قُلْ للمليحة …
ذات الخِمار الأسودِ.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
عندما نثرَّت السيدَّة إقبال عبيد ( من الأُردن ) على صفحتي دُرَرِها المكنون، قالت فيما قالت :
( رغم ما قيل ويقال عن الفضاء الرقمي، ومواقع التواصل الإجتماعي وارتكاب البعض لما يُسيئ إلى دورها … لكن فضل هذه المواقع لا يُمكن نكرانه )
صدقت السيدَّة إقبال عبيد …
لأنَّه عندما بدأت في نشر رواياتي ( إمرأة الوادي المُقدَّس، الجسر وحوريَّة النهر، كراون دايسي وكريستل ) كتبت أنَّ كل فنان أو فنانة يُرسل لي صورة لوحة فنيَّة سأقوم بدوري وضع اللوحة على غوغل لتكون صورة لإحدى المُدونَّات التي أنشرها.
قامت مشكورة كل من :
الرسامة الفنانة السيدَّة نيللي رضوان من لبنان / عاليه.
الرسامة الفنانة السيدَّة فاتن كنج أبو صالح من سوريا / مجدل شمس، الجولان.
بإرسال لوحتين نشرتهما على غوغل لروايتي كراون دايسي وكريستل.
منذ فترة وصلتني لوحة فنية من الرسامة الفنانة السيدَّة مهى هلال شقير من لبنان / قرنايل، أرصون.
أعجبتني هذه اللوحة …
إرتأيت أن أختار مُدونَّة تليق بهذا الذوق الرفيع.
وكان أن اخترت :
قُلْ … للمليحةِ.
في المُدونَّة:
ورد في كتاب ( ثمرات الأوراق لإبن حجَّة الحُموي ) عن رجل يبيع الخُمْر ( جمع خُمار ) في المدينة المنوَّرة.
وكان هذا الرجل مُتديِّناً وجميل الشكل، وأثناء تجارته باع جميع ألوان الخُمْر، إلا أنه لم يوفَّق في بيع الخُمر من اللون الأسود.
فرآه أحد أصدقائه من الشعراء فسأله :
ما بالك حزيناً ؟
فشرح قصته، وإنَّ عدم بيعه الخُمْر السود التي كُسِدت ولم تُبَع ستضعه في خسارة كبيرة.
فقال له صديقه الشاعر سأعطيك هذه الأبيات من الشعر، وأنشدَّها فى السوق وسترى ما سيحدث.
قُل ْ للمليحة ِ في الخمارِ الأسودِ
مـــاذا صٓنٓعتِ بــزاهــدٍ مـتـعـبـِّدِ
قَدْ كان شمَّرَ للصلاةِ إزارٓهُ
حتى قعدتِ له ببابِ المسجدِ
رُدِّي عليه صلاتهُ وصيامُهُ
لا تقتيلهِ بحقِّ دينِ محمدِ
فأنشدها فسمعها الرجال وأخبروا نساءهم فى البيوت.
فتعجَّب النساء أنَّ البائع المُتديِّن قد أُفتُتِن بالمرأة ذات الخِمار الأسود.
ولعظمة وقوة هذا البيت من الشعر وتأثيره على نساء العصر الأموي المُثَقَّفات، بيعت جميع تلك الخٌمُر ..
من هو هذا الصديق الشاعر ؟
إنَّه الشاعر الأُموي ربيعة بن عامر، الْمُلْقَّب ب ( مسكين الدارمي ) الذي ما إن تيَّقن أنَّ جميع الخُمْر السود قد نفذت من عند صديقه التاجر، حتى ترك الغناء والشعر وعاد إلى زُهدِهِ وَتَنَسُّكه ولزِم المسجد.
هذه عيِّنة من عرب الامس …
رقَّة في المشاعر وفيض في الأحاسيس كانوا يحبُّون الحياة.
وبيت من الشعر كان يفعل أجمل القصص ..
وما أدراك ما قال جرير :
إنَّ العيون التي في طرفها حُور ... قتلننا .....
هكذا كُنَّا نحن العرب، المسيحيون والمسلمون تأخذنا الكلمة اللطيفة، وتنقلنا إلى الرحاب الواسعة.
لعن الله من أساء إلى سمعتنا ...
مِن … هؤلاء الأطراف والاذناب ...
آخ ... يا بغداد.
آخ ... يا دمشق.
آخ … يا بيروت.
كُلُّها أوجاع ...
يا ... مليحتي.
لا ... تُناديني.
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٧ شباط ٢٠٢١م
0 comments: