عقوق الوالدين ( الأب والأُم ).
ما قبل الأديان السماوية وما بعدها.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
على مر العصور كان الأب والأم محل تقدير واحترام ووفاء.
في مُدونَّة سابقة نشرت رسالة من إبن الى أُمِّه من الحضارة البابلية.
الان سأروي قصة عن الأب من الحضارات السابقة التي سبقت الاديان السماوية.
هذا لا يعني أنَّ الاديان السماوية لم تأتِ على تكريم الأب والأم.
وهذه المُدونَّة توضح ذلك.
في المُدونَّة :
تعريف العقوق :
العقوق هو كل فعل يتأذى به الوالدان ويتمثل في علوِّ الصوت وعصيانهما وضربهما.
في مُدونَّتي هذه سأتجرأ وأقول أنَّ أخلاق البشرية بدأت تضمحِّل وتتلاشى بمرور الزمن خاصة في معاملة الوالدين إذا عجزوا وكبروا بالسن.
بدأ عقوق ( الوالدين ) يظهر علانية دون إستيحاءٍ كما نشهد فصوله المُخزيَّة في هذا الزمن الرديئ.
التعريف اللغوي للعقوق كما قاله إبن منظور :
وعقَّ والده يعقّهَ عقّاً، وعقوقاً، ومعقّةً، ( أي شقَّ عصا طاعته ).
عقوق الوالدين في الديانات :
العقوق في الإسلام :
في الإسلام عقوق الوالدين من المحرمات، ويُعتبر من الكبائر.
وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا.
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا.
وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا …
ومن الأحاديث النبويَّة الشريفة :
- إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ …
- ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين.
- لا يُنظر اليه يوم القيامة العاق لوالديه.
- لا يدخل الجنة العاق لوالديه.
العقوق في المسيحية :
عقوق الوالدين في المسيحية مذموم، والبر فيهما مأمور، وهناك وصايا كثيرة في الْكُتُب المقدسَّة تحِثُ على بر الوالدين.
احترام الأب قديماً :
تقول الرواية وهي من القصص التي فيها احترام رأي الأب عندما كان يتسابق كل من الشيب والخبرة في تقادم سنوات عمره.
الشيب في تلوين شعره.
والخبرة تختزن داخل عقله.
فلا يظُننَّ الابناء مهما علا شأنهم في العلم والجاه والمال :
أن تعلو عيونهم الأجفان.
أن يطيروا من دون أجنحة.
فالسقوط آت لا محالة.
لأنه قيل وثبت أنَّ :
رضى الله من رضى الوالدين.
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا …
تقول القصة من غابر الأزمان :
أنَّه في إحدى البلاد حاكم جبَّار، أمر جنوده بقتل المسنين جميعاً.
كان في هذه البلاد شاب يحب والده كثيراً، فعندما علم الشاب بهذا الأمر أدخل والده غرفه سرية تحت البيت.
ولمَّا جاء الجند لم يجدوا أحداً.
ومرت الأيام وعلم الملك عن طريق الجواسيس والخونة أنَّ الشاب أخفى والده عن عُيون عسسه وجنده.
قررالملك أن يختبر هذا الشاب قبل حبسه وقتل والده.
فبعث اليه رسولاً بأن يأتيه في الصباح :
راكباً ماشياً …
إحتار الشاب وذهب لوالده يستشيره.
إبتسم الأب وقال لابنه :
أحضر عصا كبيره وأذهب للملك عليها راكباً ماشياً …
ما إن وصل الشاب الى القصر الملكي حتى أُعجب الملك بذكائه …
أمره الملك ثانية وقال للشاب اذهب وآتي في الصباح لابساً حافياً …
كعادته في طلب المشورة من والده قال الأب لإبنه أعطني حذائك، وقام بنزع الجزء السفلي منه ونصحه بأن يلبسه وهو في حضرة الملك …
تعجَّب الملك لذكائه …
وبقي الملك يأمر الشاب بطلبٍ أصعب من الذي سبق، وأستمر الشاب يأخذ النصيحة من
والده حتى أُعجب الملك وقال للشاب في نهاية المطاف …
تأتي في الصباح ومعك والدك الذي خبأته عن جندي …
كنت تستشيره في كل أمر أطلبه منك …
وكان والدك ينصحك …
وقد عفوت عنه …
لأنَّ جندي وعسسي أبلغوني أنَّك عصيت أوامري حفاظًا على والدك.
العبرة من هذه القصَّة أنَّ الأب مهما تقدم في السن فهو كنز لا ندرك قيمته إلا بعد فوات الأوان، فالأب مدرسه كاملة ودراية واقعية …
رحم الله آبائنا …
رحم الله والدي …
أقول لك وانت في العلياء تقيم …
إنَّ روحك ترافقني دوماً، وتنصحني …
ولا أخفي عنك …
أنِّي إشتقت إليك …
غيابك أضناني …
إنتظرني حيث أنت …
إنِّي قادم …
إنِّي قادم …
الحياة دونك، لا تليق.
والنصيحة من غيرك لا تفيد.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
٢٢ اذار ٢٠٢٠م.
0 comments: