يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الجمعة، 21 يوليو 2023

التقمُّص وفقاً للحضارات القديمة المتألقة نوراً وكرامة على الإنسانية. والتقمُّص طبقاً للأديان السماويَّة.

نشر من قبل Faissal El Masri  |   7:28 م


 

التقمُّص وفقاً للحضارات القديمة المتألقة نوراً وكرامةً على الإنسانية.  

والتقمُّص طبقاً للأديان السماويَّة

دراسَة تاريخيَّة

( تأخَّر وتأنَّى في إختيار تخصُّصه، وكان واضحاً وبادياً عليه ميله إلى تاريخ حضارات وآداب وطقوس وديانات الشعوب التي زهَّت قبل ظهور الأديان السماويَّة

مُقتبس عن روايتي كراون دايسي وكريستل، وما زلت. 

بادئ ذي بدء أُؤكد أنَّ هذه المُدوَّنة دراسَة تاريخيَّة مُقارنة وموثَقَّة مِن أُمهات الْكُتُب، حتى لا ينبري فصيحٌ أو مُتحذلقٌ في الديانات السماويَّة إعطاء دروس فِي التمجيد والقدرة الإلهيَّة، ومواعظ وخلاص ورحمة الله، فضلاً عن خُطبةً أو فتوى

المقدمَّة التي لا بُدَّ منها : تعريف

انتقال الروح من جسد إلى جسد يُشار إليه بمصطلح ( التقمُّص ) وهو مفهوم يُعتقد بوجوده في بعض الحضارات التي سبقت الاديان السماويَّة. التقمُّص يعني أنَّ الروح تتجسَّد في أجساد مختلفة في دورات حياة متعاقبة. تقمُّص الروح هو مفهوم يرتبط بالعديد من الايمانيات والفلسفات الروحانية والحضارات القديمة، ويشير إلى فكرة أنَّ الروح يمكنها التحرر من جسد واحد والانتقال إلى جسد أخر بعد وفاة الشخص حيث تختبِر الروح تجارب جديدة وتتطوَّر عبر الحياة.

في المُدوَّنة :

في العديد من الحضارات القديمة إنَّ الروح لها قدرة على الانتقال من جسد إلى جسد أخر بعد الموت

من بين الحضارات القديمة التي احتوت على مفاهيم انتقال الروح تشمل الهندوسية والبوذية في الهند، والمعتقدات المصرية القديمة، والتاوية في الصين، كذلك الفلسفة اليونانية والرومانية القديمة حيث كانت هناك تصورات حول تجسُّد الروح في أجساد مختلفة لاختبار الشخص وتحقيق التطور الروحي.

التقمُّص فِي الهندوسية والبوذية : 

في الهندوسية والبوذية التقمُّص هو مفهوم يُعتَقد أنَّ الروح تتجسد في أجساد مختلفة عبر عدة حياة. يُعرف هذا المفهوم بـ ( سَمْسَارا ) في الهندوسية و ( سامسارا ) في البوذية، وهو أساسي في فهم دورة الميلاد والموت والإعادة للحياة لأنَّ الروح تمر بدورات مستمرة من الميلاد والموت والتجسُّد في أجساد مختلفة

الكارما يُعتقد أن سبب دورة سامسارا هو الكارما، وهو قانون إلهي يرتبط بعمل الأفعال والنتائج، تعتقد الهندوسية والبوذية أن أفعال الفرد في حياته تؤثر على حالته في الحياة المقبلة.

النيروفانا في البوذية، يُعتقد أن النيروفانا هو التحرر النهائي من دورة سامسارا. يُعد النيروفانا حالة من السلام والانطلاق من العذاب والمعاناة.


التقمُّص في الحضارة المصرية القديمة 

في الحضارة المصرية القديمة كانوا يعتقدون بالتقمُّص ( Reincarnation ) وهو مفهوم يفترض بأن الروح تنتقل من جسد إلى جسد أخر بعد وفاة الشخص. وفقاً لهذا المفهوم الديني والروحاني، كانوا يعتقدون أنَّ الحياة والموت جزء من دورة مستمرة، حيث تعيش الروح في أكثر من جسد على مر الأزمنة.

ترتبط فكرة التقمُّص الاعتقاد بوجود حياة بعد الممات والبقاء الروحي بعد الحياة الدنيا. ولذلك كانت عمليات الدفن والتحنيط تعتبر جزءاً هاماً من طقوس الحضارة المصرية القديمة، حيث كان الشعب المصري القديم يُحضِّر جثثهم بعناية فائقة لكي تتجدد روحهم ويستمروا في حياتهم بعد الموت.

التقمُّص في حضارة التاوية في الصين  

شهدت الصين عبر التاريخ تبادلاً كبيراً للفنون والثقافات بين الشعوب المختلفة لتشكل تاريخاً غنياً ومتنوعاً وقد ساهم التقمُّص في إثراء التنوع والتطور الثقافي للصين

الأديان الإيرانية القديمة يُعتقد أنَّ بعض الأديان القديمة في إيران مثل الزرادشتية تحتوي على فكرة التقمُّص وتجسد الأرواح

التقمُّص في الحضارتين اليونانيه والرومانية :

التقمُّص في الحضارة اليونانية والرومانية كان يُعرَّف  بمصطلح الميتمورفوز (Metempsychosis)،    "الميتمورفوز" (Metempsychosis)، وهي فكرة تشير إلى الاعتقاد بأنَّ الروح تتحرَّك بين أجساد مختلفة بعد الموت، تعتمد هذه الفكرة أنَّ الروح خالدة وتحمل خبراتها وتطورها من جسد إلى جسد.

في الأدب اليوناني غالباً ما يتم التعبير عن فكرة التقمُّص من خلال الأساطير والأعمال الأدبية، واحدة من أشهر الأعمال التي تطرقت لهذا الموضوع هي ( الجمهورية ) للفيلسوف اليوناني بلاتو ( افلاطونحيث تناقش أفكاره حول تجسُّد الروح ( تقمُّصها ) ونشوء النفوس بحياة أخرى. في الثقافة الرومانية كان هناك تأثير كبير من الثقافة اليونانية في فكرة التقمُّص أو انتقال الأرواح إلى أجساد جديدة.

التقمُّص في الديانات السماويَّة :

التقمُّص كمفهوم ديني يكون في انتقال الروح من جسد إلى جسد أخر أي انتقال الروح من ( جسد إنساني إلى جسد إنساني أخر بعد الموت ). 

أمَّا التقمُّص له مفهوم ديني أخر يُشار إليه ( تجسُّد الروح الإلهية إلى جسد آخر ). 

مفاهيم هذين النوعين تختلف عن بعضهما البعض تماماً وهما ينتميان إلى أدبيات دينية وفلسفية متباينة.  

والفرق بينهما كالأتي :

التقمُّص أو تجسُّد الروح الإلهية يُعتقد في بعض الأديان السماويَّة أنَّ الروح الإلهية قادرة على التجسُّد في جسد بشري دون فقدان أو تغيير طبيعتها الأصلية، مثلاً :

في المسيحيَّة :

المسيحيَّة تؤمن بمفهوم التقمُّص ( Incarnation ). وهو مبدأ مهم في العقيدة المسيحيَّة يعتقد فيه المسيحيون أنَّ الله تجسَّد في شخص يسوع المسيح الذي هو الابن الوحيد لله

وفقًا للمسيحيَّة يُعتَقَد بأنَّ الله قد اتَّخَذَ جسداً بشرياً ( يسوع المسيح ) ليعيش بين البشر ويعاني ويموت من أجل خلاص البشريَّة.

تُعتبر عقيدة التقمُّص في المسيحيَّة أساسية للفهم اللاهوتي للمسيح ومهمة لإدراك مفهوم الفداء والخلاص في المسيحيَّة.  

في اليهوديَّة اليهوديَّة تؤمن بأنَّه عندما يموت الإنسان الروح تعود إلى الله، لاعتقادهم بالحياة الأبدية للروح بعد الموت، حيث تتعبَّد الروح في العالم الآخر. وهذا يعني أنَّه ليس لديهم مفهومٌ للتقمُّص الذي يعني انتقال الروح من جسد إلى جسد أخر

في الكتاب المقدس اليهودي يُذكر عن ملاك الرب وملاك الوجه اللذين يتجسدون في شكل بشري للتحدُّث مع النبي موسى وغيره من الأنبياء

ومن الأمثلة الأخرى على التقمص في اليهوديَّة، قِصَّة الجدار الغربي ( حائط المبكى ) في القدس الذي يُعتَقد أنَّ الله تجسد فيه.

في الإسلام  يعتبرون أنَّ الله واحد ولا يمكن أن يتجسَّد في جسد بشري، ويُعتبر ذلك مِن الشرك

في الإسلام مفهوم التقمُّص غير موجود بنفس المعنى الذي يُشتهر به في بعض الأديان الأخرى

وفقًا للإسلام النبي محمد هو النبي الأخير والخاتم للأنبياء وكان إنساناً بشرياً تمَّ اختياره واصطفاؤه لتبليغ رسالة الإسلام وتوجيه الناس إلى طاعة الله والعبادة الحقة

في الإسلام يُعتبر النبي عيسى ( يسوع ) نبياً عظيماً وهو أحد الأنبياء الذين أرسلهم الله، ولكنه ليس ابن الله أو التجسُّد الإلهي، بل هو نبي ورسول بشري كغيره من الأنبياء والرسل الذين أرسلهم الله لتوجيه الناس إلى طريق الحق والعبادة الصحيحة.

التقمُّص وفقاً لعقيدة الموحِّدين الدروز :

عند الموحِّدين الدروز مفهوم التقمُّص يشير إلى العقيدة بأنَّ الروح  تتجسَّد وتتعاقب في شخصيات بشرية عبر الزمن. يعتبر التقمُّص أساسياً  في عقيدة الموحِّدين الدروز ويمثِّل جزءاً من تصوُّرهم اللاهوتي.

وفقًا للعقيدة الدرزيَّة يتُّم التقمُّص بصورة متتالية في أرواح بشرية مختلفة، وهذه العقيدة حول التقمُّص تُعتبر من أبرز الخصائص الدينيَّة التي تميِّز الموحِّدين الدروز عن غيرهم

الموحِّدون الدروز  يؤمِّنون بمفهوم التقمُّص باعتبار أنَّ الروح  تتجسَّد وتتعاقب في شخصيات بشريَّة مختلفة بعد الوفاة


أخيراً وليس أخراً

الموحِّدون الدروز يختلفون عن غيرهم في مفهوم انتقال الروح من جسد الإنسان إلى جسد أخر من البشر، بينما الأديان السماويَّة الأخرى تُركِّز عادةً على التجسُّد الإلهي.

في المسيحيَّة يُعتَقَد بتجسُّد الإله في جسد بشري محدَّد دون انتقال الروح من جسد إلى جسد.

في الإسلام يُعتَقَد بأنَّ الروح تعود إلى الله بعد الموت للحساب عن أعمال الإنسان في الحياة.  

في اليهودية يُعتقد بأنَّ الروح تعود إلى الله، وهناك اعتقاد بالحياة الأبدية للروح في العالم الآخر.


وفي الختام : المُوحِّدون الدروز يُؤمِّنون بانتقال الروح من جسد إنساني إلى جسد آخر بعد الموت، وهذا يمثِّل مفهوم التقمُّص المتكرِّر للروح  في شخصيات بشرية مختلفة عبر الزمن.

هذه الاختلافات العقائدية تميِّز الموحِّدين الدروز وتُظهِر الطابع الفريد للعقيدة الدرزيَّة فيما يتعلق بمفهوم التجسُّد وانتقال الروح إلى جسد أخر ( التقمُّص بالمفهوم المتداول ). 


فيصل المصري 

أورلاندوا / فلوريدا 

تموز ٢٠٢٣

المراجع : المُدوَّنات الفيصليَّة


هناك تعليق واحد:

  1. جيد جدآ بحث ذات قيمة ومهم لكل الإخالدروزوة

    ردحذف

Blogger Template By: Bloggertheme9