المرأة العربية قبل الإسلام.
دراسة تاريخية.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
شخصياً لم أستعمل تعبير الجاهلية في كُل مُدونَّاتي، في إشارةٍ الى الحقبة الزمنية التي سبقت الإسلام، لأنه تبين لي ولغيري أنه من أكثر العصور التاريخية تعرضاً للظلم والتشهير.
تعبير الجاهلية، هو مصطلح إسلامي ورد في القرآن الكريم، عن حياة الأمم قبل الإسلام، ( ويربطها بجهل العرب من الناحية الدينية ).
وقد ورد مصطلح الجاهلية في النص القرآني :
ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ……
أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ ……
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ……
بدأ رجال الدين الاسلامي وأعمدته من فقهاء بعد الدعوة بفترة قصيرة من الزمن الإمعان في التجريح والتحقير وإلصاق الموبقات لهذه الحقبة من حياة العرب وخاصة دور المرأة، بعد أن تخيَّل لهم أن الذاكرة في القلوب والأفئدة والعقول قد زالت بفعل موت الجيل الذي كان يكتنزها.
كان الأسلوب الممنهج الذي إتبعه الفقهاء والمؤرخون العرب، هو طمس وإغفال النواحي الاخرى الثقافية والعلمية والحضارية غير الدينية التي سادَّت بين القبائل.
عندما أوضحت في مُدونَّاتي أن الخطيئة الكبرى في صدر الإسلام، أنها محت من الذاكرة الحضارة العربية التي سبقت الإسلام لم أكُن مُرتداً، بقدر ما كنت أرنو الى أن أعرف عن حضارة الأجداد.
وعندما قلت أن الشعر الذي سبق الإسلام حفظته الأفئدة والقلوب في الصدور، ولا فضل لمن أتى بعدهم في إيصاله إلينا، لم أكُن إلا من قال الحقيقة.
وعندما قلت أن فاتح مصر عمرو بن العاص لما حرق مكتبة الإسكندرية بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب لم أكُن مُفترياً، بل كنت باكياً يعصرني الحزن، لأن الرواية
تقول أن عمرو بن العاص رَفَع إلى الخليفة عمر بن الخطاب خبر المكتبة الكبرى في الإسكندرية، فجاءه الجواب بما نصَّه :
( أما الْكُتُب التي ذكرتها، فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله، ففي كتاب الله عنه غنى، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة إليه، فتقدَّم بإعدامِها ).
فوُزِّعت الْكُتُب على أربعة آلاف حمام بالمدينة، ومضت ستة أشهر قبل أن تُستنفذ لكثرتها.
المرأة العربية قبل الإسلام كانت الهدف في الأذيَّة، وقد أفلح هؤلاء الفقهاء ردحاً من الزمن في طمس الحقائق وإظهار المرأة العربية وكأنها متاعٌ يورث، كائن مهمش في مرتبة هي أدنى من الرجل بكثير وأعلى من الأنعام بقليل، مسفهة دوماً، معرضة بشكل مستمر للقمع والظلم والانتقاص من الحقوق.
تلك هي الصورة التي أتحفنا بها بعض جهابذة فقهاء العرب المسلمين، وعباقرة المؤرخين الفالحين، عن المرأة العربية قبل الاسلام.
أمَّا الحقيقة التاريخية الثابتة، هي أن المرأة العربية كانت ركناً أساسيَّاً في الحياة قبل الإسلام في جميع مجالات الحياة فهي الحبيبة، والأم، والأخت، والشاعرة، والمربِّية، فافتُتِن بها الشاعر الجاهلي أيَّما افتتان، ووصفها في كلِّ مناسبة، وهامَ بها، كما أحبَّها وإحترمها وأنزلها المنزلة التي تليق بها.
بعد هذه المُقدِّمة …
إليكم المُدونَّة :
المرأة العربية قبل الإسلام :
يذهب بعض المؤرخين والمستشرقين ( خِلاف الفقهاء المسلمين ) إلى القول علناً أن المرأة العربية كانت أكثر تحرراً قبل الإسلام، ويستشهدون على ذلك بالزواج الأول للنبي محمد والذي كان زواجاً عن طريق طلب السيدة خديجة بنت خويلد بأن أرسلت إحدى صديقاتها إلى النبي محمد تعرض عليه الزواج، لأن السيدة خديجة بنت خويلد كانت أعظم نموذج لذلك العصر إذ كانت من ذوات المال، وكانت تشتغل بالتجارة ولها قوافل تجارية تخرج سنويا إلى بلاد الشام، وكانت تشرف بنفسها علي تجارتها، وتعهد بها لأهل الثقة والكفاءة والأمانة.
وللدلالة على أن المرأة عند العرب قبل الإسلام كان لها قيمة معنوية، لا تختلف عن قيمتها لدى الحضارات الإغريقية واليونانية والرومانية، فإن المؤرخين أثبتوا أنهم أي العرب عبدوا ( آلهة ) أصناماً أُنثويَّة وهي :
اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ، ومَنَاة، وسواع، وفِي ذلك إنسجام تام مع روح العصر الذي كان سائداً، حيث وصف هوميروس بأن الآلهة كانت على شكل البشر( أُنثى ) من حيث الصورة ومن حيث الخلق.
كذلك إعتبر الفيلسوف أكسانوفان أنَّ الناس هم الذين خلقوا الآلهة على شاكلتهم وصفاتهم وهواهم ثم عبدوها، والعرب في ذلك كانوا على ذات المنوال.
كذلك في كتابه بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، يقول الألوسي :
كانت أفروديت آلهة الجمال عند اليونان.
كانت عشتروت آلهة الجمال عند البابليين.
كانت إيزيس آلهة الجمال عند الفراعنة.
كانت فينوس آلهة الجمال عند الرومان.
وكانت العزَّى، واللَّات، ومَناةَ وسواع عند العرب.
يُستدَّل من ذلك أن جميع الأمم والثقافات والحضارات، إتفقت على تشبيه المرأة للآلهة، وبالتالي أي تشويه لهذه الصورة كما قام به بعض المؤرخين والفقهاء العرب لا يُمكن الإعتداد والأخذ بصحته، وذلك للأسباب الآتية :
- في الحروب لعبت المرأه العربية قبل الإسلام دورا كبيراً فيها وذلك بإثارة روح الحماسة في صفوف الرجال، وتشجيعهم علي بذل النفس والنفيس لتحقيق النصر لقبائلهم.
وقيل في دور المرأة العربية الأخبار العديدة منها :
عندما إستحكم الصراع بين الغساسنة والمناذرة قامت حليمة بنت الحارث الغسانى تتفقَّد جنود أبيها بنفسها، وتدهن أيديهم بالطيب والعطر، وهى تبث فيهم روح الحماسة والإصرار على النصر.
عند محاربة قريش للمسلمين في يوم أُحد خرجت نسوة قريش تقودهن هند بنت عتبة زوجة أبى سفيان يتجولن في الصفوف، ويضربن بالدفوف، يستنهضن الرجال، ويحرضوهم علي القتال.
كانت النساء تصاحب الرجال إلى ساحة القتال لمداواة الجرحى، وحمل الماء إلى العطشى، ولم يقتصر دورهن عند هذا الحد فحسب، بل بارزن بالسيف، وامتطين صهوة الجياد، ورفعن لواء الحرب، وكانت لبعضهن صولات وجولات لا تقل عن فرسان قبائلهن.
- المرأة العربية قبل الاسلام، قادرة على أن تشعل نار الحرب والقتال بين القبائل.
- المرأة العربية قبل الاسلام، قادرة أيضا على وقف القتال والدعوة للسلام، وحقن الدماء، وإنهاء الخلاف.
- أي إعتداء على المرأة العربية قبل الاسلام، كان سبباً في اندلاع الحرب بين القبائل، وإراقة الدماء.
وقد ذكر التاريخ أن السيدة ليلى أُم الشاعر عمرو بن كلثوم لما صرخت بأعلى صوتها "واقوماه" لم يملك إبنها الشاعر إلا أن إستَّل سيفه وذبح عمرو بن هند ملك الحيرة، وسبى خيله، ونسائه عقابا له لتعمُّد والدته إهانة ضيفتها أُم الشاعر.
- إشتهرت بعض نساء العرب بالحكمة والعقل ، فكُّن مرجعاً للرجال يأخذوا بمشورتهن ، ويسمعوا لأرائهن، وقد رأينا كيف تمكنت سعدى أم أوس بن حارثة
من إقناع إبنها بالعدول عن قتل الشاعر الذى هجاها وهجاه، والعفو عنه والإحسان إليه.
- في الحياة الأدبية فقد برزت نساء شاعرات، أجدن في نظم الشعر وقد إمتلكن من فصاحة اللفظ ، وجزالة المعنى ما جعلهن على قدم المساواة مع فحول الشعراء.
وكان من أشهرهن :
جليلة بنت مرة.
والخنساء التى بلغت من الفصاحة والبيان والشهرة ما أهَّلها لأن تقوم بالتحكيم بين كبار الشعراء المتنافسين، وقد قال عنها النابغة الذبياني :
إذهبي فأنت أشعر من كل ذات ثديين، لولا هذا الأعمى ( كنية الأعشى الأكبر ) أبا بصير أنشدني قبلك، لفضلتك على شعراء هذا الموسم، وقلت إنَّك أشعر من الجن والإنس.
- كما برزت منهن طبيبات ومعالجات ( ممرضات، وقابلات )
وإذا كانت المرأة العربية قبل الإسلام، تمتعت بكل هذا الاحترام، فإن الأم بصفة خاصة حظت بمكانة مرموقة حيث حرص ابناؤها على برها وكسب ودها، وجاء الإسلام ليؤكد هذه النزعة فقال " ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا ".
- الوضع الإجتماعي للمرأة العربية قبل الإسلام، كُنَّ طبقات في المجتمع القبلي :
- فقد حظت نساء الأشراف والاغنياء في بيوتهن بالراحة والدعة، تخدمهن جوارى وإماء ، يقضين أوقات فراغهن في التزين والتبرُّج، ( أُنظر الآية القرآنية أعلاه ) وعقد المجالس مع نساء طبقتهن للحديث والمسامرة.
- أمَّا المرأة العربية قبل الإسلام، في الأوساط العامية أو البدوية، فكانت أقل حظاً من مثيلاتها من أبناء الطبقة الراقية، إذ وقع على عاتقهُن مسؤولية البيت ورعاية الأولاد، وإعداد الطعام وسقى الماء وجلبه من الأبار والعيون، وحلب الحيوانات وغزل الصوف وصناعة الملابس لها ولأولادها وصناعه الخيام والبُسط وجمع الحطب وفضلا عن ذلك كانت بعض النساء تشارك زوجها في كسب العيش والسعي للرزق
فمنهُن من إحترفت الرضاعة خاصه إرضاع أبناء الأغنياء في الحضر مقابل جعل يأخذونه من والد الصبي.
ومنهُن من عمل بالكهانة والعرافة والتنجيم ، وقد أوردت المصادر التاريخية جانباً من أخبارهُن ، خاصة وأن معظم العرب كانوا يلجأون إليهم لمعرفة المجهول أو قراءة الطالع أو للتعرف على إرادة ومشيئة الآلهة.
الخلاصة في وضع المرأة العربية قبل الإسلام :
كان إهتمام العرب قبل الإسلام بالمرأة إستثنائياً بين الأمم، فإهتموا بحفظ كرامتها وسترها.
كان للنساء خدر في المسكن وهو الساتر الذي يوفر لهُن الحرية والخصوصية وفي الخارج كانت النساء تلبس ما يسترها وتركب في الهودج عند السفر.
كان من النساء قبل الإسلام :
- الطبيبة ك شفاء بنت عمرو.
- وسيدة الأعمال خديجة بنت خويلد كانت تجارتها تعادل ثلث تجارة مكة بأكملها.
- وصلت المرأة إلى مراتب عليا سياسية، كما هو حال :
( بلقيس ملكة سبأ. وزنوبيا ملكة تدمر)
- أو تميّزن بالشخصية القويَّة أو برجاحة العقل :
مثلاً زرقاء اليمامة، كانت تستشرف بذكائها ما وراء الأفق.
وجهيزة، قطعت ببلاغتها قول كل خطيب.
وفيلة الانمارية كانت تاجرة مهمة تبيع وتشتري بنفسها.
وخالدة بنت عبد مناف، وصحر بنت النعمان إشتهرتا بالحكمة والذكاء والكمال،
وكانت العرب تتحاكم عندهن في المشاجرات والأنساب.
وهنالك خولة بنت الأزور الفارسة الشجاعة.
المرأة العربية قبل الإسلام وفقاً ( للروايات الإسلامية أذكرها كما وردت تكملة للبحث )
وفقاً للروايات الإسلامية فإن النساء اللواتي عشن في عصر الجاهلية في الجزيرة العربية لم يُعترف بحقوقهن، ولم تتساوى حقوقهن بحقوق الرجال لذلك كانت تُملى عليهُن الأوامر تحت نظام أبوي صارم.
كان ينظر للمرأة على أنها نكرة وكانت تُذَّل بإستمرار.
كان للمرأة سيطرة بسيطة جداًعلى زواجها ولا يمكن لها أن ترث من الممتلكات.
كان الغرض من المرأة ليس أكثر من إنجاب الأطفال.
وكان وأد البنات أمر شائع.
وتعتبر ولادة الأنثى عاراً على أسرتها.
الزواج قبل الإسلام :
مما لا شك فيه أن العادات والتقاليد والمراسم والطقوس التي جرى تطبيقها في زواج المرأة العربية قبل الإسلام، لا تختلف عن التي كانت سائدة عند الشعوب السامية القديمة.
وقد ذكر هيرودُوت صوراً من هذه العادات والتقاليد، كذلك إسترسل هوميروس في الألياذة ما كان مقبولاً في تلك المجتمعات، وبات بعد عصورٍ لاحقة مُستهجناً.
في الجزيرة العربية قبل الإسلام لا يختلف الامر في مراسم وطقوس زواج المرأة العربية عن باقي المجتمعات التي كانت تُطبِّق مجموعة متنوعة من تقاليد الزواج.
يمكن القول إن زواج المرأة العربية قبل الاسلام إمتاز بالحرية المطلقة لها وللرجل وصولاً الى الإباحية من حيث النظر والتعامل معها كأُنثى، ولعل الأمر يعود إلى الطبيعة البدوية التي تقلل كثيراً من تعقيدات العلاقات الاجتماعية، عمّا هو الحال في البيئات الحضرية.
أما عن زواج المرأة العربية قبل الإسلام، أنقل هذا الحديث حرفياً عن السيدة عائشة أُم المؤمنين، والذي نقله البخاري في ( صحيحه ) :
مع تغيير في مُسمَّى كلمة ( الزواج بدلاً من الكلمة الأصل )
قال يونس بن يزيد…
عن إبن شهاب الزهري …
قال :
أخبرني عروة بن الزبير …
أن السيدة عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته :
أنَّ الزواج في الجاهليِّة كان على أربعة أنحاءٍ :
زواج يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَتزوجها.
وَزواج آخَرُ:
كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا :
أَرْسِلِي إِلَى فُلاَنٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا زواج الِاسْتِبْضَاعِ.
وَزواج آخَرُ:
يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ العَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ، كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، تَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ، فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلاَنُ، تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ.
وَالزواج الرَّابِعِ: يَجْتَمِعُ النَّاسُ الكَثِيرُ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ، لاَ تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ البَغَايَا، كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ القَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، فَالْتَاطَ بِهِ، وَدُعِيَ ابْنَهُ، لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ.
فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَقِّ، هَدَمَ زواج الجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا الزواج المعتمد بين النَّاسِ اليَوْم.
أما ما عدا ذلك من روايات وقصص عن الزواج قبل الاسلام وقد حفلِّت الْكُتُب بها،
وكأنها تصوير إباحي مُقيت، فإني أذكرها فقط، وأستبعدها إلا ما ذكره البخاري في صحيحه نقلاً عن فلان، وعن فلان، وعن فلان وصولاً الى السيدة عائشة أُم المؤمنين كما جاء في أعلاه.
وهي كالأتي :
- زواج الاستبضاع :
وهو أن يدفع الرجل بزوجته إلى رجل آخر من عليّة القوم، كشاعر أو فارس أو ذي حسب ونسب، وحين يقع حملها تعود إلى زوجها.
- زواج المُخادِنَة :
المخادنة هي المُصاحبة، وفيها ما ذكر في القرآن :
"ولا متخذات أخدان".
وقيل في المُخادِنة :
" ما أّستتر فلا بأس به، وما ظهرَ فهو لؤم ".
- زواج البَدَل :
وهو أن يُبدّل الرجلان زوجتيهما، لفترة مؤقتة، بُغية التمتع والتغيير، دون إعلان طلاق أو تبديل عقد زواج.
يروى عن أبي هريرة قوله : "إن البدل في الجاهلية، أن يقول الرجل للرجل :
إنزل لي عن امرأتك، وأنزل لك عن امرأتي، وأزيدك.
- زواج المضامدة :
وهو إتخاذ المرأة زوجاً إضافياً أو إثنين، غير زوجها. وفي المعاجم اللغوية، الضماد هو أن تصاحب المرأة إثنين أو ثلاثة، لتأكل عند هذا وذاك في أوقات القحط. وفي ما يبدو، فإن هذا النوع لم يكن مستحباً، وربما إعتبره العرب خيانة من المرأة، وإن كان معمولاً به ومنتشراً.
- زواج الرهط :
وهو أن يجتمع عشرة من الرجال، على إمرأة واحدة. وإذا حملت، أرسلت إليهم جميعاً، ثمّ تختار من بينهم من يكون والد الجنين الذي في بطنها، ولا يستطيع أحد الامتناع عن الاعتراف به.
- زواج أصحاب الرايات :
وهنّ ما يمكن تسميتهن بالبغايا، أو ممارسات الدعارة، بحسب ما نقول اليوم. إذ كانت المرأة منهن، ترفع الراية (ويقال إنها كانت حمراء) علامة على أنها جاهزة، فيأتيها الرجال.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
٢٢ كانون الثاني ٢٠١٩م.
0 comments: