المرأة الدرزيَّة، وما أدراك عن المرأة الدرزيَّة ...
- المُقَدِّمة ..
في مُدوِّنتي عن المرأة العربية، آليت على نفسي ان أُشير الى وضع المرأة في القرآن الكريم، وما قاله النبي محمد صَلَّى الله عليه وَسَلَّم من تكريم للمرأة العربية ...
أما ما قيل عن فلان إبن فلان عن شيخ في قندهار، او في الأمصار الاسلامية البعيدة ...
او ..
ما رواه، بعض الرُّواة، عن أبي هُريرَّة ...
في قول ٍ .. بالمرأة العربية العربية، يُنافي، ويُجافي الحقيقة، حتى يُناسب أهواء الإستبلاشمانت الفقهية الاسلامية المُتطرِفَّة ...
فإنه غير مقبول ٍ في مُدوِّناتي ...
فإن هذه الطريقة، ذاتها ...
سأتَّبعها في مُدوِّنتي هذه عن المرأة الدرزيَّة، وبأعلى الصوت، أقول، وما أدراك عن المرأة الدرزيَّة حسب ما جاء في كُتُّب (الموحدِّون الدروز ) وما جاء عن لسان :
أتقيائهم الأفاضل، كالسيِّد الجليل الشيخ أمين طريف ...
وزعمائهم في التاريخ المجيد، مثل سلطان باشا الاطرش، وكمال بك جنبلاط، والأمير مجيد إرسلان، والارسلانيين الأدباء ...
وسائر التّنوخييِّن من الأسياد ...
وإن انسى، لا انسى نساء بني معروف في التاريخ القريب، حيث أُطلق عليهُّن، كلمة واحدة فيها من السُمّو، والرُقِّي اللغوِّي ما لا يفقَّه به، إلا أساطين اللغة العربية، كالقول :
السِّتّ : السَّيِّدةُ والجمع، سِتَّاتٌ ...
الاميرة، السِّت زهر أبي اللمع ...
و السِّت نظيرة جنبلاط ...
وباقي السِّتات الدرزيَّات، حيث شهد لَهُّن التاريخ أنصع الصفحات، وأعتَّى البطولات، جنبا ً الى جنب مع الاشاوس من الرجال في ملاحِّم البطولات ضد حُثالة بني عثمان، وحماقَّة فرنسا الإنتدابية ...
ولأُنهي مُقدمتي، أقول ...
لن أُقصِّر في الذود عن حِياض المرأة الدرزيَّة، في مُدوِّناتي إن نَبُت َ في أرضنا إستبلشمانت دينية، كالتي ألحقَّت الاذى بالمرأة العربية المسلمَّة المؤمنة، العريقة قُدما ً بالتاريخ ...
يكفي تذكيرا ً ما تقوله إحصائيات الغرب عن عُلُو ثقافة المرأة العربية ..
وهذا ينطبِّق أيضا ً على المرأة الدرزيَّة ...
وإن سألوك، كيف تدري ..
قُل لهم ...
من أدرى بِشعاب مَكَّة، غير أهلها ...
ومن أدرى بالإحصائيات، غير من يفِّك رموزها ...
- في المرأة الدرزيَّة ...
لم يَعُّد مستغربا ً، او صعبا ً على أي مراقب في تاريخ الموحدُّين الدروز ان يُدرِّك معنى الدفاع عن الارض بشراسة، والذَوْد عن العِرض بحماسة، لأن الوجهين هما لعملة ذهبية نادرة الوجود ...
يقول عبدالله النجَّار في كتابه الثمين، مذهب الدروز والتوحيد عن المرأة الدرزيَّة :
العرِض في اللغة هو النفس، وجانب الكرامة والشرف، وفي إصطلاح بني معروف .. هو المرأة. صيانتها عندهم أعز ّ من صيانة النفس، يستميتون في الدفاع عنها، ويفاخرون بها وتستهِّل النخْوَات بإسم ( إخت ) ويصيح انا أخو فلانة، ثم يبيع النفس ولا يهمه أن يعود ...
في حرب اللِّجاه السورية ضد إبراهيم باشا المصري، تصايحَّت النساء ورددَّن ( لمن تتركونا يا نشامى الدروز ؟ ) فإرتدَّ الرجال بالسيوف والحقوا الهزيمة بالجيش المصري ...
وقد أجمع كل باحث صادق، أن الدروز تستوي عندهم نساؤهم ونساء الغير، حتى الأعداء ...
وقد سجَّل تاريخ الانتداب الفرنسي، ان سلطان باشا الاطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى، في حادثة قلعة السويداء المحاصرة، وصله رجاء من المُفوَّض السامي الفرنسي عن طريق مدير المعارف بالسويداء آنذاك السيد عبدالله النجار يطلب فيه إخراج النساء الفرنسيات من القلعة ...
كان جواب سلطان باشا الاطرش ( نحن لا نحارب الفرنسيين ومعهم نساؤهم، أُخرجهُّن َّ لنريهم كيف يكون شرف القتال، فهم لم يَعُّفوا عن قتل نسائنا ).
يقول المؤرخ دانيال بلِس، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، عن الحرب الأهلية سنة ١٨٦٠ بين الدروز والنصارى ( المسيحيون ( ان المرأة من خصوم الدروز، كانت تمر قرب معسكراتهم آمنة، لا يُرفع اليها طرْف ولا يقع في إذنها كلام ...
أما الكُتُّب الدينية للموحِّدون الدروز، فإنها حافلة، عامرة، وزاخرة بالحذر والتشدُّد على الحفاظ على الأعراض، والتهذيب الجنسي، وطهارة الأعراض، وصراحة الأنساب، ولا يعرف التاريخ جماعة دينية أحرَّص من الدروز على الآداب ...
وفي إحدى الرسائل الدينية للدروز، وردَّت منذ الف عام، يُفهم منها ان على المرأة الدرزيَّة واجب تأدية الرسالة الروحية، بمعنى انها حاضنة للعقيدة، ولها دور كبير في التوجيه الروحي، أذ تقول الرسالة :
( وقد سيَّرت الى جهتكم إبنتي سارة، الكاملة العفاف، والطهارة ... ) وذلك للدلالة ان المرأة الدرزيَّة لها ذات الحقوق، والواجبات الدينية مثلها مثل الرجل ...
وفي صحة الأنساب عند الدروز، وصيانة العِرض، والأعراض يقول المؤرخ الدكتور محمد كامل حسين في كتابه طائفة الدروز ...
( المرأة الدرزيَّة أعف ُّ نساء العالم، وأشدُّهن طهارة ومحافظة على شرفها )
- المرأة الدرزيَّة، ماسكة الدين وحاضنة العقيدة ...
لا ينحصِّر دور المرأة الدرزيَّة على الإنتخاء في المعارك فحسب، او تكديس العِيال، او تدبير الشؤون المنزلية، بل فُتح لها باب الدين على مِصراعيه دون مِنَّة او تمنين من اي جهة كانت ...
كان لها ان تحضِن اولادها وعيالها، في القلب ...
وكان لها ايضا ً ان تحضن العقيدة، في العقل ...
ومَن ْ .. لمعشر بني معروف، خير مِثال من الاميرة السِّت زهر ابي اللَّمع سليلَّة أُمراء دروز في السياسة، وحبيبة الله في العقيدة والتقوَّى والإيمان ...
- يقول اللورد الإنكليزي شرشل لمَّا زار لبنان في القرن التاسع عشر، عن عائلة أبي اللَّمع، إن هذه العائلة، كانت على دين التوحيد، وقد إعتنقوا الديانة المسيحية كلهم، دفعة ً واحدة، ما عدا أميرة واحدة، بقيَّت على دين أبائها، وأجدادها، اي دين التوحيد، هي الأميرة الفاضلة، السِّت زهر أبي اللَّمع ...
- ويقال ...
أن ذويها غضبوا عليها، لأنها لم تسلك، مسلكهم في أعتناق الديانة المسيحية ...
وزاد غضبهم، لانها حرمتهم، من ميراثها الكبير ...
- ويقال أيضا ً ...
أن أخاها الامير صمّم على قتلها ...
فأتى الى صليما عاصمة الإمارة اللمعية، وترجَّل عن جواده شاهرا ً سيفه بيمينه، فما أن وطأت قدماه، داخل قنطرَّة قصر السِّت زهر، حتى سقط ميتا ً...
هذه أميرة درزيَّة ...
سطرَّت بالايمان، ما لم يقدِّر عليه الرجال ...
إنها الأميرة، السِّت زهر أبي اللّمع ...
خلاصة القول ...
ان المرأة الدرزيَّة تستحِّق الإجلال والتعظيم، لانها هي المؤمنة المحصنَّة،
ويصِّح فيها قول نابليون بونابرت، الذي قال :
إن أمنع الحصون، المرأة الصالحة ...
وما قصة السِّت شعوانة الدرزيَّة، إلا مثلا ً أعلى للنساء للمؤمنات، المحصنَّات، العفيفات، التي فضّلت الآخرة على الدنيا، والمنزلَّة الرفيعة عند خالقها، عن المنزلة عند الخلق، حتى لحقَّت بالصالحين الأبرار، ومأواها جنة الخلود حيث يسكن الأخيار ...
- المرأة الدرزيَّة، صانعة تاريخ سياسي مُشَرِّف ...
يستغرب المراقب صافي الذهن، وثاقب البصيرة ان المرأة الدرزيَّة في بلاد الشام الان، متوقفَّة امام عجلّة التاريخ، تنظر اليها وهي ترجع الى الوراء، ولا تتقدَّم خطوات الى الامام ...
والملاحظ ان دور المرأة الدرزيَّة على الصعيد السياسي الحالي، وبعد قفزات الرجال نحو صحراء الحلول الاجتماعية، والوطنية لا بل الحياة اليومية في شَتَّى المجالات الخدماتية، متوقِّف، وأحيانا ً يتقهقَّر الى الوراء، مُخلِّفا ً تهميشا ً لدور المرأة، غير مقبول او مسموح ...
والشيئ بالشيئ يُذكر ...
ليكون عِبرة لآولي الالباب ...
في ٦ اب ١٩٢٢، إغتيل فؤاد جنبلاط، زعيم سياسي للعائلة الجُنبلاطية في ذلك الوقت ...
تحملَّت السِّت نظيرة جنبلاط المسؤولية السياسية، بعد وفاة زوجها فؤاد جنبلاط ...
دخلّت المُعترَّك السياسي، وأبلَّت بلاء ً حسنا ً، لا بل رسمّت خطوطا ً عريضة في التوّجهات الحنبلاطية، التي ستُطبَّق، من بعدها.
السِّت نظيرة جُنبلاط ..
كسرّت الأغلال ..
وركبِّت موجة التاريخ، وشقَّت الطريق، وأزالت الموانع، والتقاليد البالية،
ونادَّت :
ها انا ...
من يُقارعني ...
فليتهيّب، وليستعّد ...
- السِّت نظيرة جنبلاط، باتَّت زعيمة سياسية في لبنان في النصف الأول من القرن العشرين ..
- كانت نظرتها ثاقبة، لا تُخطئ ...
- وكانت إرادتها صلبة، لا تلين ...
- إستلمَّت السِّت نظيرة، مقاليد الحكم، والزعامة في فترة كانت السيادة والرئاسة، معقودتين للرجال، وبذلك تُعتبر المرأة الدرزيَّة الأولى التي تدخل النشاط السياسي في لبنان ...
- من الأمور المهمة جدا ً التي رسمّت خطوطها السِّت نظيرة جنبلاط، والتي يُتقنها جدا ً، ويبرع فيها حفيدها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، هي الحفاظ اولا ً وأخيرا ً على أبناء الطائفة الدرزيَّة في الخضَّات الإقليمية، والدولية على حد ٍ سواء ...
وخلاصة القول :
أين انتُّن يا معشر الموحدَّات الدرزيَّات اليوم، من إمتشاق عصا السياسة، وركوب موجة التغيير، التي تَلِّف الكون، على بساط من ريح، ينقل أوضاع المناطق الدرزيَّة من مستنقعات التخلُّف، واللصوصية النتنَّة، والروائح الكريهة ...
- المرأة الدرزيَّة، في رِحاب المجتمع ...
لن أصول وأجول في ميدان المجتمع المدني، والثقافي، والأدبي، والتأليفي، والأكاديمي، والفني لان الرايَّة معقودة فيهم، للرائدات الدرزيَّات حيث لا يلحَّق او يشِّق، غُبارهُّن كان من كان ...
فالعذر مقبول، منكُّن ...
والعفو موصول، إذا لم أُصفصِّف عقدا ً من اللؤلؤ بأسماءكُّن، وعِطر أعمالكُّن ...
وما أجمل أن أُنهي مُدوِّنتي ...
بسيرتكُّن، وعنفوانكُّن، وجمالكُّن ...
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٩ ايلول ٢٠١٧