يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 4 مارس 2020

إبن خلدون، ولبنان اليوم

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  4:57 ص

إبن خلدون
ولبنان اليوم

المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :

آليت على نفسي لَمَّا  نشرت مُدونَّتي عن الوضع في لبنان ( فالج لا تعالج ) بعد تأليف الحكومة الجديدة برئاسة ( دولة ) الدكتور حسَّان ذياب، أن لا أكتب في هذا الشأن، ولكن بعد أن ضرب فيروس الكورونا بعض الإصابات لفتني كيف تصرفت الدولة، وكيف كانت ردَّة الفعل من بعض اللبنانيين

بات معروفاً لدى المقيم والمغترب أنَّ عشق اللبنانيين للشعارات أصبح مهزلةً.
وبات معلوماً لدى دول القرار في الشرق والغرب ( وحتى دول الجوارأنَّ الحكومة التي إنبثقت بعد هذا الحراك المدني لن تكون قادرة على قطع دابر الفساد وسرقة المال العام  الذي أستشرى طمعاً وشراهةً وإختَّلت بسببه قواعد تقسيم المغانم الذي أرسى قواعدها إتفاق الطائف وما تلاه من تسويات رئاسية، بل جُلَّ ما هو مطلوب من هذه الحكومة العتيدة إعادة تنظيم جدولة تقسيم المنافع ما بين الملوك والأمراء الجُدد

وأصبح مؤكداً أنَّ مطلب الحراك المدني بتقديم موعد الانتخابات النيابية العامة ليس مُلحاً ولم تأخذ به دول القرار لأن أي إنتخابات قد تحصل الان وفِي المستقبل القريب لن تُجرى تعديلاً في التمثيل النيابي ( الطائفي ) لأن قواعد الكيان اللبناني الذي أرست قواعده الدولة المنتدبة ما زال  قوي البنيان ما بين الطوائف

وأمسى دون جدال أنَّ بعض الخبراء والجهابذة اللبنانيين المقيمين لديهم القدرة في الأزمات المالية أن  يُنظِّروا، حتى أنَّهم في مسألة الدولار ومصرف لبنان قاموا مؤخراً ( بتفتيت ) الدولار كما فتتَّت أميركا وروسيا الذرَّة فاستعملوا عبارات التفخيم ( الهندسات المالية ) ليبهروا لُبَّ العامة بعبقريتهم، وعبارات التهويل ( هاير كت )، للفت نظر من يستسخف علمهم، وأنا منهم لانهم  نسيوا او تناسوا  لَمَّا كان بعضهم أو معظمهم  مُستشاراً  مالياً في الدولة العليَّة كان ساكتاً أو صامتاً ومشاركاً في كسب المغانم، وهذا ما نسمعه على شاشات التلفزة من وزير سابق الى خبير  والى مُتسلق من هنا أو هناك

أمَّا الذي أستوقفني هذا الهلع بالنسبة لفيروس كورونا وما يرافقه يومياً على وسائل  التواصل الاجتماعي والإعلام الرسمي او الحزبي الخَّ  من  تعليقات من الأطباء النطاسيين والمممرضين والمممرضات بصورة مقلقة جداً، وفِي  أحيانٍ كثيرة الإستهزاء والتنكيت لا بل المسخرة من عامة الشعب اللبناني العنيد

كان لزاماً عليَّي أن أعرف لماذا الشعب اللبناني أو العامة منه يتصرفون كلٌ على هواه في منظومة من الهزء والاستخفاف ملفتة للعيان.
فوراً تذكرت إبن خلدون  واستدعيته ليعطيني تعريفاً وتشخيصاً عن هوية الشعب اللبناني
ماذا قال إبن خلدون ؟

تعريف لشخصية الضيف إبن خلدون :

عاش إبن خلدون في الفترة ما بين  (1332 - 1406م)، ولد في تونس وتخرّج من جامعة الزيتونة، تولَّى الكتابة والوساطة بين الملوك في بلاد المغرب والأندلس ثم انتقل إلى مصر.  
تُعتبرمؤلفات إبن خلدون من أهم المصادر للفكر العالمي، ومن أشهرها كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر، ومقدمته المشهورة. 
يُعتبر ابنُ خَلدون مؤسسَ علم الاجتماع الحديث ومن علماء التاريخ. 
لهذه الأسباب كلها هذه هي مُدونَّتي الجديدة في لبنان اليوم :


يقول إبن خلدون  " الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها ". 
والقهر يعني الظلم، أي سلب الإنسان حقوقه دون مبرر.

أمَّا  الأديب المصري مصطفى الرافعيّ يقول : " إنَّ الشعب الذي لا يجد أشياء كبيرة يتمجد بها هو الذي تُخترع له الألفاظ الكبيرة ليلتهي بها "، لهذا نجد بعض الأنظمة العربية تمنح شعوبها قدر كبير من الحرية الاجتماعية الكفيلة بغسل الأدمغة وتفريغها من أصلها، وهذا ما نشهده اليوم من نشرٍ للغسيل على أسطح وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان. 

أمَّا نابليون بونابرت قال إنَّ الأمم التي تكف عن الشكوى تكف عن التفكير. 

أمَّا  المنظمة العالمية للشفافية نشرت على الملأ إنَّ جميع الدول العربية ينتشر فيها الفساد، وكان تقييمها يتراوح ما بين "فاسد جدا" ، "وفاسد"…

ومن القرآن الكريم :
وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا سورة الإسراء الآية 16 …

في الشعوب المقهورة  (كما هو الوضع في لبنان ) عندما تسوء أخلاقها :
يكثر المنجّمون والأفّاكون والمتفيهقون والانتهازيون وتعمّ الإشاعة وتطول المناظرات وتقصر البصيرة ويتشوّش الفكر.
في هذا الجو ينعم الحاكم بالترف والنعمة  ويلف حوله  ثلة من المرتزقين والوصوليين يحجبونه عن الشعب، فيوصلون له من الأخبار أكذبها.

يضيف إبن خلدون :
الحاكم الظالم يظهر له الشعب الولاء ويبطن له الكره والبغضاء، فإذا نزلت به نازلة أسلموه ولا يبالون، وإذا رأيت الدول تنقص من أطرافها، وحكّامها يكنزون الأموال فدقّ ناقوس الخطر، وإنَّ أيّام الأمنِ وأيام الرَّغد تمضي سريعاً، وأيّام الجوعِ وأيّام الحروبِ والفتن تكون طويلة وإنتشار الفساد يدفع بعامّة الشعب إلى مهاوي الفقر والعجز عن تأمين مقتضيات العيش، وبداية لشرخ يؤدّي إلى انهيار الدولة. 

يضيف إبن خلدون من أهمّ شروط العمران سدّ حاجة العيش والأمن :
أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. 
وإذا فقد الناس ثقتهم بالقضاء تزداد حالة الفوضى، فالقضاء هو عقل الشعب ومتى فقدوه فقدوا عقولهم.

قال إبن خلدون إنَّ رجال الدولة  لا يتركون غنيّاً في البلاد إلا وزاحموه في ماله وأملاكه. ( سرقة مدخرات الشعب اللبناني )
والعدل إذا دام عمَّر، والظلم إذا دام دمَّر.

لم أجد في لبنان كلاماً يناقض ما ذكره إبن خلدون. 
هذا ما قلَّ ودلَّ  …
وأُنهي مُدونَّتي بما قاله نابليون بونابرت :
إنَّ الأمم التي تكف عن الشكوى تكف عن التفكير. 
أمَّا أنا فأقول :
وحسبي الله ونعم الوكيل. 

فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا

٤ اذار ٢٠٢٠م. 

0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9