فريد الأطرش في ذِكْرَى رحيله ..
تاريخ ولادته : ٢١ نيسان ١٩١٠م.
تاريخ وفاته : ٢٦ كانون الاول ١٩٧٤م.
والمُقدِّمة التي لا بُدَّ منها …
كنت وما زلت مُولعا ً بسماع موسيقى فريد الأطرش، فسماعي ل أغانيه في أيِّ وقت تعيدني بالذاكرة إلى لحظات جميلة لا تُنسى من محطَّات حياتي ..
بدايةً …
لقد إرتأيت أن أبحث عن رأي النقَّاد الفنيِّين الغربيين في فريد الأطرش، لأَنِّي لم أثِق يوما ً بالنقَّاد الفنِيِّين العرب، لا ماضياً ولا حاضراً ..
وتشاء الصُدَّف أن يكون فريد الأطرش بالولادة سورياً من عين جبل العرب ( محافظة السويداء )، وينتمي إلى طائفة الموحِّدين الدروز.
هذا الإنتماء سواء كان مناطقياً أو مسلكاً في العقيدة، هو مفخرة إعتَّز بها فريد الأطرش ولَكن لحقته طوال حياته نيران الحسد والغيرة لا بل العنصرية الدينية الحقيرة، وباتَّت كالحِرزْ والقلادَّة المعلقَّة على رقبَة مسيرته الفنية المتلألأة :
فناً وموسيقىً … وألحاناً غردَّت لها الطيور …
وأنعمَت على العيون ربيعاً إزدان بألوان الجُمل الموسيقية الرائعة …
وشنَّفت للأذان تجديداً بعد رتابةٍ مُملَّة …
لا يغْرُب عن بال قُرائي الأعزاء …
لسْت ناقداً فنياً، إن كتبت عن فريد الأطرش.
ولست شيخاً مُعمَّماً إن كتبت عن الاديان السماويَّة.
ولكني لَمَّا أُشاهد وأُعاين مسيرة فريد الأطرش تنال مني الحميَّة، لأكتب وأُدافع وأهجي النُقَّاد الموسيقيين العرب الذين لا يُحسب لهم حساب أكاديمي لا في العير، ولا في النفير.
ومن يُقاطعني، أو يُقارعني فليأتِ بسندٍ صحيح.
وحسبهم، قُل صُدقاً أو فإصمُّت.
وإليكم مُدونَّتي بعد هذه المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها.
لو قُدِّر لفريد الأطرش أن يعيش من العمر أطول ممَّا عاشه ..
كانت أعماله الفنية التي تنوعَّت بين الموسيقى والغناء والتمثيل والكتابة قد تحولَّت إلى أُسطورة نتداولها اليوم أكثر بكثير ممَّا يتم من تداول لأعماله.
لو قُدِّر لفريد الأطرش أن يعيش في العصر الذي سبق الاسلام، لكان مثله مثل النضّير إبن الحارث ابن كلده، الذي إستقدم العود من ديار اللخميين الى مكة ..
لو قُدِّر لفريد الأطرش أن يعيش في صدر الاسلام وما تلاه، لكان مثله، مثل إبن سريج و ابراهيم الموصلي ..
لو قُدِّر … أيضاً وأيضاً …
لكن للأسف، فريد الأطرش عاش، في زمن رديئ، يُخّيم في أرجائه الحسَّد، والضغينة، والتفرقة العنصرية، والتي تتجلَّى بأسوأ أشكالها وألوانها ..
من هو فريد الأطرش ؟.
هو، أميرٌ في الحسب وَالنسَب.
هو، أميرٌ في آلة العود.
هو، مُتوَّج في تركيا، منذ العام ١٩٦٤م.
هو، صاحب وسام الخلود الفني من فرنسا.
هو، صاحب وسام الإستحقاق من مصر.
هو، صاحب وسام الأرز من لبنان .
وهو أخيرا ً ..
مُكّرم ومُعزَّز من منظمة الأنيسكو طوال العام ٢٠١٥م.
سأتطرَّق، وأُشير في بحثي عن فريد الاطرش، إلى عدة محطات في حياته :
منذ أن وطأت قدماه أرض الكنانة أمِّ الدنيا مصر، في بداية القرن الماضي،
وحتى مغادرته لها في ستينات ذلك القرن.
ولغاية وفاته في لبنان في ٢٦ كانون الاول من العام ١٩٧٤م.
- وأخيرا ً، تأثيره على الموسيقى الشرقيَّة.
عند وصول فريد الأطرش، إلى القاهرة، كان بلاط الملك فاروق، ومن سبقه من ملوك، يستقبل الفرق الموسيقية العالمية، وكان الفنانون الأجانب يصدحون في القصور الملّكية، بأُغنيات التانغو، والباسادوبلي، والفلامنغو، وغيرها من الألحان.
وقد وصل إلينا من سجلات الفرق الموسيقيَّة، ومن المطربين الأجانب أنَّ الموسيقى، والغناء في ذاك العصر في مصر عامة وفي القاهرة خاصةً، كانت بمعظمها عبارة عن ألحانٍ قديمة وأغانٍ لمطربين كبار في السن.
وقد جاء في إحدى السجلات :
Arabic music at that time was very soft & MONOTONOUS, and had no recognizable rhythmical.
لا بل كانت الألحان الموسيقيَّة رتيبة ومُمِلَّة تتكرَّر في كل مطلع جديد.
وقد ذُكرَ أنَّ للموسيقي المُبدع سيد درويش دورٌ كبير ورائد في التجديد الموسيقي في مصر، لكنه لم يستحوذ على الإهتمام الكافي الذي كان في مكانٍ أخر، حيث الأجانب لم يكن يلفت نظرهم حينها إلَّا الراقصات المُمتلئات البدينات صاحبات الخصر النحيل.
لكن هذا لا يعني التقليل من شأن هؤلاء المطربين أو الملحنين، لأنَّ سِمة التطوير الموسيقي لم تكن هماً لديهم، والسبب في ذلك أنَّ الجمهرة الكبرى من المستمعين كانت تستسيغ تلك الألحان، لعدم سماعهم ألحاناً أخرى متطورَّة لحنا ً وإيقاعاً غير أغنيات سيد درويش القليلة جدا ً.
أمَّا الطامَّة الكبرى في تلك الفترة ، كانت تتمثَّل في النقَّاد الموسيقيين العرب الذين كانوا يكتبون لمن يدفع لهم، فيتحوَّل من هم في أسفل الدرك إلى أعلى السلِّم والعكس صحيح.
والمفارقة الكبرى أنَّ هؤلاء النقّاد هم من سجّلوا تاريخ الموسيقى، فرفعوا من شأن فلان وقلَّلوا من شأن فنانٍ آخر.
ومن هؤلاء النقَّاد الموسيقيين فيكتور سحاب، الذي ذكر أنَّ العمالقة السبعة من الفنانين في ذلك الوقت هم :
سيد درويش، محمد القصبجي، زكريا احمد، محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، رياض السنباطي وأسمهان (غير مصرية).
تعجَّب النقَّاد الأجانب لهذا التصنيف، الذي إستثنى منه سحاب بعض الفنانين العرب ممَّن يحملون جنسيَّات غير مصرية، وزاد عجبهم أن فيكتور سحاب أدخل أسمهان شقيقة فريد الأطرش ضمن لائحة العمالقة بسبب الأغنّيات التي قدّمتها من ألحان شقيقها وخاصة أغنية، ليالي الأُنس في فيينا.
وقد تبين لاحقاً أن الأُسس المعتمدة في التقييم عند النقَّاد العرب، لا يحسب لها حساب أكاديمي فني.
في هذا الجو العابق بالتهميش والاستثناء والإقصاء سبح فريد الأطرش
في هذا البحر، نهشته الأسماك الكبيرة والصغيرة على حدٍ سواء، ولكنَّها لم تنل
منه فبقي مُحلِّقاً بأعماله وبموهبته الفريدة من نوعها ألحاناً وأغانٍ خالدة.
من المصادر الأجنبية أقتبس الآتي :
Farid Al Atrash, stands out as a giant who is yet to be replaced .
في مقدمتي، أشرت الى رتابة الألحان.
Lack of musical depth
أي أنَّه كان ينقص العمق الموسيقي.
بوصول فريد الأطرش إلى مصر، لم تعد الموسيقى معه كما كانت قبله.
تبدَّل الوضع وأصبح العود سيِّداً وآمراً للفرقة الموسيقية، وأخذت بقية الآلات، مكانها الطبيعي.
زاد فريد الأطرش من عدد الآلات النحاسيَّة، وإقتحم التانغو التخت الموسيقي الشرقي، وسيطر بعد ان كان خجولاً جدا ً.
- أدخل فريد الاطرش لأوَّل مرة لباس، Tuxedo لجميع أفراد فرقته الموسيقية.
Elegant tuxedo dress with the, Papuan
- جمع فريد الاطرش :
Incorporation of falk melodies & popular themes along with classical forms
- أغنيات فريد الاطرش :
His songs contained multiple sections with changes in rhythm & colors
- مقطوعات فريد الاطرش الموسيقية :
Many of his pieces sounded lively & full whether played by small groups of performance وfull size orchestra
- كانت لدى فريد الأطرش مهارة زائدة في إنتقائه الكلام واللحن.
Music composition for dreamers
- أدخل فريد الأطرش المُقدِّمات الموسيقيَّة لأعماله الخالدة وأبدع في قفلاته، خاصَّة في عزفه المنفرد على العود.
- أدخل فريد الاطرش السمفونية إلى الموسيقى العربيَّة، وتعتبر من أعظمها بساط الريح، التي أظهر فيها عبقريته وإلمامه بجميع الألحان العربية قاطبةً
- معظم ألحان فريد الأطرش، إقتبسها الملحِّنون من الغرب، وأوروبا، وتركيا، والهند ودخل إسمه في سجل الخالدين في الموسوعة الفرنسية الى جانب العظماء بيتهوفن وموزارت وشوبان.
- أجمع النقَّاد الغربيين أنَّ فريد الأطرش هو أول من قدَّم الأوبرا بعد سيِّد درويش في فيلم إنتصار الشباب.
- أما الألحان التي وضعها فريد الأطرش، والتي نقلته للعالمية هي عديدة أهمها :
حبيب العمر، نجوم الليل، زُمرُّدة، ويَّاك ويَّاك، أنا واللي بحبه، يا زهرة في خيالي، قلبي ومفتاحه، ( وقد أُعتبر هذا اللحن، من أجمل ١٧ تانجو في العالم ).
ولهذه الأسباب، جرى تصنيفه في الغرب، بأنه مُجدّد الموسيقى العربية الاول.
لهذه الأسباب جرى تكريم فريد الاطرش في غير بلد غربي، حيث أُعطي كرسي في معهد الموسيقى في ألمانيا، ولم يُعط له أيُّ كرسي في أي بلدٍ عربي.
ما زالت حقوق فريد الأطرش الفنية، من الأغنيات تعطي مردوداً لا يضاهيه أي فنان عربي.
أخيرا ..
من المؤكد انَّ التكريم الذي يحصل بين فترة وأخرى لفريد الأطرش يلقى الإستحسان، ولكنه لا يصل إلى تكريمه على مستوى الإبداع الذي وصل اليه، كما يحصل للفنانين العباقرة في الغرب.
وهذا له أسبابه ..
منها أنَّ وزارات الثقافة او الفنون في بلاد العرب، لا يتسلَّم مقاليدها وزير مُلِّم بالموسيقى أو الفن، لأنَّه قد يكون أشهر طبيب جرَّاح، أو صاحب مصرف ، او ضابط متقاعد ..... الخ.
فضلا عن أنَّ المجتمع المدني في البلاد العربية يرزح تحت هموم تفوق المطالبة، بتكريم فنان مُبدِع وعبقري مثل فريد الأطرش.
بالإضافة إلى أسباب أُخرى ..
وهذا هو حال فريد الأطرش.
غرِّيد في الشرق العربي.
ومكرَّم في الغرب.
مثله مثل طارق بن زياد.
وغيرهم ..
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
٢٦ كانون الثاني ٢٠١٩م.
لو الغناء حلال اكتب وأقول إن فريد الاطرش عالمى ويسمعه المثقفون فقط أنه هرم مصر الرابع بلا منازع وان كان الغناء حرام وده اكيد فالله يرحمه
ردحذف