الجدل البيزنطي بالأمس. والجدل الماروني السنِّي اليوم. المُدوَّنات الفيصليَّة.

 الجدل البيزنطي أدى إلى سقوط القسطنطينية. 

الجدل الماروني السنِّي أدى إلى سقوط 

منظومة الصلاحيات الدستوريَّة.

مِن دون مُقدِّمات :

الجدل البيزنطي هو نقاش لا طائل تحته، يتناقش فيه طرفان دون أن يقنع أحدهما الآخر، ودون أن يتنازل كلاهما عن وجهة نظره. 

يُنسب هذا الجدل إلى بيزنطة عاصمة الإمبراطورية البيزنطية  التي عُرفت أيضاً بالقسطنطينية. 

عندما حاصر السلطان العثماني محمد الفاتح القسطنطينية في  القرن الخامس عشر الميلادي، وبينما كان جنوده على أسوار المدينة كان مجلس شيوخ الإمبراطورية مشغولاً بمناقشة أمور  لا طائل منها مثل :

جنس الملائكة  :

أهُّم من الذكور أم من الإناث.  

وحجم إبليس :

هل هو كبير بحيث لا يسعه أي مكان، أم صغير بحيث يمكنه العبور من ثقب إبرة. 

وبينما كان الجدل محتدماً  في قاعة مجلس الشيوخ، تمكن جنود محمد الفاتح من اقتحام أسوار القسطنطينية والسيطرة على المدينة وسقوطها للأبد ولقب السلطان العثماني بالفاتح. 

الجدل اللبناني :

وبينما كان زعماء الطائفتين الكريمتين ( المارونية والسنيَّة ) يتناطحون ويتكالبون على الصلاحيات، تمكن الثنائي الشيعي ( الطائفة الشيعة ) مِن اقتحام أسوار الدستور اللبناني الهزيل، وأمسكوا بعصا المرحوم كمال جنبلاط التي قالها في تعيين رؤساء الجمهوريات اللبنانيين :

قلنا لهذا زل فزال، وقلنا لهذا كن فكان. 

وهكذا بعد سقوط منظومة الصلاحيات التي علا فيها الصراخ والعواء والنباح والنحيب على الدستور واتفاق الطائف، كان الثنائي الشيعي يُزغرد ويهلل ويدبك ويرقص على أشلاء دولة لبنان الكبير. 

وما أدراك ما هو هذا اللبنان الكبير وشعبه المنقسم تشرذماً وهتكاً للوطنية وكرامة للسلف الصالح الذين سبقوا هذا الكيان الهزيل وأسسوا إمارات وقد ذكرهم التاريخ بمداد من ذهب كالإمارة التنوخيَّة والمعنيَّة واللمعيَّة.

ظنَّت المارونيَّة السياسيَّة بعد وعد أخر سلاطين الحُثالة العُثمانيَّة والغباء الفرنسي إلى البطريرك الماروني إلياس الحويك بالعام ١٩٠٥ بأن تؤول مقدرات لبنان السياسيَّة لهم، وأنَّ في وسعهم تهميش دور الموحِّدين الدروز في لبنان على مدى عدة عقود. 

ارتضت الخلافة العُثمانيَّة الإسلامية في هذا الوعد الخسيس أن يكون رئيس الوزراء اللبناني المسلم السنِّي باش كاتب لدى رئيس الجمهورية اللبناني الماروني، وبقي هذا اللقب المهين حتى اتفاق الطائف برعاية خادم الحرمين الشريفين بالمملكة العربية السعودية. 

وكما أخفق مجلس الشيوخ البيزنطي في معرفة جنس الملائكة وحجم إبليس. 

نجح الزعماء الموارنة والسنَّة في إخماد صدى ألقاب حُثالة بني عثمان فأصبح تحديد :

جنس الفخامة وحجمه في لبنان. 

وجنس صاحب الدولة وحجمه فِي لبنان. 

من الدخان الأسود لمواقد النار المجوسيَّة التي يصطلي بنارها الشعب اللبناني كافة.  

الحُثالة العُثمانيَّة لم تعطِ المارونيَّة السياسيَّة إلا الألقاب. 

أمَّا فرنسا فأنَّها قامت بتوريث المارونيَّة السياسيَّة ما تملك مِن وفرة غباء وأحقاد. 

وكما يقول وليد جنبلاط :

إلى أين ؟ 

أنا أقول :

هنيئاً للمارونيَّة السياسيَّة اليوم. 

بالأمس كان رئيس الوزراء اللبناني السنيَّ باش كاتب لدى رئيس الجمهورية الماروني.  

واليوم وغداً ماذا يكون رئيس الجمهورية اللبناني الماروني في بلاط مُرشد الجمهورية اللبنانية. 

وكما قال بالأمس ساكن السرايا وصاحب التسريحة المنمقَّة غباءً، والملونَّة جهلاً وقلة حياء.  

اللهم إني قد بلغت. 

لات ساعة مندم. 

فيصل المصري 

أورلاندو/ فلوريدا 

٥ حزيران ٢٠٢١م. 

للذكرى

نكسة ٥ حزيران ١٩٦٧م. 

حرب الأيام الستة. 

وما أكثرها عند عرب اليوم.