة المسيحيَّة في الاستعمار الأوروبي :
كان للكنيسة المسيحيَّة دور في الاستعمار الأوروبي للعالم الجديد، ولكن يجب أن يُلاحظ أن هذا الدور كان معقداً ولا يمكن إلقاء اللوم فقط على الكنيسة، باعتبار وجود بعض العوامل الأخرى التي ساهمت في تشجيع أو حتى القتل لتبرير الاستعمار والتسلط.
التبرير الديني :
جرى إستخدام بعض التفسيرات الدينيَّة لتبرير السيطرة الأوروبية على العالم الجديد، حيث اعتبروا أنهم كانوا ينشرون الدين المسيحي ويبشرون أو يفرضون الدين المسيحي على السكان الأصليين.
تفسيرات المذاهب الاستعمارية :
كانت تتمحور حول خلق وتفسير نصوص دينيَّة مِن أجل السيطرة على الأراضي ومصادرتها.
المحاولات للحد من القتال :
عن طريق خلق وترويج نصوص دينيَّة فيها التسامح مع السكان الأصليين والترويج للتحكيم مِن أجل الاستيلاء على أراضيهم.
التعامل مع السكان الأصليين في الوقت الحاضر :
الولايات المتحدة الأميركيَّة :
هناك جهود لتعزيز حقوق السكان الأصليين والاعتراف بسيادتهم، لكن لا تزال هناك تحديات كبيرة مثل الفقر والتمييز، حيث تمَّ تأسيس مؤسسات حكومية خاصة بهم، وهناك جهود لتعزيز التعليم والخدمات الصحية.
كندا :
هناك اعتراف رسمي بالحقوق الأصلية، والتشاور مع السكان الأصليين في قرارات تؤثر على أراضيهم، وقد تمَّ التوقيع على اتفاقيات حقوق الأصليين والمعاهدات، وهناك جهود لمعالجة ملفات التاريخ الصعبة.
المكسيك :
تواجه السكان الأصليين في المكسيك تحديات كبيرة بما في ذلك التمييز والفقر، هناك جهود لتعزيز التمثيل السياسي وتحسين الوضع الاقتصادي للسكان الأصليين.
فيما يتعلق بالآثار :
يتم العمل على حمايتها في العديد من الحالات، وتمَّ تصنيف بعض المواقع التاريخيَّة كتراث عالمي.
لعنة السكان الأصليين :
يؤمن السكان الاصليين في الأمريكيتين كما يؤمن الفراعنة ب ( لعنة التاريخ ). وهذا بحث مُعقَّد لا أدخل فيه.
أمَّا التفكير في مسألة " تكرار التاريخ " يستدعي التأمل في الظروف لكل حدث قد يحصل لاحقاً.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
١١| ١١| ٢٠٢٣م
0 comments: