تأثير الحضارات والأساطير القديمة
على الديانات السماويَّة
دراسَة تاريخيَّة.
المقدمَّة التي لا بُدَّ منها :
( تأخَّر وتأنَّى في إختيار تخصُّصه، وكان واضحاً وبادياً عليه ميله إلى تاريخ حضارات وآداب وطقوس وديانات الشعوب التي زهَّت قبل ظهور الأديان السماويَّة ).
مُقتبس عن روايتي كراون دايسي وكريستل، طبعة حزيران ٢٠١٨. ( هذه العبارة كانت لسان حالي، وما زالت ).
هذه المُدوَّنة تتضمن نبذة عن تأثير الحضارات والأساطير القديمة على بعض النصوص في الْكُتُب المُقدَّسة للديانات السماويَّة مثل المسيحية والإسلام واليهودية.
في المُدوَّنة :
بادئ ذي بدء أُؤكد أنَّ هذه المُدوَّنة دراسَة ( تاريخيَّة ) حتى لا ينبري فصيحٌ أو مُتحذلقٌ في الديانات السماويَّة ( إعطاء دروس فِي التمجيد والقدرة الإلهيَّة، ومواعظ وخلاص ورحمة الله، فضلاً عن خُطبةً أو فتوى ).
أقول، أنَّه قبل ظهور الأديان السماويَّة كانت هناك العديد من الحضارات التي ظهرت عبر التاريخ زهَتْ أخلاقًا وعلماً وفلسفةً وكرامةً وشرفاً وإباءً نفتقد هذه المزايا في أيامنا.
من بين هذه الحضارات :
حضارة السومريين : ازدهرت في جنوب ما يعرف اليوم بالعراق في الفترة ما بين حوالي 4500 إلى 1900 قبل الميلاد، اخترعوا الكتابة الكونية وكان لديهم نظام سياسي واجتماعي تميزهم عن غيرهم.
حضارة مصر القديمة : امتدت على مدى آلاف السنين، بدءاً من حوالي 3100 قبل الميلاد حتى الفترة الرومانية القديمة، اشتهرت بالأهرامات الرائعة، والكتابة الهيروغليفية والعلوم الفلاحية الزراعية المتقدمة.
حضارة الهندوس : امتدت في شبه القارة الهندية منذ العصور القديمة وتعتمد على العقائد الدينيَّة والفلسفية التي تعتبر جزءاً من الثقافة الهندوسية.
حضارة الصين القديمة : امتدت في شرق آسيا لآلاف السنين وشهدت تطورات هائلة في الفلسفة والعلوم والتكنولوجيا والفنون.
حضارة الإغريق والرومان : امتدت في حوض البحر الأبيض المتوسط من حوالي 800 قبل الميلاد حتى سقوط الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي، وتعتبر الحضارة اليونانية أحد أكبر النماذج الأولية للحضارة الغربية.
هذه الحضارات القديمة شكلت أساساً هاماً لتطوُّر الإنسانية وتأثيرها على مجرى التاريخ، وقد أثرَّت في العديد من المجالات مثل العلوم والأدب والفنون والهندسة،
الأساطير :
قبل ظهور الأديان السماويَّة كان هناك العديد من الأساطير والقصص التي كانت تحكيها الشعوب عن طريق التراث الشفهي والكتابي تتضمن تفسيرات لعالمهم والظواهر الطبيعية وعادةً كانت مرتبطة بالآلهة والقوى الخارقة.
بعض الأساطير القديمة :
الأساطير اليونانية والرومانية : تحكي قصصاً عن الآلهة مثل زيوس وأثينا وهيرا والبطلة هيلينا من طروادة وغيرهم.
الأساطير المصرية القديمة : تدور حول الآلهة مثل رع وأوزوريس وإيزيس وحروب الآلهة وأحداث مرتبطة بالموت والحياة الآخرة.
الأساطير النوردية : تحكي قصصاً عن آلهة الفايكنج مثل ثور وأودين والمعارك الإلهية والمخلوقات الخيالية مثل الجنيات والعمالقة.
الحضارات والأساطير ( هما مفاهيم مختلفة ولهما دوران مختلفان في تاريخ الإنسانية ).
الحضارات هي تطورات إجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية ومعمارية وفلسفية تتميز بها مجموعات كبيرة من الناس على مدى العصور.
الأساطير هي قصص تاريخيَّة أو خياليَّة تُروى عن الآلهة والأبطال والكائنات الخرافية والأحداث القوية، وتُعتبر جزءاً من التراث الشعبي وتعبر عن معتقداتهم وقيمهم وطقوسهم الدينيَّة.
تأثير الحضارات والأساطير القديمة
على الديانات السماويَّة :
الحضارات القديمة لها تأثير كبير على الديانات السماويَّة غالباً ما تشترك هذه الأديان في بعض القصص والمفاهيم، مثل الخلق والأرواح والحياة الآخرة.
الأساطير هي قصص الآلهة والأحداث الأسطورية وقد ظهر تأثيرها في الديانات السماويَّة مثل قِصَّة الطوفان التي وردت في مختلف الأديان اليهوديه والمسيحية والإسلام. كذلك الأعياد والمناسبات الدينيَّة قد اُستمدت من الاحتفالات القديمة للحضارات السابقة مثل احتفالات الربيع والحصاد.
تعتمد الديانات السماويَّة على التراث الثقافي والتاريخي للشعوب القديمة، وقد تجسدت تلك الأفكار والتصوُّرات في النصوص الدينيَّة.
على سبيل المثال تأثَّرت الأديان السماويَّة بالميثولوجيا البابلية والمصرية والسومرية والهندوسية، حيث تجد في بعض القصص والرموز أوجه تشابه وتأثُّر، يُعَدُّ إشارات في الأديان السماويَّة، مثلاً الطُّوفان العظيم وشخصية نوح من العصور البابلية.
تأثير الأساطير على الديانات السماويَّة يعتبر أمراً مهماً ولا يُمكن تجاهله، لأنَّها قصص وحكايات تاريخيَّة أو خرافية تم تمريرها عبر الأجيال وتُشكِّل جزءاً من التراث الثقافي للشعوب.
عند تحليل تأثير الأساطير على الديانات السماويَّة نجد بعض الأمور المهمة :
قِصَّة نوح والطوفان :
قصة نوح هي قصة دينيَّة مهمة توجد في الديانات السماويَّة الإسلام والمسيحية واليهودية. وتروي هذه القصة عن نبي الله نوح والطوفان الذي أُرسل ليُنقذ من خلاله نوح وأتباعه بناءً على وصايا إلهية. تتنوع تفاصيل القصة قليلاً بين الأديان ولكن العنصر المشترك هو أن الله أمر نوح ببناء سفينة كبيرة لإنقاذ نفسه وكائنات حيَّة من الطوفان الذي سيغمر الأرض. ثم جمع نوح أسرته وزوجات أبنائه وأزواج بناته وأحياءً من الحيوانات في السفينة.
بعد الطوفان عاش نوح ومن معه على الأرض الجديدة التي جفت من المياه. تُعتبر هذه القصة بمثابة رمز للإيمان، والثبات والإنصاف وتعكس قوة العقيدة والرحمة الإلهية.
بالنسبة للمؤمنين القصة ليست أسطورة، بل هي جزء من التاريخ الديني والإلهي وتعتبر حقيقية من منظور الإيمان.
قِصَّة نوح والطوفان في الديانة اليهودية
قِصَّة نوح والطوفان وردت في الديانة اليهودية في التوراة وتعتبر جزءاً من تاريخ بني إسرائيل. وفقًا للتقاليد اليهودية كان نوح (נֹחַ) رجلاً صالحاً ونبياً عاش في زمن بعيد. أُمِرَ نوح ببناء سفينةٍ ضخمة بأوامر إلهية، لأنَّ الله كان يعتزم إرسال طوفان عظيم ليُطهر العالم من الشر والفساد.
بحسب القصة، استمر بناء السفينة لسنوات طويلة وأبحر نوح فيها برفقة عائلته وزوجات أبنائه وحيوانات من كل نوع إلى أن وقع الطوفان الكبير. غمرت المياه الأرض لمدة 40 يومًا و40 ليلة، وهي فترة بقاء نوح ومن معه على السفينة.
بعد انحسار الطوفان وهدأت المياه، عاد نوح ومن معه إلى البر، وأُعطي عهداً من الله بأنَّه لن يجدد الطوفان مرة أخرى، وهذه العهد الإلهي الذي يعتبر مؤسساً للعهد الذي يجمع بين الله والبشر يعرف بعهد نوح (בְּרִית נֹחַ).
قِصَّة نوح والطوفان في المسيحية.
قِصَّة نوح والطوفان توجد في العهد القديم من الكتاب المُقدَّس بالتحديد في سفر التكوين العهد القديم ( العهد القديم في الكتاب المُقدِّس هو جزء مشترك بين اليهودية والمسيحية ). تروي هذه القصة حكاية نبي الله نوح والطوفان الذي أُرسله الله لينقذه وأسرته والكائنات الحية من الفيضان العظيم الذي اجتاح الأرض.
وفقًا للكتاب المُقدِّس كان العالم قد انحرف إلى الشر والإثم فأصدر الله حكمه بإرسال الطوفان لينقذ مخلوقاته الصالحة ويُعاقِب الأشرار. أمر الله نوح ببناء سفينة عملاقة من الخشب تُسمى "التابوت"، وكانت هذه السفينة مصممة لتحمل نوح وأسرته وزوجات أبنائه وحيوانات الأرض النقية بزوجين من كل نوع.
عندما بدء الطوفان دخل نوح ومن معه إلى التابوت وحُملوا على موجات الفيضان لأكثر من أربعين يوماً وأربعين ليلةً حتى توقفَّت المياه واستقرت السفينة على جبل أرارات في تركيا اليوم. وبعدما جفت المياه نزل نوح وأُسرته والحيوانات من التابوت وأعادوا تعمير الأرض.
تعتبر هذه القصة من أهم القصص في التراث المسيحي، وتحمل معانٍ دينيَّة وروحية عميقة حول الإيمان بالله والإحسان والصبر والتوبة. وتُعد قِصَّة نوح والطوفان أحد الرموز البارزة في التعاليم المسيحية.
قِصَّة نوح والطوفان في الإسلام.
تُذكَر قصة نوح والطوفان في القرآن بشكل مفصل في سورة النوح ( سورة رقم ٧١ ). وتُعتبر هذه القصة واحدة من القصص الدينيَّة المهمة في الإسلام وتحمل دروساً وعبراً عظيمة.
وفقاً للقرآن، نوح هو نبي من أنبياء الله المرسلين إلى قومه لدعوتهم إلى عبادة الله وتجنب الشرك والإثم. ومع مرور الزمن، رفض كثيرون من قومه دعوته وأصروا على عبادة الأصنام وارتكاب المعاصي.
في إطار تلك الظروف أمر الله نوح ببناء سفينة لإنقاذ من آمن بدعوته من قومه والكائنات الحية، وقام نوح ببناء السفينة ودعا شعبه للإيمان والتوبة قبل أن ينزل الطوفان. لكن معظمهم رفضوا الاستماع إليه وظلوا على كفرهم.
ثم جاء اليوم الذي أمر فيه الله ببدء الطوفان. دخل نوح والمؤمنون معه إلى السفينة وأُغلِقت أبوابها. وبدأ المطر ينهمر من السماء والمياه تتدفق من الأرض فغطَّت المياه كل شيء وغرقت الأرض في الطوفان.
وبعد مرور فترة، أمر الله بتوقف المطر واحتواء الطوفان، واستقرت السفينة على جبل جودي ( تركيا ). ثم أمر الله الأرض بابتلاع المياه والتراجع وانكشفت البُرّ.
خرج نوح ومن معه من السفينة وعادوا ليُعمِّروا الأرض.
تُعتبر قصة نوح والطوفان في القرآن من القصص التي تحمل العديد من العبر والتعاليم، مثل أهمية الإيمان والدعوة إلى الحق والتوبة قبل حلول العقاب الإلهي. كما تُظهر قوة التوكل على الله وحكمته في إنقاذ المؤمنين وتدمير المجرمين.
من الناحية التاريخية : ذكرت بعض الحضارات
وجود قصص مشابهة ل ( قِصَّة نوح والطوفان ) في الأساطير البابلية والهندوسية، وبالتالي لا يوجد دليل ملموس يُثبت حدوث الطوفان العظيم في جميع أنحاء الأرض كقصة محدَّدة.
مِن الناحية الدينيَّة : قِصَّة نوح والطوفان هي قِصَّة دينيَّة مهمة ترويها الأديان السماويَّة الإسلام والمسيحية واليهودية. وفقاً للنظرة الدينيَّة فإنَّ قِصَّة نوح تعلمنا العديد من الدروس والقيم حيث يُعتبر نوح نبياً مبجلاً ومرسلاً من قِبَل الله لدعوة شعبه إلى التوبة والعودة إلى الله. عاش نوح في زمن تفشى فيه الفساد والظلم، وكان الناس يعيشون في نقيض تعاليم الله، وجاء نوح برسالة الله لينذر الناس بالعقوبة إذا لم يعودوا إلى الطريق الصحيح.
تُحِّثُ هذه القصة على التفكير في أفعال وسلوك وعلاقة البشر بالله وبعضهم البعض، وفيها تذكير بأنَّ الخير والعدل هما الطريق الصحيح للحياة.
قِصَّة الذبيحة الإلهية في الحضارات والاساطير القديمة :
هناك قصص مشابهة في الأساطير اليونانية تتحدَّث عن الذبيحة الإلهية مثل قصة إيفيغينيا وأغاميمنون، حيث تطلُب الآلهة من أغاميمنون أن يُضحي بابنته إيفيغينيا للإلهة آرتيميس حتى يمكنه أنْ يحصل على رياح جيدة لأسطوله خلال الحرب، وفي لحظة الذبيحة تدخل الآلهة آرتيميس وتنقذ إيفيغينيا.
هذه القصص تعتبر أعمق رموز الإيمان والتضحية في الحضارات القديمة، وتحمل معانٍ دينيَّة وأخلاقية هامة.
قِصَّة ذبيحة النبي إبراهيم لابنه
فِي اليهودية :
في اليهودية قِصَّة ذبيحة النبي إبراهيم لابنه هي قِصَّة مشهورة ومهمة في العهد القديم للكتاب المقدَّس، وتُسمى هذه القصة بـ "اختبار إبراهيم" أو "تجربة إبراهيم" وذكرت في سفر التكوين (الجنيس).
وفقاً للكتاب المُقدِّس كان الله يختبر إيمان إبراهيم عندما طلب منه أن يُقدم إبنه الوحيد إسحاق كذبيحة على جبل موريا، تُظهر القصة أنَّ إبراهيم كان على استعداد للطاعة والتضحية بابنه وأنه كان مستعداً لاتباع أوامر الله بكل الثقة والإيمان. وفي اللحظة الأخيرة وعندما كان إبراهيم على وشك ذبح إبنه، تدَّخل الله وأوقفه عن ذلك، مما أظهر إخلاصه لله واستعداده للتضحية. وفي النهاية تُقدَّم له كبشاً للذبح بدلاً من إسحاق.
تعتبر هذه القصة رمزاً قوياً للإيمان والتضحية في الديانة اليهودية وتُظهر الرغبة في تحقيق طاعة الله وفقاً للمعتقدات
والقيم الروحية للديانة.
قِصَّة ذبيحة النبي إبراهيم لابنه
في المسيحية تظهر القصة في الإنجيل بشكل
قصة الذبيحة الإلهية. في المسيحية ترتبط بتضحية يسوع المسيح، وهي أحد أهم الأحداث الدينيَّة في العقيدة المسيحية. تحكي هذه القصة عن قيام يسوع بتضحية نفسه كفداء للخطايا البشرية وذلك حسب معتقدات المسيحيين. وفقاً للكتاب المُقدِّس يؤكد العهد الجديد في الكتاب المُقدِّس بأن يسوع المسيح هو الابن الوحيد لله، وتمَّ إرساله من قبل الله ليخلص البشرية من خطاياها. وتعتبر ذبيحة يسوع على الصليب تجسيداً للحُب والتضحية من أجل الإنسانية. وفي هذه القصة يُسلِّم يسوع نفسه للصلب ويُصلب على الخشبة في فداء عن خطايا البشريَّة وبذلك يفتح الطريق للخلاص والغفران للمؤمنين بإيمانهم به وبتعاليمه.
يُعتبر هذا الحدث أساسياً في العقيدة المسيحية ويرمز إلى حب الله للبشرية وعظمته ورحمته.
قصة الذبيحة الإلهية في المسيحية هي قاعدة للإيمان المسيحي وتُحتفل بها في عدة مناسبات دينيَّة بما في ذلك الجمعة العظيمة وعيد الفصح.
قِصَّة ذبيحة النبي إبراهيم لابنه
في الإسلام :
قِصَّة الذبيحة الإلهية في الإسلام تعود إلى النبي إبراهيم وإبنه إسماعيل. وتُروى هذه القصة في القرآن الكريم في سورة الصافات ( سورة رقم 37 ). في القصة يُظهر الله امتحاناً للنبي إبراهيم عندما أمره بأن يُضحي إبنه إسماعيل، ورغم أنَّ الأمر كان صعباً ومحزناً للنبي إبراهيم إلا أنه أطاع أمر الله وأعدَّ ليُضحي إبنه. وعندما كان النبي إبراهيم مستعداً لتنفيذ الأمر الإلهي، أرسل الله ملاكاً ليعلن له أنه قد اجتاز الامتحان وأنَّ الله يريد فداء ذبيحة أخرى بدلاً من إبنه، فذُبح كبش بدلاً من إسماعيل وهذا الفعل يعتبر في الإسلام رمزاً للإيمان القوي والطاعة لأمر الله.
يحتفل المسلمون حول العالم بذكرى هذا الحدث العظيم في عيد الأضحى الذي يُعقد في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة في السنة الهجرية حيث يقومون بأداء صلاة العيد ويُضحون أضحية تكريماً لذكرى موقف النبي إبراهيم وإسماعيل وتعبيراً عن التضحية والتقرب إلى الله.
تُعدُّ هذه القصة مهمة للأديان السماويَّة الثلاث، وتُظهِر روح الإيمان والتضحية وترتبط بتعاليمها الروحية والأخلاقية.
من الناحية التاريخيَّة لا يوجد دليل تأكيد أو نفي حول حقيقة حدوث هذا الحدث، تُعَدُّ قصة الذبيحة جزءاً من التراث الروحي والثقافي والشعبي للأديان السماويَّة الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام.
قصة خلق الإنسان.
تُروى قِصَّة خلق الإنسان في العديد من الأديان السماويَّة وتختلف تفاصيل القصة من ديانة لأخرى على سبيل المثال
في الديانة اليهودية، تروى قصة خلق الإنسان في سفر التكوين ( Genesis ) في العهد القديم.
وفقًا للقصة، خلق الله الإنسان على صورته وشبهه ونفخ في أنفه روح الحياة. وسُمِّي الإنسان "آدم"، واُخذت امرأته من ضلعه وسُمِّيت "حوّاء" ( Eve ). تُعتبر هذه القصة من القصص الخلقية الأساسية في الديانة اليهودية وتُعبِّر عن الاهتمام الإلهي بخلق الإنسان وتفوقه على سائر المخلوقات.
في الديانة المسيحية،
تروى قِصَّة خلق الإنسان أيضاً في سفر التكوين في الكتاب المُقدِّس الذي يضم العهد القديم للكتاب المُقدِّس. وفقًا لهذه القصة، خلق الله الإنسان على صورته وشبهه ونفخ في أنفه روح الحياة. وسُمِّي الإنسان "آدم"، وأُعطيت له حديقة ( إدن ) فيها الاختيار بين الخير والشر.
قِصَّة خلق الإنسان في الإسلام.
في الإسلام يُروى قِصَّة خلق الإنسان حيث أنَّ الله خلق آدم من طين، ونفخ فيه من روحه وقد أُعطي له ( العقل والقدرة على التفكير والاختيار ). ثم جعل الله زوجته حواء من ضلعه، ليكونا سويَّ النفس وشريكي حياة.
هذه القصة تحمل رسالةً هامة عن قدرة الإنسان على اتخاذ القرارات واستخدام هذه القدرة بحكمة وعقلانية. كما تذكر لنا أهمية التعاون والشراكة بين الرجل والمرأة في بناء المجتمع ونشر الخير والسلام، وبالنهاية قِصَّة خلق الإنسان كانت مِن آدم وحواء.
وأخيراً …
عند دراسة تطور الديانات السماويَّة نجد تداخلاً وتأثُّراً بين معتقدات الحضارات القديمة والأساطير وتعاليم هذه الديانات، ويُعتَقَد في بعض الأحيان أنَّه تمَّ أخذ الرموز والقصص من الحضارات القديمة وتكييفها لتصبح جزءاً من التعاليم الدينيَّة.
تُظهِر الأديان السماويَّة عادةً تأثُّراً بالتاريخ والتراث الثقافي للشعوب التي نشأت فيها وتُعكِّس قيماً ومعتقدات.
تأثير الحضارات والأساطير القديمة على الديانات السماويَّة يمكن تلخيصه بأنها أسهمت في تشكيل معتقدات الديانات الحالية ومفاهيمها الروحية وأخذت مِن الحضارات القديمة والأساطير بعض أفكارها عن الخلق والنشأة، وكذلك الاعتقادات بالآلهة والأرواح، فضلاً عن
المفاهيم الأخلاقية والقيم الاجتماعية التي كانت سائدة في الحضارات القديمة.
وأخيراً وليس أخراً أنَّ تأثير الحضارات القديمة والأساطير على الديانات السماويَّة مسألة معقدة ومتشعبة، ولكنها تعكس تراثاً ثقافياً ودينياً غنيًا يتمحور حول تجارب الإنسان وتصوراته للكون والإلهيات.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
تموز ٢٠٢٣
دراسة شيقة تظهر تشابه الروايات في كل الاديان مما يخلق يقيناً بان تعدد الاديان ليس الا من بدع الانسان فقط للاختباء خلفها من اجل التفرقة وتباعد البشر وانقساماتهم (فرق تسد ) واتساءل هل كل ما ورد من قصص كان حقاً من اجل ردع البشر عن السوء ؟ حبذا لو ان طوفاناً يحدث اليوم حتى يرتدع الفاسدون والفاسقون … كلها روايات اقنعونا بها ولكنهم استخدموها تحت اسماء مختلفة رغم وحدة مضمونها، لتشتيتنا.
ردحذف