الإستبلشمانت العالميَّة وسلاحها :
فيروس الكورونا …
تمهيد :
كان من المفروض أن أنشر في هذا اليوم ١٦ أذار مُدونَّة عن :
كمال جنبلاط، الْمُؤْمِنِ، المُوَحِّد، والفقيه، الْمُفوَّه ..
ذلك الزعيم السياسي اللبناني الأبرَز والأوحد الذي صال وجال في القرن الماضي القريب، حتى باتَت في أيامه مفاتيح جنَّة رؤساء الجمهورية في لبنان في حوزته بالرغم من كونه ينتسِب الى طائفة ( الموحِّدين الدروز ).
في ذِكْرَى استشهاد كمال جنبلاط، أتوقَّف :
أمام عتبة إيمانه وفلسفته وحكمته وأناديه وأفتقده :
لأنه كان …
مؤمناً وموحِّداً …
فقيهاً ومُتديناً …
متكلماً ومُفوَّهاً …
ضليعاً وحكيماً …
وأميناً على مُعتقد الموحِّدين الدروز …
إنَّه المرحوم كمال جنبلاط …
يرحمك الله، ويُسكنك فسيح جنانه ..
وفي الليلة الظَّلماءِ، يُفتقد البدر.
لله درَّك.
ولكني آثرت أن أُدلي بدلوي في مسألة :
( الإستبلشمانت العالميَّة وسلاحها الفتَّاك فيروس كورونا )
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
لم تتفق الإستبلشمانت العالميَّة منذ أكثر من قرن على أمر واحد دون إراقة الدماء، كما هو حال العالم الآن.
لم تجتمع الإستبلشمانت العالميَّة على فضِّ مشاكل الدوَّل ومطالب شعوبها المحقَّة كما هو وضع العالم اليوم.
بعد ظهور فيروس الكورونا بالعالم ( لا أستهين به ) ولا أخفف من مخاطره الصحيَّة إطلاقاً ولكن المبالغة والهلع والخوف الذي تُحدثه وسائل الاعلام والسلطات المحلية في المعمورة وكأنَّه الطاعون المميت قد تفشى في سكان الارض دون سائر المخلوقات وإنَّ الإصابات باتَت ضحاياها كارثية.
لكن الحقيقة تقال أنَّه توضحَّت الأُمور التالية :
في الصين … توَقفت المطالبة الشعبية باستقلال هونغ كونغ عن الصين الأّم.
في روسيا … بوتين أصبح القيصر دون منازع.
بعض أوروبا … يعيش المِحْنة.
أمَّا الدول العربية التي تدور في فلك السفارات المقيمة بعواصمها، تلقَّت التعليمات ومنها ( لبنان ) فاجتمع أصحاب الفخامة والعطوفة والدولة وقالوا كلمتهم وفوَّضوا صاحبة المعالي وزيرة الإعلام بإعلان حالة الطوارئ في طول البلاد وعرضها والبشاشة تعلو محيَّاها وكأنها تزِّف بشرى إعادة الأموال المنهوبة والمسروقة، وتأمر المصارف بزيادة الإعاشة للمودعين.
ولا يغربَّن عن بال أحد تلك ( الاستثناءات من حالة الطوارئ ) التي أقرها مجلس الوزراء اللبناني حتى يتيقن هذا الشعب العنيد أنَّه هو المعني فقط بحالة الطوارئ والباقي يسرح ويمرح بالداخل اللبناني داخلاً الأجواء وخارجاً منها، ومبحراً في البحر تنقيباً عن البترول.
ويبقى السؤال أين أصبحت مطالب ( لبنان ينتفض ) ؟.
في الولايات المتحدة الاميركية لا يختلف الوضع عن باقي دول العالم في زرع الهلع والخوف من الكورونا القاتلة والتي لم تفتك بالموت إلا خمسين ضحية حتى تاريخه، علماً بأنَّ عدد وفيات حوادث السير والإنفلونزا تتجاوز الآلاف شهرياً.
في الولايات المتحدة الاميركية، إستغلت الإستبلشمانت الاميركية هذا الفيروس لمحاربة عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب بعد أن نجح في الاقتصاد وحركة الأسواق المالية وإنخفضت معدلات البطالة قياساً مع عهود رئاسية سابقة.
تبين للإستبلشمانت أن عدم إعادة الرئيس ترامب لفترة رئاسية ثانية يستدعي زرع الخوف والهلع لدى الشعب الأميركي حتى تنهار إنجازات الرئيس دون أن يرَّف لهم جفن عين، كما أدى إنهيار البرجين في نيويورك في شهر أيلول من العام ٢٠٠١م. وبقي الرئيس جورج بوش الابن يتابع برنامجه المعتاد في زيارته ل فلوريدا ليعلن حربه في الخليج العربي بعد ساعات.
كذلك غضِّ النظر عن قصف وتدمير بيرل هاربير حتى تخلق عذراً لدخول الولايات المتحدة الاميركية الحرب العالمية الثانية الدائرة منذ أكثر من سنة في أوروبا والباسفيكي.
هكذا تعمل الإستبلشمانت الاميركية دون وازع من ضمير.
في الولايات المتحدة الاميركية بدأت حرب الإستبلشمانت البغيضة منذ ثلاثة سنوات بعد أن إجتاح البيت الأبيض دونالد ترامب في إلانتخابات الرئاسية بالعام ٢٠١٦م.
وفِي هذا الباب العريض سأوجز قدر المستطاع تاريخ الإستبلشمانت الاميركية.
في مُدونَّات سابقة ذكرت أنَّ الإستبلشمانت الاميركية زاد جبروتها بعد الحرب الأهلية في العام ١٨٦١ / ١٨٦٤م.
عظُم شأن العائلات المالكة للشركات العملاقة وتوحدَّت مصالحها وزادت ثرواتها.
وبات منذ ذلك الحين قرار من يحكم أميركا رهن إشارتها ( الإستبلشمانت ).
الإستبلشمانت الاميركية تجمع رموز الحزبين الديموقراطي والجمهوري في المحطات الكبرى والمصيرية وأهمها من سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة، وخير دليل على ذلك عندما إتفق أخر أباطرَّة الإستبلشمانت جورج بوش الأب والابن ( جمهوري ) مع مرشحة الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون ( ديموقراطي ) ضد المرشح دونالد ترامب ( جمهوري ).
وبينما كان الرئيس المنتخب دونالد ترامب يقسم يمين الولاء على أعتاب درج الكونغرس بدأت المؤامرات تحاك ضده لأنه وصل الى البيت الابيض دون رضى من الإستبلشمانت.
لن ادخل بتفاصيل أسباب نجاح ترامب الشعبي ( تراجع عدة مدونات لي بهذا الخصوص ).
قيل عن الرئيس ترامب أنَّه زير نساء، لا يصلح أن يكون رئيساً للبلاد كونه يحتقر النساء عامةً.
قيل عن الرئيس ترامب أنَّه عميل لروسيا وأُلعوبة بوتين، وأنَّ روسيا تدخلَّت لصالح فوزه.
لم تفلح كل هذه الأباطيل.
بدأ الرئيس ترامب بمحاربة الإستبلشمانت الاميركية دون هوادة في حرب أطلق عليها ( تنظيف مستنقعات واشنطن السياسية ) وذلك عن طريق إنهاء خدمات مدراء الأجهزة الأمنية وبعض الموظفين الفيداراليين الكِبارْ، ولم يستثنِ الاعلام ( الميديا ) من إطلاق تلك التسمية عليهم ( فايك نيوز ) دون خوف أو تردد.
كانت حظوظ الإستبلشمانت نجاح الحزب الديموقراطي في الانتخابات النيابية النصفية لمجلس ( النواب ) وبدأت بشحذ السكين لمحاكمة الرئيس وعزله.
لم تفلح هذه المحاولة الفاشلة من الإستبلشمانت لأنَّ مجلس ( الشيوخ ) ردَّ التهمَّة.
لماذا كانت محاكمة الرئيس ترامب لعزله ؟.
السبب هو أنَّ الرئيس ترامب فضح مرشح الإستبلشمانت للرئاسة الاميركية القادمة في العام ٢٠٢٠م. نائب الرئيس السابق جو بايدن خلال فترة الرئيس أوباما، المتورِّط مع إبنه في قضايا مالية مع الصين وخاصة أوكرانيا وقد أحدث هذا خلطاً في أوراق حظوظ ذلك المرشح من الوصول الى البيت الابيض.
لَمَّا وقعت بعض الإصابات ل فيروس كورونا في الصين إتهمَّت الإستبلشمانت عن طريق أعمدتها من الحزب الديموقراطي، ومعظم الميديا الملفقة للأخبار الكاذبة الرئيس ترامب بعدم أخذ الاحتياطات الضرورية لدرء خطر هذا الفيروس وأنَّه لا يصلح أنَّ يكون رئيساً لفترة رئاسية قادمة.
كان الرئيس ترامب يهدأ من روع هذا الهلع والخوف ومصرحاً أنَّ أميركا قادرة بفعل جهازها الطبي على تجاوز هذا الفيروس والقضاء عليه.
بقيت الاتهامات تنهال على الرئيس ترامب دون هوادة.
حورب بالأسواق المالية، ودبَّ الذعر في البورصة حيث وصلت الخسائر الى أرقام عالية جداً.
ماذا كانت ردَّة فعل الرئيس غير المتوقعة والتي أذهلت الإستبلشمانت :
أنَّه زايد عليهم في ذكاء حاد بفرض إجراءات غير مسبوقة لمحاربة فيروس كورونا وكأنَّه يقول لهم ( السن بالسن، والعين بالعين ).
لم يتصوَّر أحد أن الرئيس ترامب سيخطو هذه الخطوة من الإجراءات.
وقف الرحلات الجوية والبحرية من وإلى الولايات المتحدة الاميركية.
ضخ ٥٠ بليون دولار من الاحتياطي الفدرالي بالأسواق المالية.
توقيف الدروس حتى الجامعات في كل البلاد.
وغيرها من إجراءات غير مسبوقة حتى في تاريخ الكوارث التي تضرب الولايات المتحدة الاميركية.
النتائج غير المتوقعة :
الخسارة الفادحة للقطاعات التجارية والصناعية المؤيدة للإستبلشمانت. ( هوليود، ديزني لاند وغيرهما ).
التأييد الشعبي للرئيس ترامب حتى أنَّ إعادة انتخابه أصبحت أمراً مؤمناً ومؤكداً.
هذا فيض من غيض.
وأخيراً …
ستثبت الأيام القادمة أنَّ النظافة من الإيمان.
وماذا بعد ذلك الهلع والذعر.
هل سيطول ؟
لا تعليق.
وغداً لناظره قريب.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
١٦ اذار ٢٠٢٠م.
0 comments: