المرأة العربية، وما أدراك من هي المرأة العربية.
هذه الْمُدوّنة ليست دفاعا ً عن المرأة العربية ...
أو عن المرأة بصورة عامة مهما كان لونها، او جنسيتها ...
والسبب في ذلك يعود الى أن كُتُّب التاريخ حافلة بأخبار مُتناقضة عن مكانة المرأة، كذلك عن حقيقة العلاقة بينها وبين الرجل، وبالتالي لا يمكننا الحُكم إن كان يُنظر إليها نظرة إحترام وتقدير، أم إزدراء وتحقير ...
- أما كلمة الفصل في مكانة المرأة، جاءت عن الله عزَّ وجَّل في الكُّتب السماوية، حيث أقرَّت الاديان أن أبى البشر هو آدم عليه السلام ، وأُم البشر هي حواء ...
وهذه هي الأسرة المكونَّة من أم وأب، يرعوا أبنائهم، هي التي نأخذ بها، وغير ذلك ما ورد في كتب التاريخ من تصوير سيئ للمرأة، هو محض إفتراء ...
- وهناك أمثلة عديدة عن المرأة قبل التقويم الميلادي، كما جاء في القرآن الكريم عن إمرأة فرعون، وإمرأة نوح، وإمرأة لوط ...
وهذا يستتبع بالضرورة ان الزواج، كان قائما ً بين الرجل والمرأة، في عدة حضارات قديمة، كالحضارة الفرعونية، حيث تبوأت المرأة المرتبة الأولى بين الحضارات الأنسانية من حيث معاملتها وتقديرها، فكانت المرأة الفرعونية لها الحق في الإرث، والتوريث، وكانت تتولى أمر أُسرتها في غياب زوجها، وكانوا يعتقدون أن المرأة، أكثر كمالا ً من الرجل، وكان الزوج يكتب كل ما يملك من عقارات لزوجته، وكان الأطفال ينتسبون لأمهاتهم، لا لآبائهم كما كانت القوامة للمرأة على زوجها، لا للرجل على زوجته وعلى الزوج أن يتعهّد في عقد الزواج أن يكون مُطيعا ً لزوجته في جميع الأمور ..
وكان من حق المرأة أيضا في عهد الفراعنة أن تتولى الحكم وذلك إن لم يكن هناك حكاما ً ذكور ...
وقد أظهرت التنقيبات المصرية عن وصية الفرعون بتاح حتب لما طعُن وشاخ في السن لبني قومه، وهي دليل على إهتمام المجتمع المصري بالمرأة وجاء فيها ...
(إذا كنت عاقلا ً فجد تموين بيتك، وأحبِّب إمرأتك ولا تشاحنها، وغذِّها وزيِّنها، وعطِّرها، ومتِّعها ما حييِّت فهى ملك يجب أن تكون جديرة، بالمالك ولا تكن معها، فظا ً غليظاً ...
- وايضا ً يقول الأستاذ عباس محمود العقاد :
"وكان للمرأة في الحضارة المصريَّة القديمة حظ ٌّ من الكرامة يُجيز لها الجُلوس على العرْش، ويبوِّئُها مكمن الرعاية في الأسرة وحبائلها "...
- المرأة العربية، في العصر الذي سبق الاسلام ...
كانت المرأة العربيَّة ذات مكانة رفيعة في البيئة العربيَّة، وقد تقرَّب الشُّعراء إليها، وخطبوا ودَّها، وتنامى بأس، وشجاعة الرِّجال في المعارك كرمى ومرضاة ً لها،
وكان يُنظر الى شهادة المرأة في رجال القبيلة عند الحروب والغزوات، فإذا أعطَّت الشهادة على بلائِهِم، كان ذلك عِزا ً ومفخرة تتناقلها الالسن ..
وإعترف العرب للمرأة ان لها قدْرَها، ولا يُثمَّن، حتَّى لقد وزَنَها جثامة بن عقيل بن علَّفة بالرجال :
أَيَعْذِرُ لاحِينَا وَيُلْحَيْنَ فِي الصَّبَا
وَمَا هُن َّ وَالفِتْيَان ُ إِلا َّ شَقَائِقُ
وفي أمثالهم :
"إنَّ النساء شقائق الأقوام "...
والشقائق : جمع شقيقة، وهي كل ما يُشَق ُّ إثنين، وأراد بالأقْوام الرِّجال ...
ومعنى المثل :
أن َّ النساء مثل الرجال وشُقِقْن منهم، فلهن َّ مثل ما عليهنَّ من الحقوق ...
- المرأة العربية في الاسلام :
كان في إلاسلام نساء، فقيهات وشاعرات ...
وقد شارك مع النبي صلى الله عليه وَسَلَّم، في عدد من غزواته بعض الصحابيات، بما في ذلك نساؤه، وكان النبي يصطحب نسائه معه إذا خرج إلى الجهاد في سبيل الله، فقد كان إذا أراد الغزو أجرى قرعة بين نسائه فمن يخرج سهمها يأخذها النبي معه ...
- كانت مع النبي عائشة، في غزوة بني المصطلق سنة، ستة للهجرة ..
- وكانت معه، أم سلمة عند صلح الحديبية ...
- كما حضرت معه، في غزوة أحد أم عمارة نسيبة بنت كعب ...
- وهكذا الحال في، أم سليم بنت ملحان فقد كانت حاضرة يوم حنين مع زوجها أبي طلحة، وكانت حاملاً بابنها عبد الله بن أبي طلحة ...
- لماذا كل هذه المقدمة عن المرأة ؟
- ولماذا التركيز على العرب، والإسلام ؟
الجواب بسيط جدا ً ...
لان المرأة العربية، وبالأخص المرأة المسلمة، يتناقص دورها، ويتقلص من جيل الى جيل، بعد الرسالة المحمدية، وكأنها خُلقت للمنزل، والإنجاب، وتربية الأولاد ...
وهذا يطال المذاهب الاسلامية كلها، بِمَا في ذلك السنة، والشيعة، والموحدون الدروز ...
وقد لاحظ المراقبون في الغرب، ان القيمين على هذا الدين الحنيف، ومذاهبه من أُوْلِي الامر، كالمشايخ ومن لف لفيفهم من الساسة الفطاحل، يعزون ان دور المرأة حددَّه الدين الاسلامي، ووضع الضوابط والاصول التي يجب العمل بها فيما يختص بدورها ...
وقد غاب عن هؤلاء الذين وضعوا أنفسهم في مرتبة الأرباب، ان الغرب والعلماء، والفقهاء، والمؤرخون عندهم، يعرفون الدين الاسلامي أكثر منهم، ويستنكرون التحريف من أجل إنقاص دور المراة العربية في المجتمع ...
- الغرب، يعشق الإحصاءات، والدراسات ولا يترك سانحة إلا ويشير، ويكشف بعضها للملأ ...
مثلا ً :
الغرب. يعرف ان الدين الاسلامي، ترك للمرأة العربية مجالا ً واسعا ً ولا حرَّج على الرسول في أيامه ان يُولي المرأة قدرا ً وإحتراما ً وإجلالا ً، اكثر من العصر الذي سبق الاسلام ...
وهناك أمثلة عديدة عن الرسول، كيف تعامل مع الشاعرة الخنساء، وكيف تصّرف مع إبنة أكرم العرب، حاتِّم الطائي، وما أشرت اليه في أعلاه من أمثلة واضحة صارخة في تقدير المرأة العربية ...
الغرب، يعرف ان نسبة القرّاء في النساء العربيات، تفوق النسبة عند الرجال، وما مقولَّة العرب لا يقرأون تنطبق على الرجال لا الإناث ...
وإذا أعطينا مثلا ً عن شركة واحدة غربية، تعمل في مجال تبويب المراجع العالمية، وتعتبر الاولى في هذا المجال، وهي شركة غوغل التي بوسعها ان تعرف من قرأ هذا المرجع، او الْمُدوّنة، او الصفحة في أي وقت، وفي أي بلد، في أنحاء العالم، وعن جنس القارئ، وعن ميل القرّاء، في المواضيع والابحاث، تُدرك أين نحن العرب، وأين هم في الغرب ...
شخصيا ً ...
وكما قلت في مُّقدمة هذه الْمُدوّنة ...
لست مُدافِعا ً عن المرأة العربية، بقدر ما انا أتحسَّر على الثقافة المدفونة في عقول نسائنا، ولم يجر ِ الاستفادة منها ...
وأُنهي مُدوِّنتي بالقول ...
ان البترول العربي طال الزمن على إكتشافه، حتى بات وما يزال كنزا ً او منجما ً او بئرا ً لا ينضب ...
وأي متى يأتي الزمن للإستفادة من عقول نسائنا العربيات، وإستثمارها لتعمل بدل بعض العقول الفاشلة من الرجال ...
واخيرا، وليس أخرا ً ...
أوَّد أن أُضيف فقرة قصيرة تتعلق، بالشابات العربيات وخاصة في بلدي لبنان، وسوريا، لأنهُّن يُذكرونني بما قاله، سينيكا الفيلسوف الرومانى الشهير، الذي كان يندُّب كثرة الطلاق بين بنى جلدته فيقول :
(لم يعد الطلاق اليوم شيئا ً يندم عليه، أو يستحيا منه في بلاد الرومان، وقد بلغ من كثرته وذيوع أمره أن جعلت النساء يُعَدُّون أعمارهُّن باعداد أزواجهن)
وقد لاحظت خلال إقامتي في لبنان ان إحصاءات الطلاق، في المذاهب الاسلامية، وعند الموحدُّون الدروز، وبالرغم من أن أبغض الحلال عند الله الطلاق، تفوق الخيال، والوصف ...
وهذا سيخلق مُعضلة عويصة للاجيال القادمة ...
لا أحب ان انتقد شاباتنا في كل من لبنان وسوريا، ولكن الإمتثال لأُمهاتهن في التضحيات، لم يَعُّد يُجدي نفعا ً معهن ...
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٢ / ايلول ٢٠١٧
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق