المُوحِّدون الدروز، وإبن خلدون ..
أصدَّق المُؤرخين العرب ..
تمهيد :
سألني صديق قديم منذ أيام الدراسة الثانوية ( ... ) والمتابع دوما ً على قراءة مُدونَّاتي عن الموحِّدين الدروز، بعد أن علم أن كتابي بات قيد الطبع، قائلا إنك إستندت إلى إبن خلدون، والمقريزي وإبن الأثير من القدامى، والقليل جدا ً من المُحدِّثين في تصحيح الاكاذيب والافتراءات التي طالت تاريخ هذه الطائفة الكريمة، علما ً أني من باب المعرفة والحشريَّة وأنا في شرخ الصبا لَمَّا تصادقنا، لم يتسن لي الأطلاع إلا عل عكس هذه المعلومات والحقائق عن مذهبكم، وقد ذُهلْت عندما قرأت مُدونَّاتك ..
قُلت له ..
كنت في جهل ٍ مطبق عن معتقدي الديني ؟
أجاب بصراحته المُحببَّة ..
إه ...
ك شيخ فيصل !!
( هكذا كان يُناديني وهو لقَّب يُعطى الى كل من ينتمي لهذه الطائفة الكريمة )
أجبته فورا ً ..
لولا المستشرقين الأجانب كانت الحقيقة عند العرب ما زالت مطموسة، مخفية، حتى تاريخه لغاية في نفس يعقوب ..
والتاريخ العربي التليد، والمجيد يشهد على ذلك بعد أن حُرقت، ونُهبت وسُرقَّت المكتبات العامرة بالكُتُّب والمجلدات في كل من بغداد والقاهرة والأندلس ..
وما بقي من مُجلدات أُخفيَّت قرونا ً حتى ظهرت بالمكتبات الوطنية العالمية مثل مجلد إبن الأثير الذي وجد في ألمانيا، والذي تكلَّم عن حُثالة البشر صلاح الدين الأيوبي، دون كذب ورياء لانه كان يرافقه في حملاته العسكرية ويعرف سقاطته، ونذالته ..
بعد هذا الحديث مع صديق قديم، الذي ما إنفَّك يُناديني ( شيخ فيصل ) وما أنا بشيخ مُلْتَح ٍ او مُجلبَّب بِالزَّيْ ..
قُلت في نفسي ..
لا بُد، أن أستحضر روح إبن خلدون، حتى يؤرخ ويكتب للاجيال الحالية واللاحقة عن أحداث ومجريات حروب الربيع العربي، التي طالَّت معظم الدول العربية ..
وبما أني كالجاحظ أدين ولاء ً للإستطراد اللغوي ..
أستطرِّد ..
وأقول ..
لي قول ٌ سبق وأدخلته في روايتي ( كراون دايسي وكريستل ) والذي أؤمن به كالعقيدة والإيمان الراسخين في العقل ..
إن كل خبر يصدر عن أي بلد عربي هذه الأيام، لا بد مِن تشكيل لجنة دولية محايدة للتحقُّق من صحته ..
لهذا السبب، رغبت في إستحضار إبن خلدون، ذلك المُؤرخ العربي الصادق بدلا ً من لجنة دولية تدين ولاء ً للإستبلشمانت الدولية الحالية الكاذبة والكذوبة، ليمثل في ( حضرتي ) لأسأله وأطلب اليه تأريخ، وتدوين مُجريات، هذا الفصل الربيعي العربي الذي طال ويطول أمدَه ..
بصراحة ..
لا يمانع إبن خلدون في القدوم، طالما أنه يحِّب التجوُّل والتجوال، ولأنه جاب بلاد العرب كلها، من الأندلس الى حواضر بلاد الشام، وشمال أفريقيا، وهو العليم، البصير والقدير في أحوال وتاريخ هذه الشعوب ..
وإذا قيَّض له الحلول وبقدرة قادر، فإن عليه ان يقابل ذوي الشأن في الإعلام العربي الحاضر، ألمتجّٓذرين والمنحدًّرين من أُصول الكذب، وينابيع، النفاق، والدجل، والرياء ..
كذلك، لا يُمانع في دخول القصور، والفلل مسكّن ذوي ألحَّل والربط، بعد عناء إجتياز الحواجز الإسمنتية وأبراج المراقبة العالية ..
ولكنه قد يتعجَّب لمواكب المراقبة والمواكبة الأمنية السيارَّة في أرتال ٍ مُجوقلة تسرح، وترعى، وتمرح سعيدة مُتباهية، مُتعالية في الشوارع والازِقَّة تصدَّح بأبواق ٍ عالية، ونهيق بشر ٍ مُقزز ..
يعتمرون قُبعات سوداء ..
ونظارات ٍ سوداء ..
وقفازات ٍ سوداء ..
وأحذية ٍ سوداء ..
وسحنة ٍ سوداء ..
وأشكال على شكل قردَّة تخرج من شبابيك الحناطير العثمانية، بوجوه وحركات بهلوانية أقل ما يقال عنها أنها مُقرفة، مُقززة ..
تعجبت من إبن خلدون ..
ما إن قدِم ومُثُل أمامي وفِي حضرتي ..
حتى هرع، وهرب جزعا ً، وولَّى خائفا ً ومهروِلا ً إلى أقبية المكتبات العريقة، بحثا ً عن كتاب السندباد البحري، علَّه يجد خارطة تدّٓله الى جُزُر الواق واق، حتى يدلف مُنسحبا ً ومختبئا ً من هذه المهمة العويصة، ليتجنب تأريخ هذا الربيع العربي، ومحاذرا ً الالتقاء والاجتماع بالفحول التي تُدوِّن وتؤرخ، وتحكم هذه الحقبَّة .
وأسفاه ..
إختفى إبن خلدون وهرب ..
لأنه لا يريد أن يكون كاذبا ً شأن من يدوِّن تاريخ الربيع العربي، كما سبق تدوين تاريخ العرب من قبل ..
وما دمنا أتينا على ذكر إبن خلدون ..
دعوني أقول لكم سيرته ..
هو ..
- إبن خلدون، أصدق المؤرخين عند العرب الغاربة، والماضية، والحاضرة والمستقبلية ..
عاش إبن خلدون في مدينة إشبيلية بالأندلس، وُلد في العام ٧٣٢ هجرية.
- وضع إبن خلدون، كتابا ً في التاريخ، وأُصول التأريخ.
وقد سُمي هذا الكتاب، ( بالمقدمَّة )، أفرغ فيه علمه الغزير والواسع.
- إعتمد إبن خلدون في مادة التاريخ على :
-/ الطبَّري.
-/ المسعودَّي.
-/ إبن الأثير.
كان، ابن خلدون يأخذ على المؤرخين، التزَّلف لذوي السلطان، وأخذ الأخبار على عِلاّتها دون التقصي، والتشيّع للمذاهب، يضاف الى الجهل، بطبائع العمران.
كان إبن خلدون، اذا أراد ان يكتب تاريخا ً عن شعب من الشعوب، كان يدرس طبائع البلد، وأخلاق البشر، ومنحى حياتهم، وعاداتهم، حتى يصل الى موجبات إنحلال، وسقوط، او نجاح، وتقّدم، هذا الشعب.
يضاف الى ذلك، إهتم إبن خلدون بنشأة العلم والتعليم، لانها ظاهرة في العمران البشري، ويندّرج تحت هذا، العلوم الإلهية، لمعرفة الحقائق في ما وراء العالم المحسوس، الذي بنظره، يُفهم النمط، الذي تسير عليه الشعوب.
كان إبن خلدون صادقا ً، وهذه ميزة نادرة عند المؤرخين العرب، لان مادة التأريخ كانت تُعطى من البلاط، والحاشية للكتبَّة المتزلفين، والمتشيعين لمذهب من المذاهب الاسلامية، لذلك كان الاعتماد الغربي على مادة التاريخ العربي، ينصَّب على ما أتى به إبن خلدون.
وهناك مثل صارخ يتعلق بتدوين تاريخ الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، حيث كان إبن خلدون، وهو مسلم سُنِّي يعترض على القول بأن الحاكم بأمر الله ألغى الصلاة، وغيرها من فرائض الدين الاسلامي إذ قال في كتابه المشهور، المقدمة :
إنه زعم ٌ لايقبله ذو عقل، ولو صدر من الحاكم بأمر الله شيئا ً منه لقتل لوقته ..
في الحقيقة، إن شيخ المؤرخين، إبن خلدون زار القاهرة مرورا ً بأراضي الخلافة الفاطمية في شمال افريقيا.
يقول في دُرَّة تاج التاريخ (المقدمة )، ما قاله صدقا ً في الحاكم بأمر الله، لا كذبا ً وتلفيقا ً كباقي المؤرخين الآفاقين، والكذابين، المنافقين، والمرتشين.
وبما ان الناس على دين ملوكها ..
فإنني في مادة التاريخ، أدين ولاء ً لإبن خلدون، وأُبحر في كتبه حتى أصل الى شاطئ الصدق، والامانة.
لهذا السبب، إعتمدت كثيرا ً على إبن خلدون في كتابي المُدونَّات الفيصليَّة، الذي هو قيد الطبع ..
والله، ولي التوفيق.
فيصل المصري
١٢ أيار ٢٠١٨
0 comments: