مُدوِّنة فيصل المصري
في عمليَّات التجميل.
كان يُحِبها حُبا ً جمّا ً ...
وكان له منها، بنتا ً وحيدة ً ...
وكانت دائما ً تحاول إقناعه، انها ترغب في إجراء عملية تجميلية لأنفها، ولشفتيها.
كان يرفض بإستمرار،
قائلا لها ..
إني أُحِب ُ فيك ِ هذا الأنف البارز،
وإني أطمئن لهاتين الشفتَّين الرقيقتين.
ولا اريد عنهما بديلا ً ...
كان ..
إذا أراد ان يتغزَّل بشفاهها :
يقول ..
إنهما، ضفتَّي نهر ٍ ينساب في سهل ٍ مزروع ٍ بالرياحين، ناصعة البياض ...
وإذا أراد ان يُثنيها عن تجميل أنفها ..
يقول ..،
إِنِّي أرى فيه الكبرياء، وعزَّة النفس ..
عبثا ً حاول إقناعها ..
تعسرَّت أمور الزوجان، المادية.
قصد بلاد الاغتراب كسبا ً للرزق الحلال، ضنا ً بالاحتفاظ على مستوى معيشة زوجته، وإبنته.
وهو في الغربة، لاحظ ان طلبات الزوجة المادية ازدادَّت،
لم يُقَصِّر في زيادة إرسال المصروف الشهري، لانه يحبهّا ولا يتأخر في تلبية طلباتها.
إلى أن قرر يوما ً بعد ان ضحكت له الأيام، ان يرجع الى بلده ..
لأن الشوق لزوجته، وإبنته بدأ يُرهق حياته، ويكوي قلبه ..
لاحظ، أنها كانت تستمهله، التأخير، في العودَّة.
وتكرَّر قولها، بان يؤجل قدومه للشهر المقبل.
إلى ان وافقت اخيرا ً، وإنتظرته مع إبنتها في المطار.
تعجَّب، لما رأى إبنته برفقة امرأة غريبة.
وإستغرب عدم وجود زوجته، في المطار، لإستقباله.
ساورّته الشكوك بان مرضا ً قد حل َّ بها.
وهو يعانق إبنته،
سألها أين، أُمك ؟
أجابته، هي معي ...
هالّه المنظر، وتقدم من زوجته وسألها ماذا فعلت بوجهك ؟
أجهشَّت بالبكاء، وقالت له أحببَّت ان أُفاجئك بإجراء عملية تجميل لانفي واُخرى، لشفتّٓي.
أجابها، ماذا فعل هذا الطبيب بوجهك ؟
ولأنه، يُحِبّها،
إتصل بصديق له، طبيب جرّاح، وأخبره ماذا فعل طبيب التجميل في وجه زوجته،
أجابه الطبيب، بأن يأتي اليه فورا ً، وبأقرب وقت ممكن، لان المشاكل الناتجة عن فشل عمليات التجميل، لها إنعكاسات سلبية على صحة زوجته.
أُدخلت زوجته، الى غرفة العمليات.
طال إنتظاره، ورأى حركة غير إعتيادية في المستشفى.
خرج صديقه الطبيب، والدمعة تنزل من خديّه.
قال له، والألم يَعْصُرَه.
تُوفيَّت زوجتك.
لاننا، لم نتمكَّن من إنقاذ حياتها.
رجع مع إبنته حزينا ً.
وإبتاع له بيتا ً على ضفة نهر، يقطع سهلا ً مُحاذّي لجبل ٍ شاهق العلّو.
وبقي طيلة ما تَبَقَّى له من حياة ..
يُنظِّف ضفتي النهر ..
ويتخيَّل إنسياب ماء النهر، في وضح النهار.
وكأنه يلَمَع َ كبارق أسنانها، الْبيضاء.
ويقول، ويردِّد ..
لضفتي النهر ..
صباح الخير ..
وللنهر ..
مساء الخير ..
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
تشرين الاول ٢٠١٧
0 comments: