مؤتمر أكاديمي جامعي عن :
الدروز : الف عام من التعددَّية والحضارة.
الزمان : الثلاثاء الواقع فيه ٣٠ تشرين اول ٢٠١٨
المكان : الجامعة الاميركية في بيروت.
قاعة الاسمبلي هول.
The Druze Celebrating A thousand years of diversity.
A.U.B / Beirut / Lebanon
المقدمة :
وردني إتصالات من بعض الأصدقاء يستفسرون عن المؤتمر المنعقِّد بالجامعة الاميركية، ( الدروز، الف عام من التعدديَّة )، وسبب إتصالاتهم كوني طبعت في بيروت هذا الصيف كتابي ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ )، والمنشور في غوغل، تحت موقع ( مُدونَّة فيصل المصري ).
جوابي كان واضحاً ...
لم أتلق دعوة لحضور هذا المؤتمر.
ولم أسمع به، بالرغم من التحضيرات التي سبقت إنعقاده.
وقد وعدت الأصدقاء، بأني سأرجع الى مراجعي ومصادري ومن ثم، أجيب.
تمهيد :
في المؤتمر المنعقِّد بالجامعة الاميركية / بيروت في التاريخ المنوه به أعلاه.
- يقول، الناطق الرسمي، ومن مُنظمي هذا المؤتمر الدكتور مكرم رباح إستاذ محاضر بالجامعة الاميركية، وباحث تاريخي، ومعلِّق سياسي لعدة محطات أذاعية وتليفزيونية.
( هذا المؤتمر عن الدروز، وليس مؤتمر درزي ولا يبحث او يتناول العقيدة الدرزية، وهو رسالة للعرب والغرب معاً بإعتباره أكاديمي جامعي يُبرز محاسن وفضائل التعدديَّة .... إلخ. )
وقد ذكر الدكتور رباح أن المحاضرين في يوم الافتتاح، هم :
- الدكتور عبد الرحيم أبو حسين، ( إستاذ بالجامعة الاميركية )
- الدكتور فضلو خوري، ( رئيس الجامعة الاميركية )
- القاضي عباس الحلبي.
- الشيخ الدكتور سامي أبو المنى، ( يلقي كلمة مشيخة العقل الدرزية في لبنان )
- الدكتور أنجن أكارلي، ( استاذ تركي من جامعة إستانبول، ومؤرخ عثماني عن لبنان )
- الدكتور مكرم رباح، ( أستاذ بالجامعة الاميركية ) محاضرته عن أرض الجامعة الاميركية في بيروت، والواهب من آل تلحوق.
سيكون لي في القريب العاجل مُدونَّة تنشرها غوغل بعنوان ( دروز بيروت، والجامعة الاميركية )
وهناك أيضاً عدداً لا يُستهان به من المشاركين يربو على ٣٠ محاضراً منهم :
- أساتذة جامعات من أوروبا واميركا.
- طلاب دراسات عليا لنيل شهادة الدكتوراه من جامعات اميركية مشهود لها بالعراقة.
أما الموضوعات لهذه المحاضرات او الدراسات، حسب ما ذكره الدكتور رباح ستكون عن :
الفن، الموسيقى، المسرح، أفلام، ومعرض فني ثقافي، فضلاً عن السياسة وإرتباط ذلك بالدروز إلخ ...
في إبداء الرأي :
إن الجامعة الاميركية في بيروت :
- من حقوقها وواجباتها الأكاديمية أن تعقد مؤتمرات في شتى المجالات، ولكن من العنوان المذكور والمُروَّج للمؤتمر ( الدروز، الف عام من التعدديَّة )، يعطي أفراد طائفة الموحِّدين الدروز في بلاد الشام، وفِي المهجر الحق في إبداء الرأي الموضوعي، الأكاديمي المُوثَّق، من أجل إضفاء المعرفة وتعميمها.
ولأنني نشرت كتاباً عن تاريخ الموحِّدين الدروز، بعنوان ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ )، وقد لاقى إستحساناً من المرجعيات الدينية، وأُعتبر من المرجعيات السياسية في لبنان، أن هذا الكتاب يُجسِّد وثيقة تاريخية هامة.
بناء عليه :
مِن هذا الحق، أُبدي الآتي وعلى عجالَّة.
الملاحظة الاولى :
شخصياً إطلعت على أسماء المشاركين والمحاضرين في هذا المؤتمر من خلال مُحرَّك البحث غوغل، حيث تبين لي أن الأساتذة المحاضرين وهم من جنسيات متعددَّة، ومن جامعات عالمية مشهود لها، ( خلاف طلاب شهادات الدكتوراه المحاضرين أيضاً بالمؤتمر ) ليس لأحد منهم كتاباً أو مؤلفاً منشوراً او مطبوعاً عن تاريخ الموحِّدين الدروز، فضلاً عن ذلك لَمَّا قُمت بتوثيق كتابي ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ ) لم يقع نظري على أي كتاب، او رسالة او دراسة صادرة عن أحد هؤلاء المشاركين الكرام.
بنظري هذا ليس عيباً أو إقلالاً من قيمة المؤتمر الجامعي الأكاديمي، لأنه على الأقل ستصدر بعد إنفضاض المؤتمر مقرارات فيها الدراسات الموثقَّة عن ( الدروز، الف عام من التعدديَّة )، وعندها نعود الى التقييم الدقيق لما ورد بالمقررات.
بصراحة، وبكل صدق ومحبة ..
لفت نظري، في المشاركين بالمؤتمر ( الدروز، الف عام من التعدديَّة )، هو الوفرة الوفيرة من المحاضرين والأساتذة الذين يحملون الجنسية التركية، حتى أن ( المؤرخ العثماني عن لبنان أنجن أكارلي ) سيكون المحاضر غير اللبناني في حفل الافتتاح.
وقد وقع نظري وانا أستعلم عن البروفيسور التركي أنجن أكارلي في محرك البحث غوغل، ما نقله عن القنصل العثماني في برشلونة يوسف بيك أواخر القرن التاسع عشر حيث يصف المهاجرين اللبنانيين إلى أميركا،( أبناء السلطنة العثمانية أنذاك )، يتسولون في شوارع برشلونة، ومرسيليا، وهافر ومدن أخرى فرنسية، وأسبانية في صيف 1889، حتى أن بعضهم لزيادة ما يحصلون عليه من شفقة وعطاءات كانوا مسيحيين يدعون، أنهم مسلمون غيروا دينهم إلى الكاثوليكية.
ص111- منشورات مركز الدراسات اللبنانية في أوكسفورد- 1992.
وقد إنتقد بعض البحاثَّة الطريقة، والأسلوب، والكتابة التي ينتهجها الدكتور والمؤرخ العثماني أنجن أكارلي، عندما يتكلم عن رعايا السلطنة العثمانية ومنهم اللبنانيين.
ولا يسعني هنا إلا أن أُشير إلى الدور الريادي الذي قام به أساتذة الجامعات المصرية ( القاهرة، والإسكندرية ) في تصويب المغلوطات والإفتراءات بالنسبة لطائفة الموحِّدين الدروز.
وما دمنا نتكلم عن المؤرخ العثماني عن لبنان والمذكور أعلاه، لفتني قول الدكتور رباح ان السلطنَّة العثمانية، أثناء بسطها سيطرتها لقرون أربعة على العالم العربي، أنها أقرَّت وطبقَّت وآمنت ( بالتعدديَّة الدينية ).
فليعذرني الدكتور رباح ...
لأقول ان السلطنة العثمانية أبعد ما تكون عن قبولها بمبدأ التعدديَّة الدينية، وقد يكون مُحقاً الدكتور رباح بالقول ان الخلافتين الإسلاميتين ( الأموية والعباسية ) قد إعتمدتا وطبقتا التعدديَّة الفكرية والدينية على كافة الرعايا، ولكنه لم يُشر الى ان قمة التسامح الديني والتعدديَّة كانت إبَّان الخلافة الفاطمية، وقد وثقت ذلك في مُدونَّتي ( الحاكم بأمر الله، وحقوق الانسان ).
وتوثيقاً، وتأكيداً لعدم إعتراف السلطنة العثمانية بالتعدديَّة، أُحيل القارئ الكريم الى :
مجلة الأحكام العدلية وضعتها لجنة من العلماء في الدولة العثمانية. وهي عبارة عن قانون مدني مستمد من الفقه على المذهب الحنفي، وتشتمل على مجموعة من أحكام المعاملات والدعاوى والبينات، وضعتها لجنة علمية مؤلفة من ديوان العدلية بالأستانة ورئاسة ناظر الديوان سنة 1286هـ، وصاغت الأحكام التي اشتملت عليها في مواد ذات أرقام متسلسلة على نمط القوانين الحديثة، ليسهل الرجوع إليها، والإحالة عليها، وجاء مجموعها في 1851 مادة، ورتبت مباحثها على الكتب والأبواب الفقهية المعروفة.
وقد فُرضت مجلة الأحكام العدلية، على رعايا السلطنة العثمانية دون إستثناء.
الملاحظة الثانية :
يقول الدكتور رباح في تصريحين إطلعت عليهما من مُحرك البحث غوغل، أنه يستحضر روح معلمه الدكتور كمال الصليبي في كتابه ( بيت بمنازل كثيرة )، ليؤكد أن مبدأ التعدديَّة في لبنان آمن به الدكتور كمال الصليبي.
بنظري المقاربة والمشابهة في مسألة التعدديَّة بلبنان بعيدة كل البعد عن ما كتبه الدكتور كمال الصليبي، لانه قال في حديث له :
( كيف يتصالح اللبنانيون مع تاريخهم ) :
أنقله حرفياً للقارئ الكريم :
( يختلف اللبنانيون على كل شيء. فهم منقسمون حول هويتهم وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم. وهم اذا اتفقوا فهم يتفقون على الاختلاف فقط ويحيلون البحث عن الحل على لجنة ما. أما ما عدا ذلك فهو خلاف مستحكم أبدي سرمدي. ويتفق جميع المهتمين بأن أحد أهم مظاهر الانشقاق الداخلي اللبناني على مختلف وجوهه يتمحور حول تاريخ لبنان )
ويضيف الدكتور الصليبي :
إلاّ عندما يتصالح مع تاريخه ويتم الإجماع بين اللبنانيين على واقع هذا التاريخ.» (طائر على سنديان، 290).
فمن الواضح أن اللبنانيين لم يتصالحوا بعد مع تاريخهم وربما لن يتمكنوا من الإجماع عليه.
وأخيرا يؤكد الدكتور كمال الصليبي في كتابه بيت بمنازل كثيرة :
» لبيت الحكمة منازل كثيرة وهناك طرق لا متناهية لأعادة النظر في تاريخ لبنان بما هو صالح للبنانيين وخير للعالم العربي ».
شخصياً لا يسعني إلا ان أشير بالشكر والامتنان الى الدكتور كمال الصليبي في كتابه ( الدروز في التاريخ ) وهو أحد المؤرخين اللبنانيين الكبار، وله اكتشافات في حوادث التاريخ يعّد فيها رائداً، وقد غيّر الكثير من المسلمات التاريخية، فأوجد حوله هالة من الاحترام والتقدير، مع أنها أثارت عليه نقد بعضهم له في الخارج.
كان الدكتور الصليبي أستاذاً لمادة التاريخ في الجامعة الاميركية في بيروت.
الملاحظة الثالثة :
كان من المستحسن التأكيد، وإلقاء الضوء على دور المرأة الدرزية بالاضافة الى السيدتين نجلا أبو عز الدين، و سلوى روضة شقير ...
مثلاً :
الإشارة الى الدور السياسي الريادي الذي رسمَّت خطوطه العريضة السِّت نظيرة جنبلاط. ( يراجع مُدونَّتي عنها )
والنهج الديني والإيماني الذي خطَّته الاميرة السِّت زهر أبي اللمع. ( يراجع مُدونَّتي عنها )
والفن الأصيل الذي أبدعت فيه المطربة أسمهان الاطرش، والدتها لبنانية من آل المنذر. ( يراجع مُدونَّتي عنها )
الملاحظة الرابعة :
حسناً فعل المنظمون لهذا المؤتمر أن أتوا بأستاذ أجنبي ليحاضر عن سلطان باشا الاطرش، لأني ذكرت في مُدونَّتي عن سلطان باشا الاطرش والمنشورة في كتابي ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ ) مدى المعاناة التي واجهتها، وقاسيتها من إغفال ذكر إنجازات هذا العملاق من المؤرخين العرب.
الخلاصة :
وبالرغم من الملاحظات ..
إني أُهنئ الدكتور مكرم رباح على هذا المؤتمر، وأتوقَّع ان تكون المقررات على قدر كبير من الأهمية والفائدة.
وأخيراً أردد قول الفيلسوف ( Kant )
يجب ان نكسر حدود المعرفة لنصل اليها.
وهذا تعريف يُنصف المؤتمر والمشاركين.
والله ولي التوفيق.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
الاول من تشرين الثاني ٢٠١٨
0 comments: