قفا نبكِ مِنْ ذِكْرى العرب والعروبة.
بالإذن مِن إمرؤ القيس.
إلى جيلٍ عربي جديد راجياً له غداً مُشرقاً أفضل من جيلنا الذي ينتظر الرحيل على حافة العمر بعد أن غزا الشيب مفرقنا، وبعد سرقة أحلامنا وأمالنا وأموالنا.
فليسمح لي الشاعر العربي الأصيل إمرؤ القيس الذي عاش قبل الإسلام إذا استعرت معلقته بالقول ( قِفا نبكِ مِن ذِكرى العرب والعروبة ) هو عاد إلى دياره مُعززاً مُكرَّما بينما نحن نبكي العودة ونحن فِي الإغتراب.
وليسمح لي المستشرق الاجنبي الذي قال عن عرب اليوم :
( أُمَّة بدأت بآية إقرأ باسم ربَّك الذي خَلَقْ …
وانتهت بشعار أُمَّة إقرأ … لا تقرأ ).
وليسمح لي المستشرق جوستاف لوبون الذي قال عن عرب اليوم وحُكَّامهم :
( هم جِماع الأضداد، النهب والسرقة. الكذب والصدق ).
وليسمح لي قُرائي الأعزاء بأن أخُص موطني لبنان بمُقدِّمة تنضح إيلاماً وحُزناً وآسىً على ما نحن عليه، وأقول أنِّ قلمي وعدني أن لا يكتُب ما يُحزن القلب والفؤاد، إلَّا أنَّه تمردَ شاكياً همومه للجيل العربي الطالع باكياً على أطلال أمجاد الأقدمين مُستبدلاً المداد بدموعٍ تنهمر سخطاً على ما آلت إليه بلاد العرب وخاصة لبنان مُردداً ما كان سيقوله المتنبي لو كان حاضراً …
( نامَت نواطيرُ العرب عن أنجاس الفرس المتربصين شرقاً وعن حُثالة نسل بني عُثمان المتسللين شمالاً وعن أطماع إسرائيل جنوباً ) وهم يتقاسمون بلاد العرب على مسمع وعلى غَضِّ بصَرٍ مُريب مِن العرب ومِن حواضر البيت اللبناني الذي لمْ يفصُح عن الهدايا التي ستخلعها الإدارة الأميركيَّة ل مجوس فارس إذا لم تزِّج فيها فيالق القدس المنتشرة في لبنان والعراق واليمن وسوريا فِي الحرب التي اندلعت في أرض العرب ( غزة ).
نسي العرب أو تناسوا الهدايا التي خلعتها الإدارة الأميركيَّة لإيران بعد سقوط صدام حسين فِي العراق والتبجح لاحقاً إمساكهم برقاب عدة عواصم عربيَّة ومنها لبنان.
سيتذكَّر الشعب العربي ومنهم اللبناني أنَّ الإدارة الأميركيَّة تُطبَّق في الحروب التي تندلع في أرضهم حسابات التاجر الجشع في كل عملية بيع أو شراء أخذتً بعين الاعتبار مبدأ نجحت بتطبيقه مع غباء عرب اليوم وهو إيهامهم بأنَّ تدخلها هو لحل مشكلة، بينما النيَّة لديها هي خلق عدة مشاكل وأزمات.
تعاملت الإدارة الأميركيَّة مع العرب في حرب غزة سياسة البيع والشراء، إذ طلبت مِن إيران الفارسيَّة أن تمنع فيلق القدس فِي لبنان أن يدخل حرب غزة لقاء وعود يجدها على موائد إفطار تُقدمها مصارف دولة قطر على شاكلة مائدة إفطار إعفاء كذا مليار دولار منذ فترة قصيرة.
ويبقى السؤال …
ما هي الإكرامية والوعود التي أعطتها الإدارة الأميركيَّة للحكَّام والسياسيَّين وملوك الطوائف والأحزاب في لبنان الذين طالبوا جِهاراً حزب الله تجنيب لبنان الحرب، وقد إستجاب حزب الله لمطالباتهم المتكررة.
الجواب كان واضحاً لمَّا زار دولة النجيب رئيس الحكومة اللبنانية دولة قطر لأنَّ ( جُزر الإعفاء الضريبي ) التي سَخِرَ منها لم تعد ملاذاً آمنا للأموال المنهوبة والمسروقة من لبنان ومِن شعبه.
ولطالما كانت ديانة حُكَّام مغارة علي بابا في لبنان هي سرقة المال العام والخاص، فإنَّ الإدارة الأميركيَّة لم تُقصِّر في إيجاد وسيلة لهم للتبرُّك والصلاة والاستسقاء عن طريق سلوك طريق الحج إلى بِلاط مصارف دولة قطر حتى يمارسوا طقوس الاستجداء والركوع والخنوع يلتمسون الطاعة تجنباً لسيف العقوبات الماليَّة على أموالهم المنهوبة.
وكما يقال وعد الحُر دين …
هكذا غضَّت الإدارة الأميركيَّة الطرف والعين عن هندسات حاكم مصرف لبنان ( السابق ) الماليَّة التي سهلت تبييض أموال من سهل استخراج النفط من شواطئ لبنان، ومن قام بترسيم الحدود البحرية.
أخيراً أقول للحكَّام في بلادنا ونحن في بلاد الإغتراب : يُكابدنا الشوق لأوطاننا ويُدمي مآقينا عُمق الجراح.
والله يا حُكَّام لبنان، لا تعرفون الخجل ولا تتمسكون بالأخلاق، بل بالرذيلة تتسربلون.
قد يكون الوعد الذي قالته لكم الإدارة الأميركيَّة مُماثلاً للوعد الصادق الذي أوهمتكم به فيالق القدس الإيرانية.
لا تفرحوا يا ساسَّة لبنان.
الوعد الذي أعطتكم أميركا والحج إلى بلاط دولة قطر، هو على شاكلة الوعد الصادق الذي تعرفوه.
هذه هي الإستبلشمانت الأميركيَّة في تعاملها مع الخارج.
الوعود الصادقة الكاذبة في آن.
وغداً لناظره قريب.
وأخيراً وليس أخراً …
عندما أخذ إبن خلدون في مُقدِّمته الشهيرة على المؤرِّخين والفقهاء العرب مآخذ التزلُّف لذوي السلطان في كتابة التاريخ وفق قواعد الافتراء والكذب أو إخفاء الحقيقة، كان يتنبأ عن عرب اليوم الذين إذا نظرت اليهم شمالاً أو جنوباً وتطلَّعت نحوهم شرقاً أو غرباً :
ستشاهد دولاً تتقاتل.
وشعوباً تتناحر.
وديانات تتنابذ.
ستُعاصر كراهيَّة تتوالد تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل.
وسترى كيف الأشقاء يتحاسدون ويتباعدون.
وسترى وسترى وسترى …
ما يُحزن القلب ويُدمعُ العين.
فيصل المصري.
أُورلاندوا / فلوريدا.
تشرين الثاني ٢٠٢٣م
بعد الوعد الصادق الأميركي.
0 comments: