يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الثلاثاء، 3 يوليو 2018

المكتبة الوطنية في بعقلين.

نشر من قبل Faissal El Masri  |  in دراسة  5:12 ص

المكتبة الوطنية في بعقلين
صرح ثقافي حضاري قلَّ مثيله في لبنان

 - المقدمة :

تعريف المكتبة الوطنية.  

المكتبة الوطنية هي مكتبة تنشئها الدولة خصيصاً كمركز معلومات للوطن، حيث تقوم بجمع وحفظ التراث الفكري الوطني والإعلام عنه، ويتم الجمع من خلال قانون الإيداع القانوني، الذي يلزم المؤلف أو الناشر أو المطبعة بإيداع  (٥) نسخ أو أكثر من المطبوع أو المنشور في المكتبة الوطنية مجاناً، وضمن شروط معينة ليأخذ بعد ذلك رقماً للإيداع.

تحتوي المكتبة الوطنية المخطوطات والكُتُّب القيمة والنادرة والأعمال الهامة، فضلا عن أحدث المنشورات. 

ومن أهم المكتبات الوطنية في العالم : 
ومن باب الحِّس الوطني، والشعور بالإنتماء لوطني لبنان ولجذوري وأصولي العائلية الغارسة في قلب الوطن، أرجو أن تصبح المكتبة الوطنية اللبنانية في موقعها الجديد ( كلية الحقوق في منطقة الصنائع حيث تخرجت )، من أهم المكتبات العالمية لتضاهي مكتبة الكونغرس، ومكتبة لينين، وغيرهما. 

 - المكتبة الوطنية في بعقلين

إذا أخذنا بالتعريف العام لمهام المكتبة الوطنية والمنوه به أعلاه، نرى أن مكتبة بعقلين الوطنية وبدعم مُستمِّر ودائم مِن مؤسسها ( الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط ) والمجهود المشكور من إدارتها، على رأسهم مديرها الاستاذ غازي صعب، وكوكبة من الموظفين الإداريين الأكفاء، وبتشجيع أرجو أن يبقى مكتملاً معنوياً ومادياً من وزارة الثقافة اللبنانية، لا أستبعد أن تُماثل، او تقتدي، او تحاكي المكتبة الوطنية في بعقلين سائر المكتبات الوطنية في العالم العربي، لإستحواذها على الخصائص والمضمون، وبذلك تبقى للاجيال الحالية  والقادمة  صرحاً  ثقافياً حضارياً بمواصفات  المكتبات الوطنية العالمية

 - نظرة تاريخية في أهم المكتبات

كانت شعوب الارض حتى قبل الاديان السماويَّة، تفتخر بأنها أقامت المكتبات وجمعت تراثها وحضارة من سبقها من أُمَم، وخير مثال مكتبة الاسكندرية التي جمعت دُرَرّْ الإغريق والرومان وغيرهما

ولا ننسى مآثر مكتبات بابل، وبلاد ما بين النهرين التي جمعها حمورابي في ألواحه، ودوَّنها أحبار اليهود مع  تعديلات  في  قصص  أنبيائهم

أما الْعَجَّب في عجائب الدنيا من المكتبات العامة، تأتيك في العام ٣٩٥ هجرية او ١٠٠٥ ميلادية حيث يقول المؤرخ العربي إبن أبي طَي أن مكتبة  دار الحكمة التي أنشأها الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله في القاهرة، تُعتبر من عجائب الدنيا، لانها إحتوَّت كما جاء في مجلد ( حدث إسلامي ) على كُتُّب لم يكن لها مثيل حتى في مكتبة بغداد، او قرطبة الأندلسية

وقد تشبَّه رؤساء الولايات المتحدة الاميركية، وغيرهم من رجالات عظام بتخليد ذكراهم عن طريق إنشاء مكتبة ضخمة تحمل إسمهم

وبذلك يُمكن إعتبار الزعيم اللبناني وليد جنبلاط، من القلائل الذين تشبَّهوا بالكرام من شخصيات وأعلام تاريخية، لانه تمثَّل بهم، وإقتدى أثرهم، وصنع صنيعهم، وحاكاهم في إنشاء وتأسيس مكتبة بعقلين الوطنية

 - مكتبة بعقلين الوطنية في الوقت الحاضر :

لقد شرَّفني مديرها الاستاذ غازي صعب بالتجوُّل والتجوَّال في رحاب هذا المبني التراثي، حيث جذبني ترتيب وتوضيب الخزائن التي إمتلأت رفوفها المفتوحة على كلا الجانبين بالكُتَُب النفيسة والقيمَّة، لتكون في متناول الجميع، ويستطيع الراغب أن يحصل على الكتاب الذي يريده بنفسه، وإذا صعُب عليه الامر إستعان بأحد الموظفين، وأذا صعُب أيضاً على الموظف إيجاد المطلوب، عاد الى جهاز الكمبيوتر الذي يختزن اسماء المؤلفين والكُتُّب والمجلدات

وكما قال المؤرخ أحمد بن علي المقريزي، أن دار الحكمة في القاهرة لم تُفتح أبوابها لطالبي العلم إلا بعد أن فُرشَّت، وزينَّت، وزخرفَّت، وعلقَّت على جميع أبوابها وممراتها الستائر، هكذا فعل الزعيم وليد جنبلاط الذي لم يحوِّل هذا المبني التراثي القديم الذي كان يضم سجناً، الى مكتبة وطنية عامرة، إلا بعد ترميم المبنى وتأهيله، وتجهيزه من الداخل والخارج مع شرط المحافظة على الطابع العمراني القديم، حتى  يستوعِّب الكتب والمراجع، وهي بغالبيتها مهداة من الزعيم وليد جنبلاط

بناء عليه ..

ومما لا شك فيه، يعود الفضل في تأسيس هذه المكتبة الزاهرة علمياً وثقافياً وأدبياً وحضارياً الى الزعيم اللبناني وليد جنبلاط الذي أصرَّ على الرغم من كل الاعتراضات أن يحوِّل المبنى الأثري الذي يعود بناؤه للعام ١٨٩٧م. أيام المتصرفية والذي كان يضُم محكمة مدنية، وسجناً ويعرف بسراي بعقلين، أن يحوّله  الى مكتبة وطنية عامة

ولَم يكتفِ الزعيم جنبلاط بهذا الإنجاز الحضاري، بل أعاد الى الذاكرة الوطنية سيرة الامير فخر الدين المعني الثاني الكبير، بإقامة تمثاله في باحة المكتبة الوطنية، لما فيه من دلالات ترمز الى الشموخ والعِزَّة والكرامة، وبالوقت عينه تصويباً  للبوصلة التاريخية التي إنحرفت عمداً بإتجاه تذكيرنا بالأمير بشير الشهابي في قصره المُقام في بيت الدين

 - تم إفتتاح المكتبة الوطنية في بعقلين في ١٣ اذار من العام ١٩٨٧م. التي تضم أقسام الادارة، الفهرسة والتصنيف، الخدمات القرائية والمرجعية، التوثيق والأرشيف، التزويد والإقتناء، الكمبيوتر، مكتبة الأطفال، اللغة الإنكليزية، قاعة النشاطات والندوات، مسرح وصالات إحتفالات مركزية قيد التنفيذ

 - تضم مكتبة بعقلين الوطنية نحو ١٤٠ الف كتاب، و ٢٨٠ الف مطبوعة دورية

 - تتضمن مكتبة بعقلين الوطنية، قاعة محاضرات تتسِّع نحو ٢٥٠ شخصاً.

 - سيتم إفتتاح مسرح المكتبة الوطنية الذي يتسِّع نحو ٤٥٠ شخصاً وفق أحدث نُظم المسارح العالمية، ويضم أيضاً عدة قاعات، سيتم إستخدامها للمعارض وصالة للسينما

 - من الامور الملفتة للنظر في مكتبة بعقلين الوطنية، أنها خلاف المكتبات الوطنية العالمية، لأن الادارة سمحَّت وأتاحَّت للمواطنين على مستوى كافة الاراضي اللبنانية  فرصة الإعارة الخارجية المجانية، وقد بلغ معدَّل إعارة الْكُتُب عشرة آلاف كتاباً سنوياً وهذا رقم قياسي

 - للمكتبة الوطنية في بعقلين أهمية خاصة، لانها في قلب لبنان أي الجبل، الذي ما إنفَّك منذ التاريخ الصحيح غير الكاذب على ضخ الْعِزَّة  والكبرياء والعنفوان العربي الأصيل في جسم الوطن، بالاضافة الى روافد أنهر تنبع من جمهرة أدباء، وشعراء، وَكُتَّاب وخيرة المؤرخين وأمراء البيان

 - ولا عجباً ان تصبح مكتبة بعقلين الوطنية، مكتبة لكل لبنان لما تقدمه من خدمات علمية، ثقافية، وأنشطة تربوية، وندوات يشارك فيها الأدباء والشعراء والمؤلفين، والمُبدعين من كل لبنان وبمختلف أطيافه.  

أخيراً وليس أخراً ..
يُقال، من يفتح مدرسةً، يقفل سجناً ..
وما أدراك من يفتح مكتبةً، يقفل كل السجون التي تقفل بإحكام على العقول المتحجرَّة، وغيرها من ضروب التزمُّت الديني الذي يضرب الأصقاع والاوطان العربية.  


فيصل المصري
صليما / المتن 
لبنان
٤ تموز ٢٠١٨





0 comments:

Blogger Template By: Bloggertheme9