الفرس العربية
تاريخها
فليعذرني القارئ الكريم إن توسعت في الحديث عن الفرس العربية وأمسكت عن ذكر الفارس العربي وذلك إدراكاً مني ان الفارس قد إنقرض.
وفي دراستي هذه، اعتقد جازماً انها ستدخل القلوب وتشرح الصدور، وتثير الهمم وتبعث الأمل كما فعلت دراستي في العيون وبحثي في المغنى.
قال ابن رشيق القيرواني في تكريم الخيل عند العرب ( انهم كانوا لا يهنئون إلا بثلاث
غلام يولد او شاعر ينبغ او فرس تنتج )
وقد بلغ العرب في تعظيمهم للخيول ما لم تبلغه أمة من الامم في التباهي والتفاخر والتنافس والتكريم والإكرام وفي حسن تربيتها.
اما صاحب الأغاني ابو الفرج الاصبهاني
قال ان العرب اضافوا لفظة الخيل الى بعض الأسماء مثل الشاعر الجاهلي زيد الخيل، وذلك لشغفهم لها.
ولشدة تعلقهم بالخيل كان الإشراف يخدمونها بأنفسهم ويسقونها الماء الدافئ بالشتاء، ويفتخرون بذلك، واعتبروا ذلك من مآثرهم حتى انهم يلبسونها غطاءً في الرأس لعزتها.
اما المؤرخ جليل القدر ابن الكلبي صاحب كتاب ( انساب الخيل ) فقد قال ان العرب كانت تربط الخيل في الجاهلية والإسلام معرفة بفضلها وما جعل الله تعالى فيها من العز وتشرفاً بها وتخصها وتكرمها وتؤثرها على الآهلين وتفتخر بذلك في أشعارها وتعتده لها .....الخ
ويقول البلاذري في كتابه فتوح البلدان ان بعضاً من المجوس عبدوا الخيل. وفي حفريات الشعوب الوثنية كانت تماثيل الخيل تقدّس، تقرباً من الآلهة.
العربي أحب الخيل لانها انيسته ورفيقته في حلّه وترحاله، وكانت المآساة الكبرى للعربي اذا نالت سيوف الأعداء ورماحهم فرسه، فيقع في احساس عميق وحزن لا يوصف.
وهذا أمرؤ القيس وعنترة ابن شداد وغيرهما نظروا الى خيولهم نظرة المحب العاشق الولهان. ويقال ان امرؤ القيس هو فريد عصره والعصور التي تلت كون فرسه اكثر الافراس شهرة في الشعر العربي، لا بل لا يمكن العثور عليه في مملكة الحيوان لانه غريب عجيب وكأنه أسطورة.
كان امرؤ القيس ينصرف عن امر رحلة الصيد حتى يقوم بوصف فرسه معتزاً به معجباً به مفتخراً بكماله وسرعته لا يكل او يمل مهما عدا .....
وإذا أردنا التوسع في الثقافات غير العربية في مسالة الخيول :
نرى في معجم الأساطير اليونانية الرومانية حصان طروادة لدى الإغريق وقصته مشهورة في التاريخ .
كذلك أشار ابن الكلبي في كتابه انساب الخيل الى حصان الملك سليمان ابن داوود.
اما صورة الفرس فلا تجد أفضل من بيت شعر امرؤ القيس.
مِكرٍ مِفرٍ مُقبلٍ مُدبرٍ معاً
كجلمود صخرٍ حطّه السيل من علِ
أورلاندو
١٠ حزيران ٢٠١٤
فيصل المصري
0 comments: