Pages

الجمعة، 29 سبتمبر 2017

المرأة الدرزيَّة، وما أدراك عن المرأة الدرزيَّة ...


المرأة الدرزيَّة، وما أدراك عن المرأة الدرزيَّة ...

 - المُقَدِّمة ..

في مُدوِّنتي عن المرأة العربية، آليت على نفسي ان أُشير الى وضع المرأة  في القرآن الكريم، وما قاله النبي محمد صَلَّى الله عليه وَسَلَّم من تكريم للمرأة العربية ...
أما ما قيل عن فلان إبن فلان عن شيخ في قندهار، او في الأمصار الاسلامية البعيدة ...
او ..
ما رواه، بعض الرُّواة، عن أبي هُريرَّة  ...
في قول ٍ .. بالمرأة العربية العربية، يُنافي، ويُجافي الحقيقة، حتى يُناسب أهواء الإستبلاشمانت الفقهية الاسلامية المُتطرِفَّة ...
فإنه غير مقبول ٍ في مُدوِّناتي ...
فإن هذه الطريقة، ذاتها ...
سأتَّبعها في مُدوِّنتي هذه عن المرأة الدرزيَّة، وبأعلى الصوت،  أقول، وما أدراك عن المرأة الدرزيَّة  حسب ما جاء في كُتُّب  (الموحدِّون الدروز ) وما جاء عن لسان :
أتقيائهم الأفاضل، كالسيِّد الجليل الشيخ أمين طريف ... 
وزعمائهم في التاريخ المجيد، مثل سلطان باشا الاطرش، وكمال بك جنبلاط، والأمير مجيد إرسلان، والارسلانيين الأدباء ...
وسائر التّنوخييِّن من الأسياد ...
وإن انسى، لا انسى نساء بني معروف  في التاريخ القريب، حيث أُطلق عليهُّن، كلمة واحدة  فيها من السُمّو، والرُقِّي اللغوِّي  ما لا يفقَّه به،  إلا أساطين اللغة العربية، كالقول :
السِّتّ : السَّيِّدةُ والجمع،  سِتَّاتٌ ...
الاميرة، السِّت زهر أبي اللمع ...
و السِّت نظيرة جنبلاط ...
وباقي السِّتات الدرزيَّات، حيث شهد لَهُّن التاريخ أنصع الصفحات، وأعتَّى البطولات، جنبا ً الى جنب مع الاشاوس من الرجال في ملاحِّم البطولات ضد حُثالة بني عثمان، وحماقَّة فرنسا الإنتدابية ...
ولأُنهي مُقدمتي، أقول ...
لن أُقصِّر في الذود عن حِياض المرأة الدرزيَّة، في مُدوِّناتي إن نَبُت َ في أرضنا إستبلشمانت دينية، كالتي ألحقَّت الاذى بالمرأة العربية المسلمَّة المؤمنة، العريقة قُدما ً بالتاريخ  ... 
يكفي تذكيرا ً ما تقوله إحصائيات الغرب عن عُلُو ثقافة المرأة العربية ..
وهذا ينطبِّق أيضا ً  على المرأة الدرزيَّة ...
وإن سألوك، كيف تدري ..
قُل لهم ...
من أدرى بِشعاب مَكَّة، غير أهلها ...
ومن أدرى بالإحصائيات، غير من يفِّك رموزها ...

 - في المرأة الدرزيَّة ...

لم يَعُّد مستغربا ً، او صعبا ً على أي مراقب في تاريخ  الموحدُّين الدروز ان يُدرِّك معنى الدفاع عن الارض بشراسة،  والذَوْد عن العِرض بحماسة، لأن  الوجهين هما لعملة ذهبية نادرة الوجود ...

يقول عبدالله النجَّار في كتابه الثمين، مذهب الدروز والتوحيد عن المرأة الدرزيَّة :
العرِض في اللغة هو النفس، وجانب الكرامة والشرف، وفي إصطلاح بني معروف .. هو المرأة. صيانتها عندهم أعز ّ من صيانة النفس، يستميتون في الدفاع عنها، ويفاخرون بها وتستهِّل النخْوَات بإسم ( إخت ) ويصيح انا أخو فلانة، ثم يبيع النفس ولا يهمه أن يعود ...
في حرب اللِّجاه السورية ضد إبراهيم باشا المصري،  تصايحَّت النساء ورددَّن ( لمن تتركونا يا نشامى الدروز ؟ ) فإرتدَّ الرجال بالسيوف والحقوا الهزيمة بالجيش المصري ...
وقد أجمع كل باحث صادق، أن الدروز تستوي عندهم نساؤهم ونساء الغير، حتى الأعداء  ...
وقد سجَّل تاريخ الانتداب الفرنسي، ان سلطان باشا الاطرش القائد العام  للثورة السورية الكبرى، في حادثة قلعة السويداء المحاصرة، وصله رجاء من المُفوَّض السامي الفرنسي عن طريق مدير المعارف بالسويداء آنذاك السيد عبدالله النجار يطلب فيه إخراج النساء الفرنسيات من القلعة ...
كان جواب سلطان باشا الاطرش ( نحن لا نحارب الفرنسيين ومعهم نساؤهم، أُخرجهُّن َّ لنريهم كيف يكون شرف القتال، فهم لم يَعُّفوا عن قتل نسائنا ). 
يقول المؤرخ دانيال بلِس، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، عن الحرب الأهلية سنة ١٨٦٠ بين الدروز والنصارى  ( المسيحيون ( ان المرأة من خصوم الدروز، كانت تمر قرب معسكراتهم آمنة، لا يُرفع اليها طرْف ولا يقع في إذنها كلام ...
أما الكُتُّب الدينية للموحِّدون الدروز، فإنها حافلة، عامرة،  وزاخرة بالحذر والتشدُّد على الحفاظ على الأعراض، والتهذيب الجنسي، وطهارة الأعراض، وصراحة الأنساب، ولا يعرف التاريخ جماعة دينية أحرَّص من الدروز على الآداب ...
وفي إحدى الرسائل الدينية للدروز، وردَّت منذ الف عام، يُفهم منها ان على المرأة الدرزيَّة واجب تأدية الرسالة الروحية، بمعنى انها حاضنة للعقيدة، ولها دور كبير في التوجيه الروحي، أذ تقول الرسالة :
 ( وقد سيَّرت الى جهتكم إبنتي سارة، الكاملة العفاف، والطهارة ... ) وذلك للدلالة ان المرأة الدرزيَّة لها ذات الحقوق، والواجبات الدينية مثلها مثل الرجل ...
وفي صحة الأنساب عند الدروز، وصيانة العِرض، والأعراض يقول المؤرخ الدكتور محمد كامل حسين في كتابه طائفة الدروز ...
( المرأة الدرزيَّة أعف ُّ نساء العالم، وأشدُّهن  طهارة  ومحافظة  على شرفها )

 -  المرأة الدرزيَّة، ماسكة الدين وحاضنة العقيدة ...

لا ينحصِّر دور المرأة الدرزيَّة على الإنتخاء في المعارك فحسب، او تكديس العِيال، او تدبير الشؤون المنزلية، بل فُتح لها باب الدين على مِصراعيه دون مِنَّة او تمنين من اي جهة كانت ...
كان لها ان تحضِن اولادها وعيالها، في القلب ...
وكان لها ايضا ً ان تحضن العقيدة، في العقل ...
ومَن ْ ..  لمعشر بني معروف، خير مِثال من الاميرة السِّت زهر ابي اللَّمع سليلَّة أُمراء دروز في السياسة، وحبيبة الله في العقيدة والتقوَّى والإيمان ...
 - يقول اللورد الإنكليزي شرشل لمَّا زار لبنان في القرن التاسع عشر، عن عائلة أبي اللَّمع، إن هذه العائلة، كانت على دين التوحيد، وقد إعتنقوا الديانة المسيحية كلهم، دفعة ً واحدة، ما عدا أميرة واحدة، بقيَّت على دين أبائها، وأجدادها، اي دين التوحيد،  هي الأميرة الفاضلة، السِّت زهر أبي اللَّمع  ...
 - ويقال ...
أن  ذويها  غضبوا عليها، لأنها لم تسلك، مسلكهم في أعتناق الديانة المسيحية ...
وزاد غضبهم،  لانها حرمتهم، من ميراثها الكبير ...
 - ويقال أيضا ً ...
أن أخاها الامير صمّم على قتلها ...
فأتى الى صليما عاصمة الإمارة اللمعية، وترجَّل عن جواده شاهرا ً سيفه بيمينه،  فما أن وطأت قدماه، داخل قنطرَّة  قصر السِّت زهر، حتى سقط ميتا ً...    
هذه أميرة درزيَّة ...
سطرَّت بالايمان، ما لم يقدِّر عليه الرجال ... 
إنها الأميرة، السِّت زهر أبي اللّمع ...
خلاصة القول ...
ان المرأة الدرزيَّة تستحِّق الإجلال والتعظيم، لانها هي المؤمنة المحصنَّة، 
ويصِّح فيها قول  نابليون بونابرت، الذي قال :
 إن أمنع الحصون، المرأة الصالحة ...

وما قصة السِّت شعوانة الدرزيَّة، إلا مثلا ً أعلى للنساء للمؤمنات، المحصنَّات، العفيفات، التي فضّلت الآخرة على الدنيا، والمنزلَّة الرفيعة عند خالقها، عن المنزلة عند الخلق، حتى لحقَّت بالصالحين الأبرار، ومأواها جنة الخلود حيث يسكن الأخيار ...

 - المرأة الدرزيَّة، صانعة تاريخ سياسي مُشَرِّف ...

يستغرب المراقب صافي الذهن، وثاقب البصيرة ان المرأة الدرزيَّة في بلاد الشام الان،  متوقفَّة امام عجلّة التاريخ، تنظر اليها وهي ترجع الى الوراء، ولا  تتقدَّم  خطوات الى الامام ...
والملاحظ ان دور المرأة الدرزيَّة على الصعيد السياسي الحالي، وبعد قفزات الرجال نحو صحراء الحلول الاجتماعية، والوطنية لا بل الحياة اليومية في شَتَّى المجالات الخدماتية، متوقِّف، وأحيانا ً يتقهقَّر الى الوراء، مُخلِّفا ً تهميشا ً  لدور المرأة،  غير مقبول او مسموح ...
والشيئ  بالشيئ  يُذكر ...
ليكون عِبرة لآولي الالباب ...



في ٦ اب ١٩٢٢، إغتيل فؤاد جنبلاط، زعيم سياسي للعائلة الجُنبلاطية في ذلك الوقت ...
تحملَّت السِّت  نظيرة جنبلاط المسؤولية السياسية، بعد وفاة زوجها فؤاد جنبلاط ... 
دخلّت المُعترَّك السياسي، وأبلَّت بلاء ً حسنا ً، لا بل رسمّت خطوطا ً عريضة في التوّجهات الحنبلاطية، التي ستُطبَّق، من بعدها.  
 السِّت نظيرة جُنبلاط ..
كسرّت الأغلال ..
وركبِّت موجة التاريخ، وشقَّت الطريق، وأزالت الموانع، والتقاليد البالية، 
ونادَّت :
 ها انا ...
من يُقارعني ...
فليتهيّب، وليستعّد ...

 - السِّت نظيرة جنبلاط، باتَّت زعيمة سياسية في لبنان في النصف الأول من القرن العشرين ..
 - كانت نظرتها ثاقبة، لا تُخطئ ...
 - وكانت إرادتها صلبة، لا تلين ...
 - إستلمَّت السِّت نظيرة، مقاليد الحكم، والزعامة في فترة كانت السيادة والرئاسة، معقودتين للرجال، وبذلك  تُعتبر المرأة الدرزيَّة  الأولى التي تدخل النشاط السياسي في لبنان  ...
 - من الأمور المهمة جدا ً التي رسمّت خطوطها السِّت نظيرة جنبلاط، والتي يُتقنها جدا ً، ويبرع فيها حفيدها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، هي الحفاظ اولا ً وأخيرا ً على أبناء الطائفة الدرزيَّة في الخضَّات الإقليمية، والدولية على حد ٍ سواء ...
وخلاصة القول :
أين انتُّن يا معشر الموحدَّات الدرزيَّات اليوم، من إمتشاق عصا السياسة، وركوب موجة التغيير، التي تَلِّف الكون، على بساط من ريح، ينقل أوضاع المناطق الدرزيَّة من مستنقعات التخلُّف، واللصوصية النتنَّة،  والروائح الكريهة ... 

 - المرأة الدرزيَّة، في رِحاب المجتمع ...
لن أصول وأجول في ميدان المجتمع المدني، والثقافي، والأدبي، والتأليفي، والأكاديمي، والفني لان الرايَّة معقودة فيهم، للرائدات الدرزيَّات حيث لا يلحَّق او يشِّق، غُبارهُّن كان من كان ...
فالعذر مقبول، منكُّن ...
والعفو موصول،  إذا لم أُصفصِّف عقدا ً من اللؤلؤ بأسماءكُّن، وعِطر أعمالكُّن ...
وما أجمل أن أُنهي مُدوِّنتي ... 
بسيرتكُّن، وعنفوانكُّن، وجمالكُّن ...

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا 
٢٩ ايلول ٢٠١٧  






الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017

تدوين تاريخ العائلات الدرزيَّة ...

تدوين تاريخ العائلات الدرزيَّة ...
وعلاقته بالمِحَّن التي واجهت هذه المجموعة الدينية. 
 
 - النطاق الجغرافي لهذه الْمُدوّنة ... 
بلاد الشام، اي سوريا، لبنان، فلسطين والأردن. 
 - النطاق الزمني لهذه الْمُدوّنة ... 
منذ ولاية الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، اي منذ حوالي الف عام، وبالتالي لا تطال هذه الْمُدوّنة  الهجرات المتتالية الى بلاد الشام، من قبل القبائل العربية،  بعد إنفجار سد مآرب العظيم قبل الاسلام، وفي عصور الخلافة الاسلامية. 
  - المُقَدِّمة ...


يستغرب كل باحث في تاريخ العائلات الدرزيَّة،  عدم توَّفر مراجع، او كُتُّب  يستند اليها ليستكشِّف، او يستشِّف تاريخ هذه العائلات، من أين أَتَّت، او قدِمَّت حتى إستوطنَّت بلاد الشام، بعد غياب الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، وبدء سنوات المِحَّن التي تعرض لها أتباعه في مصر  ...
وقد إعتبر المؤرخون ان  عائلات  طائفة  الموحدُّون الدروز، إِمَّا هي عائلات إقطاعية، او هي ( عاميَّة ) وإن كنت لا أستسيغ كلمة عاميَّة. 
كذلك أبدى المؤرخون الغربيون إستغرابهم، ودهشتهم  للإفتراءات التي طالت تاريخ الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، بحيث كانت معظم، لا بل كل المراجع العربية، كاذبة وكذوبَّة،  الى أن بدأت تظهر في دول شمال افريقيا العربية، وخاصة مصر تصويبات، وتصحيحات جريئة لتاريخ الحاكم بأمر الله النقِّي، الصافي، والشريف بحيث يمكن لكل باحِّث عن الحقيقة أن يجد الْمُدوّنات ذات المراجع الموثقَّة، عن الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله على صفحات غوغل العالمية ...

هذا لا يعني أنه لا توجد في المكتبات العامة، الكُتُّب عن الدروز ..
هناك كَّم هائِل وصفحات مليئة مُعظمها،  يُقارب، ولا يَقْرُبُ .. او يُمالئ، ولا ينطق بالحقيقة، او يخاف ولا يتجرأ، وكأن التقيَّة في المعتقَّد، باتَّت طقسا ً وطريقة، ومنهجا ً  حتى في التأليف، والتدوين ... 
وعلى سابق عهدي ...
إن أردت ان أكتب عن الموحدُّون الدروز، آليت على نفسي أن لا أتطرَّق للعقيدة، لعدة أسباب أهمها أني  لست رجل دين، وإن كنت أدرى من بعضهم،  بِشعاب مَكَّة، وأجوب في رحاب دار الحكمة بالقاهرة، دون اي إرشاد لأصل الى ينابيع المعرفة، والعقل ...
 بالاضافة الى أني ما زلت أعتقد ان الكتابة في موضوع الْمُعتقد، يجب ان يكون من قبل لجنة مُعترف بها من الأطراف المعنيَّة ...
 - فيما يتعلق بتدوين تاريخ العائلات الدرزيَّة ...
فإني أجزم بانه لا توجد لأي عائلة درزية ( عاميَّة ) أي تاريخ مكتوب، او مُدوَّن، خِلاف العائلات الدرزيَّة الإقطاعية التي كان الشيخ او الامير، يُملي على كتبتِّه ما يشاء، او يرغب من أحداث، وبطولات ومشاهد، تُفرح الشيخ او الامير والحاشية ... 
وهذا يعني ان تاريخ العائلات الدرزيَّة الإقطاعية، وإن كان مكتوبا ً، فانه يقبل الأخذ والرَّد، وبالتالي لا يمكن القبول به على عواهنه  ...

لنعطي مثلا ً :
عائلة علم الدين عائلة درزيَّة إقطاعية، من المفترض ان لها تاريخ مدوَّن  أسوة  بغيرها من العائلات الإقطاعية،  ولكن بعد البحث والتدقيق  تبيَّن انه يوجد خلاف في تحديد أصول، ونسب هذه العائلة ...

في كتاب ( اخبار الأعيان في جبل لبنان ) 

إعتبر مؤلف هذا الكتاب ألقيِّم ( الشدياق ) ان عائلة علم الدين هي من ألاسر التنوخيَّة، وتعود الى الامير علم الدين سليمان بن غلاب الرمطوني ...

اما في كتاب :
The secret of the house of Ma'n
للدكتور كمال الصليبي،  فانه إعتبر ان نسب عائلة علم الدين، يعود الى الامير علم الدين سليمان بن معن الذي كان أميرا على منطقة الشوف ايام الامبراطورية العثمانية ...

يتضِّح من أعلاه ان المؤرخين إختلفوا في تحديد نسب هذه العائلة، والفرق واضح ما بين أسرة تنوخ، وأسرة معن ...
اما في المجلد التاريخي الغني، والموثوق للأمير حيدر احمد الشهابي ( نزهة الزمان في تاريخ جبل لبنان ) فانه لم يأتِ على تحديد اصل ونسب عائلة علم الدين،  ولكنه توسع في ذكرهم في ولاية الامير حيدر الشهابي في سنة ١٧٠٨ م وما يليها إذ حدًد هويتهم السياسية في انهم من الأمراء اليمنية، الذين كانوا في الغرب ...
وأخلص الى القول ...
انه في مادة التاريخ الصحيح لا يمكننا القبول بهذه النتيجة،  لتحديد أصل هذه العائلة، او غيرها لانه كما سبق وذكرت، وأُزيد تأكيدا ً حتى في تاريخ العائلات الدرزيَّة  الإقطاعيَّة، لا يمكن الوثوق في  تاريخ بعضها ...

  - الأسباب التي أدَّت الى عدم تدوين تاريخ العائلات الدرزيَّة عموما ً وبالأخص ( العاميَّة ).
كما أسلفت القول، إن عدم التدوين هو أمر مُستغرب، والأشَّد غرابة ان هؤلاء الناس الذين أتكلم عنهم، إعتمدوا العقل في مسلكهم، والأدب في معاملاتهم الحياتية، لم يكن فيهم جماعة من الكتبَّة او المفكرِّين او الشعراء، أخذوا القلم وسيلة، او اللسان شعرا ً او زجلا ً، يُحاكي تاريخهم، وعذاباتهم، وأخبارهم ... 
الجواب ...
نعم كان منهم الأدباء، والفقهاء، والشعراء، والمثقفين، ولكن بعد الاطلاع على الرسائل، في الكُتُّب الدِّينِيَّة لطائفة الموحدِّين  الدروز نَجِد  بعض الإحداثيات في المسير، والمسار لبعض القبائل او العائلات في مصر او شمال افريقيا، حتى يرحلوا الى بلاد الشام، او في أمصار لبنان، او حوله حيث السُكنى والإقامة فيها من الأمن والامان، والاخوان الذين يحفظون سريَّة معتقدِّهم، وحياتهم الشخصية  ...
كانت الأوامر، والتعليمات تُعطى خطيا ً وسرا ً للذهاب الى تلك المنطقة الآمنة على سلامة أفرادهم،  وعيالهم، وممتلكاتهم ومعتقدهِّم  ...
 كان الخوف من الملاحقات من السلطات العدائية، ضاغطا ً حتى لا يعرفوا  أماكن تواجدهم، وقد إستمّر هذا الخوف لأجيال  وفترات لاحقة من القرون القريبة الماضية كما سيظهر في سياق هذه الْمُدوّنة  ...
من المتعارف به، والمؤكَّد ان الموحدُّون الدروز تعرضوا الى موجات  وفترات من المِحَّن بقيَّت سنوات من الزمن، بعد إختفاء الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ...

 -  زمن المحنَّة الاول، بعد الحاكم بأمر الله ...
كان الخليفة الفاطمي الظاهر، الذي إستلم بعد الحاكم بأمر الله، من أشّد أعداء الموحدِّين الدروز، بالرغم من أنه  قد تعهد كاذبا ً للحاكم  بأمر الله بعدم التعرُّض  لأتباعِه ...
وكالعادة، التي ما زال يتبعها فقهاء الدين الاسلامي بإصدار الفتاوى، لتبرير أفعالهم،  كالاعتماد على الدين كخشبة خلاص لمآربهم، وإفتراءاتهم، أوجدوا للخليفة فتوى، للفتك بأتباع الحاكم بأمر الله ...
في هذه المِحنة الاولى، تم َّ هدر  دماء  أتباع الحاكم بأمر الله، من انطاكيا شمالا ً، إلى الإسكندرية جنوبا ً، الامر الذي جعل بهاء الدين يقوم بحجب الدعوة أكثر أيام المِحنَّة ...
أهم محنتان تعرض لهم الموحدُّون الدروز  في هذه الفترة هما :
 - محنة حلب. 
 - ومحنة إنطاكية. 
حيث قُتِل  الألوف منهم بعد العذاب والتنكيل،  فكان رجال  الخليفة الفاطمي الظاهر يذبحون الموحدُّون الدروز ويرفعوا رؤوسهم على الرماح، أو يحرقونهم في النار، أو يعملوا فيهم السيف، ويبقرون البطون ويقطعون القلوب والأكباد. وكانوا يصلبون الرجال على الصلبان، ويسلبونهم أموالهم، ويسبون النساء والأولاد، ويذبحون الأطفال الرضَّع في أحضان أُمهاتهم.

 - دامت المحنة سبع سنوات قاسية كانت بمثابة إمتحان للموحِّدون الدروز ...
وقد عادت المِحنَّة مُجدّدا ً سنة 1035 م (426 هجري) أذ قام  الخليفة الظاهر،  بالفتك بالموحدِّين الدروز، وذلك للقضاء على نشاطهم في بث التوحيد ... 
في سنة  1036م. (427 هجري) مات الخليفة الظاهر وتُسلَّم  الخلافة أبنه المستنصر بالله ...
سأكتفي بهذا القدّر من هذه الأفعال، التي صبغت جبين الخلافة الفاطمية بالذِّل، والظلم، والخنوع بعد ان كان مرفوعا ً في كُتُّب التاريخ في عهد الحاكم بأمر الله الذي تميَّز بحرية الْمُعتقد، والدين  ...
وبالرغم من ذلك، أثبت التاريخ أن الخليفة  الظاهر لم يستطع القضاء على الموحدِّين الدروز، كذلك لم يأت ِ بعد ذلك خليفة فاطمي  آخر يجد في نفسه الجرأة،  ليدعم الموحدُّون الدروز ويساعدهم على نشر مذهبهم، بل كل ما استطاع أن يفعله الخلفاء في هذا الموضوع هو، بقاء الوضع كما كان عليه، وملاحقة هنا او هناك ضد الموحدُّون  الدروز، لكي يأخذوا رضى إستبلشمانت الفقه الاسلامي السني  المتطرِّف ...
في هذا الجو من العذاب، والالم، والملاحقات، إضطرت العائلات المهاجرة والهاربين من الظلم، الى المكوث والإقامة  في قمم الجبال العالية، حاملين ما إستطاعوا حمله من مأكل، ومشرب وقد طُلب اليهم أن لا يجهروا بعقيدتهم، او تدوين تاريخ مقدمهم، ومن اي جهة أتوّا وبالتالي لم يقيموا لهم مؤسسات دينية،  ترعى شؤونهم المذهبية، كل ذلك حتى عشرات لا بل مئات السنين، من التقيَّة، والكتمان وعدم البوح او كتابة اي تدوين لأصلهم وفصلهم ...
إلى أن قامت في لبنان الإمارة التنوخية الدرزيَّة، واستطاعت أن تقيم  كيان للموحدِّين الدروز، الذين أخذوا يظهرون علنا ً أمام البيئة حولهم ...
وقد بدأت تشرق شمس الدروز، في بلاد الشام وإنتعش الامل في العيش الكريم دون الملاحقات الظالمة، والحاقدة وزاد نفوذ الدروز فيما بعد بظهور الإمارة المعنية،  وخاصة في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني (1575-1635) الذي إتفق جميع المؤرخين أنه أهم شخصية درزيَّة بعد ظهور الدعوة ...
واخيرا ...
لا بد من ذِكْر الإمارة اللمعية الدرزيَّة  التي حكمَّت جبل لبنان  حتى القرن التاسع عشر ... وأخذت من قريتي، صليما مسقط رأس أبي،  عاصمة لهذه الإمارة اللمعيَّة، اللامعة في جبين تاريخ لبنان ...
وقد أثبت التاريخ ان هذه الإمارات الدرزيَّة التي حكمَّت أبقَّت على تاريخ  الموحدُّون الدروز العربي،  على مر ِّ الأجيال السابقة، والحالية، والقادمة ...
ولا يستغربن أحدا ً ان عائلة آلِ المصري، المقيمة سابقا ً وحاليا ً في صليما، بسبب وضعها الجغرافي، والامني والمعيشي إستقبلت أعدادا ً هائلة من العائلات الدرزيَّة الْمُهجرَّة، والمهاجرة في القرون الماضية، بحيث أصبحت من أكبر العائلات الدرزيَّة عددا ً، وسيظهر ذلك قريبا ً ضمن كتاب يُعَّد حاليا ً ليُنشر قريبا ً فيه أسماء تلك العائلات الوافدة، والتي إنخرطت، وإنصهرَّت تحت إسم العائلة الْمُضيفة ...


فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٧ ايلول ٢٠١٧



الأحد، 24 سبتمبر 2017

وعاد الى ريعان الشباب، لمَّا إلتقى إمرأة الوادي المُقَدَّس ....

وعاد الى ريعان الشباب ...
لمَّا إلتقى إمرأة الوادي المُقَدَّس ...
مِن رواية ( إمرأة الوادي المُقَدَّس ) 
فيصل المصري / ٢٠١٤

قال ..
إنه،  رجل عجوز ٌ  مُثقل  بهموم  الدهر ِ ...
لا،  يقوى على السفر حتى يلتقي بها ...

ولمّا سمعت، ورأت إمرأة الوادي المُقَدَّس، من ثاقب نظرها، كلام الرجل العجوز الذي أحبته، وعشقته ...
أمرت،  الهُدهُد ..
من خلال عينها التي، ترى وتراقب ..
أن،  يسأل الرجل العجوز ..
إذا ..
قٓدِمٓت ْ إليه ..  
هل،  يستقبلها ...
ويلتقي بها ...
أجابه،  العجوز ...
كيف لي، ان أستقبلها وانا على باب القبر ... 
وملاك الموت يحوم، فوق راسي ... 
إيذانا ً، بالرحيل ...
من ..
أُلبِّي ...
ملاك الموت ...
أم ّ هي ...
قالت،  للهُدهُد ...
قل ْ  له فورا ً ...
سأقضي، على ملاك الموت حالا ً ...
إن وافق، على لِقائي ...
ولم تنتظر جوابا ً من الرجل العجوز ...
بل عاجلَّت، ملاك الموت ...
بِشُهِّب ٍ مضيئ  ....
وأضرّمت، به نارا ً مشتعلة ً ...
وهدر صوته، من الألم  ...
وخيّم صُراخه، وعويله، في ارجاء المكان ...
ثم ما لبث، ان وقع صريعا ً ...
في مكان بعيد ... 
دون حِراك ...  
وقالت، للهُدهُد ...
قُل ْ ... له.  
إني،  قادمة ...
قُل ْ  له ...
أنا إمرأة  سماوِّية ...
قُل ْ  له ...
أن ينظر في، عينيك حالا ً ...
ليرى صورته،  الجديدة ...
تقدّم الرجل العجوز، نحو الهُدهُد ...
ونظر الى عينيه، التي ظهرت على شكل مرآة ...
رأى، بأُم العين،  أن شكلّه بدأ يتغيّر ...
إلى عمر ٍ أقل ....
الى ان أصبح، كما كان في ريعان الشباب ...
فإنبهّر، وتعجَّب ...
لم يصدِّق، ماذا  حل ّٓ به ...
وكيف عاد الشباب الغض ّٓ  ... اليه ...
رقص،  من كِثرة  فرحه ...
وما، لبثّت ... أن مرَّت ... غيمة  بيضاء  كلون  الثلج  ...
وما، لبثَّت ان أينعت، ثمار الأشجار  في غير ميعادها ...
وما، لبث ان غطَّى، المكان  حشيش ٌ احمر اللون ...
وما،  لبث ان نبتَّت  الازهار والرياحين  المتعددة ُ الألوان، والأشكال ...
وما،  لبث ان عبق ٓ الجو  برائحة  البخور، والعنبر ...
وانفلقّت .. السماء ...
ونزِلّت امرأة الوادي  المُقَدَّس ...  
يرافقها، نسر ٌ وعقاب ٌ ...
وأمرا  ... الجمع، بالسجود ...
تمايلَّت،  إمرأة الوادي المُقَدَّس  وهي  تسير ... نحوه. 
وتطاير، الغنج، والدلال منها ...
وأوْمأت بيدها،  للهُدهُد ...
ان يُخلي المكان  وصحبه ...
تقدّمت إمرأة الوادي المُقَدَّس ... 
نحو  حبيبها ...
وكان، بأجمل حِلة ٍ ... 
وأذكى، رائحة ٍ ... 
وجسم ٍ ممتلئ ...
وتصافحا ... 
وأذنَّت للشمس،  بالمغيب ... 
وأشارت للقمر ... بالظهور ...
وتبادلا، القُبَّل ... على ضوء القمر ...
وإختلَّت .. به ...
وبعد،  ان قَضّت وطّرها معه ...
إصطحبته، للوادي المُقَدَّس ...
حبيبا ً ....
ورفيقا ً .... 
وزوجا ً ... 


فيصل المصري 
أُورلاندو  / فلوريدا
٢٤ ايلول ٢٠١٧ 

وعندما يتكلَّم الجِسْر اللغة العربية ..

عندما يتكلم الجِسْر اللغة العربية. 
من قصتي :
الجِسْر و حوريّة النهر ...

وبينما هو في موطِّنه الأُم ... 
وعلى سابق عهده في رؤية حوريّة النهر من خلال نافذة السبعَّة بُحور. 
فاجأه الجِسْر في أحد الأيام، يطٍّل من نافذة السبعَّة بُحور، ويُناديه ...
 
عُد ّ .. حالا ً  ...
عُد ّ .. فورا ً ...
أجابه، لماذا ؟؟
قال له، 
ألا، ترى أن القمر  ُيلامس الجِسْر  ..
ألا، تدري ان الحوريَّة بشوق ٍ إليك  ..
ألا، تعلم أن القمر ...
يكشف، أوراقه الان ..
ويُعلن، أسراره ..
ويُكرِّم، في عطاءاته ..

عُد، الان ..
إمتطِّي ..  صهوة بساط الريح ... 
لا، تتأخر ..

كانت .. 
رحلته على بساط الريح، من أجمل ما شاهدته عيناه ..
فالنسور، رافقته ..
والغيوم، أسقَّته ..
والطيور، أٓطربته ..
والشمس، أدفأته ..
والقمر، أكرمه ..
ولمّا وصل إلى ألجِسْر ..
رأى ما لم يـكُن بالحسبان ..
عاد النهر ... يتدفّق بغزارة ..
وعادت الغزلان، تسرَّح وتمرَّح ..
وعاد ..
صوت  ..
مأمأة، الخرفان ...
وثُغاء، الماعز ...
وفحيح، الأفاعي ...
وصهيل، الأحصنة ...
ونِباح، الكلاب ...
وخفوق، الطيور ...
وزقزقة، العصافير ...
ودندنة، البعوض ...
ووغي، النحل ... 
ونق، العقارب ...
وصرير، الجندُّب ..

وعادت، أغصان  الأشجار تصدر صفيقا ً ...
ورجعت، أوراق الشجر تصدر حفيفا ً ...
وعاد، القصَّب،   يصدر غِناء ً  ... 
والصباح، ينشد ألحانا ً ...

وماء النهر، يتدفق خريرا ً ..
والجِسْر، يضحك  قهقهة ً ...
والحورية، تُشِّرق إشراقا ً ..
وكأنها كالشمس، تُنير ..
وكأنها كالقمر، تُضييء ..
وأنا أُٰرددِّ ..
لله دُرَّك .. 
ما أجملُك ِ ...


فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٤ ايلول ٢٠١٧ 
من قصة ( الجِسْر وحوريَّة النهر )









الجمعة، 22 سبتمبر 2017

مِن هدايا الجِسْر ... قصة فيصل المصري.

من هدايا الجِسْر ...
   قصة فيصل المصري ..
( الجِسْر، وحوريَّة النهر )
 

 
قام مُسرِعا ً وبدأ يبحَّث عن هدية الجِسْر ...
نفخ الغُبار عنها، ومزَّق غِلافها ...
وكانت الهدية، عبارة عن نافذة ...
وبدَّت النافذة، يُحيطُها إطار من الذهب الخالص مُرصَّع بأثمَّن الأحجار الكريمة، كالزمُرُّد، والياقوت، والعقيق، والفيروز، والتوباز، واللازورد، والزبرجُد، واللؤلؤ، والأُلماس ...
كانت النافذة، مُقفلَّة بإحكام بواسطة مِفتاح قديم من الفضَّة، على شكل حُوريَّة ...
وما إن فتح شِبَّاك النافذة، حتى هبَّت رِيَاح عاتية، شديدَّة، ثم َّ خَفَّت، وأحس َّ وسمع، صوت الريح يحمِّل الحنين، والنسيم الرقيق ...
بسط ناظرِّيه من خلال النافذة ...
رأى، ما لم يرَّه مخلوق ...
شاهد، ما لم يُشاهِدْه ُ إنسان ...
أمره الجِسْر، بأن يفتح النافذة على مصراعيها ويبسط ناظريه ...
وَلمَّا فعل ما طُلب منه ...
حتى شعر بأن بساطا ً يحمله ويطير به ...
فوق بحور، وجبال، ووديان ...
قطع البحور السبعَّة، بلمحة بصَّر ...
وكأنه على بساط الريح ...
ومر َّ فوق الوديان، والبرارِّي، والبحار ...
وما إن وصل فوق، الجِسْر، في مقلب الارض الاخر ...
حتى لمح حوريَّة النهر تُمارس طقوسَّها اليوميّة ...
نظرَّت إليه، والإبتسامة تعلو ثغرها ...
أوقفَّت، طقوسها ...
ونادَّت، يا حبيب العُمر ...
كٓم تمنيَّت، ورجوَّت، ودعوَّت ...
أن أراك ٓ ثانية ...
وانت ٓ، أبعد ُ من السبعة بُحور ...
وأجابها ...
وكٓم ْ .. تمنيت أنا أن أراك ِ ...
بيني وبينك، سبعة  بُحُّور ...
أن يكون لي، نافذة ...
حتى أراك ِ ...

وأنت، تٓبْتٓسِمين ...
إيذانا ً ... 
للشمس ...  
بالشروق ...
وأنت ِ، تٓغْمُضين، جِفنّيك ِ ...
 أمرا ً ... 
للشمس، بالمغيب ... 
وكان لقاء الأحبَّة، كما أراده الجِسْر ...

فيصل المصري 
من داخل السبعَّة بحور ...

الخميس، 21 سبتمبر 2017

المرأة العربية، وما أدراك ...

المرأة العربية، وما أدراك من هي المرأة العربية. 

هذه الْمُدوّنة ليست دفاعا ً عن المرأة العربية ...
أو عن المرأة بصورة عامة مهما كان لونها، او جنسيتها ...
والسبب في ذلك يعود الى أن كُتُّب التاريخ حافلة بأخبار مُتناقضة عن مكانة المرأة، كذلك عن حقيقة العلاقة بينها وبين الرجل، وبالتالي لا يمكننا الحُكم إن كان يُنظر إليها نظرة إحترام وتقدير، أم إزدراء وتحقير ...
 - أما كلمة الفصل في مكانة المرأة، جاءت عن الله عزَّ  وجَّل  في الكُّتب السماوية، حيث أقرَّت الاديان أن أبى البشر هو آدم عليه السلام ، وأُم البشر هي حواء ...
وهذه هي الأسرة المكونَّة من أم  وأب،  يرعوا أبنائهم، هي التي نأخذ بها، وغير ذلك ما ورد في كتب التاريخ من تصوير سيئ للمرأة، هو محض إفتراء ...
 - وهناك أمثلة عديدة عن المرأة قبل التقويم الميلادي، كما جاء في القرآن الكريم عن  إمرأة فرعون، وإمرأة نوح،  وإمرأة لوط ...
وهذا يستتبع بالضرورة ان الزواج، كان قائما ً بين الرجل والمرأة، في عدة حضارات قديمة، كالحضارة الفرعونية، حيث تبوأت المرأة المرتبة الأولى بين الحضارات الأنسانية من حيث معاملتها وتقديرها، فكانت المرأة الفرعونية لها الحق في الإرث، والتوريث، وكانت تتولى أمر أُسرتها في غياب زوجها، وكانوا يعتقدون أن المرأة، أكثر كمالا ً من الرجل، وكان الزوج يكتب كل ما يملك من عقارات لزوجته، وكان الأطفال ينتسبون لأمهاتهم، لا لآبائهم كما كانت القوامة للمرأة على زوجها، لا للرجل على زوجته وعلى الزوج أن يتعهّد في عقد الزواج أن يكون مُطيعا ً لزوجته في جميع الأمور ..

وكان من حق المرأة أيضا في عهد الفراعنة أن تتولى الحكم وذلك إن لم يكن هناك حكاما ً ذكور ...
وقد أظهرت التنقيبات المصرية عن وصية الفرعون بتاح حتب لما طعُن وشاخ في السن  لبني قومه، وهي دليل على إهتمام المجتمع المصري بالمرأة وجاء فيها ...
(إذا كنت عاقلا ً فجد تموين بيتك، وأحبِّب  إمرأتك ولا تشاحنها، وغذِّها وزيِّنها، وعطِّرها، ومتِّعها ما حييِّت فهى ملك يجب أن تكون جديرة، بالمالك ولا تكن معها، فظا ً غليظاً ...
 - وايضا ً يقول الأستاذ عباس محمود العقاد : 
"وكان للمرأة في الحضارة المصريَّة القديمة حظ ٌّ من الكرامة يُجيز لها الجُلوس على العرْش، ويبوِّئُها مكمن الرعاية في الأسرة وحبائلها "... 

 - المرأة العربية، في العصر الذي سبق الاسلام ...
كانت المرأة العربيَّة ذات مكانة رفيعة في البيئة العربيَّة، وقد تقرَّب الشُّعراء إليها، وخطبوا ودَّها، وتنامى بأس،  وشجاعة الرِّجال في المعارك  كرمى ومرضاة ً لها،
وكان يُنظر الى شهادة المرأة في رجال القبيلة عند الحروب والغزوات، فإذا  أعطَّت الشهادة على بلائِهِم، كان ذلك عِزا ً ومفخرة تتناقلها الالسن ..
وإعترف العرب للمرأة ان لها قدْرَها، ولا يُثمَّن، حتَّى لقد وزَنَها جثامة بن عقيل بن علَّفة بالرجال :
أَيَعْذِرُ لاحِينَا  وَيُلْحَيْنَ  فِي الصَّبَا 
وَمَا  هُن َّ وَالفِتْيَان ُ  إِلا َّ  شَقَائِقُ 
وفي أمثالهم :
 "إنَّ النساء شقائق الأقوام "...
والشقائق : جمع شقيقة، وهي  كل ما  يُشَق ُّ  إثنين، وأراد  بالأقْوام الرِّجال ...
ومعنى المثل : 
أن َّ النساء  مثل  الرجال  وشُقِقْن  منهم، فلهن َّ مثل ما عليهنَّ  من الحقوق ...

 - المرأة العربية في الاسلام :

 كان في إلاسلام نساء، فقيهات وشاعرات ...
وقد شارك مع النبي صلى الله عليه وَسَلَّم، في عدد من غزواته بعض الصحابيات، بما في ذلك نساؤه،  وكان النبي يصطحب نسائه معه إذا خرج إلى الجهاد في سبيل الله،  فقد كان إذا أراد الغزو أجرى قرعة بين نسائه فمن يخرج سهمها يأخذها النبي معه ...
 - كانت مع النبي عائشة، في غزوة بني المصطلق سنة، ستة للهجرة .. 
 - وكانت معه، أم سلمة عند صلح الحديبية ...
 - كما حضرت معه، في غزوة أحد أم عمارة نسيبة بنت كعب ...
 - وهكذا الحال في، أم سليم بنت ملحان فقد كانت حاضرة يوم حنين مع زوجها أبي طلحة، وكانت حاملاً بابنها عبد الله بن أبي طلحة ...

 - لماذا كل هذه المقدمة عن المرأة  ؟ 
 - ولماذا التركيز على العرب، والإسلام ؟
الجواب بسيط جدا ً ...
لان المرأة العربية، وبالأخص المرأة المسلمة، يتناقص دورها، ويتقلص من جيل الى جيل، بعد الرسالة المحمدية، وكأنها خُلقت للمنزل، والإنجاب، وتربية الأولاد ...
وهذا يطال المذاهب الاسلامية كلها، بِمَا في ذلك السنة، والشيعة، والموحدون الدروز ...
وقد لاحظ المراقبون في الغرب، ان القيمين على هذا الدين الحنيف، ومذاهبه من أُوْلِي الامر، كالمشايخ  ومن لف لفيفهم من الساسة الفطاحل، يعزون ان دور المرأة حددَّه الدين الاسلامي، ووضع الضوابط والاصول التي يجب العمل بها فيما يختص بدورها ...
وقد غاب عن هؤلاء الذين وضعوا أنفسهم في مرتبة الأرباب، ان الغرب والعلماء، والفقهاء، والمؤرخون عندهم، يعرفون الدين الاسلامي أكثر منهم، ويستنكرون التحريف من أجل إنقاص دور المراة العربية في المجتمع ...
 - الغرب، يعشق الإحصاءات، والدراسات ولا يترك سانحة إلا ويشير، ويكشف بعضها للملأ ...
مثلا ً :
الغرب.  يعرف ان الدين الاسلامي، ترك للمرأة العربية مجالا ً واسعا ً ولا حرَّج على الرسول في أيامه ان يُولي المرأة قدرا ً وإحتراما ً وإجلالا ً، اكثر من العصر الذي سبق الاسلام ...
وهناك أمثلة عديدة عن الرسول، كيف تعامل مع الشاعرة الخنساء، وكيف تصّرف مع إبنة أكرم العرب، حاتِّم الطائي، وما أشرت اليه في أعلاه من أمثلة واضحة صارخة في تقدير المرأة العربية ...
الغرب، يعرف ان نسبة القرّاء في النساء العربيات، تفوق النسبة عند الرجال، وما مقولَّة العرب لا يقرأون تنطبق على الرجال لا الإناث ...
وإذا أعطينا مثلا ً عن شركة واحدة غربية،  تعمل في مجال تبويب المراجع  العالمية، وتعتبر الاولى في هذا المجال، وهي شركة غوغل التي بوسعها ان تعرف من قرأ هذا المرجع، او الْمُدوّنة، او الصفحة في أي وقت، وفي أي بلد، في أنحاء العالم، وعن جنس القارئ، وعن ميل القرّاء، في المواضيع والابحاث، تُدرك أين نحن العرب، وأين هم في الغرب ...
شخصيا ً ...
وكما قلت في مُّقدمة هذه الْمُدوّنة ...
لست مُدافِعا ً عن المرأة العربية، بقدر ما انا أتحسَّر على الثقافة المدفونة في عقول نسائنا، ولم يجر ِ الاستفادة منها ...
وأُنهي مُدوِّنتي بالقول ...
ان البترول العربي طال الزمن على إكتشافه، حتى بات وما يزال  كنزا ً او منجما ً او بئرا ً لا ينضب ...
وأي متى يأتي الزمن للإستفادة من عقول نسائنا العربيات، وإستثمارها لتعمل بدل بعض العقول الفاشلة من الرجال ...
واخيرا، وليس أخرا ً ...
أوَّد أن أُضيف فقرة قصيرة تتعلق، بالشابات العربيات وخاصة في بلدي لبنان، وسوريا، لأنهُّن يُذكرونني بما قاله، سينيكا الفيلسوف الرومانى الشهير،  الذي كان يندُّب كثرة الطلاق بين بنى جلدته فيقول :
 (لم يعد الطلاق اليوم شيئا ً يندم عليه، أو يستحيا منه في بلاد الرومان، وقد بلغ من كثرته وذيوع أمره أن جعلت النساء يُعَدُّون أعمارهُّن باعداد أزواجهن) 
وقد لاحظت خلال إقامتي في لبنان ان إحصاءات الطلاق، في المذاهب الاسلامية، وعند الموحدُّون الدروز، وبالرغم من أن أبغض الحلال عند الله الطلاق، تفوق الخيال، والوصف ...
وهذا سيخلق مُعضلة عويصة للاجيال القادمة ...
لا أحب ان انتقد شاباتنا في كل من لبنان وسوريا، ولكن الإمتثال لأُمهاتهن في التضحيات، لم يَعُّد يُجدي نفعا ً معهن ...

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٢ / ايلول ٢٠١٧ 


الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

في العشق الممنوع، والحب المستحيل !!

خاطرة، 
العشق الممنوع، والحب المستحيل. 
من قال أن الصخور لا تتكلَّم ...
من قال أن الحجر لا يُعبِّر عن نفسه ...
من ينظر الى هذه الصورة  ...
يُدرك ان الوجود كله ...
وان الكائنات كلها ...
تتكلم، لفظا ً او إشارة ً ...
حتى عبارة، ما قل َّ ودل َّ ...
لا تكفي، ولا تُعبِّر ...
لله دُر َّ هذا الكون ..

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٠ ايلول ٢٠١٧

الاثنين، 18 سبتمبر 2017

إبن خلدون، أَصْدَّق المؤرخين العرب ...

إبن خلدون، أصدق المؤرخين  ...
نفتقده كل يوم. 

التاريخ، والتأريخ
من منظور إبن خلدون.  


يروق لي، أن أستحضر إبن خلدون، حتى يؤرخ ويكتب للاجيال اللاحقة عن أحداث، ومجريات حروب الربيع العربي.
 
 لا يمانع ابن خلدون في القدوم، طالما أنه يحِّب التجوَّل والتجوال، ولانه جاب بلاد العرب كلها، من الأندلس الى حواضر بلاد الشام، وشمال افريقيا، وهو العليم، البصير والقدير في احوال  وتاريخ  هذه الشعوب. 

وإذا قيّٓض له الحلول وبقدرة قادر، فإن عليه ان  يقابل ذوي الشأن في الإعلام العربي الحاضر، ألمتجّٓذرين  والمنحدًّرين من أُصول الكذب، وينابيع،  النفاق، والدجل، والرياء.

إنه من دون شك، سيهرع  جزعا ً خائفا ً ومهروِّلا  الى أقبية المكتبات العريقة، بحثا ً عن كتاب السندباد البحري، علَّه يجد خارطة  تدّٓله  الى جُزُر الواق واق، حتى يدلف هاربا ً مختبئا ً،  تجنبا ً لتأريخ هذا الربيع العربي.  ومحاذرا ً الالتقاء والاجتماع  بالفحول التي تُدوِّن  وتؤرخ  هذه الحقبَّة. 

 - إبن خلدون، الذي عاش في مدينة إشبيلية بالأندلس، وُلد في العام ٧٣٢ هجرية. 
 - وضع إبن خلدون، كتابا ً في التاريخ، وأُصول التأريخ. 
وقد سُمي هذا الكتاب، ( بالمقدمَّة )، أفرغ فيه علمه الغزير والواسع. 

 - إعتمد إبن خلدون في مادة التاريخ على :

-/ الطبَّري. 
-/ المسعودَّي. 
-/ إبن الأثير.  

كان، ابن خلدون يأخذ على المؤرخين، التزَّلف لذوي السلطان، وأخذ الأخبار على عِلاّتها دون التقصي، والتشيّع للمذاهب، يضاف الى الجهل، بطبائع العمران. 

كان إبن خلدون، اذا أراد ان يكتب تاريخا ً عن شعب من الشعوب، كان يدرس طبائع البلد، وأخلاق البشر، ومنحى حياتهم، وعاداتهم، حتى يصل الى موجبات إنحلال، وسقوط، او نجاح، وتقّدم،  هذا الشعب.
 
يضاف الى ذلك، إهتم إبن خلدون بنشأة العلم والتعليم، لانها ظاهرة في العمران البشري، ويندّرج تحت هذا، العلوم الإلهية، لمعرفة الحقائق في ما وراء العالم المحسوس، الذي بنظره، يُفهم  النمط، الذي تسير عليه الشعوب.
كان إبن خلدون صادقا ً، وهذه ميزة نادرة عند المؤرخين العرب، لان مادة التأريخ كانت تُعطى من البلاط، والحاشية للكتبَّة المتزلفين، والمتشيعين لمذهب من المذاهب الاسلامية، لذلك كان الاعتماد الغربي على مادة التاريخ العربي، ينصَّب على ما أتى به إبن خلدون. 
وهناك مثل صارخ  يتعلق بتدوين تاريخ الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، حيث كان إبن خلدون، وهو مسلم سُنِّي  يعترض على القول بأن الحاكم بأمر الله ألغى الصلاة، وغيرها من فرائض الدين الاسلامي إذ قال في كتابه المشهور، المقدمة  : 
إنه زعم ٌ لايقبله ذو عقل، ولو صدر من الحاكم بأمر الله شيئا ً منه لقتل لوقته .. 
في الحقيقة، إن شيخ المؤرخين، إبن خلدون زار القاهرة مرورا ً بأراضي الخلافة الفاطمية في شمال افريقيا. 
يقول في دُرَّة تاج التاريخ (المقدمة )، ما قاله صدقا ً في الحاكم بأمر الله، لا كذبا ً وتلفيقا ً كباقي المؤرخين الآفاقين، والكذابين، المنافقين، والمرتشين.
وبما ان الناس على دين ملوكها ..
فإنني في مادة التاريخ، أدين ولاء ً لإبن خلدون، وأُبحر في كتبه حتى أصل الى شاطئ الصدق، والامانة ..
  

شخصيا ً لست متخصصا ً في التاريخ، ولكن، في دراساتّٓي  عن اليهود، وعلاقاتهم مع الفرس، والعثمانيين، والمنشورتين في غوغل، توخيّٓت الامور الآتية :
 
-/ قرأت التوّراة  مرارا ً، وعن قصص الهروب من مصر الفرعونية، وعن السبّي من فلسطين، والمحارق في ألمانيا الهتلرية. 
 
-/ قرأت عن تاريخ الفرس، والشعب الفارسي، ما يكفي.
 
-/ قرأت عن تاريخ بني عثمان، منذ ان كانوا في سهول اسيا الوسطى، قبل غزوّهم المظَّفر الى القسطنطينية، وما زِلت اقرأ، كيف إستعمروا، وإستعبدوا الشعوب، والبلاد العربية عدّة قرون.

في هاتين الدراستين،  المتعلقتين، بالفرس، وبني عثمان، لم أضع رأيي الشخصي، ضنا ً بالامانة التي تقضي بنقل الحقيقة، ويقتضي الامر مني الاستزادة والاستفاضة قبل إبداء الرأي.

وبنظري، وبكل تواضع، إستنتجت بعض الملاحظات وهي :

 اولا ً : الفرس. 
 
بعد القراءة المتأنية لهذا الشعب، يُدرك الانسان ان، الفرس شعب جدّي، يتوق الى العلم أينما كان مصدره، لان العلم والمعرفة، يوصلانه الى القوة التي يطمح ويحلم بها دائما ً وأبدا ً.

ثلاث محطات علمية تاريخية، خاض غمارها هذا الشعب :

١ / لمّا أرخى صولجان بأسه على ارض بابل، في الازمنة الغابرة، كان غازيا ً  للأرض  والنفوذ، بقدر ما كان غازيا ً وجامعا ً، ومستفيدا ً، ومحافظا ً، ومقدِّسا ً للتراث البابلي العميق، والتاريخ يشهد له بذلك. 

وهذا السِّر في الحفاظ على الحضارات، التي زهّت قبل الحقبَّة  الفارسية، إجتهد في تطبيقه، وتكريسه قبلهم، شعوب سوّمر، وآكاد، وبابل .. الخ. وهذه حقيقة تاريخية قضت بان الغازي يقضي على السلطان، ولا يمحي العلوم، والأفكار النيّرة، بل يستفيد منها.  
 
٢ / لمّا وصل الفرس، الى ارض بابل، كانت جماعة من الشعب اليهودي، تُقيم  هناك منذ نبوخذ نصَّر ، وكانوا من صفوَّة اليهود بالعلم، والمعرفة، في مجالات الطب، والزراعة، والتاريخ، والتأريخ، 

وقد  ُذكر أن ّ اليهود، في عز ٍّ بابل،  كانت كلمتهم مسموعة، ونصائحهم مقبولة، وتدوين قصص أنبيائهم مسموحا ً.

وقد نشأت علاقة جيدة بين اليهود والفرس، ذُكرّت في التوّراة ، أدّت الى إعادتهم الى ديارهم، وأن بقي جزء لا يستهان فيه في بلاد فارس. 

وقد إختلف المؤرخون، في سبب إعادة اليهود الى أورشليم، من قِبل الفرس، منهم من قال عنها أسباب سياسية للدفاع عن أطراف المملكة، ومنهم من خاض غمار التخمين لدواعي أُخرى، وإن كنت أميل الى الرأي الاول. 

٣ / توقّهم لأدراك العلوم الإلهية، يمكن معرفتها وتأكيدها قدوم سلمان الفارسي الى الجزيرة العربية في رحلة الإيمان المعروفة، قبل الوحي، وما تلاه من نشر تعاليم الدين الاسلامي الحنيف.  

اما الغرب، في علاقته مع ايران اليوم، دائما ً، هناك خيط رفيع يعرفه الغرب، وهو، ألتبّصر وعدم الخفّة يفرضان نفسهما في أي محادثات مع ايران. 

ثانيا ً : الامبراطورية العثمانية. 

مما لا شك فيه ان بني عثمان شعب مقاتل، سبق العرب في الوصول الى القسطنطينية، ومكث هناك الى الأبد. 
هناك فرق مهم جدا ً بينه، وبين الشعب العربي الذي أرخى نير الاستعمار على رقبته، لقرون طويلة، وإن كان الشعبان،  يدينان بالإسلام دينا ً، ولكن يمتاز العثماني على العربي، في انه لا يخاف من بني جلدته، كما هو العربي،

واليكم الدليل :

-/ عندما كان خالد بن الوليد يجتاح بخيله الصحراء العربية وصولا ً، الى أسوار دمشق المُحَصَّنة، ورده كتاب عزله من الخليفة عمر بن الخطاب، ليس بسبب الخيانة، ولكن خشية أن يفتتن به العرب، لان البعض ظن َّ، ان النصر من عند خالد، وليس من عند الله عزَّ وجّل. 

-/ عندما أشار موسى إبن نصير، باحتلال القسطنطينية، من الغرب  بعد ان استتّب له الامر في الأندلس، ورأى ان يجتاح أوروبا من فرنسا باتجاه عاصمة بيزنطية القسطنطينية، رفض الخِّطة، الخليفة الأموي، القابع في دمشق، خوفا ً من ضياع الخلافة الأموية على يد غاز ٍ جديد.

والتاريخ يشهد كيف كانت اخر ايام موسى ابن نصير، وطارق ابن زياد. 
( يراجع دراستي عنهما في الْمُدوّنة  ). 

إن الحوادث، في التاريخ العربي، القديم  والحديث، تجعل أبن خلدون اليوم، يقف حائرا ً محتارا ً امام الفرص الذهبية التي ضاعت امام العرب، وما زالت.  

لا  يمكننا تجاهل ان تاريخ العرب المجيد، إنتهى :

 شرقا ً، بسقوط بغداد، على يد التتّار،   
وغربا ً، بسقوط الأندّلس. 

وأخيرا ً، إن َّ السِمّة التي تغلب الطبع العثماني، منذ الجدّ الاول، هي ركوب التيار المتدفِّق أينما وُجد، في سبيل تحقيق غاياته، واهدافه، لأنك تراه إستفاد من العاطفة الدينية الاسلامية الجارفة، لاحتلال الأمصار، ولمّا رأى ان موجة العلمانية، تُدخله جناّت أوروبا، لم يتوّرع اتاتورك، ان يركبها. 

ومنذ أوائل القرن الماضي، بعد سقوط الخلافة، لا تدري أية موجَّة ستركبها تركيا اليوم. 
والذي نراه في مسرحيات الربيع العربي الماجنة، والمجنونة تجعلنا نُدرك أننا أُمَّة ستعيش حتى تترحَّم على رجالاتها العظام. 
وهذا إبن خلدون منهم.    


فيصل المصري
أورلاندو / فلوريدا
١٩ ايلول ٢٠١٧

الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

الإعصار إيرما وشرور الانسان ...

الأعصار إيرما، وشرور الانسان اللامتناهية. 

المقدمة :

بعد ان هدأت العاصفة إيرما، المُدمرَّة التي ضربت ولاية فلوريدا ...
وبعد أن هدأت العاصفة هارفي، المُدمرَّة التي ضربت ولاية تكساس بالشهر الماضي ...
وبعد أن أمطرَّتنا الاقلام بالاراء العلمية، والسياسية، والتي تنضح بالجهل والغباء عن غضب الطبيعة على اميركا، والانتقام من افعالها البغيضة في شتى أنحاء العالم، حتى وصلت بعض الاقلام التابعة لحزب الملامة العربي، الى ان الله يمهل اميركا ولا يهملها ...
مما لا شك فيه، انه لما كانت أوروبا في القرون الوسطى ترزح تحت الجهل العلمي، وتتخبَّط في الهيجان، والتعصُّب الديني البغيض، كان العرب في الأندلس، وبعض مناطق من الشرق العربي خاصة في مصر، ينعمون بالعلم المفيد، والخير الوفير، والأمن المستتِّب ...
فإذا رجعت الى فلاسفة العرب بالأندلس، ودخلت مكتبة دار الحكمة التي أنشأها الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله في القاهرة، تُدرك مدى الجهل الذي تواجهه الأمة العربية اليوم مقارنة بالامس البعيد، وكأن الزمن والمجد  للأُمم، والشعوب يُقاس ويُحسب كتعاقب، فصول السنة، او مسيرة الليل  والنهار، حتى أصبحنا نردِّد :
آما آن لهذا الليل العربي الطويل، أن ينجلي ...
وقد لا ينجلي بعد هذه الحروب الدينية السقيمة ...

بعد هذه المقدمة، لندخل في صلب موضوعنا ...

 - في الاعاصير الطبيعية التي هي من فعل الانسان الشرير :
هذه الْمُدوّنة التي نحن بصددها الان، هي عن الاعاصير الطبيعية التي تضرب الكرة الارضيّة، وقد يعتبرها البعض ضربا ً او صنفا ً من الخيال العلمي، او فيلم هوليودي مثير للجدَّل، ولكنها مُدوِّنة تشرح، ما يدور في عقول العلماء،  وتُظهر مدى الشر الذي يختزنه العقل البشرّي، في إستغلال الكوارث الطبيعية، وفقا ً لأهواء ومصالح معلومة... 
أصبح من الثابت علميا ً ان العلماء في الولايات المتحدة الأميركية باتوا على قاب قوسين او أدنى من السيطرة على الاعاصير التي تضرب سواحلها الشرقية، والغربية، وحتى تعديل مسارها التخريبي ...
هذا لا يعني، ان العلماء هم الذين  يصنعون الاعاصير الطبيعية، لان صناعتها، وخلقها، وبعثها  تخضع الى نواميس طبيعية، مرتبطة بعضها بالبعض، كالكسوف، والخسوف، القمري، والشمسي وإرتباطهما بظاهرة المد والجزر، والى غير ذلك من أمور وعوامل طبيعية واضحة للعيان ...
بالنسبة الى العلماء في الولايات المتحدة الأميركية، فانهم فئة كبيرة وضعت الحكومات الأميركية المتعاقبة، مليارات الدولارات تحت تصرفهم، لإجراء البحوث، والدراسات وأصبحوا يشكلون اداة ضغط وإبتزاز على الرؤساء، والمنظمات الحكومية، بعد ان إنضووا الى سلطة الإستبلاشمانت الأميركية، حيث غمرتهم بالاموال والعطاءات المُذهلة وباتوا اداة طَيِّعة، وسلاح فتَّاك ضد من يخالف الإستبلاشمانت في السياسة الداخلية، والخارجية على حد سواء ...
هناك مقولَّة يُرددها عامة الناس حول العالم، وهي ان رئيس الولايات الأميركية لا يحكم، بل يدير سياسة مرسومة قبلا ً وبعدا ً ...
هذه المقولَّة،  فيها جزء من الحقيقة، لان الذي يُدير سياسة أميركا الداخلية، والعالمية هي الإستبلاشمانت، وقد حررَّت عدة مُدوِّنات عنها، يمكن للقارئ ان يعود اليها ...
واذا عدنا الى الانتخابات الأميركية الاخيرة، كُنَّا نلاحظ ان المرشح الذكي، العنيد، دونالد ترامب كانت حملته الانتخابية ضد الإستبلاشمانت الأميركية، وأهم شعاراته :
Drain   up  the  Swamp. 
اي تجفيف مستنقعات الفساد، والإفساد الاداري في واشنطن العاصمة الفيدرالية ...
كان الغباء، والغرور في اركان الإستبلاشمانت الأميركية مسيطرا ً على عقولهم، الى حد انه لم يخطر في بالهم قط ان دونالد ترامب ذلك ( بلاي بوي ) قد يصبح  يوما ً رئيسا ً للولايات المتحدة، وانه من المؤكد حسب برمجة إستطلاعاتهم الكاذبة، بان ترامب سيخرج من السباق بخفيَّ  حنين، بعد ان يُهزَّأ، ويُهشَّم من جراء الأسهم الجارحة التي تطال كرامته، وحياته الشخصية ...
إنطلقَّت حملات رخيصة، ومقززَّة ضد المرشح ترامب، ترعاها الميديا الأميركية الصفراء، وبدعم من الإستبلاشمانت،  حول علاقات ترامب النسائية ...
كان جواب الناخب الأميركي في صندوق الاقتراع، واضحا ً جليا ً انهم لا يريدون رئيسا ً عليهم  قديسا ً، بل يريدون   إنسانا ً عاديا ً مثلهم، له هفوات، ويقع في المطبَّات، وزلَّات اللسان  ...
الضربة القاضية، كانت فوز ترامب الساحق رئيسا ً لأعظم دولة عرفها التاريخ القديم، والمعاصر ...
ومنذ كانون الثاني المنصرم،  يوم إستلام ترامب سدة الرئاسة، ما إنفكَّت الميديا والاستبلاشمنت الأميركيتين عن العمل المُضني، والمُسيئ وخلق الاكاذيب، والافتراءات ضده، حتى قيل بالإحصاءات الاخيرة  ان ٩٢ بالمائة من الاخبار التي تبُثها الميديا، يتم تلفيقها، تشويها ً لسمعة الرئيس هي كاذبة، وكذوبة، ومقززَّة، ومُمِلَّة  ...
إزاء هذا الوضع ...
وحتى لا أُطيل الشرح ...
سأحصر كلامي بالعلماء الأميركيين، المرتبطين بالإستبلاشمنت  والذين ينادون بالاحتباس الحراري، والتغيير المناخي الذي يضرب الكرة الارضيّة، وغيرها من دراسات، وأموال تُصرف دون حساب او رقيب حول الكرة الارضيّة، وما ادراك بالمنافع التي تصرفها الحكومة الفيدارالية، وتنفقها على الدراسات التي يجريها هؤلاء، المحظيين، والمحظيات من العلماء وزبانيتهم حول العالم ...
كل هذه المنافع، والامتيازات او بعضها جرى توقيفها، او الترشيد في إنفاقها من قبل الادارة الأميركية الجديدة ... 
وهذا البذخ في هدر الأموال على الأبحاث، طال ايضا ً الهبات والمساعدات  الممنوحة لمنظمة الامّم المتحدة، حيث الفساد يعشعش في زواياها، وما اكثر من خباياها ...
فقط يمكن للإنسان العربي ان يراقب الأموال والمساعدات التي تصرفها الهيئات المرتبطة بالامّم المتحدة على اللجوء السوري، والعراقي وكيف يتم صرفها عن طريق المحظيين، والمحظيات واصحاب النفوذ المحليين، وما يعود للعذاب السوري والعراقي ألا الفتات القليل والقليل جدا ً ...
هذه الامور والموبقات، لفتّت نظر الادارة الأميركية الجديدة، وبدأت الحرب على الفساد حسب الوعود التي أطلقها ترامب ...
كانت،  فلوريدا بيضة القبَّان في نجاح دونالد ترامب بالانتخابات، وهذا ليس سرا ً ...
كانت، تكساس وهي مرتع آلِ بوش عتاعيت الإستبلاشمانت مربط خَيل دونالد ترامب في الفوز ...
منذ عدة سنوات، كانت فلوريدا وتكساس تتعرضان الى أعاصير عدة في كل موسم بدء ً من ايلول حتى تشرين الثاني من كل عام ...
كان العلماء، وهذه حقيقة ثابتة، دامغة لا تقبل اي تشكيك، يسيطرون على الاعاصير التي تجتاح السواحل الشرقية، والجنوبية حتى انه خلال عقد من الزمن كانت الاعاصير التي تضرب فلوريدا يجري تحويل مسارها الى داخل المحيط الأطلسي، خِلاف هذه المرة حيث حوَّلوا مسار العاصفة عندما ضربت  شمال كوبا، فجعلوا إنعطافة الإعصار ٩٠ درجة شمالا ً بإتجاه ميامي، ولكن قاموا باخر لحظة بتعديل مسار الإعصار نحو الغرب ليضرب مدنا ً ساحلية صغيرة، أقل شأنا ً من مدينة ميامي المهمة على الساحل الشرقي، وفي هذه إشارة  لمن يهمه الامر،  معرفة مدى بأسهم، وشرهم، وحقدهم، وقدراتهم ...
لم تشهد هاتين الولايتين، وخاصة فلوريدا حيث موقعها الجغرافي يُغري الاعاصير، ويستقطبها حيث شواطئها الممتدَّة على طول المحيط الأطلسي، والكاريبي، وبجوار مُثلَّث برمودا المثير للجدّل العلمي، والخيالي، لم تشهد هاتين الولايتين اي إعصار مُدمِّر كالذي وقع لهما خلال شهر واحد، وبعد أقل من ستة أشهر من ولاية ترامب ...
 - أثناء الإعصار، إيرما كتبت في صفحتي عن الاحقاد السياسية، وكيف تصرف الرئيس ترامب ...
 - وقبل الإعصار بساعات، لاحظ المراقبون كيف أجرى ترامب محادثات مع زعماء الحزب الديموقراطي، في مجلس الشيوخ  شومر، وبيلوسي، وهما من الإستبلاشمانت الأميركية ...
 - وبعد الإعصار يلاحظ الشعب الأميركي كيف يدعو الرئيس ممثلين عن الحزب الديموقراطي المعارض الى حفلات عشاء في البيت الابيض ...
هذه الاجتماعات واللقاءات التي يجريها الرئيس كلها تُظهر مدى الصعوبات التي تواجهه، لان الإستبلاشمانت ليست محصورة بالحزب الديموقراطي المعارض فحسب، بل هي مُتغلغلة في حزبه ايضا ً الحزب الجمهوري، وما زالت تنقَّض على الرئيس كلما سنحت لها الفرصة، وقد أظهرت الإقالات والإستقالات مدى الفساد، والخيانات  تنخر حتى في جسم الادارة الجديدة المحيطة بالرئيس ...

اخيرا ً، وبعد هذا العرض المستفيض، يحلو لي بالنتيجة ان أُردد ...
أن خير الكلام  ...
ما قل َّ ودل َّ  ...
وأقول ...
 - هكذا عوقبت ولاية فلوريدا، بسبب شرور العلماء،  لانها حققت الفوز الرئاسي ل ترامب ...
 - وهكذا عوقبت تكساس لانها كانت مرتع خَيل آلِ بوش، وأصبحت مربض خَيل ترامب الى العام ٢٠٢٠م. موعد الانتخابات الرئاسية القادمة،  وقبل هذا الموعد، لنا موعد بالعام  ٢٠١٨م. في الانتخابات الدورية لمجلسي الشيوخ، والنواب، والمحافظين  ...
وأقول، وكما يقول غيري ...
أيها العلماء  ...
أين ستضربون في قادم الأيام  ؟
وأقول ايضا ً ...
لن تلين عريكة الرئيس ترامب مهما تحاولون ...
فالمستنقعات سيجري تجفيفها ...
والتهويل، والتخويف بأن الرئيس دونالد ترامب بوقفه، وترشيده في الإنفاق سيؤدي الى خراب ودمار المعمورة، هو كلام سخيف لان التجارب النووية التي تُجربها الدول، تحت باطن الارض، والمصانع وغيرها، هي من الأسباب التي تؤدي الى شرذمة غلاف الارض  ...
وقد ينقلب السحر، على الساحر يوما ً  ...
وغدا ً لناظره، قريب ...

فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
١٤ ايلول ٢٠١٧